خفايا مشروع “الكونفدرالية” الذي يطالب به الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
بعد الأزمة المتعددة الجوانب التي نشبت مؤخراً بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان والتي نجمت عن إجراء استفتاء الانفصال في الإقليم، طرح الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة “مسعود بارزاني” فكرة التفاوض مع بغداد بشأن “الكونفدرالية” لتسوية الخلاف بين الجانبين.
وقال “فاضل ميراني” سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي إن الكونفدرالية شيء جيد شرط أن تقبل بها الحكومة المركزية في بغداد، فيما أكد رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” في مؤتمره الصحفي الأسبوعي إن تطبيق الكونفدرالية يحتاج إلى تعديل دستور البلاد وتصويت ثلثي أعضاء البرلمان، مشترطاً في الوقت ذاته إلغاء استفتاء الانفصال في كردستان ونتائجه كمقدمة لاستئناف الحوار مع حكومة الإقليم.
والتساؤل المطروح: ما هي خفايا نظام “الكونفدرالية” الذي يطالب به الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK)، وهل سيتمكن العراق من حفظ وحدته في ظل هذا النظام؟
قبل الإجابة عن هذا التساؤل لابدّ من الإشارة إلى الفرق بين الفيدرالية والكونفدرالية من خلال النقاط التالية:
الفيدرالية: تعني الاتحاد الاختياري، أي التعايش المشترك بين الشعوب والأقليات وحتى بين الشعب الواحد في أقاليم متعددة تجمعها أهداف مشتركة ومصير مشترك، كما هو الحال في ألمانيا.
وتتكون الدولة الفيدرالية من إقليمين (منطقتين) أو أكثر تخضع بموجب الدستور الاتحادي لحكومة مركزية واحدة تنفذ سلطاتها على حكومات الأقاليم، أي بمعنى آخر تكون هناك حكومتان في الدولة الفيدرالية، هما الحكومة المركزية والحكومة المحلية للإقليم أو المنطقة.
وفي الدولة الفدرالية تكون لكل إقليم سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية مستقلة عن السلطات المماثلة في الحكومة الاتحادية بشرط أن لا تتعارض مع قواعد الدستور الفيدرالي.
الــكــونــفــــدرالــيــة: هو اتحاد بين دولتين أو أكثر من الدول المستقلة (وليست أقاليم) لتحقيق أهداف مشتركة وذلك بموجب معاهدة تعقد بينهم وتشرف على تنفيذ نصوصها هيئات مشتركة بين الدول الأعضاء، وتتمتع الدول في الاتحاد الكونفدرالي باستقلالها التام، وترتبط ببعضها نتيجة مصالح عسكرية، اقتصادية أو سياسية، كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي.
من هنا نفهم أن الاتحاد الكونفدرالي هو عبارة عن رابطة بين دول مستقلة ذات سيادة في نظر القانون الدولي، وهي تتشكل عبر اتفاقية لا تعدل إلاّ بإجماع أعضائها. وغالباً ما تنشأ الكونفدراليات للتعامل مع القضايا الحسّاسة مثل الدفاع والشؤون الخارجية.
الــفــرق بــيــن الــدولــة الــفــيــدرالــيــة والــكــونــفــيــدرالــيــة
– لكل دولة عضو في الاتحاد الكونفدرالي ممارسة السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي الفعلي. أمّا أعضاء الدولة الفيدرالية فلا يحق لهم ذلك ويكون التمثيل الدبلوماسي والسياسة الخارجية من اختصاص الحكومة المركزية.
– تشرف على الدولة الكونفدرالية هيئات مشتركة بين الدول الأعضاء، أمّا في الدولة الفيدرالية تكون الحكومة المركزية هي التي تدير الدولة وتترأس أعضائها.
– يحق لكل دولة عضو في الاتحاد الكونفدرالي الانسحاب متى شاءت لكونها دولة مستقلة، أما أعضاء الدولة الفيدرالية فليس لهم الحق لأنهم يعتبرون أقاليم وجزءاً لا يتجزأ من الدولة.
– في الاتحاد الكونفدرالي يتعدد رؤساء الدول بتعدد الدول، حيث لكل دولة رئيسها، أما الدولة الفدرالية (المركزية) تتميز بوحدة رئيس الدولة وسيادة موحدة. أي أن الدولة الكونفدرالية لا تعتبر موحدة لأنها تضم بين جنباتها دويلات أعضاء، بعكس الدولة الفيدرالية التي يُفهم منها أنها موحدة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
– مواطنو الدولة الكونفدرالية يتمتعون بجنسية بلدهم وليست هناك جنسية موحدة للدولة، أما مواطنو الدولة الفيدرالية فيتمتعون بجنسية الدولة الاتحادية. بمعنى آخر هناك جنسية موحدة للدولة الفيدرالية بينما في الدولة الكونفدرالية تتعدد الجنسيات بتعدد الدول.
عيوب النظام الكونفدرالي
– في حال رفض بعض الدول القيام بواجباتها فإن الحكومة المركزية لا تستطيع إجبارها على فعل المطلوب منها.
– لا تستطيع الحكومة المركزية القيام بأي خطوة إلاّ بعد موافقة باقي الدول الأعضاء التابعين للنظام الكونفدرالي.
– بمقدور أي دولة من الدول الأعضاء الانسحاب من الاتحاد والنظام الكونفدرالي.
من خلال قراءة هذه المعطيات يمكن الاستنتاج بأن النظام الكونفدرالي في حال تحققه في العراق سيسمح لإقليم كردستان بالانسحاب من النظام في أي وقت يشاء، وستكون النتيجة هي الانفصال عن العراق، الأمر الذي رفضته الحكومة المركزية والبرلمان والمحكمة الاتحادية، إضافة إلى دول الجوار والمجتمع الدولي باعتباره سيؤدي إلى تقسيم البلاد، وهو ما يشكل خطراً على الأمن والاستقرار في عموم المنطقة.
ختاماً ينبغي التأكيد على أن كافة المتخصصين بالقانون الدولي يجمعون على أنَّ كل ما جرى ويجري حول موضوع انفصال كردستان عن العراق غير مشروع ويحتم على الحكومة المركزية حماية وحدة الأراضي العراقية. كما يؤكدون على ضرورة الاحتكام للدستور باعتباره الوثيقة الأهم لحفظ أمن واستقرار البلاد.