كيف فشلت إسرائيل في العودة إلى أفريقيا.. فلسطين كلمة السر!
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
ليس خفيا أن الكيان الإسرائيلي ومنذ تأسيسه أواسط القرن الماضي يسعى وعبر حراك دبلوماسي دولي واسع لكسب شرعيته المفقودة، وذلك عبر علاقات وروابط اقتصادية وسياسية وأحيانا عسكرية مع دول مختلفة حول العالم. القارة الأفريقية بدورها كانت واحدة من أهم أهداف هذا الكيان إلا أن نفوذ الكيان بقي ضعيفا وفي كثير من الأحيان خفيا (نوعا ما) والسبب معارضة كثير من دول هذه القارة للعلاقات العادية ومنها دول عربية وغير عربية.
شهدت السنوات الأخيرة سعي إسرائيلي حثيث للنفوذ إلى القارة السمراء من أبواب مختلفة منها الاقتصادي ومنها السياسي والأمني، وفي هذا السياق لا يمكن القول إلا أن إسرائيل نجحت في تحقيق بعض الخروقات. هذه الخروقات جوبهت من خلال حراك سياسي عربي يمكن وصفه بالجيد، وقد يكون قرار إلغاء المؤتمر الذي كان مزمعا في جمهورية التوغو أواخر أكتوبر تشرين الأول القادم هو أهم إنجاز لهذه الدول الرافضة خلال السنوات الأخيرة.
وعن هذا المؤتمر، لو أن إسرائيل تمكنت من عقده لكان الخرق الأبرز والأكثر تأثيرا على مستوى القارة ككل، فهو كان سيفتح لإسرائيل الباب واسعا وعبر الباب الاقتصادي لتدخل الأسواق الأفريقية وتنهي مرحلة القطيعة لكيانها من قبل بلدان كانت للأمس القريب تعتبر إسرائيل إما كيان غير شرعي من قبل البعض أو عدوة للبعض الآخر.
هذه القمة وبعد إلغاء عقدها من قبل جمهورية التوغو، فإن خسارة الكيان كانت كبيرة بعد أن راهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو كثيرا على هذه القمة التي وحسب رأيه ستفك عزلة إسرائيل في محيطها من جهة ومن جهة أخرى فإن العلاقات الجيدة مع الدول الأفريقية تعني تخفيف الضغط السياسي على الكيان في الكثير من المحافل الدولية التي باتت تمرر قرارات تدين إسرائيل وتحملها مسؤولية الكثير من الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني.
القضية الفلسطينية بدورها شكلت حجر الزاوية في الحراك الذي واجه إسرائيل داخل القارة، فالقضية الفلسطينية والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة بحق الفلسطينيين ساعدت كثيرا على الضغط من أجل إلغاء المؤتمر المقرر. وهذا الأمر مؤشر جيد يؤكد أن هذه القضية لا زالت حية في وجدان الشعوب والدول الأفريقية.
ومن أبرز الدول الممانعة التي ضغطت باتجاه إلغاء القمة المزمعة كانت المغرب الجزائر مصر وجنوب أفرقيا إضافة إلى فلسطين وسوريا التين لعبتا دورا مساعدا أيضا.
كل من هذه الدول كان لها حراكها الخاص داخل القارة السمراء، فالسلطة الفلسطينية أبرقت لبعض الدول الأفريقية تطالب بمنع هذه القمة وكذلك فعلت سوريا التي وجهت بعثاتها في أفريقيا برقيات توضح فيها وجهة نظرها من هكذا حدث.
أما الدول الأفريقية فكانت المغرب على رأس الرافضين إضافة إلى مصر وجنوب أفرقيا (على خلفية قانون الفصل العنصري الإسرائيلي) هذه الدول ضغطت سياسيا على التوغو والدول الأخرى التي كانت تنوي المشاركة من أجل إفشال الخطة الإسرائيلية. خاصة أن هكذا مؤتمر بحاجة إلى قرار إجماعي من الاتحاد الأفريقي وهو ما لم يحصل بتاتا.
إذا هو نجاح لجهود عربية إسلامية إفريقية مشتركة، وما حصل يؤكد أن أي تقارب بين هذه الدول وخاصة حول القضية الفلسطينية مكتوب له النجاح. لذلك من الجيد استخلاص العبر مما حصل وتعزيز الجهود المشتركة بين الدول العربية من أجل تقوية أي حراك مستقبلا يدعم القضية الفلسطينية وقضايا الأمة الإسلامية.
ختاما من المهم التأكيد على أمر وهو أن الكيان الإسرائيلي طيلة العقود السبعة الماضية من عمره لم يكلّ ولم يملّ ولم يوفّر فرصة إلا واستفاد منها من أجل تحقيق أهدافه التوسعية والعدوانية اتجاه أمتنا، ولذلك من الضروري الحذر والتربص لهذا العدو والاستمرار في سياسة الوحدة والمواجهة الدائمة وعدم الغفلة عن أطماعه وسياساته التخريبية ولا للحظة. ومن المؤكد أن ما حصل لن يكون نهاية المطاف لإسرائيل في أفريقيا، فهذه القارة استراتيجية له على جميع الأصعدة ولديه فيها نفوذ لا يستهان به فالحذر واجب باستمرار.