لماذا الحساسية تجاه يوم القدس العالمي؟
بقلم/ زيد الغرسي
من الأهداف الحقيقية لزيارة ترامب مؤخرا إلى السعودية إنهاء القضية الفلسطينية والتطبيع مع العدو الصهيوني.
ومن هنا تأتي أهمية يوم القدس العالمي هذا العام حيث يعتبر الخروج في المسيرات الشعبية في كل أنحاء المنطقة ردا عمليا على رفض الشعوب هذه المؤامرة الأمريكية على فلسطين، كما أنها تعيد توجيه البوصلة بأن القضية المركزية الأولى لنا كعرب ومسلمين هي القضية الفلسطينية، ومن يتخلى عنها إنما يدور في فلك الأمريكان.
ويوم القدس العالمي يكشف زيف الشعارات التي تحملها أنظمة النفاق التي تدعي حرصها على الأمن القومي العربي، فهل التطبيع مع إسرائيل حماية للأمن القومي العربي؟ وهل تقسيم المنطقة على أسس مناطقية وطائفية متناحرة حماية للأمن القومي؟
أهمية يوم القدس العالمي تأتي من اتساع المؤامرات على القضية الفلسطينية وعلى الأمة العربية والإسلامية وسعي أمريكا وإسرائيل إلى تحويل الصراع من صراع إسلامي مع إسرائيل إلى صراع إسلامي.. إسلامي، عربي.. عربي، وهذا ما تسعى إليه في الحروب الموجودة حاليا في المنطقة.
عمل اليهود ومن خلفهم الأمريكان والأموال الخليجية على إنهاء القضية الفلسطينية عبر عدة مراحل، حيث حصرت الصراع العربي الإسرائيلي إلى صراع فلسطيني إسرائيلي، ثم التخلي عن مرحلة الصراع إلى مرحلة إقامة دولتين، ثم بعدها مرحلة ما يسمى بالسلام مع العدو الصهيوني، ثم إلى التطبيع معها تحت الطاولة، وبعدها إلى إقامة العلاقات العلنية بين بعض الدول العربية وعلى رأسها الخليجية مع العدو الصهيوني، والآن مرحلة إقامة التحالف معها والتآمر ضد محور المقاومة وشعوب المنطقة الحرة، وهذا من أبرز أهداف زيارة ترامب إلى الرياض مؤخرا.
يوم القدس العالمي ليس محصورا على مذهب معين أو طائفة دون أخرى، فهو يوم للشعوب المسلمة في مواجهة أعدائها من اليهود المحتلين، وقد عملت الأنظمة العميلة على وضع حساسية مع هذا اليوم باعتبار أنه يوم شيعي لأن من دعا إليه الإمام الخميني خلال ثورته الإسلامية في إيران، وهذا غير صحيح.
فإيران كانت شيعية قبل وبعد ثورة الإمام الخميني، وكان شاه إيران شيعي وكان يزور البقيع لزيارة أضرحة أئمة أهل البيت عليهم السلام في السعودية دون أن يكون هناك حساسية ضده.
فلماذا لم يكن تعامل أمريكا والسعودية مع إيران حاليا كما كان في عهد الشاه سابقا ؟ والسبب في ذلك بسيط وهو أن الإمام الخميني خرج من فلك أمريكا ودعا إلى التحرر من هيمنتها ومواجهة العدو الإسرائيلي، وهنا المشكلة لدى الولايات المتحدة الأمريكية وأدواتها في المنطقة، ولو عادت إيران إلى وصاية أمريكا حاليا ستلغى كل الهجمات والحملات والتشنيع ضدها ولو بقيت شيعية!! ولاختفت كل عناوين الرافضة والمجوس وسب الصحابة والمتعة ووو..الخ، وجاءت بدلها حملات المديح والثناء.
المشكلة ليست مذهبية بل هي فيمن يخرج من وصاية أمريكا حيث تسلط عليه كل أدواتها وحملاتها الإعلامية التشويهية، ومن هنا يأتي يوم القدس العالمي رفضا للمشاريع الأمريكية الإسرائيلية بحق المنطقة وشعوبها، ولذلك سيظل يهاجم وينشر حوله الشائعات والتهم لإبعاد الناس عن قضيتهم المركزية.
وهنا أقول للذين لديهم حساسية من هذا اليوم كونه جاء بدعوة من الإمام الخميني، اعملوا يوما آخر وسنكون معكم، المهم أن يكون لكم موقف مشرف تجاه القضية المركزية الأولى للمسلمين، واعملوا على أن يكون لكم موقف من تطبيع الأنظمة الخليجية والعربية مع العدو الصهيوني، وستجدونا معكم في رفض ذلك.