في مشهدٍ مهيبٍ يقطع صمت الخِذلان العربي، وتحدٍّ صارخٍ ينسفُ أوهام المطبِّعين، تعلو اليوم من أرض اليمن المباركة صرخةٌ مليونيةٌ مدوية، تهز أركان الظلم وتزلزل عروش الخونة. إنها ليست مُجَـرّد تظاهرات شعبيّة عابرة، بل هي بيعةٌ متجددة، وعهدٌ قاطع بأن اليمن -شعبًا وقيادةً- ثابتٌ لا يتزعزع في موقفه المبدئي تجاه قضايا الأُمَّــة الكبرى، وفي طليعتها فلسطين الحرة وغزة الصامدة.

أثبت الشعب اليمني، بصموده الأُسطوري في وجه عدوانٍ كوني، وبوقوفه الشجاع مع الحق، أنه البُوصلة الحقيقية للأُمَّـة، وأن دماء شهدائه ليست سوى وقودٍ لنار الثورة التي لن تخمُدَ حتى يتحرَّرَ الأقصى الشريف. ففي الوقت الذي تتسارع فيه خطوات التطبيع المخزية، وتُسدل الستار على مؤامرات التآمر والتخاذل، يخرج اليمنيون ليجددوا العهد، ليس فقط بالكلمات بل بالفعل والتضحية، بأن غزةَ ليست وحدَها، وأن المقاومةَ هي السبيلُ الوحيدُ لتحقيق النصر.

اليوم، يرسل اليمن رسالةً واضحةً وقوية لكل من تسوِّلُ له نفسُه الارتماءَ في أحضان العدوّ الصهيوني والأمريكي: إن مواقفَنا ليست للمساومة، وكرامتَنا ليست للبيع. إننا نقفُ شامخين، وبكل ثبات، إلى جانبِ محور المقاومة، الذي تقودُه قويةً وصامدةً الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي أثبتت للعالم أجمع أنها ليست مُجَـرّد دولة، بل هي قلعةٌ حصينةٌ في وجه الاستكبار العالمي، وحصنٌ منيعٌ لكل المستضعفين.

إن الحشودَ المليونية ليست تعبيرًا عن حُبٍّ عاطفيٍّ عابر، بل هي ترجمةٌ عمليةٌ لعقيدةٍ راسخة، وموقفٍ إيمانيٍّ لا يتزعزع. اليمن، الذي ذاق مرارةَ الحصار والعدوان، يدركُ تمامًا حجمَ المؤامرة التي تستهدفُ شعوبَ المنطقة بأسرها. ولذا، فَــإنَّ صرختَه هذه هي إنذارٌ أخيرٌ للمطبِّعين والخونة، بأن مصيرَهم سيكون مزبلةَ التاريخ، وأن عروشهم الواهية لن تصمُدَ أمام عواصف الحق القادمة.

فليعلم القاصي والداني أن اليمن مع غزة، واليمن مع إيران، واليمن ضد الإجرام بكل أشكاله.

إنها معادلةٌ لا تقبَلُ القسمةَ على اثنين، ونهجٌ لن نحيدَ عنه قيدَ أنملة، حتى يتحقّقَ النصر، وتعودَ الأُمَّــةُ إلى عزِّها ومجدِها، وتُطهَّرُ المقدَّساتُ من دنس الاحتلال.