كانت أحداث ديسمبر 2017 تمثل ذروة مؤامرة مُحكمة نُسجت خيوطها عبر تنسيق مباشر مع التحالف السعوديّ–الإماراتي، حَيثُ جرى إعداد المشروع في العاصمة صنعاء نفسها مستغلًا غطاء "الشراكة الوطنية" وأيدٍ كانت جزءًا من الجبهة الداخلية.
وشكّل علي عفاش وأقاربه عمودًا رئيسيًّا في هذه اللعبة، حَيثُ عملوا على تكوين مليشيات مسلحة داخل العاصمة صنعاء وتكديس الأسلحة في المنازل والمقرات، بينما كانت قنوات التواصل السرية مع الرياض وأبوظبي تنشط مصحوبة بتدفقات مالية هادفة إلى تقويض العاصمة من الداخل.
وبحلول أغسطُس 2017، حاول عفاش تفجير الوضع عسكريًّا بالتزامن مع ذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام، لكن يقظة الأجهزة الأمنية والوعي الشعبي أحبطتا المحاولة في مهدها.
ولم تكن تلك إلا الشرارة الأولى لمخطّط أعظم، كشفت عنه وثائق لاحقة تضمنت تقسيم العاصمة إلى مربعات عسكرية، ونشر قنّاصة فوق المباني، وقطع خطوط الإمدَاد عن جبهات نهم وصرواح، وتمهيد الطريق لدخول قوات التحالف.
وفي الثاني من ديسمبر، أعلن عفاش انقلابه علنًا عبر خطاب دعا فيه إلى "فتح صفحة جديدة مع التحالف"، محولًا موقفه من مربع الشراكة إلى مربع الارتهان.
وفي استجابة سريعة، خرج السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي بخطابين تاريخيين في نفس اليوم، بدأ الأول بمناشدة ونداء إلى عفاش لتحكيم العقل ومراجعة موقفه، محذرًا من العواقب وداعيًا إلى ضبط النفس.
لكن بعد إعلان عفاش الصريح عن انحيازِه للعدوان، تحوّل خطابُ السيد القائد مساءً إلى فضح الخِيانة والطعن في الظهر، مؤكّـدًا ضرورة التصدي لهذه المليشيات المعتدية.
وبفضل يقظة الأحرار والأجهزة الأمنية واللجان الشعبيّة، تمكّنت القوى الوطنية خلال ثلاثة أَيَّـام فقط من السيطرة على المقرات، ونزع بؤر التوتر، وإنهاء الفتنة بمقتل عفاش أثناء محاولته الفرار نحو مناطق التحالف.
وقد كشف إعلام تحالف العدوان عن دوره الجلي عندما غير خطابه فورًا من وصف علي عفاش بـ"المخلوع" إلى "الرئيس السابق"، مؤكّـدًا بذلك وجود تنسيق مسبق.
وبعد انتهاء الأحداث، تجلت الحكمة في خطاب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في 4 ديسمبر الذي أعلن فيه انتهاء الأزمة، داعيًا إلى فتح صفحة جديدة وعدم الانتقام.
وقد تبلور هذا التوجّـه عمليًّا من خلال القرار التاريخي للشهيد صالح الصماد بإصدار عفو عام عن المشاركين باستثناء المخطّطين الرئيسيين والقتلة، مما مكن من الإفراج عن مئات المحتجزين، واستئناف الشراكة مع الشرفاء من قيادات المؤتمر، واستعادة مؤسّسات الدولة.
وكان لسقوط المؤامرة أثر مباشر على مسار الحرب، حَيثُ تحرّرت الجبهات من القيود التي فرضها مشروع عفاش، وبدأت الانتصارات تتوالى خَاصَّة في جبهة نهم وصرواح.
لقد كان هذا المشروع عقبة كبرى أمام المسار الوطني، ولو نجح لدفعت اليمن ثمنًا باهظًا.
وبالتالي، فَــإنَّ إسقاطه كان ضرورة وطنية لحماية الشعب اليمني والجبهات وإفشال مخطّط إقليمي خطير.
وبفضل الله، ثم بوعي الشعب ورجال الأمن واللجان الشعبيّة، سقطت المؤامرة قبل أن تجر اليمن إلى كارثة لا عودة منها.