النظام المعرفي في المنهجية القرآنية الجزء الرابع من دراسة جماعة أنصار الله: الخطاب والحركة
موقع أنصار الله ||مقالات || بقلم /عبدالملك العجري
دعا السيد حسين إلى ضرورة بناء نظام معرفي يعيد تصحيح علاقتنا بالقرآن ومكانته المعرفية كسلطة معيارية ومرجعية عليا، ولا يستمد أدواته من مصادر خارجية مؤكداً أن القرآن ينتج نظامه المعرفي الخاص، أو ما يسميه نواميس أو سنن الهداية في الخطاب القرآني، يقول: “نريد أن نتعلم من خلال القرآن الكريم: أساليب القرآن، ومنهجية القرآن الكريم؛ هذا ممَّا يحتاج إليه الإنسان بالنسبة لنفسه، ومما نحتاج إليها في تعليم الآخرين في تعليم الناس نفس أسلوب القرآن في الخطاب”( ).
المنهج المعرفي القرآني ليست مجموعة من القواعد العقلية واللغوية والعرفية – كما تضمنتها كتب الكلام وأصول الفقه – التي تنظم المعرفة الدينية بقصد التعرف على الأحكام الشرعية الخمسة، بل رؤية كلية تقدم تصوراً عن الله والرسول والكون والحياة والإنسان والقرآن من حيث طبيعته أو هويته الأصلية، وظائفه، مصدره، مجالاته، أهدافه، أساليبه المخاطبين به، تمثل الإطار الفلسفي للمنهج؛ وتؤصل لكيفية علاقة المسلمين بالنص القرآني وعلاقته بالواقع وضوابط للقراءة بالمعنى الأوسع باعتبارها فعلاً معرفياً يشمل تفسير الرسوم والرموز، والنصوص والأحداث، يقول الحوثي: “ميدان القرآن: الإنسان، والحياة. فإذا كان هناك توجيه معين؛ فاعرف بأن القرآن نفسه هو له رؤية، هو يريد أن يبني الإنسان على نحو معين، له مقاصد”( )، وفي موضع آخر يقول: “المنهجية القرآنية، عندما تقدم الأحكام التشريعية التي هي محط اهتمام الناس يقدمها في ضمن المواضيع الكبرى، هدى الله – سبحانه وتعالى – الذي يأتي في نفس الوقت يهدي بتبيين ويهدي في إعطاء منهج لحركة الناس أن يكونوا مؤمنين بالقسط، أن يكونوا مصلحين في أرضه …، القرآن الكريم كيف منطقه؟ كيف أسلوبه؟ أليس هو يعطيك الرؤية الشاملة، ويقدم القضايا أمامك مترابطة؟!”( ) في إطار الرؤية الشاملة بينما رؤية أصول الفقه رؤية تجزيئية، كل قضية بخصوصها ويرى هذه القضية لوحدها، وتلك لوحدها، وتلك لوحدها في معظم ما قدم، وهذه النظرة التجزيئية – كما يرى الحوثي – تؤدي عادة إلى نتائج متضاربة، لا تنسجم في كثير من الأحيان مع أهداف القرآن في بناء الإنسان وبناء الأمة.
وبحسب علمي تعد هذه أول محاولة للاقتراب من هذا الموضوع الحيوي والجوهري في خطاب الحوثي، فوق أن المنهج عند الحوثي ليس عبارة عن قواعد مقننة؛ إنما أفكار مبثوثة في معظم المحاضرات والدروس لا سيما (دروس رمضان) التي ركزت على موضوع المنهج، لذلك يجد الباحث صعوبة في تكثيفها، وعرضها في ترسيمات جامعة، أو قواعد مضبوطة، كما أن تفاصيلها، والأسئلة التي يمكن أن تثيرها أوسع من استيعابها في دراسة كهذه، ؛وعلى أساس القيمة المرجعية للقرآن وفقاً للحوثي سنتناول أهم الأسس التي يرتكز عليها النظام المعرفي عنده وما ينبثق عنها أو يتأسس عليها من قواعد منهجية تضبط العلاقة بالنص القرآني من جهة وبينه وبين الواقع من جهة أخرى.( )
القرآن خطاب
لعل من القضايا الهامة التي ركز عليها الحوثي هي الطبيعة التداولية للقرآن؛ إذ يلفت في بعض محاضراته إلى الطبيعة الخطابية للقرآن، وانتقد ما يسمى في التراث الديني بعلوم الآلة، كالنحو والصرف والمعاني والبيان وأصول الفقه؛ لأنَّها أفقدت اللغة العربية روحها وحولتها إلى قواعد جافة لا تساعد في فهم أساليب العرب في التخاطب، وأنهم بذلك على حد قول الحوثي: “يضربوا هم القرآن؛ لأنهم “في الأخير؟ طلَّعوه ظنيات، طلعوه حمَّال أوجه”( ) يمكن تكييفه لما يريده كل طرف، وأكد أن المنهج الصحيح لفهم القرآن أن تعرف أساليب العرب في التخاطب، باعتباره ضابط منهجي ينفي عن الخطاب القرآني الغموض والابهام وتعدد الاحتمالات لأنه “عندما يتخاطب الناس مع بعضهم يفهمون المعنى المراد كل مخاطب يفهم ماذا يريد المخاطب. أساليب التخاطب توصل المعنى المراد إلى الإنسان من خلال ما يسمعه، ومن خلال الأجواء المحيطة بالكلام، وهكذا أساليب اللغة العربية على هذا النحو يفهم الناس ما كان يريد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) لم يكن ينظر أحد عندما يخاطبه النبي، هل عبارته ظنية أم قطعية( ).
وبما أن القران خطاب بما يعنيه مفهوم الخطاب من عملية تواصلية تتضمن مرسل (الله)، ورسالة (الهداية)، ومتلقٍ (الأمة). الأضلاع الثلاثة في عملية التخاطب ندرس كل ظلع من الأضلاع الثلاثة بهدف التعرف على الضوابط والقواعد المنهجية التي تتأسس عليها( ).
القرآن خطاب الله
يأخذ الحوثي على المناهج التراثية – بتأثير من تركيزها على القرآن كنص – أنها حوَّلت العلاقة بالقرآن إلى عملية تفاعلية بين النص الديني (القرآن – السنة) والمجتهد معزولةً عن مؤلفه (الله – الرسول)؛ لاستكشاف الدلالات المتضمنة في النص من خلال آليات التأويل العقلي والتحليل اللغوي، وعلى أساس الوظيفة الإحالية للغة، وتعاملت مع القرآن كمدونة قانونية اختزلناها في ما يسمى في عرف الأصوليين آيات الاجتهاد (500 آية) لمعرفة الأحكام الشرعية الخمسة: (الوجوب، الحرمة، الندب، الكراهة، الإباحة) بهدف تحقيق الخلاص الأخروي، والفردي في معظم الأحيان.
يقول السيد حسين الحوثي: “الله ليس كأي رئيس دولة، أو رئيس مجلس نواب يعمل كتاب قانون، فنحن نتداول هذا الكتاب، ولا نبحث عمن صدر منه بالنسبة لمن صاغه، ربما قد مات، ربما قد نفي، ربما في أي حالة، ربما حتى لو ظلم هو لا يهمك أمره. ولا يهمنا أمره، ما هذا الذي يحصل بالنسبة لدساتير الدنيا؟ دستور يصدر، أنت تراه وهو ليس فيه ما يشدك نحو من صاغه، وأنت في نفس الوقت ليس في ذهنك شيء”( ).
بمعنى آخر العلاقة مع القرآن ليست مجرد علاقة مع نص فني ونظم وأسلوب، كما هو الحال في نظرية موت المؤلف، حيث تنحسر العلاقة بين النص وكاتبه إلى أضيق حد، بحيث أصبحت سلطة المؤلف لا تتعدى نسبة النص له.
العلاقة مع القرآن تمر عبر صاحب الخطاب كمقدمة منهجية؛ لفهم القرآن، وعلى حد الحوثي: الله لم يجعل حتى القرآن بديلاً عنه في معرفة الحق، ولا مصدراً للمعرفة معزولاً عن الله، والمعرفة الجيدة بالخطاب القرآني تمر من خلال المعرفة الجيدة بصاحب الخطاب، فيقول: “بقدر ما تعرف كمال الله سبحانه وتعالى فإن دينه انعكاسٌ لكماله، كاملٌ بكمال مشرَّعه، كامل بكمال من هدى إليه”( )، وفي قوله تعالى: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}(البقرة، من الآية 147). يقول: “اعرف ربك لتعرف طريق الحق وستجد في الأخير لا تشكل كل الأشياء الأخرى عوائق أمام معرفة الحق وطريق الحق ومواقف الحق”( )، لذلك معرفة صفات الكمال لله عظمته، علمه، حكمته عدله، رحمته … إلخ؛ ليست عقائد قلبية مجردة، فأحد دلالات صفات الكمال لله أنها تمثل ضوابط منهجية تحمى من دخول اللبس على النص، وتحد من تعدد احتمالاته.
يقول القرآن “مبني على أن الله رحيم وعلى أن الله حكيم، وعلى أن الله بكل شيء عليم، وعلى أن الله غالب على أمره، وأنه على كل شيء قدير، وأنه هو الذي خلق الإنسان ولهذا قال:{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ}(الملك: من الآية14) {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(الفرقان: من الآية6) وأنه غني تجده في كل مضامينه كلها، لا تجد وكأن قضية معينة تبدو تختلف مع أنه رحيم، أو قضية معينة يظهر فيها تتنافى مع أنه حكيم أو مع أنه غني أو مع أنه يعلم الغيب والشهادة، لا يوجد كلها مصاديق يصدق بعضه بعضا،.”( )
يرمي الحوثي إلى القول إن التركيز على القرآن كنص وبنية لغوية؛ تنشئ الكثير من الإشكالات وتمثل عوائق معرفية ووجدانية، فمعظم النصوص الدينية تتحول إلى نصوص مفتوحة على كل الاحتمالات المتعارضة والمتناقضة بما يتناقض مع سمو وكمال الله.
وكونَ معظمِ نصوص القرآن ظنية شكّل مبرراً مناسباً لإحالة المهمة للمفسر والمجتهد، كخبير ومتعهّد رسمي يحمي النصوصَ، ويستنطقها، ويمنحها دلالتها ومعانيها، وأصبـح دوره محورياً في ضبط العلاقة بين الدال والمدلول اللفظ والمعنى، ولا توجد ضوابط أو عصمة أخلاقية تضمن عدم تلاعبه بالنص بعد أن أصبـح نصاً مفتوحاً على كل الاحتمالات، وتتيح لكل مجتهد يحمّلها من المعاني ويقرأها من خلال وعيه الذاتي والفردي.
وأكثر القضايا خطورةً هنا أنها تؤسِّس لسلطات مرجعية ثانوية تزيحُ السلطاتِ المرجعية الأصلية لصاحب النص لتتمحور حول المفسر الخبير الذي يمتلكُ وحدَه سلطةَ تفسير النص، والقرآن يتحوّلُ إلى نَصٍّ طُقوسي للبركة، أما المعرفة الدينية؛ فتحتويها كتب التفسير.
كما أنها منحته حق وضع التشريعات نيابة عن الله فيما أغفلته النصوص أو سلطة الاجتهاد فيما ليس فيه نص وسلطة تفسير وتأويل النصوص الملتبسة، وهي النسبة الأكبر من النصوص الدينية كما سبق، والأخطر من ذلك أن مراد الله صار تباعاً لمراد المجتهد وفقاً للقاعدة الأصولية، واقتصار دور الله على إقرار اجتهادات المجتهدين أو على حد السيد حسين الحوثي: “جعلوا من الباري مدير مكتب يوقع أو يختم ما يرفع إليه من اجتهادات متعارضة ومتناقضة في معظم الأحيان عليها، وأسس لتشكل نصوص ثانوية سلفية (أقوال الجيل الأول) لا تقلّ أهمية عن النصوص الأساسية. يقتصر دور الله على اعتمادها ومنحها الشرعية أو كما قال الإمام على – عليه السلام -: “أكان عليهم أن يشرِّعوا، وعليه أن يرضى”!
الإشكالية الأخرى: إهمال العلاقة الوجدانية التي يكونها القرآن بين الإنسان وربه، والتعامل مع القرآن بعقلية قانونية جافة تختزل الخطاب القرآني في مجموعة من الواجبات والمحظورات بهدف الحصول على مكافأة أخروية، أو لتجنب إنزال عقوبات عليه. أفقدته رمزيته الروحية، وأفقدت تعاليمه سموها الروحي والأخلاقي “بعد أن أصبح الفقه في حد ذاته عبارة عن فن مستقل تقدم فيه مسائل فيما يتعلق بالعبادات، والمعاملات مسرودة سرداً قانونياً، صياغة أشبه شيء بالصياغة القانونية. لكن الأسلوب القرآني يُلحظ بأنه هناك شيء هام جداً هي نفسية الإنسان، نفسية الإنسان، ولهذا قلنا: أنه من معجزة القرآن الكريم، أنه استطاع أن يجعل العرب يتقبلون هذا التشريع، وهم أمة من البداية ليست أمة متحضرة، وليست أمة تألف أشياء تعتبر حدوداً وضوابطاً وتقنيناً من هذا النوع، ما كانوا آلفين لهذه، وهي عملية كبيرة في الواقع، تعني: نقلة من حالة اللاالتزام بشيء تقريباً، مجتمع ليس آلف لأن يكون لديه ضوابط وحدود، وأشياء معينة أشياء ما تسمى قانونية، ثم ينقل نقلة إلى مرحلة التزام بحدود وضوابط، وتشريعات محددة، أن هذه تعتبر معجزة حقيقة للقرآن، لكن أنظر إلى الأسلوب الذي قدم فيه القرآن تلك التشريعات، لم يقدمها بمعزل عن مشاعر الإنسان نفسه عن الأسلوب الذي يلامس نفسية الإنسان حتى يتقبل تلك التشريعات بمختلف أنواعها”( )
تعاليم الدين تعاليم سامية بذاتها تسمو بالإنسان والحياة؛ “لأن الله عندما يقول: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}(الإسراء، 70) تلحظ كل توجيهاته كل تشريعاته كلها هي تلحظ التكريم للإنسان، تلحظ التكريم للإنسان، بينما ما يأتي من عند الآخرين لا يلحظ التكريم على الإطلاق، يؤدي إلى إهانة، إلى حط لمستوى الإنسان هو كمخلوق كرمه الله تحطه”( ).
خطاب هداية
المهمة الأساسية أو البؤرة الدلالية – كما يسميها نصر حامد أبو زيد – للقرآن وفقاً للنظام المعرفي التقليدي؛ كونه مصدراً لإنتاج أو استنباط الأحكام الشرعية( )، في المقابل يؤكد الحوثي على أن القرآن خطاب هداية المهمة الأساسية له هي الهداية، والهداية هي خلق وعي منهجي، ورؤية للكون والحياة والإنسان تمثل أسساً للقراءة بمعناها الأوسع التي تشمل قراءة الأحداث، وقراءة نصوص القرآن، يقول: القرآن “هدي الله ليس مجرد نظريات، ولا حتى مجرد فتاوى، إنما هو ماذا؟ حركة حياة، هدى عملي، هدى حركة”( )، وعند الآية:{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(آل عمران: من الآية 103) يتساءل الحوثي: “ما هو الاهتداء؟ أليس هو الوعي؟ أليس هو الفهم الذي يدفعك إلى الالتزام والعمل وفهم الأمور، وفهم القضايا، وفهم ما تستلزمه مسيرتك العملية على منهج القرآن؟”( ).
القرآن خطاب هداية وإرشاد، وخطاب فعل وتوجيه، والخطاب التعليمي أو الإرشادي بطبيعته خطاب عملي بين لا يحتمل اللبس يتلقى فيها المخاطب رسالة واضحة، والنتيجة التي يخلص إليها الحوثي أن الخطاب القرآني لا يمكن أن يكون مصدراً لسوء الفهم؛ لأنه معيب في حق الله تعالى، وفي حق الرسول أن يخاطبنا بخطاب ملتبس أو يوجهنا للعمل بخطاب مشوش وغير واضح.
وكون القرآن خطاب هداية؛ فإن من أهم سماته الوضوح والبساطة، ولذلك سماه بينات وصراطاً مستقيماً، وينفى عنه أن يكون مصدراً للبس أو لسوء الفهم والاختلاف؛ لأنها تتناقض مع وظيفته الأساسية كخطاب هداية موجه لعموم الأمة “بلسان عربي مبين ومن يريد هداية الناس لا يرشدهم بخطاب ملتبس يؤسس للاختلاف والنزاع وفوضى الفتاوى والتشريعات والرأي بما لها من ارتدادات، ومفرزات مدمرة للاجتماع الإسلامي، يقول الحوثي: “هذه تعتبر أساسية في موضوع المعرفة يعني: أن يكون عندك ثقة بأن دين الله هو صراط مستقيم وواضح، طريق واضح، (هذا) سينسف أمامك أن الإنسان موكول إلى ظنه، (كما) قدمت القضية في الأخير هكذا: أن الإنسان موكول إلى ظنه، إذاً كل واحد يدبر حاله! ألم تقدم هكذا؟! على أساس أن ما هناك شيء …، أن الله لم يقدم شيئاً، وفعلاً هم يقدمونها بطريقة استدلالية، يقدمونه كدليل على وجوب اعتماد هذه الطريقة، أنه لا يوجد معنا أدلة يقينية، أليسوا يقولون هكذا؟ فما بقي إلا أدلة ظنية، وأمارات، وظنون، وكل واحد على ظنه، لا أحد ملزم بأن يتبع ظن الآخر، ينطلق كل واحد على ما غلب في ظنه؛ ليعرف دين الله”( ).
من السمات الأخرى للمعرفة (الهداية) في المنهجية القرآنية عند الحوثي ارتباطها بحركة الواقع وتطور خبرات الإنسان فالقرآن لا يفصح عن معناه دفعة واحدة حيث تتدخل السياقات التاريخية والاجتماعية والتراكم المعرفي في كشف المعاني المتجددة للخطاب القرآني ، يقول في قوله تعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ}(البقرة: من الآية189) القاعدة من أساسها لا تعني: بأن الله لا يريد للناس أن يعلموا، إنما أن يعرفوا أن للمعرفة منهجية، أن تكون مرتبطة بحركتهم العملية، تتوسع معارفهم، وتتوسع مهامهم، تستوعب ربما أكثر مما استوعبه الآخرون”( )، فالمعرفة مرتبط بوظائف الحياة ضمن مسيرة، “هذا منهج علمي في المعرفة بالنسبة للقرآن الكريم إذا حاول الإنسان أن يستبق الأشياء، فستتحول الأشياء كلها عنده إلى مجرد جدل ونظريات وأبحاث جامدة فقط مثل مدارس العرب الآن يتحدثون عن القمر، وعن صعود القمر، وأشياء من هذه، فاعتبرها عندهم مجرد نظريات جامدة وبحث وجدل” ( ).
وعليه يؤكد الحوثي على ما يمكن أن نسميه جدل القرآن، والواقع أو بشيء من التجوز القراءة بمفهومها الحديث – كفعل معرفي يشمل العلامات اللغوية وغير اللغوية، حيث الخبرة الكافية به شرط في فهم القرآن ذلك أن: “القرآن مربوط بالحياة، وبالحركة، والأحداث لها دخل كبير في الاستفادة منه، والجهاد في سبيل الله، نصر دين الله، الاستجابة لله هي تكون بهذا الشكل، لها دخل كبير، في ماذا؟ في الاستفادة منه، وفي تبيينه. ولهذا نقول بالنسبة لحركة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) حركته هي من التبيين، حركته هي تطبيق. لا تتصور أن باستطاعة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) هو أن يجلس في مسجده ويبين القرآن كلمة كلمة، ويبين معانيه، بل هو نصه تنزل عليه مرتباً، أو منجماً – كما يقولون – على مدى ثلاثة وعشرين سنة، مرتبط بالحركة، وبالحياة”( ).
القرآن لا يقدم فتاوى معلبة، ونظريات جاهزة نفترضها بعيداً عن تطور حركة الواقع واحتياجاته وتعدد التركيبات الاجتماعية للمجتمعات، “وكأنه يشرع لمجتمع واحد فقط!”، ثم نسقطها على كل المجتمعات، ومن هنا إنكار السيد حسين للنسخ في القرآن، فبقاء ما يفترضونه آيات منسوخة لا يمكن أن يكون ترفاً للبركة؛ إنما بهدف تحقيق المرونة اللازمة في التشريع ليتنزل على تطور حركة المجتمع والواقع، فهو يرسم أهدافاً طويلة للوصول بالمجتمع إلى الحالة النموذجية للمجتمع أو المجتمع الفاضل ويعمل على الارتقاء بها تدريجياً( ).
خطاب للأمة
ينتقد الحوثي النظرة الفردية للدين، واعتباره خطاباً للأفراد بصفتهم الفردية، وليس بصفتهم أعضاء في جماعة، واختزال وظيفة الدين في تحقيق الخلاص الفردي الأخروي، واختزال القرآن ضمن خمسمائة آية بينما بقية آيات القرآن أصبحت ذات دور ثانوي وعظي( ).
الفردية التي طبعت الاجتهاد لا تقتصر على الناحية الموضوعية؛ إنما – أيضاً – من ناحية فردية الممارسة، حيث توكل المهمة برمتها للمجتهد والفقيه الفرد مع منحه هامشا واسعاً من الحرية، وحق الاختلاف إضافة للصلاحيات الواسعة في التصرف مع النص.
وبناءً على قاعدة “لكل مجتهد أجر، فإن أصاب؛ فله أجران، وإن أخطأ؛ فله أجر”، فإن تقييم نتائج الاجتهاد متعذر؛ لأن انكشاف نتيجته مرتبط بالغيب، وعدد الأسهم التي يحصل عليها مكافأة اليوم الآخر؛ لجهوده هناك، ولا تلحظ نتائجه الخطير والكارثية على المسلمين المتمثلة في التناقضات والتعدد وفوضى الرأي والتشريع( ) التي ينتفي معها واقعية المضمون الاجتماعي للكلية النظرية الإسلامية التي يشتملها الخطاب القرآني “فلا تبتني عليه أمة ولا يقوم عليه نظام على الإطلاق” حتى أولئك الذين يرفعون شعارات التعددية الحزبية، وحرية الرأي في النظام الديمقراطي عندما يتعلق تشريعات قانونية ودستورية؛ فإنهم يحسمون الموضوع كما يقول فيما لأنهم عارفون أنه لا يمكن نقول تعددية وحرية في كل شيء بما فيها فيما هو نظام؛ لأن معناه ألا يكون هناك نظام يحكم الجميع ولا يسمحون بتعدد الاجتهاد في تفسيرها ويلجؤون لآلية معنية لحسم الخلاف، “فيما لو حصل اختلاف في فهم نص دستوري، فليس الموضوع يخضع لاجتهادات المختلفين، هناك محكمة دستورية فيها شعبة معينة تختص بتفسير نصوص الدستور، عندما قانون ينـزل من مجلس النواب (هل) يسمحون للقانونيين والاقتصاديين والمثقفين أن يقدموا اجتهادات، وكل واحد ملزم بما أدى إليه نظره؟ وكل واحد يقلد بعده من قلد؟! أعني القضية يعرفها الناس بأنها خطأ وقد أصبحت معروفة بأنها خطأ، بكل وسائل المعرفة وما نزال متشبثين بها في دين الله الذي هو نظام للبشر جميعاً لتقوم عليه أمة واحدة” ( ).
غير ذلك يرى الحوثي أن تقييم نتائج الاجتهاد، والأعمال الحسنة والسيئة ممكن عن طريق ملاحظة آثارها على الحياة ووظائف الاستخلاف. المعصية والخطيئة نتائجها مرتبطة بشقاء الحياة، الضلال ليس حكما دينيا، بل نتيجة عملية يقول الحوثي: “المعصية نفسها، هي تحط حياة الإنسان إلى درجة تبدو وليس لها وزن، تشقي الإنسان، المعصية ليس فقط قضية العقاب الأخروي عليها، بل في الحياة هنا …، فيما يتعلق بشقاء الحياة، كما يأتي في قوله تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامة أَعْمَى}” الله يذكِّرنا بأن الأعمال هنا في الدنيا تستطيع أن تعرف أن الأعمال مقبولة، ولها قيمة، أو أنها محبطة، يربط بين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، يقول هناك:{وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}(العنكبوت: من الآية27) فنظرنا إلينا وإذا نحن ملايين مصلين، وملايين يحجون، وملايين يصومون …، ولكن هذه الأمة رأينا واقعها بالشكل الذي يبدو أن كل هذه الأعمال قد فرغت من محتواها، ولم تعد ذات قيمة بالنسبة لواقعها، إذا لم تعد ذات قيمة بالنسبة لواقع الحياة فاعلم بأنها ليست ذات قيمة عند الله؛ لأنه هو الذي وعد أنه إذا كانت الأعمال متكاملة، ومقبولة، سيجعل لها أثرها هنا، وأثرها في الآخرة، فإذا لم نلمس لها أثرها هنا يعني ماذا؟ أنها ليست مقبولة، ليست أداء للدين”( ).
بسبب فردية الاجتهاد تعذّر تشكيل أمة أو كتلة تاريخية تتحمل مشروع النهضة، وبسبب النظرة الفردية للدين تعطلت أهم وظائفه، وهي بناء أمة، وتعطلت كل المهام الجماعية؛ لأنها مشروطة بالاستطاعة، وحسب الحوثي: “هذا الذي حصل عند الناس، عندما ترسخت النظرة الفردية، لم يبق لديهم ما يتناولونه إلا الأشياء الفردية، تراهم مصلين، وصائمين، وحاجين، ومزكين، ومتصدقين، الأشياء الأخرى وهي المساحة الواسعة …، قعد عنها الناس بسبب هذه النظرة الفردية، إلى درجة أن الأشياء الأخرى لم يعد لها قيمة في واقعنا”( ).
القاعدة التي ينطلق منها الحوثي لتجاوز سلبيات الفردية التي طبعت العملية الاجتهادية من الناحية الموضوعية؛ هي أن نعيد الاعتبار للقرآن باعتباره خطاباً للأمة، وكون القرآن خطاب للأمة قاعدة منهجية أو ضابط منهجي ينفي أي تأسيس؛ لتقنيين الاختلاف، وفوضى التعدد باسم الاجتهاد خصوصاً فيما له علاقة بالنظام العام؛ لأنها غير ممكنة من ناحية عملية، وتتناقض كما يقول الحوثي مع “الوحدة في الإسلام كمبدأ وقاعدة هامة”، ومع القاعدة المنهجية الأخرى، وهي “أن كل ما هو هام وكل شيء في القرآن هو يرسم طريقته كاملة رسمها رسماً كاملاً …، ولا يتركها مطروحة للأمزجة والأطروحات المتعددة”، ولذلك القرآن رسم الوحدة على أساس الاعتصام الجماعي بحبل الله “كلمة حبل أليست من المفردات التي لا يمكن أن تتصور فيها أكثر من شيء واحد؟ حبل يعني أوضح عبارة تعطيك التعبير عن وحدة المنهج والطريق والموقف والكلمة، وأن الله هو يدلي حبلاً واحداً لا يوجد هناك حبال متعددة، وكل واحد يمشي على مزاجه، ويمسك بالحبل الذي يعجبه ليست هكذا هو وضع حبلاً واحداً هو دلى لعباده حبلاً واحداً يتمسكون به”.( )
وهذا يقود للقاعدة الثالثة المرجعية المطلقة للقرآن الكلمة السواء، وإسقاط كل المرجعيات الثانوية؛ سواءً نصوص أو وسائط سلفية زمنية أو مذهبية أو شخصية – حرق التراث أو حرق المكتبات – إذ لا يوجد نموذجاً سلفياً مفارقاً أو فوق تاريخي قابل للإسقاط العابر.
وبهذه الطريقة نقطع الطريق، أي محاولة لأقلمة، وتكييف لأي عناوين مذهبية أو مرجعيات ثانوية “منهج قائم وحركة على أساس القرآن الكريم تترفع عن كل العناوين الخاصة، وتعطي أولوية للقرآن الكريم، وتسير على هديه وتتحرك في الساحة هذه، دائرة قابلة للتوسع؛ لأن كل طرف لا يعتبر أنك تقدم الشيء الذي هو قد ثقف على أساس النفور منه نهائياً، وعندما يراك – أيضاً – بأنك تقيِّم ما لديك ولديه بنظرة واحدة على أساس القرآن، وليس أنك تحاول تؤقلم القرآن على ما لديك من تراث ثقافي وما لديك من ماذا؟ من مرجعيات سواء شخصية أو مرجعيات من الكتب”( ).
ويضيف: “مسلمين لله هذا العنوان الرئيسي نرجع إلى أن نحمل عنوان مسلمين، والناس ربما في المرحلة هذه أحوج ما يكونون إلى أن يحملوا هذا العنوان وحده فعلاً في المرحلة هذه بالذات في موضوع صراع عالمي، أليس هناك صراع عالمي الآن؟؛ لأن هذا هو العنوان الهام الذي يجعل هذا الدين مقبولاً عند الآخرين عند البشر جميعاً لا يؤطر بأطر قومية بأطر عرقية معينة بأطر إقليمية نهائياً؛ لأن كلمة إسلام كلمة عامة بمعنى: إسلام لله والبشر لديهم معرفة بالله سبحانه وتعالى”( ).
من ثم ينتقد الحوثي فكرة التقريب بين المذاهب ليس لأنها سيئة، بل لأنها تلفيقية، وغير عملية، ويستشهد لذلك بجهود المصلحين الدينيين من جمال الدين الأفغاني إلى محمد عبده إلى الخميني في توحيد الأمة؛ لكنها فشلت بسبب أنها لم تقم على قاعدة صحيحة تعالج سبب الأزمة من جذوره.
القرآن بعد غياب النبي
المعلوم أن النبوة هي المجلي الأبرز للشهود الإلهي في التجربة الإنسانية التاريخية المؤيدة والمصادق عليها من السماء في المجال المعرفي والهديوي، يهدون إلى النموذج التطبيقي الأمثل للدين ويشرفون على التجربة التطبيقية له في واقع الحياة “لأنه عادةً ومن ضمن الوظائف الأساسية للرسل والأنبياء أنهم ليسوا فقط مبلِّغين بالكلام والحديث والبيان، بل عادةً هم يعملون هم على إقامة تلك المبادئ، والقيم، والأخلاق على إقامة الدين بتفاصيله الأخلاقية وغيرها) ).
اختتام النبوة أعمالها بمحمد (ص) يضعنا أمام مشكل على هذا المستوى من جدل الإلهي والإنساني، لأن الحاجة الناتجة عن الفراغ الذي خلفه موت النبي هي التي استدعت لظهور دور الفقيه والمفسر والمجتهد.
بوفاة النبي واجه المسلمون معضلتين في علاقتهم بالنص القرآني، الأولى الانتقال من لحظة التنزيل إلى لحظة التأويل، والثانية التحول في ماهية النص من الطبيعة التداولية الشفهية إلى نص مكتوب منفصل عن سياقاته الزمانية والمكانية، الباحث اللبناني قانصو يوضح أثر المعضلتين كالتالي “في لحظة النزيل أو التأسيس الذي هو زمن النبي، حيث كان النص ينطق بنفسه يملك قدرة تفسير مقصده ودفع الشبهات عنه لوجود النبي المؤسس الذي يملك صلاحية توضيح مراد أي قول ديني، نبوياً كان أم قرآنياً، وتعيين وجهته ومعناه. في هذه المرحلة كانت العلاقة بين القول الديني وبين الناس علاقة إنصات (أو علاقة اتباع) واستماع للكلام الالهي لا يملكون حق التأويل أو التفسير أو الاجتهاد فهناك جهة واحدة حصرية تملك الحق في ذلك، وبغياب النبي صار النص الديني مكشوف الظهر، وموضوعاً في تصرف المسلمين من دون دفاعات ذاتية به وعرضة لسوء الاستعمال، فبعد أن كان النبي يحسم أي جدل أو شك حول معنى الوحي ودلالاته، استحال نصاً مدوناً ومفتوحاً، يضع نفسه بين الناس ليقرؤوه ويفسروه ويؤولوه. ومنفصـلاً عن أصل نشأته ومتحرراً من أي قيود ظرفية زمانية ومكانية ومستقلاً عن شخص قائله أو مبلغه، وقابلة للإسقاط على أحداث جديدة ،ما سهل، بقصد أو بغير قصد سوء استعمال النص الديني عبر توظيف آياته في مواضع لا تتوافق مع المواضع الأصلية التي نزلت فيها أو لأجلها ..وبعد اللحمة الحاصلة بين شخص النبي وقول الله ومـراده، التي فرضت اتباعاً وإنصاتاً وطاعة، أصبح المسلمون متروكين لمصيرهم، وعليهم المبادرة لتعويض غياب المؤسس، ونقل مجمل التجربة النبوية إلى نص مـدون، أي نقله من حالة التداول الشفاهي إلى وضعية موثقة منضبطة، تحسم الجدل حول مادة الوحي وتوحُد المسلمين حول مرجعية موحدة، وتضمن استمرارية ثابتة وحضوراً دائماً لوحي الله في حياة المسلمين…”) ).
مر بنا أن الحوثي من خلال محاولته التأسيس لنظام معرفي يقوم على الوعي بسنن الهداية في الخطاب القرآني بالاعتماد على القران كنظام أو سلطة مرجعية مركزية، و ما يتأسس عليها من قواعد تضبط علاقة النص بالقارئ (المفسر ،الفقيه ،المجتهد) وعلاقة النص بالواقع التي يرى أنها تنفي الغموض أو القصور الذاتي عنه وتفسح دوراً لتطور حركة الواقع في إفصاح النص عن معناه، وتقلص من صلاحيات المفسر أو الفقيه في تأويل النص والاستثمار الخاطئ له إلى أضيق الحدود، ونقد الفردية في الاجتهاد والدفع بدور العلماء إلى المجال الثقافي والتزكوي، وهي جملة تعالج كثيراً من المعضلات الآنفة ،وفوق هذا يستبعد الحوثي “أن يهمل الله هذه الأمة وهي ستواجه قضايا كبيرة ومستجدات كثيرة يتركها وهي آخر الأمم ويبعث لها نبياً ويقول لها هذا خاتم الأنبياء وكتاباً واحداً ثم يقول لها هذا آخر الكتب ثم يقفل الملف “( ) ويخلص إلى أن الأمة تظل بحاجة إلى أعلام هدى “تلتف حولهم (الأمة ) يجسدون القرآن ويهدون بالقرآن، ويرشدون الأمة بالقرآن، ويعملون على تطبيق القرآن في أوساط الأمة..”( )
القيادة المسددة والملهمة (أعلام الهدى)
العلم / أعلام الهدى (الإنسان النموذجي) وفقاً للحوثي لا يتخذ الصورة التقليدية لرجل الدين كخبير بفقه نصوص وظيفته الفتيا الفقهية، ولا رتبة روحية خالصة كرتبة الولي في المذهب العرفاني ولا تمنحه صلاحيات تشريعية كتلك التي للأئمة الاثني عشر عند الجعفرية، ولا رئاسة تنفيذية كتلك التي للإمام في التراث الزيدي.
يفضل الحوثي مصطلح “علم / أعلام على مصطلح إمام / إمامة” الذي ارتبط بالإمامة السياسية والذي يفهم من كلام الحوثي أن مقولة الأعلام مقولة معرفية قاربها في التأسيس لنظام معرفي بديل للنظام المعرفي التقليدي العقدي والفقهي ولم يعالجها كمقولة سياسية في نظام الحكم أو نظرية في الإدارة السياسية أو منصب سياسي يستمد سلطته من مؤسسات القهر المادية والمعنوية.
مقولة العلم في الخطاب الحوثي فعالية اجتماعية وتاريخية تحولية للوعي الفردي والاجتماعي أقرب لأن تكون نظرية في القيادة الأخلاقية، تستمد سلطتها الاجتماعية من رصيدها الرمزي والوثوق الذاتي للجمهور بها ومن مشروعها الأخلاقي وبالتالي انتفاء عنصر القسر والإكراه عنها. وهو ما يشي بالوظيفة المعرفية والتربوية والسلطة الرمزية للعلم المتمثلة بالهداية بالقرآن والإيناس إلى الحق والقدوة الحسنة والترجمة الاجتماعية للخطاب القرآني، والحد من الخلافات.