تشهد الساحة العربية اليوم صراعًا عميقًا بين قوى إقليمية تعمل ضمن هامش أمريكي "إسرائيلي" واضح، حَيثُ تتحَرّك كُـلٌّ من السعوديّة والإمارات وفقَ مشروع يخدمُ مصالحَ واشنطن وكَبان الاحتلال في المنطقة.. لكن التنافس على حظوظ النفوذ والسيطرة يكشف الانقسامات الداخلية ويهدّد استقرار البلدان العربية.
فبينما تقدّم السعوديّة نفسها كرمز للاستقرار الإقليمي، تسعى الإمارات لإظهار قدرتها على إدارة المِلفات المالية والعسكرية بشكل أكثر مرونة وفعالية؛ ما يجعل التنافس بين الطرفين شديد الوضوح ويقود إلى اصطدام مصالحهما على الأرض.
ما يجري في حضرموت واليمن بشكل عام، وكذلك في السودان، ليس مُجَـرّد صراع ثنائي، بل ترجمة لسنوات طويلة من الأطماع المكتومة ومحاولات التفتيت الممنهجة للدول العربية.
فالسعي للهيمنة على الموارد والقرار السياسي يضع هذه الدول أمام مخاطر تقسيمية حقيقية، ويجعل المواطن العربي شاهدًا على معارك لا تعكس إرادته، بل خدمةً لأجندات خارجية.
استمرار هذا الصراع يعمّق الانقسام في اليمن، ويجعل الكيانات الموازية أكثر رسوخًا، خَاصَّة في حضرموت والجنوب، لتصبح الحدود الجديدة واقعًا يُفرض على الأرض دون اعتبار للسيادة الوطنية.
وفي السودان، يبرز نفس النمط؛ إذ يمنع التنافس السعوديّ الإماراتي الوصول إلى أي حَـلّ سياسي شامل، ويغذي استمرار الحرب ويطيل أمدها بشكل ممنهج.
الأزمة تشمل أَيْـضًا مِلف الطاقة، حَيثُ تؤدِّي الصراعات في "أوبك +" إلى تهديد استقرار أسعار النفط، بينما يظل التحكم في الأسواق بيد الكافِر الأمريكي، الذي يدير الخلاف بين الطرفين بما يخدم مصالحه.
أما على الصعيد البحري، فتتصاعد التوترات بين الدولتين في مناطق النزاعات الإقليمية؛ ما يرفع احتمالات اندلاع صراعات مسلحة تؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة.
التحالف الذي كان يُقدَّم بوصفه الأكثر تماسكًا في الخليج، يظهر اليوم في مسارات متنافرة تهدّد استقرار الدول العربية وتصب في خدمة المشروع الصهيوني لتقسيم المنطقة تمهيدًا لاستباحتها.
واليمني الذي شهد بلادَه تتفتَّت على يد هذا التحالف يدرك اليوم أن الخلاف الحالي ليس سوى اقتسام للغنيمة بين طرفَينِ متنافسَينِ على خدمة الأمريكي، وأن كُـلّ تحَرّك في حضرموت أَو الجنوب أَو السودان ما هو إلا جزء من لُعبة أوسعَ لا تراعي مصالحَ الشعوب العربية.