أزمة المياه والتحدي الأمني في الكيان الصهيوني
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
تعتبر أزمة المياه من أعقد الأزمات التي تواجه الكيان الإسرائيلي منذ زمن طويل وحتى الوقت الحاضر بعد الأزمة الأمنية.
حول هذه الموضوع نشر الدكتور عبد الله الدروبي (مدير إدارة الموارد المائية في المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة) مقالاً بعنوان (المياه في الاستراتيجية الإسرائيلية وآليات ووسائل تحقيقها) جاء فيه:
لابدّ من الإشارة إلى أن فلسطين المحتلة تعد من البلاد الفقيرة بمواردها المائية، إذ يتراوح المتوسط السنوي للأمطار ما بين 1100 ملم في شمالي البلاد إلى حوالي 30 ملم في الجنوب (صحراء النقب)، أمّا في مرتفعات الهضبة الغربية فتبلغ معدلات الأمطار السنوية 500-700 ملم، وفي قطاع غزة 200-400 ملم، لذا فإن أكثر من 85% من مصادر المياه في فلسطين يقع في نصفها الشمالي.
واستناداً إلى الوثائق المتوفرة تتوزع الموارد المائية في فلسطين على النحو التالي:
المياه السطحية
نهر الأردن: 600 مليون متر مکعب
نهر العوجا: 230 مليون متر مکعب
مياه الفيضانات: 90 مليون متر مکعب
المياه الجوفية:
الساحل ومرتفعات الضفة الغربية: 500 مليون متر مکعب
المياه السطحية والجوفية من جبال الجليل ووادي مرج بن عامر: 150 مليون متر مکعب
تكرير المياه المستعملة: 80 مليون متر مکعب
استهلاك المياه في الكيان الإسرائيلي
تطور استهلاك كيان الاحتلال من المياه بصورة تصاعدية من 230 مليون متر مکعب في عام 1949 ووصل الآن إلى ما يزيد عن 2 مليار متر مکعب سنوياً.
ولابدّ من الإشارة هنا إلى أن الكيان الغاصب قد اعتمد في تلبية احتياجاته من الماء قبل عام 1967 على الحوض المائي في السهل الساحلي ومياه الينابيع ومياه نهر الأردن وروافده، وقد نجم عن الاستثمار المكثف للمياه الجوفية في السهل إلى طغيان مياه البحر إلى مساحات تجاوزت عدة كيلومترات، إلاّ أنه بعد عام 1967 بلغ مايستهلكه هذا الكيان من مياه الضفة الغربية ومرتفعات الجولان حوالي مليار متر مکعب/سنة، أي أن قطّاع المياه في هذا الكيان يعاني عجزاً يزيد عن نصف مليار متر مکعب/سنة، وهذا العجز سوف يتضاعف في حال استعادة “الجولان” وتحرير الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل كامل.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن مجموع الطلب على الماء في كيان الاحتلال لعام 2020 سوف يزيد عن 3 مليار متر مکعب/سنة منها حوالي 50% للقطاع الزراعي. وفي نفس العام سوف تكون الاحتياجات المنزلية في هذا الكيان بحدود 1500 مليون متر مکعب/سنة، وكمية المياه اللازمة للصناعة حوالي 170 مليون متر مکعب/سنة. ومن خلال هذه المعطيات يتبين لنا بوضوح حجم المشكلة المائية التي يواجهها هذا الكيان.
آلية تحقيق الاستراتيجية المائية الإسرائيلية
يعتبر الأمن المائي من المرتكزات الأساسية لأمن الكيان الإسرائيلي، إذ أن محدودية الموارد المائية شكّلت منذ البداية هاجساً للحركة الصهيونية ووضعت سقفاً لأطماع إسرائيل في إمكانية استقبال المزيد من المستوطنين.
وأمام هذا الواقع كان لابدّ لإسرائيل أن تتجه خارج حدود فلسطين للاستيلاء على منابع المياه التي تغذي مواردها المباشرة.
وعلى الرغم من أن هذه الأعمال تنافي الأعراف والقوانين الدولية التي تمنع القوات المحتلة من الاستيلاء على موارد المياه، إذ أن ملكيتها تعود للسكّان الأصليين، فإن إسرائيل لم تهتم لهذا الأمر، وكان ذلك حافزاً لها للتمسك بالسيطرة الإدارية على الضفة الغربية؛ بل يمكن القول بأن هذا كان أحد الجوانب الهامة في إنشاء المستوطنات في الضفة والتوسع فيها بشكل كبير.
واستندت استراتيجية إسرائيل في تأمين المياه إلى استخدام القوة العسكرية لضم المزيد من الأراضي، انطلاقاً من المبدأ الذي طرحه هرتزل في جوابه عن حدود إسرائيل (كلما ازداد عدد المستوطنين كلما ازدادت حاجتنا للأرض) وكذلك أفكار قادة إسرائيل أمثال “بن غوريون” حول خيارات التوسع في الأراضي وصولاً إلى تحقيق الأمن المائي.
خلاصة يمكن القول بأن كيان الاحتلال مازال يفكر في الحصول على المياه، وهناك معلومات وردت على لسان بعض خبراء المياه أن هذا الكيان باشر ومنذ عدة سنوات باستيراد المياه من تركيا، إلاّ أنه لم يعلن عن ذلك رسمياً خشية أن يثير الدول المجاورة، خاصة وأن المشكلة مازالت قائمة بين تركيا من جهة والعراق وسورية من جهة ثانية حول اقتسام نهر الفرات.