المُنشد الثوري الذي أوصى بترك جثمانه في الصحراء بعد إستشهاده

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

 

يصفونه بـ”الحنجرة الذهبية” للثورة اليمنية، وعندما يقرأ أناشيده الثورية والحماسية، كان يهز أسس النظام الطاغي والديكتاتوري العربي. أنه المنشد الثوري الشهيد لطف الحقوم.

 

هو البطل الذي ألهم الشعب اليمني وعلّمهم إذا كنتم على حق، فعليكم دعوة الأعداء لقتالهم والّا ترضخوا للذل والهوان. أنشودته الثورية الأكثر شهرة هي “لا نبالي لا نبالي”، والمستمدة من عقيدة الحقوم وفكره، وهو معروف على نطاق واسع بين الشعب اليمني.

هو من اشتهر بتغريدة “والله اني كالجبل يصعب اهتزازي”، وقد أثبت ايمانه وتقواه في هذه الدنيا وسعيه لنيل الشهادة.

 

هو رمز للصمود وقتال الأعداء، وهو من كان يُثير الحماس في قلوب اليمنيين بزوامله الثورية وأناشيده الحماسية ويشعل روح المقاومة والصمود في صدور شباب اليمن ويضاعف عزمهم وإصرارهم على مواجهة قوات الاستكبار وحلفاؤهم المرتزقة.

 

هو الذي لم يتباهى يوما بشجاعته ولم يجعل شجاعته ورجولته سلاحا من أجل ان يتفاخر على أبناء بلده. ولهذا السبب يعرفه الشعب اليمني بصوته ويحبونه.

ولكن عندما عرفوه، بالإضافة إلى حبهم لصوته، اصبحوا مفتونين بشخصيته وأخلاقه وروحه العظيمة.

 

هذا الشخص ليس سوى “لطف محمد القحوم” الذي كان صوته منذ الساعات الأولى من بداية العدوان السعودي الأمريكي ضد اليمن يدعو دائما الى وحدة الصف اليمني ضد أعداء اليمن.

 

سرعان ما أصبح موقفه في الخط الجهادي في ساحات القتال ضد الغزاة والمحتلين، كرمز للدفاع عن الثورة والقيم والوطن وبات قدوة للآلاف من الشباب اليمني في الجهاد والنضال ضد الغزاة.

 

لم يكن الشهيد لطف الحقوم في العقد الثالث من عمره حيث نال مقام الشهادة. الشاب الذي ترترع في محافظة صعدة، وانضم إلى حركة أنصار الله في وقت مبكر جدا، في حين أنه لم يبلغ من العمر 15 عاما.

 

في ذلك الوقت، كان أنصار الله يخوضون حرب ثانية مع النظام السعودي، في حين لم يتردد “لطف الحقوم” المُفعم بالطاقة والحماس والروح الشبابية في مساعدة المجاهدين.

وعندما تقدم عمره، كان من الاوائل الذين يقفون في الخط المقدم للجبهة عندما تُوجِه أنصار الله الدعوة لمقاتليها بالإلتحاق. وكان منذ البداية يحمل أمنية الشهادة. وفي لقاءه الأخير بوالدته، أي قبل ثلاثة أسابيع من استشهاده، طلب منها متوسلاً أن تصلي من أجل شهادته إذا كانت تحبه.

 

كما تقول زوجة الشهيد إنها تزوجت منه قبل 10 سنوات، واضافت: “في حياتنا التي امتدت لعشرة سنين، لا اتذكر اني سمعت منه كلمة تكسر بخاطري. ان السلوكيات القرآنية والإسلامية التي إتصف بها، سرعان ما حولته إلى أحد أكثر الشخصيات اليمنية شعبية. وفي لقائنا الأخير طلب مني أن أكون “زينبية”.

 

وفي النهاية طلب مني أيضا أن أدعي له من أجل شهادته، وكان يود الإلتحاق بأشقائي الثلاثة وأعمامي الذين استشهدوا.

 

وأضافت زوجة الشهيد الحقوم: ” دائما ما كان يحاول مراعاة المساواة بين من حوله، إلى حد أنه لم يميز بين أبنائه وإخوته وأحب الجميع على حد سواء.

وفيما يتعلق بوصية هذا الشهيد، تقول زوجته: كان دائما يوصينا بعدم البكاء في حال نال مقام الشهادة. حيث قال “اتركوا جسدي في الصحراء كي نأخذ دائما العبرة من مأساة زينب (س) في صحراء كربلاء”.

 

وتقول زوجة الشهيد: “لقد تزوجنا معاً خلال حرب صعدة، وبعد عدة أيام من الزواج التحق بجبهات الجهاد، لأنه كان يؤمن أنه مُدين لوطنه.

 

كان الجهاد من أولويات حياته ومن بين مختلف أنواع الجهاد كان يولي أهمية كبرى بـ “الجهاد أكبر” ودائما ما كان يوصينا به. كذلك كان دائما في الخط المقدم في الجبهة.

 

وتروي زوجة الشهيد أن زعيم حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي في رسالة، طلب منه عدم الذهاب إلى الجبهة والبقاء في المنزل.

 

وقد لبى الشهيد طلب السيد الحوثي، لكن بعد ان طال بقاءه في المنزل، اعدّ النشيد الثوري “الشهادة لي شرف والموت غاية”. وبعد عرض هذه الأنشودة، سمح له السيد عبد الملك الحوثي بالحضور مرة أخرى الى ساحات الجهاد.

 

أما عمار المفضل، وهو صديق الشهيد حقوم، فيقتبس من أهم سمات شخصية الشهيد التي اجتذبت الجميع، هي توجيهاته الأخوية والأبوية.

 

وكان التواضع من الصفات الأخلاقية الأخرى للشهيد. ويرى التواضع ضرورة شخصية للمؤمن المسلم، وخلال حياته القصيرة والمعطاء، كان يرى نفسه جندي من “جنود الله” وكان يدعي دائما كي يكون لائقا لهذا المقام.

 

وردا على بعض الناس الذين احتجوا على وجوده المستمر في ساحة المعركة، قال: “لم أكن قد ولدت لأمسك الميكروفون وقراءة الأناشيد الحماسية والأغاني الثورية، ولدت لمحاربة أعداء الإسلام، ولهذا لا أجلس في المنزل في انتظار العدو ليطرق باب بيتي ويقتلني في سريري “.

 

ولهذا السبب، على الرغم من إصابته خمسة مرات في معارك “دماج وجبل الرميح والقطعة”، كان كل مرة أكثر إصرارا من ذي قبل للذهاب الى جبهات القتال، ولهذا السبب تعرض لمحاولات إغتيال عدة مرات لكن مصير جميعها كان الفشل.

على الرغم من أننا نعتقد أن الشهداء أحياء وذكراهم تعيش معنا ويجب استكمال طريقهم النير، ومع ذلك، هنالك شهداء مثل الشهيد الحقوم وضعوا لمسات مؤثرة في حياة الاخرين.

 

ويعتقد حمود الاهنومي، وهو محاضر وباحث جامعي يمني، أن استشهاد الحقوم، رغم أنها أحرقت قلوب الشعب اليمني، ولكن هذا الشهيد سيبقى دائما حياً بين هؤلاء الناس.

 

وقال الباحث اليمني في إشارة إلى الأناشيد والزوامل التي أنشدها الشهيد الحقوم: “إن أهم سمات هذه الزوامل والأناشيد هي أنها تخاطب جميع الفئات الاجتماعية والعمرية في المجتمع اليمني، بما في ذلك الأطفال والشباب، وينشر ثقافة الجهاد والشهادة في قلوب وعقول الأجيال اليمنية القادمة ويحييها، وهذا هو نهاية عمل الانسان ولحاقه بالآخرة، فكيف إذا ما نال مقام الشهادة الرفيع”.

ويستند الأهنومي في قوله إلى مئات الآلاف من الأطفال والمراهقين اليمنيين الذين ينشدون الزوامل الحماسية والاناشيد الثورية للشهيد في جميع المناسبات وينشدونها خلسة مع انفسهم عند منامهم.

 

وقد استشهد لطف الحلقوم الملقب بـ”الحنجرة الذهبية” للثورة اليمنية في 14 فبراير / شباط 2016، خلال المعارك الجارية مع الغزاة السعوديين على جبهة مأرب في محور جبل هيلان.

 

قد يعجبك ايضا