مرّت أشهر على خروج أمريكا من عدوانها على اليمن، لكن ذلك لا يعني أنها النهاية، إنما هي بداية عصر من المواجهة من عدّة جوانب أُخرى، خُصُوصًا والجميع يعرف أن أمريكا حقّقت نجاحًا خلال عقود من الزمن، والأمريكي يحارب بالوكالة وبالحرب الناعمة.
في العقد الأخير احترقت أوراق أمريكا في المنطقة، وخير شاهد على ذلك هزيمة وكلاء أمريكا في اليمن، وهذه الانتكاسة أدخلت الأمريكي في صراع داخلي مع ذاته؛ مَـا جعله يدخل الميدان بشكل مباشر كبعبعٍ يخافُه صغارُ العقول من الأطفال ومن على شاكلتهم من الحكّام.
دخل الأمريكي كبُعبُع علّه يُلملم شتات قطيع كلابه ووكلائه في المنطقة.
دخل الأمريكي وأبناء الشعب اليمني ينتظرون دخول خصمهم اللدود الميدان على أحرِّ من الجمر ليسقوه من نفس الكأس التي سقى اليمنيين إياه خلالَ حرب التحالف الأمريكي السعوديّ.
حينها صُعق الأمريكي ووجد ما لم يكن في حسبان خيال منظومة الاستكبار العالمي. وفي حينه دُهش حتى الكافر لشدة هول ما وجد في مياه المنطقة، حينما قُصفت عدد من حاملات الطائرات العملاقة، وتَساقطت طائراته، وغرقت عدد من آلياته الواحدة تلو الأُخرى؛ مِمَّـا اضطره إلى إخراج ما تبقى من قطعه البحرية السليمة والمعطوبة، فارًّا كالفئران.
وكان هذا آخر ما وجده الأمريكي في جُعبته، ليحصل الاعتراف بالهزيمة أمام بأس اليمانيين؛ مَـا جعله ينحني مكرَهًا، مُبقيًا تعلُّقَ آخر آماله على مدِّ يده صاغرًا ذليلًا لإبرام اتّفاق يمنحُه فرصةُ الانسحاب من ميدان كُسر فيه ظهره.
وحصل كُـلّ ذلك بعد أن أعلن دخولَه الميدان شاهرًا سلاحَه لإسناد وتأمين آليات الكيان الإسرائيلي في البحرَين الأحمر والعربي من "الحوثيين" كما يسمّونهم.
وبعد أن تكبّد الأمريكي أكبر هزيمة عبر التاريخ، للأسف سارعت أنظمة الخليج بمنح الأمريكي مواساة تليق به عند من يؤمن بأُلوهيته كربّ يُعبد من حكام الخليج، من يحملون عقيدة أن أمريكا ربٌّ لا يُهزم.
وفي الأخير يجب أن ندرك أن أمريكا هُزمت عسكريًّا، وهذا لا يعني أنها ستترك المجال فارغًا لنا في الساحة. يجب أن نعرف أسباب تقدّم أمريكا بخطوة في سوريا، والذي يُعزى إلى تحريك سيناريو التفكيك بالمال الخليجي، والخداع الدبلوماسي، والتضليل الإعلامي، والذي غالبًا ما سيُعاد استخدامه في إسقاط الشعوب المقاومة في المنطقة.