تميز خطاب السيد القائد الخميس الماضي بطرحٍ شمولي يجمع بين البعد الإنساني والأخلاقي والتحليل السياسي والعسكري، مع تركيز واضح على دور الأمة الإسلامية ومسؤوليتها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، وقد اعتمد الخطاب لغةً قويةً ومؤثرةً، تعكس حجم المأساة في غزة، وتستنهض الضمير العالمي، بينما تؤكد على ثبات الموقف اليمني كجبهة إسناد فاعلة ومؤثرة.

 المحاور الرئيسية للخطاب

أ. الوضع الإنساني في غزة: جرائم الحرب والإبادة الجماعية

وصف الدمار: يستخدم السيد القائد تعابير هامة مثل "أسبوع دامٍ وقاتم"، "إبادة جماعية"، و"عار على البشرية" لوصف الوضع، مع ذكر أرقام الشهداء (أكثر من 3000 شهيد وجريح خلال هذا الأسبوع، معظمهم من النساء والأطفال) وهي أكبر حصيلة منذ نصف عام تقريبا ولا يزال أعداد من الشهداء تحت الركام والبعض في الطرقات.

استهداف المدنيين:

 يشير السيد القائد إلى تكتيكات ممنهجة للعدو الإسرائيلي  مثل:

•           قصف المنازل، الخيام، المدارس، والمستشفيات.

•           استهدف طواقم الإسعاف والفرق الطبية في محاولة ممنهجة لمنع إنقاذ المصابين.

•           التجويع والتعطيش المتعمد (منع إصلاح مشاريع المياه).

•           الضغط باستمرار على النزوح القسري من شمال القطاع وهذا سبب معاناة كبيرة ولا سيما لكبار السن والأطفال.

•           زيادة المعاناة بشكل كبير جدا في قطاع غزة ومعظم العائلات باتت تتناول وجبة كل يوم ونصف، والبعض وجبة كل يومين .

•           القصف والتشريد والتجويع يأتي ضمن سياسة ممنهجة للتنكيل بالفلسطينيين.

•           الاستمرار في مساعيه لتهويد مدينة القدس .

•           السعي إلى تغيير المعالم في جنين .

•           الاختطافات من قبل العدو الإسرائيلي مستمرة في معظم المدن في الضفة الغربية.

اعترافات الصهاينة:

 يستشهد السيد القائد بتصريحات لمسؤولين إسرائيليين سابقين (مثل إيهود أولمرت ويائير غولان) تعترف بأن الحرب "بلا هدف" وتصل إلى مستوى "جرائم حرب" و"قتل الأطفال في غزة ممارسة هواية إجرام فظيع جداً"

 التخاذل العربي والإسلامي: بين الصمت والتطبيع

انتقاد الأنظمة العربية: يصف السيد القائد مواقفها بـ"البيانات الباردة الباهتة" و"التفرج"، مع إشارة إلى أن سكوت الأمة وهو ما شجّع العدو الإسرائيلي على التصعيد.

التطبيع خيانة: هاجم  السيد القائد بشكل خاص النظام المغربي الذي تنكر للإرادة الشعبية ولقضايا أمته وورط نفسه في التدريبات العسكرية مع الكيان الإسرائيلي ، واصفاً إياه بـ"الخيانة".

المجتمع الدولي: انتقد السيد القائد دور الغرب (خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا) في دعم إسرائيل عسكرياً وسياسياً، بينما يتغاضى عن جرائمها.

 

 

 موقف الدول الأوربية لا يرقى إلى مستوى الجرائم

  أشار السيد القائد الى موقف بعض الحكومات الأوروبية:

- جاءت فوق المعتاد لكنها لا ترقى إلى مستوى الجرائم الإسرائيلية الفظيعة جدا.

- على الدول الأوروبية وقف تسليح العدو الإسرائيلي واتخاذ قرارات حاسمة وعقوبات حقيقية وقطع للعلاقات الاقتصادية.

- لا يكفي ما تقدمه بعض الحكومات الأوروبية من تصريحات استنكار واستهجان واحتجاج.

- الدول الأوروبية قدمت للعدو الإسرائيلي الشيء الكثير من الأموال والدعم السياسي والتسليح.

 

التحليل العسكري: ضعف جيش  العدو الإسرائيلي وصمود المقاومة

هشاشة قوة العدو الإسرائيلي: يصف السيد القائد  جيش العدو الإسرائيلي بـ"أجبن جيش في العالم" الذي يعوّض هزائمه بالإبادة الجماعية، مشيراً إلى:

-           انهيار الروح المعنوية للجنود (إصابات نفسية جماعية).

-           فشل العمليات البرية مثل "عربات جدعون" (التي يربطها بالأساطير اليهودية).

فعالية المقاومة: ثمن السيد أداء كتائب القسام وسرايا القدس في غزة، مع ذكر عمليات نوعية (كمائن، تفجير عبوات) أضعفت العدو.

 

الموقف اليمني: جبهة الإسناد وعمليات الردع

عمليات عسكرية نوعية: ذكر السيد القائد انه تم تنفيذ عمليات هذا الأسبوع بـ8 صواريخ فرط صوتية وباليستية وطائرات مسيرة تجاه مطار اللد، مما أدى إلى:

-           إرباك المطارات وإجلاء الصهاينة إلى الملاجئ.

-           تعليق رحلات طيران دولية إلى فلسطين المحتلة.

-           هروب ملايين الصهاينة إلى الملاجئ وتصريحات الصهاينة ووسائل إعلامهم تكشف مدى الإحباط واليأس الإسرائيلي تجاه جبهة الإسناد اليمني

 

ثبات الموانئ اليمنية:

 رغم الغارات الإسرائيلية على الحديدة، يؤكد السيد القائد أن اليمن لن يتراجع عن دعم غزة، فالموقف اليمني منطلق من منطلق إيماني وقيمي وأخلاقي ولا يمكن التراجع عنه أبدا

ويشيد السيد القائد بصمود العاملين في الموانئ الذين ثبتوا لأداء مهامهم وأعمالهم بالرغم من الاعتداءات المتكررة، معتبرا الدور الذي يقوم به الإخوة الثابتون المرابطون والعاملون في الموانئ هو جهاد في سبيل الله تعالى ومرابطة في سبيل الله

 

 الدعوة إلى النفير العام والضغط الشعبي

المظاهرات المليونية: يحثّ السيد القائد على تصعيد الخروج الجماهيري فهي واجب ديني وأخلاقي، فالعدو الإسرائيلي في ذروة التصعيد وهذا يستدعي حالة النفير العام المستمر والعمل والاسناد والاهتمام المكثف

الجهاد الإعلامي والتوعوي: يدعو السيد القائد إلى:

-           تكثيف الخطاب الديني والإعلامي لفضح جرائم "إسرائيل".

-           مقاطعة المنتجات الداعمة للكيان الصهيوني.

-           استنهاض الأمة عبر البعد الإيماني (الربط بالقرآن والقيم)

-           حث الجميع على مشاهدة ما يحدث في قطاع غزة من مآسٍ وآلام ومظلومية رهيبة, فعندما يشاهد الإنسان المآسي والآلام في غزة يستحي من الله في أن يكون منه أي تراجع أو إهمال أو تقصير

-           حذر من تسلل حالة الوهن أو الضعف أو الملل إلى نفس أي إنسان يحمل ذرة من الإنسانية والإيمان

 

السمات الأسلوبية والخطابية

اللغة العاطفية: استخدام تعابير مثل "فضيحة كبرى"، "عار على الأمة"، و"مأساة رهيبة" لتحريك المشاعر والاستمرار في المظاهرات والمسيرات

الاستشهاد باعترافات  العدو الإسرائيلي: لإضفاء مصداقية على الرواية (مثل تصريحات أولمرت وغولان).

التركيز على البعد الديني: الربط بين الجهاد في سبيل الله ومسؤولية الأمة، مع تحذير من "المؤاخذة الإلهية" بسبب التخاذل.

التهديد الضمني: الإشارة إلى أن استمرار التخاذل سيزيد من ضعف الأمة وتسلط الأعداء عليها.

الخاتمة:

خطاب يحمل رسائل عالمية حيث خرج بـرؤية متكاملة:

•           إنسانية: بتسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين.

•           سياسية: بكشف ازدواجية المعايير الدولية.

•           جهادية: بتأكيد أن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير فلسطين.

•           أخلاقية: بدعوة العالم إلى الوقوف في وجه الظلم.

في الختام

هذا التحليل، يبرز خطاب السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي كوثيقة تاريخية تجمع بين البُعد الإنساني المؤثر والرؤية الاستراتيجية الواضحة. لم يكن مجرد رد على أحداث آنية، بل كان:

-           إدانة صارخة للعالم الذي يتفرج على إبادة جماعية.

-           تكريسا لثقافة المقاومة كخيار وحيد لمواجهة الاحتلال.

-           دعوة ملحّةً للأمة العربية والإسلامية لاستعادة دورها، والتحرر من التبعية والخوف.

-           الخطاب نجح في تحويل المأساة إلى قضية حية، والضعف إلى قوة، واليأس إلى أمل، مؤكداً أن دماء الشهداء لن تذهب سدى، وأن صمود غزة وضربات اليمن وغيرها من جبهات المقاومة تعيد كتابة معادلة الصراع واليمن، بموقفها الثابت، قدمت الإجابة.

                                           ولله عاقبة الأمور