من صعدة إلى تعز الضحية واحدة والمجرم واحد!
موقع أنصار الله || مقالات || أنس القاضي
ليس بالإنْسَاني ولا الوطني اليمني، مَن يُفرِّقُ بين الضحايا المدنيين، أَوْ يستسيغ قتلَهم، أَوْ ينحازُ للقاتل ولو كان في توجهه السياسي. وقد قالها «السيد عبدالملك الحوثي» “إن أنصار الله “لن يكونوا غطاءً لأي مجرم ولو كان من الجيش واللجان الشعبية”. وليس بالمسئول ولا الصادق في تعاطفه، من لا يبحث عن القاتل لإدانته ووقف الجرائم اليومية بحق أبناء شعبه، فاستمرارُ الذريعة يعني استمرار الجريمة. وإذا ثبت أن جرائمَ قتل المدنيين ترتكبُها القوات الوطنية، فلن نكونَ معهم وسنطالب بمحاكمتهم.
منذ ثلاثة أعوام، تتكرر ظاهرةُ قصف الأَطْفَال والمدنيين في تعز، عقب كُلّ جريمة يرتّبها العدوان في صعدة أَوْ صنعاء وغيرهما من المحافظات اليمنية التي لم تسلم من العدوان وفي مقدمتها تعز، تكرارٌ عجيبٌ لا يُمكن اعتباره مصادفة، ولا الاكتفاء بتفسيره كانتقام “حوفاشي” من أَطْفَال تعز. لا يُمكن لهذا التفسير أن يصمد أمام احتمال أقرب للصواب وهو: أن السعودية والإمارات -وعبر أدواتهما أياً كانت- ترتكب هذه الجرائم لتغطيَ على مجازرها وتشارك خصومَها القوائم السوداء لمرتكبي جرائم الحرب ومنتهكي حياة الطفولة في اليمن. ويظل رفضُ تشكيل لجنة تحقيق دولية أَوْ يمنية محايدة هو العنصر الرئيسي الذي يُشير إلى القاتل والمتهرب من الوضوح، وطالما عملت السعودية وحكومة هادي على عرقلة قرارات كهذه، وكانوا كُلّ مرةٍ يُسمونه بالانتصار الديبلوماسي على الانقلابيين.
والسؤال: هل مرتزقة السعودية مُبرَّؤون من ممارسة مثل هذهِ الجرائم؟، إن التجربة التأريخية في بلادنا منذ ثورة الشباب في العام 2011م تقول غير ذلك، فلطالما كانت ميليشيات علي محسن في تعز تقصف ساحة الحرية لقتل شباب الثورة عند كُلّ انعقاد لمجلس الأمن، لإدانة نظام علي عبدالله صالح، وكان شِعارهم المعروف “كلما زدنا شهيد يا علي اهتز عرشك”. ومؤخراً رفع أبو العباس رسالةً إلى هادي بأن دبابات اللواء 22 ميكا التابع للمرتزقة استهدف مواقعَهم في قلعة القاهرة، من جبل جرة.
إن خطورةَ الفكر النقلي، الذي يُلغي دور العقل النقدي، ويلغي حُجيته، لا يقتصر على جمود الفقه وسلفية الشريعة، بل أَصْبَح وعياً اجتماعياً سائداً في كُلّ شؤون الحياة الاجتماعية، فيصبح التفكير بالمنطق وبالمقارنة التأريخية، عن سر تكرار هذه الظاهرة، يُصبح ميلاً وتبريراً ومؤامرةً على أبناء تعز، ويُتهم بذلك حتى أبناء تعز الذين وهم هنالك مُعرضون للقذائف الإجرامية فهل يُبررون مسبقاً قتل أنفسهم وأهاليهم حين يتساءلون عن حقيقة مرتكب هذه الجرائم!