صــدق العسيري وهــــو كذوب !
موقع أنصار الله ||مقالات || بقلم / عـبدالله علي صبري
قال أن النظام السعودي لا يبحث عن انتصار في معركة اليمن، وقد صدق. فالحرب على اليمن لن تفضي أصلاً إلى انتصار عسكري لتحالف الشر ومرتزقته، وهذا ما بات العالم كله يؤكد عليه.
لكن ما لم يقله العسيري، أن السعودية كانت تمني نفسها بنصر عسكري حاسم وخاطف، وهي لم تغير إستراتيجيتها هذه إلا بعد أن فوجئت أن اليمن عصية على الهزيمة والانكسار، برغم الحرب الضروس وغير المتكافئة التي يتعرض لها الشعب اليمني.
لا تريد السعودية نصراً عسكرياً في اليمن، ولن تصل إليه، لكنها اليوم تعمل على ديمومة العدوان والحصار وتعرقل الحل السياسي، لأنها لا تريد لليمن أن ينهض ويستقر خارج وصايتها. ولأنها تخشى مآلات التوافق الوطني اليمني ، فإنها تعمل بأقصى جهد على زعزعة السلم الاجتماعي في اليمن وتقطيع أوصال البلد الأفقر في الشرق الأوسط ، حتى ينشغل بذاته ، وينكفئ لمعالجة مشكلاته الداخلية التي تتعقد كثيراً كلما طال أمد الحصار والعدوان.
تريد السعودية أن يغرق الشعب اليمني في حروب داخلية ، وأن تتمزق الدولة اليمنية إلى كيانات متناثرة يسهل التحكم فيها وضربها ببعضها البعض، وتريد أن تعزل هذه الكيانات عن محيطها العربي والإسلامي، بل والخليجي- إن أمكن – بحيث تبقى الحاجة مستمرة لتدخلات وإكراميات ” طويل العمر” ، على النحو الذي جرى لعقود طويلة ، قبل أن تظهر في اليمن قوة جديدة صاعدة مناهضة للوصاية والتدخل الخارجي .
وإذا كانت هذه المخططات والتصرفات تتم عن حقد دفين تجاه اليمن، فإنها تنطوي أيضا على مخاوف فعلية من تقلبات الزمن، حيث يخشى آل سعود من انتقام دول الجوار، التي أغرقوا دولها وشعوبها بالحروب والأزمات وبصادرات الفكر الوهابي الإرهابي .
يدرك آل سعود أن تعافي سوريا والعراق واليمن ، سيعني نهوض المشروع العربي مجدداً وسيدفع بالسعودية إلى هامش التأثير على المجربات السياسية الإقليمية ، وان كانت تملك المال والنفط ، وتدرك الرياض أنها عاجزة عن مجابهة القوى الإقليمية الصاعدة إلا من خلال العون الأمريكي والغربي بشكل عام، وإذا ما رفع هذا الغطاء، تداعت دولة آل سعود وتهاوى نظامهم، وحينها لن تجد المملكة يداً عربية تحنو عليها أو تمدها بالعون!
وهكذا تصبح مخططات آل سعود بشأن إضعاف دول الجوار وتفكيكها، الإستراتيجية المثلى لنظام قام في الأصل على التوسع بالقوة – في غفلة من الزمن- على حساب دول ومجتمعات لها من الوزن الحضاري والعمق التاريخي، ما يجعلها مؤهلة لاستعادة كل شبر اغتصبتها الدولة الطارئة والمحمية أمريكيا وإسرائيليا.