مذبحةُ الصالة الكبرى.. أُمُّ كبائر العدوان السعوديّ والسلاح الأَمريكي
موقع أنصار الله || صحافة محلية || المسيرة: إبراهيم السراجي
قبلَ عام من اليوم، لم يكن اليمنيون بحاجةٍ إلى أدلة جديدة تثبت إجْرَام دول العدوان السعوديّ الأَمريكي على اليمن، ففي ذلك الحين كان قد مَرَّ أكثر من عامين ونصف عام على بدء العدوان، وشهد اليمنيون عشراتِ المجازر الجماعية، لكن وفي مثل هذا اليوم 8 أكتوبر من العام الماضي، وقعت واحدةٌ من أفظع جرائم العصر الحديث، وهي “مجزرة الصالة الكبرى” وثبت لدى كُلّ اليمنيين أن دولَ العدوان كانت مستعدةً لإبادة نحو 2000 إنْسَان من شيوخ ورجال وشبان وفتيان وأطفال كانوا قد توافدوا ليس إلى معسكر قتال أَوْ خط تماس، بل إلى صالة لأداء واجب العزاء في وفاة الشيخ علي الرويشان والد وزير الداخلية آنذاك، لتتحوَّلَ صنعاءُ إلى مسرحٍ لعزاء مفتوح لم تشهدْه من قبلُ، هناك سقط نحو 1000 إنْسَان يمني بين شهيد وجريح.
طيرانُ العدوان السعوديّ الأَمريكي كان حريصاً على عدم ترك أي شك لدى أي إنْسَان في العالم بحقيقة إجْرَامه، فأطلق الصاروخَ الأولَ على الصالة، ثم الثاني فانتظر قليلاً لعلّه يتمكّنُ مِن رفع حصيلة الضحايا، كان آمرو هذا الطيران يعرفون أن اليمنيين وبينهم المسعفون سيتوافدون لمكان المجزرة لانتشال الضحايا، فتحولوا هم إلى ضحايا عندما عاود الطيرانُ التحليقَ بعد دقائق قليلة، فأطلق الصاروخَان الثالث والرابع، فضاعف من أعداد الشهداء، وتبيّن لاحقاً أن الصواريخ التي أطلقها طيرانُ العدوان كانت أَمريكيةَ الصنع، وفقاً لفِرَقٍ ميدانية تابعة لمنظمة هيومن رايتس ووتش الدولية التي ضبطت أجزاءً من الصواريخ التي قُصِفَت بها الصالة.
صحيفةُ المسيرة وهي تفتحُ مِلَفَّ المأساة الإنْسَانية حصلت على الكثير من المعلومات، بينها معلوماتٌ تُنْشَرُ لأول مرة، ونقلت شهاداتِ ورواياتِ مَن شهدوا المجزرة وتعرضوا لإصابات مختلفة، رَوَوا للصحيفة ما يتذكرونه عن اللحظات الأولى للجريمة الفظيعة والمشاهد الحزينة للحظات لفظ فيها العشرات أنفاسَهم أخيرة ومئات زحفوا فوقَ الجثث عَلّهم يصلون إلى الخارج لرؤية السماء مجدداً.
كما حصلت الصحيفة على معلوماتٍ من الجهات المختصة، بينها أنه في يوم الجريمة تم التوصلُ لجثث 128 شهيداً من إجمالي 132 تم التأكُّدُ من استشهادهم في الصالة، وهناك 11 مفقوداً تم الإبلاغُ عن فقدانهم من قبل ذويهم، ويُعتقد أنهم أولئك الشهداء الذين أصابتهم الصواريخ بشكل مباشر فأحرقت أجسادهم بالكامل حتى لم يتبقَّ منها شيءٌ، كما كان هناك مفقودون لم يتم الإبلاغ عنهم يتجاوز عددهم العشرة أشخاص، ووفقاً لمصادر رسمية تحدثت للصحيفة فإن أولئك المفقودين المنسيين هم من المتسولين وبعض الذين يحضرون لإلقاء قصائد مديح أَوْ ما شابه؛ بهدف الحصول المال من قبَل المتواجدين بالصالات لأداء واجب العزاء أَوْ من قبَل ذوي المتوفين الذين يتم فتحُ العزاء بوفاتهم.
وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها المسيرةُ من الجهات الرسمية فإنه يوم الجريمة تم انتشالُ 138 قطعةً من أشلاء أشخاص استشهدوا وأشخاص أصيبوا وفقدوا أعضاء كاملة من أعضاء جسدهم.
وفقاً لما توفَّر للصحيفة من أرقام فإن عددَ الجرحى في المجزرة الكبرى بلغ 799 شخصاً تعرضوا لإصابات مختلفة وبعضُهم استشهد بعدَ أيام أَوْ أسابيع أَوْ شهور من الجريمة متأثرين بالإصابات والجروح التي تعرضوا لها، ومعظمُ الشهداء الذين قضَوا بسبب إصاباتهم استشهدوا بسبب الحصار الذي أثّر على إمْكَانات المستشفيات، وكذلك بسبب حظر مطار صنعاء ومنع طائرات تابعة لمنظمات من الهبوط بالمطار لإجلاء الجرحى.
إن الحصيلةَ المتوفرةَ عن الضحايا التي تتمثل بنحو 160 شهيداً بمن فيهم المفقودون ونحو 799 جريحاً منهم مَن استشهد لاحقاً، ليست الحصيلة التي تعبر بشكل نهائي عن الرقم الحقيقي؛ بسبب الظروف التي رافقت الجريمة الفظيعة، منها احتراق جثث بشكل كامل ووجود عشرات القطع من الأشلاء لأشخاص متعددين.
من جانب آخر كانت المجزرة المروعة حافزاً لآلاف اليمنيين الذين لم تقبَلْ كرامتُهم البقاءَ في المنازل وانتظار الصواريخ، فذهبوا إليها بأنفسهم، حملوا أسلحتَهم وتوافدوا على أكثر من 40 جبهة قتال، على رأسها جبهات ما وراء الحدود، وهناك منذُ ذلك الحين إلى اليوم ينتزعون أرواحَ آلاف الجنود السعوديّين والسودانيين والمرتزقة، وما تزالُ تلك الجبهات تنتظرُ أن يحج إليها من ستوقظه ذكرى المجزرة الكبرى.