موقع أنصار الله . تقرير 

في بلدٍ أرادوا إنهاكه بالحروب وإثقاله بالحصار، وُلدت صناعة جديدة من رحم المعاناة: صناعة السلاح. لم يكن لليمنيين معامل كبرى ولا ميزانيات هائلة، بل امتلكوا ما هو أثمن: إرادة العقول المبدعة وإصرار النفوس المؤمنة بعدالة قضيتها. ومع كل قصف يهز صنعاء، كان هناك عقل يمني يبتكر، ومهندس يعيد تركيب القطع، وفريق يعمل في أقبية مظلمة ليصنع تكنولوجيا لا تخطر على بال أكثر المنظومات العسكرية تطوراً.

شعار "الاعتماد على الذات" طالما اقتصر على الخطابات الرنانة، لكن اليمنيين حولوه إلى حقيقة ملموسة تُترجمها طائرات مسيّرة وصواريخ باليستية فرط صوتية تخترق الأجواء البعيدة، وتجبر الملاحة الإسرائيلية على التوقف، وتجعل طائرة "رئيس وزراء" الكيان الصهيوني تهوي اضطرارياً نحو مدرج النجاة وملايين المغتصبين يختبئون كالفئران في الملاجئ. إن ما يحدث ليس استيراداً جاهزاً ولا نقلاً بسيطاً للتكنولوجيا، بل هو تطوير محلي قائم على الدمج بين المعرفة الهندسية والتجريب المستمر. لقد صاغ اليمن من فقره مختبراً مفتوحاً، ومن معاناته مدرسة للتصنيع الحربي.

لم يعد اليمن خبراً عابراً في نشرات الأخبار، بل بات صاعقة تتساقط في عمق الكيان الصهيوني، تربك حساباته وتفضح هشاشة منظوماته الدفاعية المتطورة. هنا، حيث يتقاطع الإيمان بالحق مع الإرادة الصلبة، يثبت اليمن أنه قادر على قلب الموازين وإثارة الرعب في عقر دار خصومه.

لم يعد الحديث عن اليمن مقتصراً على بلد يرزح تحت الحصار والحرب، بل بات يُتداول في كبرى الصحف العبرية والغربية بوصفه قوة عسكرية صاعدة، قادرة على إحداث تحولات كبرى في معادلات الصراع. فقد أثبت اليمن خلال المعركة مع العدو الأمريكي والإسرائيلي أن صواريخه الباليستية وطائراته المسيّرة سلاح فاعل يعصف بالداخل الإسرائيلي ويقلب الطمأنينة الموهومة إلى رعب متجدد.

ضربات متتابعة.. والعدو في ارتباك

خلال الأسبوع الماضي كان هناك عمليات نوعية للقوات المسلحة في عمق العدو. ومن جنوب فلسطين المحتلة وفي مشهد غير مسبوق، دوّت صافرات الإنذار في "إيلات" بعد أن اخترقت طائرة مسيرة يمنية الأجواء المحتلة لتصيب فندقاً بشكل مباشر، مخلّفة حالة هلع واسعة بين المستوطنين الذين فرّوا نحو الملاجئ وسط بكاء وارتباك. الإعلام العبري أقر بأن الدفاعات الجوية فشلت في اعتراض الطائرة، وأن الهجوم تسبب بقطع التيار الكهربائي وإغلاق المجال الجوي في المنطقة واندلاع حريق في المكان المستهدف، حتى أن المتحدث باسم "جيش" العدو اضطر إلى إلغاء مؤتمره الصحفي تحت وقع الصدمة.

ولم تكن تلك العملية سوى حلقة في سلسلة ضربات متصاعدة؛ فاليمن إثر الإرباك في "إيلات" أطلق صاروخاً فرط صوتي من طراز "فلسطين 2" على هدف حساس في قلب "تل أبيب"، ما ضاعف عجز دفاعات العدو وعزز فقدان الثقة لدى المغتصبين، وهاتان العمليتان لم تكونا في وقت ظل فيه العدو بعيداً عن الهجمات اليمنية، بل هو في حالة استنفار دائم فالطيران المسير والصواريخ تتناوب بانتظام على إقلاق العدو.

ما يثير قلق الصهاينة بشكل أكبر أن الكيان الصهيوني حاول استعادة جزء منها خلال الأيام الماضية باستهداف ميناء الحديدة بـ12 غارة جوية، لكن سرعان ما تلاشت نشوة العدو، فبعد ساعات من العدوان الصهيوني، انطلق صاروخ يمني فرط صوتي ليصيب هدفاً حساساً في "تل أبيب" أجبر طائرة نتنياهو على الهبوط الاضطراري، وأوقف حركة الملاحة الجوية لساعات، فيما هرع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ مذعورين. وقبلها كانت طائرات مسيرة قد أصابت مطار "رامون" بشكل مباشر وأحدثت أضراراً كبيرة، ودفعت هيئة المطارات الإسرائيلية إلى إغلاق المطار بحجة "تدريب أمني"، في محاولة لتغطية حجم الاختراقات، لكن الأخطر من ذلك أن طائرة مسيّرة يمنية كانت قد أصابت ديمونا بشكل مباشر، لكن العدو الصهيوني تكتم بشكل كبير على العملية نظراً لحساسية المنطقة المستهدفة.

"هيئة المطارات" الإسرائيلية أعلنت أنه تم إغلاق مطار (رامون) بحُجة إجراء تمرين أمني لتعزيز الاستعدادات لحالات الطوارئ المحتملة، وذلك بعد أن تمكنت طائرات مسيّرة من إصابة المطار لأكثر من مرة.

وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام عبرية منها صحيفة “معاريف” والقناة الرابعة عشرة الصهيونية وموقع “آيس” الاقتصادي، فإن "هيئة المطارات" الإسرائيلية أعلنت عن إغلاق المطار مؤقتاً وذلك لإجراء “مناورة أمنية خاصة”.

وقالت القناة العبرية الرابعة عشرة: إنه “تم إجراء تمرين طارئ في مطار رامون، وضمن التمرين، تم سماع أصوات إطلاق نار وانفجارات، مع إيقاف إقلاع وهبوط الطائرات”.

وقال موقع “آيس” العبري: إن التمرين يأتي في ظلّ فترة توتر يشهدها الجنوب، بعد ورود تقارير في الأيام الأخيرة عن محاولات استهداف مطار رامون باستخدام طائرات مُسيّرة، حيث تشير التقييمات الأمنية، إلى أن الطائرات المُسيّرة اخترقت سماء المنطقة وحاولت تعطيل نشاط المطار”. وقال الموقع: إن “التمرين هدف لعدة أمور، منها تحسين الجاهزية الأمنية لقوات الأمن في الميدان، وممارسة سيناريوهات عملياتية مُعقدة في الوقت الفعلي”.

تكنولوجيا تتجاوز الحصار

المنظومات الدفاعية الإسرائيلية – من «القبة الحديدية» حتى «حيتس 3» – وُجدت لتردع جيوشاً نظامية مدعومة بترسانات تقليدية، لكنها انكشفت عاجزة أمام مُسيّرة يمانية تُدار ببرمجيات محلية، أو صاروخ يحمل بصمة «فلسطين 2» بمداه ورأسه الانشطاري. بل إن شركات الصناعات العسكرية الصهيونية نفسها أقرت بأن تقنياتها الجديدة، ومنها الدفاعات الليزرية، عاجزة عن اعتراض الصواريخ اليمنية الفرط صوتية، في اعترافٍ يُعادل هزيمة استراتيجية.

واعترفت شركات عسكرية إسرائيلية، مثل "رفائيل"، أن أحدث منظوماتها الدفاعية الليزرية لن تتمكن من اعتراض الصواريخ الفرط صوتية اليمنية، ما يعكس حجم الفجوة التقنية التي تواجهها "تل أبيب" أمام القدرات اليمنية المتنامية.

شركة “رفائيل” الصهيونية المتخصصة في الصناعات العسكرية أعلنت عن إنتاج أسلحة دفاع جوي جديدة، لكنها أكدت أنها مثقوبة أمام الصواريخ اليمنية والإيرانية. وذكرت شركة “رفائيل” الصهيونية أنها أكملت تطوير دفاع جوي ليزري لاعتراض الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى والطائرات المسيرة. وأضافت الشركة قائلة: “لكن لن تستطيع هذه المنظومة اعتراض الصواريخ اليمنية والإيرانية الفرط صوتية.” ولفتت إلى أنه سيتم نشر هذه المنظومة في فلسطين المحتلة بعد شهرين.

وأمام هذا العجز والتخبط لم يكن أمام العدو سوى اتخاذ خطوة غير مسبوقة لمحاولة الحد من العمليات العسكرية التي تستهدف منشآته الحساسة من قبل القوات المسلحة اليمنية، حيث طلب العدو من شركة جوجل إزالة جميع الصور المتعلقة بالأراضي المحتلة من خرائطها الإلكترونية للحفاظ على سريتها، خاصة تلك التي تُعتبر حساسة وعسكرية. وتكشف هذه الخطوة عن قناعة صهيونية بعدم إمكانية اعتراض جميع الهجمات القادمة من اليمن، ما يدفعها للجوء إلى إخفاء المواقع لحمايتها، كما تعكس مخاوف كيان العدو من تصاعد وتيرة عمليات القوات المسلحة اليمنية داخل عمق الأراضي المحتلة بشكل أكبر.

لا مجال لإيقاف الصواريخ اليمنية

وفي ذات السياق، سلطت مجلة ” jacobin -جاكوبين “ الأمريكية في تقرير لها الضوء على أن العدوان الصهيوني على اليمن فشل في تحقيق هدفه، وأن القيادات العسكرية اليمنية لم تتأثر، بل جاء الرد اليمني سريعًا وحاسمًا، ففي 22 أغسطس استخدمت القوات المسلحة اليمنية ذخائر عنقودية في عمليه صاروخية ضد الكيان الصهيوني، حيث وصفت مجلة “جاكوبين” هذه العملية بأنها تصعيد غير مسبوق وتهديد أشد خطورة، من العمليات السابقة، نظرًا للمخاطر الدائمة التي تسببها القنابل الصغيرة الانشطارية.

وأفاد التقرير أن العمليات الصاروخية تتواصل بشكل شبه يومي، رغم التهديدات والغارات الجوية الصهيونية، وكشف مجلة “جاكوبين” أن شبكات التجسس والتكنولوجيا الصهيونية فشلت في اختراق القيادات داخل صنعاء بالطريقة التي نجحت بها في التعامل مع خصومها في لبنان وإيران، حيث دفع هذا الفشل كيان العدو إلى تغيير استراتيجيته.

ووفقاً للتقرير، فقد قام الكيان الصهيوني في يوليو، بإنشاء وحدة استخبارات خاصة تضم 200 عنصر مكرسة لجمع المعلومات عن اليمنيين، حيث تعمل هذه الوحدة بالتعاون مع القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، كما تحصل “إسرائيل” على معلومات عبر وكالات الاستخبارات التابعة لأبو ظبي في اليمن.

وبينت المجلة أن اليمنيين يمتلكون القدرة التقنية على مواصلة عملياتهم العسكرية الداعمة والمساندة لغزة، حتى لو واجهوا نقصًا في الصواريخ المتطورة، حيث يمكنهم تعويض ذلك بوسائل أبسط تقنيًا.

 اليمن “عقبة” أمام “التطبيع”

لم يقتصر التأثير اليمني على الجو فحسب، بل امتد إلى البحر حيث تحولت مضائق اليمن إلى كابوس استراتيجي لإسرائيل. فقد توقفت الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، واضطرت السفن التجارية إلى الالتفاف عبر رأس الرجاء الصالح، بما يحمله ذلك من تكاليف مالية مضاعفة وخسائر اقتصادية جسيمة. تقارير إسرائيلية وصفت هذه الورقة بـ"العقبة اليمنية" التي تعطل مشاريع التطبيع وتكبد الكيان خسائر بمئات المليارات.

وكشفت صحيفة «إسرائيل هيوم» الإسرائيلية في تقرير موسع أن اليمن بات يشكل أكبر عائق أمام استكمال اتفاقيات التطبيع بين بعض الأنظمة العربية والكيان الإسرائيلي، مؤكدة أن ما يعرف بـ”اتفاقيات إبراهام“ وفرت مكاسب استراتيجية واقتصادية كبيرة لـ"إسرائيل"، غير أن ما سمته بـ“العقبة اليمنية” ما زال يعرقل بلوغ الأهداف المنشودة.

وفي محور خاص بعنوان «العقبة الحوثية»، لفتت الصحيفة إلى أن سيطرة (أنصار الله) على مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات المائية الدولية، حولته إلى ورقة ضغط بالغة التأثير. وأشارت إلى أن العمليات البحرية اليمنية عطلت جزءاً واسعاً من حركة الشحن المرتبطة بالاحتلال في البحر الأحمر، ورفعت تكاليف النقل والتأمين إلى مستويات قياسية، الأمر الذي كبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر بمئات المليارات من الدولارات.

وأضاف التقرير أنّ واشنطن تعول على توقف العمليات اليمنية مع نهاية الحرب على غزة، غير أن الهواجس الإسرائيلية تتعمق من احتمال تحول باب المندب إلى أداة استراتيجية دائمة بيد صنعاء حتى بعد وقف العدوان.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالتحذير من أن اليمن سيبقى تهديداً استراتيجياً لمشاريع الاحتلال في المنطقة، داعية الولايات المتحدة إلى توسيع دائرة الحرب وتشكيل تحالف جديد ضد اليمن بما يضمن حماية مصالح تل أبيب في البحر الأحمر.

العجز الإسرائيلي والتكلفة الباهظة

. في الوقت ذاته، كشف مسؤولون صهاينة أن كل محاولة اعتراض تكلف عشرات الملايين من "الشواكل"، بينما يسبب أي فشل خسائر بمئات الملايين، الأمر الذي يجعل من كل صاروخ يمني عملية استنزاف مالي وعسكري لا تقل خطورة عن الإصابات المباشرة.

وكشف مسؤول كبير في "وزارة الدفاع" الإسرائيلية عن جانب من التكاليف التي يتكبدها العدو في المواجهة مع اليمن. حيث نقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت، عن المدير العام في "الوزارة" اللواء (احتياط) أمير برعام، قوله: إن “كل هجوم في اليمن يكلف نحو 50 مليون "شيكل" في المتوسط” (قرابة 15 مليون دولار). وأضاف أن “كل عملية اعتراض بصاروخ (السهم 3) تكلف ما بين 15 و30 مليون شيكل” (ما بين 4.5 مليون دولار و8.9 مليون دولار).

ولكن حسب وصفه فإن “خطأ واحداً يمكن أن يتسبب في أضرار تبلغ حوالي 300 مليون "شيكل" كما حدث مع الهجوم الصاروخي الإيراني في بات يام”. وقال برعام: إنه “يجري حالياً إنشاء مجلس أعلى للتسليح من أجل الاستعدادات ضد إيران واليمن، وسيضم هذ المجلس المؤسسة الدفاعية ووزارة المالية ومجلس الأمن القومي والصناعات الدفاعية وجهات أخرى”.

البحر الأحمر: مختبر الردع الجديد

وكأن اليمن لا يكتفي بجبهته الجوية، بل نقل المعركة إلى البحر الأحمر، حيث فرض سيطرته على طرق الملاحة، وأجبر السفن الإسرائيلية على الدوران حول رأس الرجاء الصالح. هنا يبرز الابتكار مجدداً: زوارق مسيرة، تكتيكات ذكية، وصواريخ بحرية محلية الصنع تحوّل المضيق إلى ورقة ضغط تهز اقتصاد "تل أبيب"، وتعيد الاعتبار لمفهوم «الموقع الاستراتيجي» الذي أراد العالم تجاهله.

ونتيجة للفشل الذي منيت به الولايات المتحدة فإنها وطوال الأشهر الماضية تسعى جاهدة لمحاولة استعادة الردع، بكل الطرق والوسائل، والتي من أهمها تطوير وتحديث ترسانتها العسكرية لتتمكن من التغلب على القدرات اليمنية. ففي هذا الصدد أبرمت البحرية الأمريكية هذا الشهر عقداً جديداً بقيمة 205 ملايين دولار مع شركة (رايثيون) للسلاح، من أجل تطوير نظام (فالانكس) الدفاعي للأسلحة القريبة الذي تستخدمه السفن الحربية الأمريكية، وذلك نظراً للتحديات غير المسبوقة التي أظهرتها معركة البحر الأحمر في مواجهة صواريخ ومسيّرات اليمن.

ووفقاً لبيان شركة (رايثيون) الأمريكية للسلاح فإن العقد يتضمن توفير “ترقيات وإصلاحات ومعدات ذات صلة” لنظام الأسلحة القريبة (فالانكس) وهو عبارة عن مدفع سريع موجه بالرادار، يتم التحكم به حاسوبياً، للتصدي للصواريخ المضادة للسفن وغيرها من التهديدات التي تنجح في اختراق طبقات الدفاع المتقدمة للسفينة.

ومن المقرر أن ينتهي العمل عليه بحلول عام 2029، وفقاً للشركة.

ونقل البيان عن باربرا بورجونوفي، رئيسة قسم الطاقة البحرية في (رايثيون) قولها: “يُمثل نظام (فالانكس) خط الدفاع الأخير لبحريتنا، وهو مصمم بخبرة لحماية بحارتنا من التهديدات التي يواجهونها يومياً”. وأشار البيان إلى أنه “في يناير 2024، استخدمت المدمرة الأمريكية (يو إس إس غريفلي) نظام فالانكس لمواجهة صاروخ أطلقه الحوثيون في البحر الأحمر قبل لحظات من الاصطدام بالسفينة”.

وتناولت مجلة “ناشيونال إنترست” الصفقة الجديدة في تقرير نشرته قبل أيام، وذكّرت بحادثة المدمرة (غريفلي)، مشيرة إلى أن “الصاروخ وصل إلى مسافة ميل بحري واحد من المدمرة، وقبل لحظات من اصطدامه، لجأ الطاقم إلى استخدام نظام (فالانكس)”.

وقالت المجلة: “مع أن نظام (فالانكس) عمل كما ينبغي في تلك الحالة، إلا أن الحاجة إلى استخدامه أثارت مخاوف المخططين البحريين”.

وأوضحت أن “الحاجة إلى نظام (فالانكس) تشير إلى مشكلتين منفصلتين، الأولى أنه كان من المفترض أن تكتشف الأنظمة الموجودة على متن المدمرة صاروخ الحوثيين في الوقت المناسب لاستخدام أسلحة أكثر موثوقية ذات مدى أطول، والثانية أن المدمرة (يو إس إس غريفلي) استخدمت أنظمة دفاع جوي أخرى، لكنها لم تتمكن من إسقاط الصاروخ القادم في الوقت المناسب”.

وتابعت: “باختصار، على الرغم من أن نظام (فالانكس)عمل كما هو مصمم له، إلا أنه أبرز نقاط ضعف في أنظمة دفاعية حيوية أخرى”.

وفي ذات السياق، قالت مجلة “ماريتام إكسكيوتيف” الأمريكية المتخصصة في الشؤون البحرية: إن مدمرة بريطانية أنفقت نحو 25 مليون دولار في مواجهة هجمات الجيش اليمني خلال فترة قصيرة جداً في البحر الأحمر، الأمر الذي يسلط الضوء على حجم الاستنزاف الذي تتعرض له القوات الغربية في مواجهة التقنيات الأقل تكلفة للجيش اليمني.

وبحسب تقرير نشرته المجلة، فإن “المدمرة البريطانية (إتش إم إس دايموند) نُشرت في البحر الأحمر لعدة أشهر أوائل عام 2024، وفي إحدى ليالي يناير اشتبكت مع سبع طائرات مسيرة باستخدام صواريخها من طراز (سي فايبر) وفي ليلتها الأخيرة في منطقة الخطر اشتبكت مع صاروخ باليستي أطلقه اليمنيون”.

وأضاف أنه “في حين تم التصدي لبعض الطائرات المسيرة بنيران رشاشات ومدافع منخفضة التكلفة نسبياً من نظام (فالانكس) وأنظمة مماثلة، إلا أن معظم عمليات الإسقاط نُفذت باستخدام الصواريخ، ويُحتمل أن يتجاوز سعر صاروخ (سي فايبر) الواحد مليون دولار”.

ووفقاً للتقرير، فإن “التكلفة الإجمالية للصواريخ التي أطلقتها مدمرة (إتش إم إس دايموند) خلال انتشارها في البحر الأحمر تقدر بنحو 25 مليون دولار، بينما تُقدر تكلفة وحدة الطائرات المسيرة اليمنية بنحو 50 ألف دولار”.

واعتبر التقرير أن “اختلال التوازن في تكلفة الهجوم بالطائرات المسيرة، مقارنةً بالدفاع ضدها، يجعل المنافسة أكثر من مجرد اختبار للتقنيات المتنافسة، بل إنها تُصبح أيضاً مسألة استنزاف واقتصاد، حيث يستخدم المدافعون أنظمة مصممة لأهداف أكثر تطوراً بكثير، مما يستنزف مخزوناتهم المحدودة بالضرورة بسبب تكلفة الشراء”.

اليمن يتوعد.. والمستقبل مفتوح

المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، أكد أن هذه العمليات سوف تتصاعد وأن القوات المسلحة تعمل على تطوير قدراتها، مؤكداً أن العمليات العسكرية ستستمر حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها. وفي المقابل، تزداد حيرة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي وجدت نفسها أمام عدو لا تملك خرائط دقيقة لمراكز قوته، ولا تملك قدرة على إيقافه، رغم التعاون الاستخباراتي الأمريكي والخليجي.

اليمن اليوم لم يعد مجرد جبهة بعيدة؛ بل أصبح لاعباً مركزياً يعيد رسم موازين الردع في المنطقة. صواريخه ومسيراته تخترق أجواء فلسطين المحتلة، تهز عواصم القرار، وتعيد إلى الأذهان أن الإرادة حين تقترن بالإيمان والابتكار، قادرة على جعل المستحيل واقعاً. إنها رسالة يتردد صداها في أروقة "تل أبيب" وواشنطن: اليمن حاضر، ولن يُمكن تجاوزه بعد اليوم.