تقرير أممي: إنتهاكات لحقوق الإنسان في دولة الإمارات
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
شهدت البلدان العربية في السنوات الأخيرة موجة شديدة من التقلبات والتغيرات الحرجة في المنطقة بسبب تصاعد الآراء الشبابية الناقمة على الأنظمة السلطوية وتضخم حماستهم للإطاحة بالعروش المستبدة، الإمارات لم تكن في حالة اطمئنان مستريح بعلاقتها مع الشعب الإماراتي، فهي كغيرها من الدول التي يتطلع الشباب فيها لكسر القيود التي تفرضها السلطات على الحريات وأحلام البسطاء يوما بعد يوم، مما دفع الدولة إلى زيادة سطوتها الأمنية على أصحاب الرأي ونشطاء السياسة في البلاد، والضرب بيد من حديد كل من نادى بالإصلاح أو عبر عن أسفه من سياسة البلاد أو تضامن مع غيره من المعتقلين بغير وجه حق.
تنوعت الوسائل الأمنية الإماراتية في إسكات الرأي العام وتضييق الحريات على الشارع الإماراتي بين الاعتقالات المباشرة والإخفاءات القسرية وسحب الجنسيات وفرض قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية والتقاضي أمام المحكمة الاتحادية غير القابلة للاستئناف، وتجميد الأرصدة والمضايقة على أهالي المعتقلين، والمنع من السفر، وملاحقة المقيمين الأجانب، وتحويل القضاء إلى جهات أمنية، وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب، ومصادرة حق المعتقل بالمرافعة القانونية.
تقرير أممي
على هذا الصعيد أعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، عن قلقها من الوضع الحقوقي في الإمارات، لاسيما لجهة قمع حرية التعبير، وتعذيب السجناء، وظلم العمال الأجانب، والتمييز ضد المرأة.
وتناولت المنظمة، في تقرير أعدته في الخامس من كانون الثاني الجاري، ومن المتوقع عرضه في الدورة التاسعة والعشرين للمفوضية في الفترة من 15 حتى 26 من الشهر ذاته، انتهاك حقوق الإنسان في الإمارات، وذلك من خلال عرض وضع الحريات العامة وحرية الفرد، ومعتقلي الرأي، والتمييز ضد المرأة، واستغلال الأطفال، فضلاً عن تبعية القضاء للسلطات التنفيذية وأجهزة الأمن.
ويؤكد التقرير المؤلّف من 13 صفحة، انتهاك حقوق الإنسان في الإمارات، فضلاً عن التمييز العنصري، وتعذيب السجناء، وخنق الحريات.
واستنكرت المفوضية توقيف الأشخاص خارج الإطار القانوني وإخفاءهم قسرياً ونقلهم إلى سجون سرية، بذريعة اتهامهم بالإرهاب وارتكاب جرائم ضد أمن الدولة، كما أبدت قلقها من العقوبات التي لا تتناسب مع الجرائم.
وجاء في التقرير أن المنظمة تلقت معلومات تفيد بأن أشخاصاً أوقفوا من دون أمر بالتوقيف، ولاحظت أن هذه الحالات كثيراً ما تتعلق بجرائم أمن الدولة، وقد تم نقل معظمهم إلى مرافق احتجاز سرية. كما تلقّت المنظمة معلومات وأدلة موثقة، تفيد بأن كثيراً من هؤلاء تعرّضوا للتعذيب، ومن بينهم أطفال.
كما طالبت المفوضية بإطلاق سراح الناشط الحقوقي أحمد منصور، معربةً عن قلقها من أن تكون السلطات تنتقم منه بسبب آرائه التي أعلن عنها في الإعلام، وتعاونه مع المنظمات الحقوقية الدولية. كما دعت إلى الإفراج عن السجينين أسامة النجار وتيسير النجار، وعن الأكاديمي ناصر بن غيث.
ورأت المفوضية السامية أن محاكم الإمارات بعيدة عن الاستقلالية، حيث يخضع القضاة والمدّعون العامون للسلطة التنفيذية وجهاز أمن الدولة، كما يتم محاكمة النشطاء تحت ذريعة الأمن القومي، لادعاءات تتعلق بحرية التعبير.
كما وثّقت المنظمة الدولية، حالات تمييز عنصري ضد العمال الأجانب والمرأة والأطفال، وأيضاً ضد ذوي الإعاقة. وتضمّن التقرير ارتكاب جرائم الاتجار بالأطفال واستغلالهم جنسياً في الإمارات وترحيلهم قبل التعرف على هوياتهم.
إلى ذلك، أعربت المفوضية عن قلقها إزاء التمييز ضد المرأة، لأن مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة لم يكرّس بعد في الدستور. ومن مظاهر التمييز ضد المرأة استمرار وصاية الرجال وفقاً للقانون، إذ يعطي قانون الأحوال الشخصية الإماراتي الزوج الحق في منع زوجته من العمل، وفقاً للتقرير.
كما أعربت المنظمة عن أسفها لتعرّض العمال الأجانب لمصادرة جوازات السفر، وتشغيلهم ساعات إضافية، من دون تعويض، وحرمانهم في بعض الأحيان من مرتباتهم. ويضيء التقرير على وضعية آلاف الأطفال من البدون ومن غير العرب ومجهولي الأبوين، حيث يحرَمون من الجنسية، مما يعقّد حصولهم على الرعاية الصحية والتعليم.
يذكر أن هذا التقرير ليس الأول من نوعه، فقد تناولت تقارير عديدة في أوقات سابقة الموضوع ذاته، ومنها تقرير المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان الذي كشف عن مجموعة من الانتهاكات بدولة الإمارات، وطالب الحكومة الإماراتية بالتوقف عن جميع هذه الانتهاكات، واحترام جميع الالتزامات التي قطعتها أمام مجلس حقوق الإنسان في عام 2013 و”التوقف عن اضطهاد المعارضين والناشطين في مجال حقوق الإنسان على شبكات التواصل الاجتماعي”، و”وقف المضايقات والضغوط التي يتعرض لها أسر وأقارب السجناء وضمان كل حقوقهم من السفر والعمل والدراسة والحماية”، إضافة إلى “التحقيق بدقة وبشكل مستقل في الشكاوى والادعاءات في جميع مزاعم التعذيب المحتملة وسوء المعاملة للسجناء”.