خطاب تاريخي لقائد الثورة طمأن الشارع ووحَّد الجبهة
موقع أنصار الله ||مقالات || صلاح القرشي
يبدو أن قائد أنصار الله أراد من خطابة الأخير تحويل أنظار وعقول الشعب اليمني من القضايا التي كانت تشغل الشارع اليمن والتي تمثلت. بقضية علاقة أنصار الله مع المؤتمر الشعبي وقضية تعديل المناهج وما كان يشاع عن مستقبل النظام الجمهوري إلى مواجهة العدوان، وسحب هذه القضايا من التداول. نهائيا ووضع حدا لها ، والتي كانت تشغل الشارع اليمني ، وتهدد تماسك الجبهة الداخلية، لذلك كان خطاب قائد الثورة في هذا الوقت ناجحاً جدا وجاء في وقته ، لقد تضمن الخطاب الكثير من الرسائل الموجه للخارج ولدول العدوان بالذات ، وأيضا الكثير من الرسائل للجبهة الداخلية ، ويمكن لنا أن نستعرض أهم النقاط فيه.
النقطة الأولى: ركز قائد أنصار الله على الصمود الأسطوري لشعب اليمني والجيش واللجان الشعبية في مواجهة تحالف عدواني من عدة دول تتزعمه السعودية، وتستخدم كل ما توصلت له التكنولوجيا الأمريكية والغربية من سلاح متطور في العدوان والحرب على اليمن ، ولكن وبعد أكثر من سنتين ونصف من الحرب منيت هذه الدول بالفشل الذريع والهزيمة، ولم تستطع أن تحقق الانتصار بل انها تكبدت الخسائر العسكرية في المعدات والأرواح، واستنزفت اقتصاديا بشكل كبير ومؤثر ، مما جعلها تعيد توجيه كل مواردها وكل طاقاتها في حربها مع اليمن، وأهملت كل الجبهات التي كانت تديرها ضد بقية الدول العربية في سوريا والعراق ولبنان مما جعلها تخسر كل نفوذها هناك وتمنى بهزيمة كبيرة هناك ،
لذلك جعل القائد من الصمود الأسطوري اليمني مشاركا قويا ورئيسيا في الانتصارات التي حققتها القوى الحرة في العراق وسوريا ولبنان على السعودية وأدواتها من جيوش ومجموعات تكفيرية ، وعلى رأس هذه القوى ما حققه النظام السوري والمقاومة اللبنانية من انتصارات في هذه المعارك والجبهات وبقية حلفائهم.
النقطة الثانية: تضمنت رسالة تضامنية مع دولة قطر أرسلها قائد الثورة ضمن خطابه، فلقد هاجم السياسة السعودية الخارجية الاستعلائية والمستكبرة ضد دولة قطر ، وما تريد فرضه السعودية على دولة قطر، منتهكة بذلك سيادتها واستقرارها بغرض الهيمنة عليها والوصايا عليها والتحكم بقرارها السياسي ،
وقال ان هذه السياسة السعودية التآمرية تمارسها السعودية منذ زمن طويل ضد اليمن وضد كل الدول العربية.
وباعتقادي هذه الرسالة تعتبر مهمة وذكية من القائد ، أولا لأنها تحاول فك العزلة السياسية التي تفرضها دول العدوان على اليمن واكتساب حلفاء ومناصرين لقضية اليمن العادلة ، وثانيا محاصرة السعودية بتكتل ضدها يقف في مواجهتها ، وثالثا الاستفادة من الدور القطري في لعب دور ايجابي سياسي يتمثل في ممارسة دور تقريبي وتحالفي مع القوى الداخلية الموجودة في اليمن والتي ترتبط قطر معهم بعلاقة جيده مثل الإخوان المسلمين ( الإصلاح) ، وكذلك دور اقتصادي قد تساهم الإمارة القطرية في دعم برامج المشاريع الإنسانية والمساعدات وأيضا في ما يخص دفع مرتبات الموظفين ، وهذا ما دعا إليه في خطابه الدول الصديقة العربية والإسلامية للقيام به. ، وكذلك الاستفادة من دورها الإعلامي الضخم والواسع الانتشار.
النقطة الثالثة: تمثلت في توجيه رسالة قوية لدولة الإمارات العربية المتحدة ، فلقد أكد انه لا توجد أي منطقة مهمة في الإمارات العربية لا تصلها صواريخ القوة الصاروخية اليمنية ، كاشفاً في الوقت نفسه عن قيام اليمن بتجربة صاروخية استهدفت ابوظبي في الإمارات في وقت سابق وكانت ناجحة ولم تعلن رسميا آنذاك ، ولكن بعض الوكالات الإعلامية كانت قد تناولتها آنذاك لكنها لم تؤكد رسميا .
هذه الرسالة باعتقادي ستهز عرش الإمارات من ناحية استقرارها الأمني والاقتصادي والعسكري ومكانتها وهيبتها ، وفي رأيي تعتبر:
أولا: رسالة تحذيرية للإمارات هدف بها قائد الثورة إلى دفع القيادة الإماراتية إلى الانسحاب من تحالف العدوان على اليمن ووقف تدخلها العسكري ودعمها لبعض القوى الداخلية بهدف تهديد وحدة اليمن واحتلاله.،
وثانيا : التأكيد القوي والواضح للقيادة الإماراتية على أن القرار في اليمن قد اتخذ فعلا بضربها صاروخيا إذا لم توقف تدخلها في اليمن وتنسحب من تحالف العدوان ،
وطبعا هذا ستكون تداعياته كارثية على الاقتصاد الإماراتي الذي سيتعرض لهزة عنيفة قد تجعل الشركات الاستثماراتة والمستثمرين تغادر الإمارات، وينحدر النمو الاقتصادي فيها إلى حد كبير ، مما يعرضها إلى خسائر ضخمة ، وخاصة أن المستثمرين والشركات الموجودة في الإمارات من كل الجنسيات ، أي أن الرسالة تقول حان للإمارات أن تدفع الثمن على جرائمها ضد اليمن.
النقطة الرابعة: كانت عبارة عن رسالة تحذيرية قوية وواضحة للسعودية وتحالفها من القيام بغزو مدينة الحديدة ، فقد أكد وبوضوح لا لبس به أن القوات البحرية اليمنية ستقوم باستهداف وتدمير كل السفن السعودية وبكل أنواعها بما فيها سفن النفط السعودية ولأول مرة في البحر الأحمر والمنشآت النفطية الموجودة على أراضي المملكة السعودية إذا ما أقدمت السعودية على غزو ميناء الحديدة والساحل الغربي.
لكنه أكد في المقابل أن البحرية اليمنية لا تهدد الملاحة البحرية ، وان باب المندب وجزيرة ميون يقعان تحت الاحتلال ، وان المسافة من باب المندب إلى المخا تحت سيطرة الاحتلال ، وأي عملية تستهدف تهديد الملاحة قد يقوم بها تحالف العدوان بغرض إلصاق التهمة بالجيش واللجان الشعبية هي مرفوضة ونحذر منها من الآن ،
إذ أن القوات البحرية ستستهدف المصالح البحرية السعودية وسفنها إذا أقدمت على غزو ميناء الحديدة ، ومن الخط البحري المقابل من شمال ميناء المخا وحتى معظم الساحل السعودي.
طبعا هذه الرسالة ستنعكس كثيرا على دول العدوان في مراجعة حساباتها كثيرا قبل الإقدام على أي مجازفة في غزو ميناء الحديدة، وستدفع الدول الكبرى بما فيها أمريكا والدول الأوروبية إلى الضغط على السعودية ومنعها من القيام بغزو الحديدة لما له من تداعيات خطيرة على المصالح البحرية لهذه الدول في البحر الأحمر وباب المندب ، وستدفع أيضا شركات التأمين البحري إلى رفع فواتير التأمين البحري لسفن المارة من باب المندب والبحر الأحمر مما سيحدث هزة كبيرة في الاقتصاد في المنطقة والعالم، وهذا سيشكل ضغطاً إضافياً على السعودية لتعيد حساباتها وتعد للمليار قبل أن تقدم على خطوة غزو ميناء الحديدة، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية السعودية من جراء تعرض منشآتها النفطية في الداخل السعودي لدمار من جراء استهدافها صاروخيا من قبل الجيش اليمني واللجان الشعبية.، ومن ارتفاع في أسعار النفط وغيرها من التداعيات الكبيرة، إذا أقدمت على غزو ميناء الحديدة.
النقطة الخامسة: لقد شن هجوما عنيفا على السياسة السعودية ، سواء على المستوى الداخلي وما تمارسه من إرهاب وإعدامات للناس لمجرد التظاهر السلمي ضد النظام السعودي ، مركزا على إضعاف الجبهة الداخلية السعودية عندما تطرق إلى المعاملة السيئة التي يلقاها أبناء الطائفة الإسماعيلية في نجران وما تحضره لهم اسرة بني سعود بهدف تطهيرهم ، وأيضا ما تقوم بها الأسرة السعودية في العوامية من تدمير وقتل.
لقد كان ناجحا في تأليب الجبهة الداخلية السعودية على نظام الأسرة السعودية في طرحه وعرضه للأحداث في الداخل السعودي ، وخاصة أن هذا يتزامن مع قيام نظام بني سعود بحملات اعتقالات واسعة وكبيرة في صفوف المعارضين لها وفي صفوف النخب الدينية والمثقفين والشباب والحقوقيين والناشطين السياسيين ، وتعدى ذلك إلى اعتقال الكثير من أمراء الأسرة الحاكمة السعودية ، وهذا يدل على ما تعانيه المملكة من انهيار داخلي وضعف امني وتخبط في سياساتها واستقرارها ،
وعلى المستوى الخارجي شن السيد هجوما على سياستها الخارجية التي وصفها باستخدام القوة والهيمنة والاستكبار في علاقتها مع اليمن ومع كل الدول العربية ،
النقطة السادسة: كانت من نصيب الجبهة الداخلية اليمنية حيث اولاها الكثير من الأهمية ، وكان من الواضح انه يسعى إلى وقف البلبلة التي سادت الشارع.اليمني في الآونة الأخيرة تجاه القضايا التي ذكرناها في بداية المقال.
-لقد نجح القائد في إعادة اتجاه بوصلة الشعب اليمني تجاه عدوهم الرئيسي وهو تحالف العدوان.
-أكد القائد بما لا يدع مجالا للشك وبلا أي لبس أن أنصار الله متمسكون بالنظام الجمهوري والجمهورية اليمنية وكان واضحا في هذا وصريحا وصارما ، قاطعا الطريق على كل الذين يصطادون في الماء العكر ، وعمل حد نهائي لأي لغط في هذا الموضوع.
طمأن الشارع اليمني عن العلاقة السائدة والطيبة والجيدة مع المؤتمر الشعبي العام، وأكد على الاستمرار في الشركة وان كل القضايا قد حلت بتواصل قيادتي الطرفين بحوار ناجح ومسؤول ، متمسكا بكل الاتفاقات السابقة.
-لقد تطرق كثيرا بالإشادة بمنجزات القوة الصاروخية والبحرية والقدرة التصنيعية المتنامية في صناعة السلاح وتطويره وفي مختلف أنواع الأسلحة ودعا لدعم ذلك وتكريم العلماء والمبرزين في هذا الجانب ،
كما دعا إلى الاستمرار في رفد الجبهات بالرجال طالما استمر العدوان وفتح باب التجنيد والاهتمام بأسر المجاهدين والشهداء والجرحى.
الخلاصة إن قائد الثورة اعاد للجبهة الداخلية قوتها وتماسكها أكثر وأكثر ، وكان خطابه فعلا خطابا تاريخيا وفي غاية الأهمية سواءً على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي .