موقع أنصار الله . تقرير |  يحيى الشامي

في خطابه الأسبوعي الاستثنائي توجه السيد القائد إلى الأمة من منطلق سوداوية واقعها الحالي، فاتحاً أمامها -رغم إغلاقها على نفسها أبواب الحلول القرآنية- آمال الخلاص والنجاة في لحظة مصيرية يدهم فيها العدو الصهيوني جميع أقطارنا العربية بلا استثناء حليف ولا رحمة بمسالم، لم يتباهَ السيد ببلوغ الأنظمة العربية لحظة مأساوية طالما كان قد نبّه لها وأبلغ في التحذير منها، مستنهضا فيها همتها للعودة إلى القرآن، وإحياء الدين، وسلوك طريق الجهاد في سبيل الله كونه -بعد كل التجارب والسبل المسلوكة- الحل الحقيقي الوحيد، والخيار المجدي أمام المسلمين.

من هذه الزاوية والسياق يقدم الفكرة متضمنة موجهات استراتيجية تقدم حلولا جذرية لمشكلة المسلمين المستفحلة، والتي تبدو اليوم -أمام حجم وهول التغول الصهيوني في انتهاك واستباحة الدول العربية- عصية على الحل، ومستحيلة.

تبرزُ هذه الموجهات أو التحذيرات كوثيقة استراتيجية عميقة تستنهض همم المسلمين، وتقدم تصوراً واقعياً وشاملاً للخلاص. يؤكد السيد القائد في كلمته على ضرورة العودة إلى القرآن الكريم وتعاليم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم كمنطلق لا محيد عنه لإيجاد الحلول الجذرية لهذه الأزمة المستفحلة، ويجعل من الجهاد في سبيل الله الطريق الحقيقي والوحيد القادر على استنهاض الأمة.

يقول السيد القائد: «شعبنا العزيز بهويته الإيمانية يجسد في واقعه قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الإيمان يمان، والحكمة يمانية)، وهو يتحرك في سبيل الله، رافعاً راية الجهاد في زمن تخاذل فيه الكثير، ليصون الحقوق ويقدم التضحيات التي أثمرت مئات الشهداء والجرحى». بهذا التوصيف، يُبرز القائد الجهاد كحركة عملية ذات بعد معنوي وروحي، تمتد من مجرد المقاومة العسكرية إلى بناء أمة قوية إيمانياً وأخلاقياً.

كما يشير إلى الآية المباركة {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} [التوبة:88]، لاستعراض المنهجية الجهادية التي اعتمدها النبي وأصحابه، مؤكداً أن الجهاد لا يقتصر على السلاح، بل يشمل الجهد المالي والنفسي، ويثمر خيراً عظيماً في الدنيا والآخرة. ويبين أن الأمة اليوم في أمس الحاجة إلى هذا النوع من الإحياء الإيماني والتربوي، ليواجه خطر العدو الصهيوني الذي يمثل «جاهلية هذا العصر» بمخططاته التدميرية العصية على الحلول التقليدية.


 

يركز السيد القائد على أن إغفال هذا المنهج، والتقليل من شأن الجهاد، يؤدي إلى استسلام الأمة لحلول واهية مثل الرهان على القوى الغربية، أو «السلام الأمريكي» الذي لا يحقق إلا مزيداً من التراجع والتدجين، مؤكداً أن هذا المسار يمثل خضوعاً وانحرافاً عن هدي الإسلام. من هنا يضع الجهاد في سبيل الله بكونه السقف الأعلى لكل عمليات البناء والتربية، لا السقف الأدنى كما يحصل في كثير من الجهود التربوية محدودةِ التأثير.

تحت هذا الإطار، يرسم الخطاب صورة واضحة لكل من:

- إحياء الروح الإيمانية والجهادية في الأمة.

- بناء القدرات الذاتية المتنوعة.

- استعادة القيم الأخلاقية والعزة الكاملة.

- تعزيز الوعي بمعرفة العدو بصوره الفكرية والعسكرية.

- تصويب المسار الوطني والإسلامي لمواجهة المخاطر.

هذا التصور العلمي والموضوعي المقتبس من خطاب السيد القائد، يقدم رؤية شاملة تجمع بين الدعوة إلى الإيمان العميق والالتزام الميداني، وهو الحل الوحيد القادر على إنقاذ الأمة من حالة الوهن والاستسلام، وإعادتها إلى مركزها الحضاري والإنساني الحقيقي.

بهذا المعنى، فإن التربية الجهادية ليست فقط مقاومة للسلاح، بل هي مشروع بناء حضاري متكامل، يستمد قوته من الالتزام الإيماني والتربية الأخلاقية القويمة، ويهدف إلى تنمية المجتمع بكل أبعاده، ليكون قادراً على مواجهة كل أشكال العدوان والتحدي بقوة وحكمة.

تمثل هذه رؤية استراتيجية تساعد على تفكيك أزمة المسلمين المعقدة من جذورها، وتوضح المسار الواجب السير فيه، بعيداً عن الحلول المؤقتة والخيارات المغلوطة، والتي هي جميعا  محاولات للهروب من تحمل المسؤولية، خوفا من كلفها، مع أن تبعات التخلي عنها أقسى وأشد كما تجلى اليوم وبدى أنه نهايات متوقعة لمقدمات التجاهل المبكرة، وهو -وفق حديث السيد وشرحه وحثه- لايمنع من العودة المتأخرة بشرط الإحياء الديني الإيماني القوي والجاد، فبعد أن تجاوز الخطر مرحلة التقدير والتهديد، إلى مستوى التنفيذ والتصعيد الفعلي.