تشهد المنطقة في الآونة الأخيرة تصعيدًا عسكريًّا خطيرًا يستهدف الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في خطوة لا يمكن فهمها خارج سياق المشروع الأمريكي الصهيوني الرامي إلى كسر إرادَة الشعوب الحرة، وتصفية القضية الفلسطينية، وتفتيت محور المقاومة الذي يمتد من طهران إلى صنعاء، ومن غزة إلى بيروت ودمشق وبغداد.

إن هذا العدوان على إيران لا يُعد معزولًا عن السياق العام، بل يأتي امتدادًا مباشرًا للحرب المستعرة على غزة واليمن ولبنان، وعلى كُـلّ الأحرار الذين رفضوا الانصياعَ للمشروع الأمريكي الإسرائيلي.

نحن اليوم أمام معركة مصيرية، معركة بقاء أَو فناء، معركة بين الإسلام الأصيل ومشروع الكفر العالمي بقيادة أمريكا وربيبتها المدللة، الكيان الإسرائيلي الغاصب. إنها معركة بين معسكر الحق ومعسكر الباطل، بين أُمَّـة تتوق للحرية والسيادة، وتحالف دولي مجرم لا يتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم لفرض هيمنته وطمس هوية الشعوب ومقدساتها. إنها ليست مُجَـرّد مواجهة عسكرية، بل حرب عقائدية تستهدف ثقافتنا وكرامتنا ووجودنا الحضاري والديني.

العدوُّ يدركُ جيِّدًا أن إيران تمثل العمق الاستراتيجي لمحور المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن، ولهذا يعمل جاهدًا على إضعافها واستنزافها؛ تمهيدًا لتصفية القضية الفلسطينية من جذورها، وفرض التطبيع كأمر واقع على شعوب الأُمَّــة. ولذلك، فَــإنَّ كُـلّ طلقة توجّـه نحو إيران هي في حقيقتها طلقة نحو غزة، وكل غارة تُشن على طهران هي امتداد للعدوان على صنعاء وصعدة وضد كُـلّ صوت يعلو بشعار: "الحرية لفلسطين".

إن الواجب الديني والإنساني والأخلاقي في هذه اللحظة التاريخية يحتم علينا التوحد والتكاتف في مواجهة هذا الطغيان الكافر والمجرم، مصداقًا لقول الله تعالى: "قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين" (التوبة: 36)

وإن اليمن، بقيادة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي – حفظه الله – تقدم اليوم نموذجًا متقدمًا في الثبات المبدئي والموقف الراسخ مع فلسطين، وفي المواجهة الصريحة والمباشرة مع العدوين الأمريكي والصهيوني، سواء في البحر الأحمر أَو عبر الخطاب السياسي والإعلامي والموقف الميداني. لقد أثبتت صنعاء أنها العاصمة العربية الوحيدة التي ما زالت تحمل راية المقاومة بشرف، وأنها لن تكون يومًا في صف المطبعين أَو المتخاذلين.

وفي ظل هذه التحديات، نخاطب أحرار الأُمَّــة وندعوهم إلى الاستجابة لنداء الإيمان والكرامة؛ إذ يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ" (الأنفال: 65)

فالعدوّ الصهيوني، ومن خلفه الأمريكي، ومن يدور في فلكهم من المنافقين العرب، لا يفهمون سوى لغة القوة والمواجهة. وإن من تمام الإيمان والولاء لله ورسوله، أن نواجههم صفًّا واحدًا كما أمرنا الله عز وجل: "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" (محمد: 7)

فلتكن هذه المعركة معركة كرامة، معركة تحرير الأرض، معركة بقاء الأُمَّــة وهُويتها.