عن احتمالات المواجهة واشكالها بين دول الحصار وقطر
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||شارل أبي نادر العهد الاخباري
يبدو ان الازمة الغريبة بين قطر من جهة وتجمّع الدول الاربع (السعودية، الامارات، البحرين ومصر) لن تجد طريقها للحل ولا للحسم في المدى المنظور، ليس لان الدول المذكورة غير جدية في مطالبها او غير ثابتة على مواقفها، وليس لان قطر تعاند وتكابر او لأنها استحقت المواجهة وتخشاها، بل لان ظاهر المعركة هو بين اللاعبين الخمسة الاكثر حضورا، انما باطنها هو بين لاعبين كبار- اقليميين على الاقل ان لم نقل دوليين – فما هي احتمالات المواجهة وشكلها فيما لو امتدت الازمة الى نهاياتها السعيدة او غير السعيدة؟
في الحقيقة، قد تبدو الثغرة الاكثر غرابة وتاثيرا على تعقيد هذه المواجهة، انها ظهرت على السطح فجأة دون سابق انذار او اشارة، خاصة في موضوع الاتهامات المباشرة من الدول الاربع لقطر بدعم الارهاب ورعايته تمويلا وتحريضا ونشرا، مع استثناء دولة مصر من التغاضي عن تورط قطر في دعم الارهاب، حيث كانت دائما الحكومة المصرية تتهم قطر بدعم وايواء “ارهابيي الاخوان المسلمين”، فلماذا الان؟ ولماذا نشر هذه المستندات التي تدين تورط قطر بدعم الارهاب دفعة واحدة؟ واين كانت هذه المستندات والمعطيات عن تورط قطر سابقا ولماذا تم التغاضي عنها؟ الا يكون في التغاضي عنها حتى الان جرما وتواطؤا ودعما للارهاب فيما لو تبين ان هذه الدول او احداها تملكها سابقا وتتغاضى عنها؟
هذا لناحية الاتهامات التي سيقت ضد قطر، وبمعزل عن صحتها او عدم صحتها، وبمعزل عن ابعادها واسبابها، فكيف ستكون اشكال المواجهة مع قطر فيما لو سلكت حتى النهاية بعد فشل الوساطات، والتي لا يبدو في الافق انها تملك نسبة كبيرة من امكانية التحقق؟
المواجهة الديبلوماسية الاعلامية
لا شك ان هذه المواجهة قد اندلعت وعلى أعلى درجات الضغط والتصعيد، فديبلوماسية الدول الاربع ناشطة بمواجهة قطر بشكل فاعل ومركز، اتهامات وادانات وتحريض على أعلى المستويات، مع قطع العلاقات الديبلوماسية بالكامل، ووقف بث وسائل الاعلام القطرية كافة من تلك الدول، ويترافق ذلك مع حملة ديبلوماسية واعلامية امام المجتمع الدولي وامام كافة الدول الفاعلة، حيث نرى حملة اعلامية عنيفة تترافق مع حملة واسعة يقوم بها وزراء الخارجية والمبعوثون الديبلوماسيون لتشويه صورة قطر وتسويق الاتهامات الواسعة بحقها.
من هنا، من الواضح ان هذه المواجهة سوف تواكب الحملة حتى نهايتها، لان فيها وعبرها يتم الضغط والتهويل والانذارات وطرح الشروط والعواقب وما الى ذلك من عناصر للمعركة الديبلوماسية.
المواجهة الاقتصادية والمالية
مباشرة، وبعد اتخاذ القرار بالمواجهة ضد قطر، حُدِّدَت مهلة زمنية قصيرة وتم إقفال المعابر الحدودية معها (الجوية والبحرية والبرية)، وأوقف التعامل المالي والتجاري، كاملا فيما خص المؤسسات الرسمية والحكومية، وجزئيا قدر الامكان مع الشركات الخاصة، العالمية والاقليمية، وفي الوقت الذي لم يتأثر ضخ النفط والغاز من مصارده القطرية عبر دولة الامارات، تبين انه تم تحييد مصادرالطاقة التي لها الطابع الدولي الاستراتيجي.
هذه المواجهة (الاقتصادية – المالية)، قد تجد طريقها الى الحلحلة الى حدٍ ما قبل انتهاء الازمة، اولا، لانها جاءت متسرعة ومن خلال ردة فعل عصبية، ليتبن لاحقا انها اصابت نقاطا لها تأثيرات مباشرة تؤذي الدول الاربع بقدر ما تؤذي قطر، وثانيا لانه تبين تأثيرها على بعض الدول الغربية والاقليمية الفاعلة، الامر الذي تطلب تدوير بعض زواياها بشكل يُبقي على الصورة الظاهرية للمقاطعة مع حفظ وتنظيم مصالح هذه الدول.
المواجهة العسكرية
قد تكون هذه المواجهة (العسكرية) هي الاكثر حساسية لو سلكت، وفيما لو اندلعت ستصيب بشظاياها وتداعياتها جسم مجلس التعاون الخليجي بالكامل، ونتائجها ستكون حتما مدمرة كيفما كانت اشكالها وصورها، اذ نتكلم عن مجتمع مدني مبني على العمران والبناء وتكنولوجيا الاموال والاعمال، مجتمع بعيد كل البعد عن اسس المعارك والحروب والقتال، وحيث لا مجال للمقارنة بين القدرات العسكرية للدول الاربع مجتمعة وقدرات قطر، وحيث نتيجة هذه المواجهة العسكرية واضحة وظاهرة لناحية التفوق على قطر، ربما نشهد مواجهة عسكرية خاصة ونوعية، تكون بعيدة عن المألوف والمعروف في هذه المواجهات، ومن المحتمل ان تقوم على الشكل التالي:
– نظرا لوجود القواعد الاميركية الاستراتيجية في قطر، ( العِديد والسيلية)، والتي لا يبدو ان هناك قرارا او مشروعا اميركيا بسحبها او على الاقل بخفض نشاطاتها العسكرية الواسعة، وايضا نظرا لاقدام تركيا وبسرعة لافتة، على تفعيل تواجد وحداتها العسكرية في قطر، مترافقا مع دعم ديبلوماسي واضح وحاد من الرئيس اردوغان لقطر، فان احتمالات تنفيذ اجتياح عسكري لاراض قطرية بواسطة وحدات من جيوش مصر والسعودية والبحرين والامارات، ستكون شبه معدومة.
– ايضا، ونظرا لخصوصية المجتمع القطري، لناحية قطاع الاموال والاعمال شبه الدولي، حيث الشركات العالمية ورجال الاعمال الاجانب، وحيث بقيت هذه الشركات ناشطة ولم تتأثر اعمالها، فان ذلك يشكل حصانة وضمانة اكيدة لحماية الداخل القطري من اي قصف صاروخي او جوي باسلحة وبقاذفات استراتيجية، من تلك المتوفرة طبعا لدى الدول الاربع وخاصة لدى المملكة العربية السعودية.
– تبقى هناك وفي اطار المواجهة العسكرية احتمالات لعمل نوعي خاص، يقوم على تنفيذ انزالات نوعية خاطفة في امكنة متعددة، ومنها قصر الامير تميم بن حمد ومواقع الحكومة ومراكز القيادات العسكرية والامنية، مترافقا مع حركة انقلابية من داخل قطر لاعطاء الموضوع صفة المشروعية الدولية، والهدف السيطرة على القصر وإبعاد الامير او اغتياله، وتسليم السلطة لبديل جاهز للانصياع بالكامل لحل المشكلة كما يريد داعموه، مع وضع اليد العسكرية (القطرية بالظاهر) على المراكز الحساسة، والعمل على عودة الحياة الطبيعية بسرعة الى قطر ومحيطها وكأن شيئا لم يكن.
انه السيناريو الانسب لحل ازمة دول الحصار مع قطر، والذي يحفظ مصالح الجميع، والذين سيكونون جاهزين طبعا للتعامل مع السلطة الانقلابية التي ستأخذ الصفة الشرعية، وستجد المملكة العربية السعودية، والتي هي طبعا رأس الحربة في هذه المواجهة مع قطر، ستجد مخرجا تتلطى به لوقف دعم الارهاب ووقف تمويله كما قرر الرئيس الاميركي في القمة الاميركية – العربية – الخليجية – الاسلامية، وستعود المصالح الغربية بالكامل مصانة ومحمية ومؤمنة.