برزاني يتلقى الصفعة وحيدًا.. البِشمرقة هــربـت والقوى المؤيّدة صـمتـت

موقع أنصار الله || صحافة محلية || المسيرة |محمد الباشا:

استعادت القوّاتُ العِراقيّة، مَدعومة بالحَشد الشّعبي، السّيطرة بالكامل، أمس الاثنين، على الحُقول النفطيّة الرئيسيّة و مبنى محافظة كركوك وسط المدينة، إلى جانب مطار كركوك العَسكري، وقاعدة عَسكريّة في المُحافظة.

 

الهجوم بدأ ليلة الأحد، بوحدات من الجيش العراقي، وقوات النخبة، وقوات تابعة لوزارة الداخلية، بالإضافة إلى فصائل الحشد الشعبي، التقدُّمَ باتجاه مركز مدينة كركوك، وسط تصاعد الأزمة بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان العراق؛ بسبب الاستفتاء الذي أجري في الـ 25 من سبتمبر.

 

وقال مسؤول كبير بوزارة النفط العراقية إن العراقَ سينشرُ قوات لاستعادة السيطرة بالكامل على منطقة كركوك النفطية والحقول المحيطة بها لاستئناف الانتاج الذي أوقفته حكومة إقليم كردستان.

 

وبالتزامن مع السّيطرة بالكامل على كركوك، دخلت فصائل من الحشد الشعبي إلى قضاء طوزخرماتو، الذي تتواجد فيه قوات من البيشمركة.

 

الأمرُ المُؤكَّدُ لدى المراقبين للأحداث في كركوك، أنّ مسعود البرزاني –رئيس إقليم كردستان- يَشعر بالصّدمة وهو يَجد نفسَه وحيدًا في مُواجهة هذا الهُجوم الكاسح، بعد أن تخلّى عنه حزب الاتحاد الكردستاني شريكه في حكم الإقليم الذي توسّل إليه أن يُؤجّل الاستفتاء، والعَودة إلى الحِوار مع الحُكومة المَركزيّة في بغداد تحت عِلم الأُمم المتحدة حول جميع القضايا، مِثلما تخلّى عنه الأمريكان، وربّما “إسرائيل” أيضًا.

 

ويرى متابعون أن أكبرَ ما أصاب برزاني بالصدمة هو الانسحابُ المُفاجِئ لقوّات البِشمرقة من مَواقعها في كركوك دون قِتال، وهي القوّات التي كان يُعوّل عليها برزاني كثيرًا في الدّفاع عن مَشروعه الانفصالي، ليس في مُواجهة القوّات العراقيّة وحَشدها الشّعبي، وإنّما نَظيراتها الإيرانيّة والتركيّة أيضًا.

 

النتائجُ الكارثيّة للاستفتاء

 

الاستفتاءُ الذي حظي بتأييد إسرائيلي إماراتي، ومباركة سعودية خجولة، يعتبره بعض المراقبين بأنه حَقّق استقلالاً “وهميًّا” للأكراد في إقليم كردستان المُتمتّع بالحُكم الذّاتي في شمال العراق، بدأت تَظهر في العَلن، وأوردت صحيفة رأي اليوم الإلكترونية، تَلخيصاً لتلك النتائج الكارثيّة للاستفتاء في النّقاط التالية:

 

أولاً: خسارة مدينة كركوك وآبارها النفطيّة ومطارها وقاعدتها العَسكريّة دون أدنى مُقاومة، أمام زحف القوّات الاتحاديّة العراقيّة، ولا نعتقد أن قوّات “البِشمرغة” تستطيع تقليص الخسائر، ناهيك عن إعادة الأمور إلى وَضعها السّابق.

 

ثانيًا: تفاقم الخِلافات بين الشّريكين الرئيسيين في حُكم كردستان، والحزب الاتحادي الطّالباني، ونَظيره الدّيمقراطي البرزاني، واتهام الثّاني للأول بالخيانة لإعطائه أوامر لوحدات تابعةٍ له في كركوك بالانسحاب.

 

ثالثًا: انهيار سُمعة قوّات البِشمرقة القتاليّة العالية وهَيبتها بسبب “هُروبها” من المَعارك، وبَثّ نُشطاء على وسائط التواصل الاجتماعي شريطًا يَظهر مُواطنين أكراد وهم يَقذفون قوّات البِشمرغة بالحِجارة ويَبصقون عليها، كما أدان هيمن هروامي، كبير مُستشاري الرئيس البرزاني، في تغريدةٍ له على “تويتر”، تَرك قوّات البِشمرغة لمَواقعها وعدم تصديها للقوّات العراقيّة.

 

رابعًا: هُروب عشرات الآلاف من العائلات الكُرديّة من كركوك إلى أربيل والسليمانيّة لتجنّب المَعارك في عمليّة “تطهير” عِرقي “طَوعي”، الأمر الذي سيُقلّص من كثافة التواجد الكُردي في المدينة، ولو لمرحلةٍ مُؤقّتة.

 

الضحيّة الأكبر لهذهِ التطوّرات العَسكريّة ربّما يكون السيد مسعود البرزاني، فقد تَحوّل حِلمه في الاستقلال إلى كابوس حتى الآن، ومُنيت زعامته لحِزبه والإقليم معًا بضربةٍ قويّةٍ، ولا نَستبعد أن تكون استقالته، وتسليم الرّاية إلى من يَخلفه في الحِزب والقيادة في الأسابيع المُقبلة، أحد أبرز الخيارات المَطروحة، فالرّجل اجتهد وأخطأ، في نَظر الكثيرين، ولم يَدرس الظّروف والمُعادلات الإقليميّة والدوليّة بشكلٍ جيّد، وربّما يكون القادم أسوأ.

 

رسالة العبادي لجنوده قبل الهجوم

 

وفي سياق التداعيات المتدحرجة سريعاً لاستفتاء برزاني الطامح بالانفصال، وافق مجلس الوزراء التركي على إغلاق المجال الجوي أمام إقليم كردستان العراق.

 

وقال المتحدث باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ إن العمل جار على تسليم المعبر الحدودي البري الرئيسي إلى الحكومة العراقية.

 

وأضاف المتحدث أن مجلس الوزراء وافق على تمديد حالة الطوارئ في تركيا لثلاثة أشهر إضافية.

 

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قبل الهجوم، دعا القوات المسلحة لفرض الامن في كركوك بالتعاون مع ابناء كركوك وقوات البشمركة.

 

العبادي، الذي استفزه استقدام وحدات من البيشمركة (حرس إقليم شمال العراق) وأخرى تابعة لمنظمة بي كا كا لمحافظة كركوك، اعتبر تلك الخطوة الكردية بمثابة إعلان حرب على بغداد.

 

جدير بالإشارة إلى أن قوات البيشمرقة سيطرت على كركوك بتسهيل أمريكي في أعقاب انسحاب الجيش العراقي منها أمام اجتياح تنظيم داعش شمال وغربي البلاد صيف 2014.

 

وتأتي العملية العسكرية عقب شهر فقط من الاستفتاء على الانفصال، وصوت الأكراد فيه بأعداد كبيرة، متجاهلين الضغوط التي مارستها بغداد، وتهديدات تركيا وإيران، وتحذيرات دولية من أن الاستفتاء قد يشعل المزيد من الصراعات في المنطقة.

 

وكان إقليم كردستان العراق يَتمتّع بوضعيّة الدّولة المُستقلّة غير المُعلنة، وشَهد مرحلةً ذهبيّةً من الازدهار الاقتصادي والاستتباب الأمني طِوال السّنوات الماضية، التي تَلت غَزو العراق عام 2003، ولكن عِناد السيد البرزاني، وإصراره على المُضي قُدمًا في الاستفتاء في الوقت الخطأ، عِراقيًّا ودَوليًّا، أدّى إلى تقليص مُعظم هذهِ الإنجازات.

 

الإقليم في ظل التطورات الراهنة بات مُحاصرًا، ومطاراته وأجواؤه مُغلقة، ولا يَجد من يَدعمه غير دولة الاحتلال الإسرائيلي، وها هو الآن يُوشك على خسارة مدينة كركوك التي تُشكّل دُرّة التّاج الكُردي.

قد يعجبك ايضا