غزة قوة وعزة. كُـلّ يوم يشهد العالم أنها تزف مئات الشهداء إلى حياة دائمة، ونعمة لازمة. لا تهزمهم طائرات العدوّ وقنابله، ولا يخيفهم همجية العدوّ ووحشيته. قوة الإيمان أَسَاس نجاحهم، وثقتهم بنصر الرحمن مفتاح فلاحهم.

فالقوي من الناس من غلب هواه، وظهر تُقَاه، واتبع هداه؛ فانتصر من بعد ظلمه، وصبر على جرحه وكلمه.

لقد ضرب هؤلاء الشجعان مَثَلًا أعلى للشجاعة، والصبر على مكاره الجهاد. فمن نصر غزة نصر؛ لأَنَّ من ينصر الحق لم يقهر، ومن خذله لم ينصر. وقد ضربت الجمهورية الإسلامية في إيران والجمهورية اليمنية مثلًا أعلى في نصرة المتقين في غزة. وإن جنحَ السلطان في الجمهورية الإسلامية في إيران للسلم لجنوح الأعداء من اليهود والنصارى إليه، وهذا لا يخل بالتزام عون الفلسطينيين ونصرهم؛ لأَنَّ ذلك فُرِضَ عليهم، وعلى المسلمين كافة. لا يسقط دون تحقّق نصرهم، وإظهار حقهم.

فالمجاهدون في إيران واليمن وفلسطين ولبنان يُمَثِّلُونَ سُلْطَانَ اللهِ الذي أمدهم بمعونته ونصره، وجعلهم ظاهرين على عدوهم بقوته وقهره. فدكت صواريخهم وطائراتهم معاقل اليهود، وجعلتهم عبرة بين خلقه؛ يختبئون كالفئران في ملاجئهم. فاستعانة المجاهدين بربهم ودعواتهم له عجلت نصرهم، واضعفت عدوهم.

فأقرب الدعوات من الإجَابَة دعوة السلطان الصالح، وأولى الحسنات بالإثابة جهاده وأمره ونهيه في وجوه المصالح. فَــإنَّ هو توكل على معونة الله له سهلت عليه الصعاب، وذلت له الرقاب، واندفعت عنه المشاق، (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‏ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا). (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ).

فيا أَيُّهَا المؤمنون المجاهدون: اشحذوا هِمَمِكُم، وشدوا عزائمكم، وجدوا في نصر إخوانكم في فلسطين. فمن نصر الحق لم يقهر، ومن خذله لم ينصر، ومن أعرض عن ذكر الله لم يظفر، ومن أرضى سلطانًا جائرًا أسخط ربًّا قادرًا. فمن وثق بالله حفظه، ومن توكل على الله كفاه.

لقد فرض الله على المؤمنين الجهاد لينالوا شرف الدنيا والدين، (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أنفسهُمْ وَأموالهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالقرآن وَمَنْ أَوْفى‏ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّـهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

ووعدهم الاستخلاف في الأرض: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى‏ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا).

فانتصار الجمهورية الإسلامية هو انتصار للمقاومة في فلسطين، وانتصار الحق على الباطل. وهو مقدمة لتحرير القدس، وإجبار الصهيونية في غزة على الانسحاب والاستسلام. وهذا يعطي الثقة بنصر الله للمجاهدين في صد التهور الصهيوني، ورد نتنياهو وترمب ومجرميهم الذين أكثروا في الأرض الفساد، واتسمت أعمالهم بالهمجية والظلم والاستبداد، ومحاولة استعباد العباد، ومن كان هذا حاله تكون عاقبته وخيمة؛ فقد أنذر الله الظالمين بأسوأ العقاب: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا)، (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ)، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أي مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).