هل اقتربتْ ساعةُ هزيمة العدوان؟
موقع أنصار الله ||مقالات || أحمد ناصر الشريف
بعدَ اليأس الشديد الذي أصاب تحالُفُ العدوان ضد اليمن وشعبها بقيادة أَمريكا والسعودية و”إسرائيل” وفشلهم الذريع في كُلّ الجبهات العسكرية والسياسية والاقتصادية والاعلامية، حيث خسروا كُلّ أوراقهم التي كانوا يراهنون من خلالها على تحقيق نصر كبير يمكّنهم من احتلال اليمن والقضاء على نظامه ودولته وتحويله إلى كانتونات، كما هو حادث في ليبيا والعراق.. لم يعد أمام تحالف العدوان سوى خيارَين لا ثالث لهما يراهن عليهما علّه يستطيعُ فتح ثغرة تحفَظُ له ماءَ الوجه ويضغط من خلالها لتحقيق أية مكاسِبَ تُذْكَرُ يغطي بها على فشله الذريع للعام الثالث على التوالي.
الخيار الأول: يتمثل في محاولته المستميتة التأثيرَ على الجبهة الداخلية؛ بهدف إضعاف تماسُكها واختراقها، وهو ما لم يتحقق على الاطلاق، مهما دفع بعملائه ومرتزقته الذين يتجاوبون مع اغراءاته الماديّة من الداخل اليمني، سواءٌ أكانوا سياسيين أَوْ اعلاميين أَوْ ممن ارتبطوا عُضوياً مع تحالف العدوان وصاروا يشكّلون جُزءاً منه.
والخيارُ الثاني، وهو الأهم الذي قامت الحربُ من أجله تحت حُجُجٍ وذرائعَ واهية كمبرر للعدوان: يتمثل في منع المشهد السياسي الذي بدأ يتشكّل في اليمن وفي المنطقة عموماً، بخلاف ما كانت تخطّط له دول العدوان، وخصوصاً أَمريكا والسعودية وبريطانيا، وهو المشهدُ إذَا ما تحقق له النجاح فقد يُفشِلُ حتماً مشروع الشرق الأوسط الكبير وتقسيم المنطقة العربية والسيطرة عليها، وهو هدفٌ قديمٌ أعدت له الإدَارَة الأَمريكية منذ غزو العراق واحتلاله عام 2003م، وانتظرت الفرصة المواتية لتحقيقه عن طريق الايعاز لأَدَوَاتها بشن العدوان على اليمن والسيطرة عليه بحُكم موقعه الاستراتيجي المتحكم في مداخل البحار والممرات الدولية ولما تكتنزه أرضُه البكرُ من ثروات كبيرة ستكون اليمن بعد استخراجها أغنى وأهم دولة في المنطقة، وهذا هو السبب الأَسَاسي الذي جعل الدول الكبرى تنظر إلى اليمن بعينٍ حمراءَ وتسلط على شعبها العظيم النظامَ السعودي ليتدخلَ في شأنه الداخلي؛ بهدف منعه من بناء دولته الحديثة القوية والعادلة المستقلة بقرارها بعيداً عن الهيمنة والوصاية الخارجية.
ولكن الجديد هذه المرة أن اللعبَ يجري على المكشوف بعد أن افتضحت حقيقةُ صناعة الإجْـرام واستخدام أَمريكا والغرب له عبر أَدَوَاتها في المنطقة التي تأتي على رأسها مملكة قرن الشيطان الداعشية مع دخول روسيا الاتحادية الحرب الجدية على الجماعات الإجْـرامية في سورية وتحقيق انتصارات كبيرة عليه في العراق، مما أدّى إلى فرار الآلاف من داعش وأخواتها إلى دولة ترانزيت للإجْـرام هي تركيا ليعادَ تصديرُهم من جديد إلى اليمن تحت مسمّى مقاومة شعبية.
وها هي الطائرات التركية والسعودية والقطرية تصلُ تباعاً إلى مطار عدن الذي يُغلَقُ في وجوه المواطنين، وهي تحمل مئات الإجْـراميين الفارِّين من سورية ليعادَ توزيعُهم على الجبهات من عدن وباب المندب، مروراً بتعز ومأرب، وحتى جيزان وعسير ونجران، في محاولة يائسة منهم؛ عَـلَّهم يحقّقون ما عجز عنه تحالف العدوان السعودي الأَمريكي طوالَ فترة أكثر من عامين في احتلال اليمن وتدميره وتمزيقه.. غير مستوعبين أن كُلّ ما سينجم عن عملية إعَادَة تصدير الإجْـرام هو التقريبُ من انتصار الشعب اليمني لاستقلاله وحريته ووَحدته وَإلحاق الهزيمة النكراء بأعدائه وأَعداء الأُمّتين العربية والإسْلَامية بل والإنْسَانية.. لا سيما أنهم يدركون جيداً أن اليمن ستظلُّ، وكما كانت في الماضي، حالةً حضارية وتأريخية جديدة ومتطورة ومتقدّمة بكل المقاييس؛ ليس لأنها تفرّدت بمواجهة أقوى دول العالم واستطاع جيشُها ولجانها الشعبية أن يغيّروا معادلة استراتيجية الحروب في العالم أجمع، ولكنها انتقلت بالشعب اليمني في ظل عدوان بربري وظالم لمرحلة الذروة العصرية في الممارسة الديمقراطية باختيار أسلوب التعددية السياسية والحزبية وحرية الإعلام ولم تعلن حتى حالة الطوارئ كحق دستوري وقانوي في ظل ما تتعرض له من عدوانٍ لم يشهد له التأريخُ مثيلاً، وهذا ما لم يحدث في أي بلد آخر.