نص محاضرة مواصفات المؤمنين (6) – المحاضرة الرمضانية الرابعة والعشرون للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1439هـ

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.

أيها الإخوة والأخوات،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

نواصل الحديث على ضوء الآيات المباركة في سورة الفرقان في مواصفات عباد الرحمن المتقين، ونستدرك في هذه المحاضرة مثالين على ضوء الآيات التي تلوناها في المحاضرات الماضية، كنا أشرنا في محاضرة من المحاضرات الماضية إلى قول الله سبحانه وتعالى: (واغضض من صوتك)، واحدة من الأخلاق المهمة والآداب العظيمة هو هذا الخلق، وهذا الأدب الرحيم، (واغضض من صوتك)، تحدثنا عن أمثلة فيما يتعلق بهذا الموضوع، ونستدرك مثالا واقعيا، عادة في المناسبات الاجتماعية لا سيما في الأعراس يستخدم الكثير مكبرات الصوت، وفي بعض الأحيان يستخدمونها في الليل، في حارة معينة، بالذات في المدن مثلا، وهذا يحصل في بعض المدن، حارة معينة، أو شارع معين، أو منطقة سكنية آهلة بالسكان، يستخدمون مكبرات الصوت بشكل قوي، يأتون بمكبرات صوت قوية يصل صدى صوتها إلى مدى بعيد، ثم خلال الليل يستمرون في احتفالهم بمناسبتهم التي هي عرس أو أي مناسبة أخرى، يستمرون طوال الليل سواء بالأناشيد أو الأهازيج أو بعضهم باللهو أو بغير ذلك، ويزعجون الناس على مستوى مثلا حارة معينة أو شارع معين، طوال الليل، مكبرات الصوت التي يصل صداها وإزعاجها إلى كل منزل، تؤذي الكثير من الناس، قد يكون هناك المريض، قد يكون هناك الإنسان المنشغل الذي إن أصيب بالأرق طيلة ليلته يذهب في اليوم الثاني إلى عمله وهو متعب، حالة الانزعاج والتأذي التي تسود تحول جو الآخرين المحيطين بأصحاب المناسبة إلى حالة من الانزعاج، بدلا من أن يشاركوهم الفرح، يتحولون إلى منزعجين.

يدخل في (واغضض من صوتك)، سواء الصوت بشكل مباشر أو بالوسائل المستخدمة لرفع الصوت، مثل مكبرات الصوت، أو على التعبير المحلي المكرفونات، فمهم أن يتعود الناس في مناسباتهم الاجتماعية أن يستخدموا إما سماعات داخلية أو أن يخفضوا أصوات مكبرات الصوت، بحيث تؤدي دورها مثلا في إسماع الحاضرين بالذات إذا كانت المسألة في المساء، في الليل، وبالذات إذا كانت في أوقات ستسبب إزعاجا للناس في غير ضرورة، لا يحتاج الإنسان إلى هذا، يزعج أهل حارة بأكملهم، أو أهل قرية بأكملهم طوال الليل مثلا، البعض باللهو، البعض بالأناشيد، ويمكن للإنسان أن يستخدم مثلا مكبرات صوت إما سماعات داخلية كما قلنا أو نحو منها، ويركز على أناشيد جيدة مفيدة وأهازيج لا يدخل في المحظور، على كل هذه ملاحظة لأن البعض من الناس في بعض المدن يستخدمون هذا الأسلوب المزعج للناس في مناسباتهم الاجتماعية، وسواء كانت مناسبات أفراح أو غير ذلك، يدخل في (واغضض من صوتك)، ملاحظة هذا الجانب بالذات في غير شهر رمضان وفي شهر رمضان ترعى حرمة شهر رمضان إلا بالمفيد والنافع، لكن حالة الازعاج غير مطلوبة يعني للناس بشكل يعود إلى مناسبات خاصة، مناسبات اجتماعية وما شاكل.

أيضا نستدرك فيما يتعلق بموضوع الإسراف، التنبيه على خطورة ما يعاني منه مجتمعنا المسلم وبالذات بالدرجة الأولى داخل المجتمع الإسلامي مناطقنا في المجتمع العربي، هناك إنفاق هائل جدا على التدخين، ويصل هذا الإنفاق سنويا إلى مليارات الدولارات، تخيلوا، في عالمنا العربي مجموع ما تنفقه شعوبنا على التدخين سواء في اليمن، في مصر، في دول متعددة، مجموع ما تنفقه هذه الشعوب على التدخين، تدخين السجائر تصل كلفته إلى مليارات الدولارات في العام الواحد، هذا أمر فظيع جدا، إنفاق هائل جدا على شيء يضر بالناس ولا يفيدهم، وتذهب تلك الأموال في النهاية إلى صالح الأعداء، شركات أمريكية للتبغ أو للسجائر شركات صهيونية، فيبيعون ما يضر بنا وما يضر بصحتنا، ما يجلب لنا الكوارث على المستوى الصحي، الكوارث الناجمة عن التدخين رهيبة جدا على المستوى الصحي، مثل السرطان مثل أمراض القلب، مثل أمراض خطيرة جدا، تدمير للرئتين، أمراض كثيرة يتحدثون عنها، وأضرار كثير مقطوع بها ومؤكدة، يؤكدها الأطباء يؤكدها المختصون ومشهورة ومعروفة ومعترف بها يعني، أن يصل الإنفاق على شيء مضر، على شيء مضر وليس مفيدا، بل مضر بكل ما تعنيه الكلمة سنويا إلى ما يعادل مليارات الدولارات، ويصل هذا المال في النهاية إلى أعدائنا الذين يستفيدون منه في محاربتنا، في التآمر على شعوبنا، في أن يكونوا أقوياء في التسلط علينا، هذه فيها كوارث ومآسي متعددة، مأساة الهدر لأموال كثيرة جدا، وفيما يضر ثانيا، هذه مأساة إضافية، وليس فقط في شيء اعتيادي لا يضر ولا ينفع، شيء طبيعي، بل يضر أيضا، وفيما يصل أيضا إلى أعدائنا، لو يأتي الإنسان ليقيم واقع الكثير من المدخنين كم سيصل إنفاقه السنوي خلال العام، البعض يصل إلى أموال كثيرة، يعني البعض لا هو أنفق في سبيل الله لدعم قضايا أمته وقضايا شعبه، ولا هو أنفق في سبل الخير الأخرى، لفقراء لمساكين، لصلة أرحام، ولا هو أنفق لأي شيء مهم له عائد إيجابي على دينه وعلى نفسه وعلى شعبه وعلى أمته بقدر ما أنفق على التدخين، على ذلك الدخان الذي يستنشقه إلى رئته ليضر بجسمه بكله ويدخل من خلاله السموم إلى جسده، ثم يذهب بما بقي منه دخانا يتطاير في الهواء، وهو ينفق عليه أكثر من أشياء كثيرة، القضايا الرئيسية، المسؤوليات المهمة التي هي في إطار المسؤولية، سيحاسبه الله إن لم ينفق فيها، المسؤوليات التي بلغت درجة التشجيع على الإنفاق فيها في القرآن الكريم إلى درجة أن يقول الله سبحانه وتعالى وهو الغني الذي له ملك السماوات والأرض والغني الحميد، والذي بيده خزائن السماوات والأرض: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ)، هل هناك عبارة أبلغ أعظم، أكبر في التشجيع لنا على الإنفاق في مسؤولياتنا من هذه العبارة، أن يقول الله لنا: (من ذا الذي يقرض الله)، اعتبرها قرضة اعتبره قرضة با يسلم لك الباقي، با يدفع لك أضعافا مضاعفة، هذا تشجيع كبير جدا، واللوم عظيم والوزر عظيم إن لم نتجاوب إن لم نستجب لله سبحانه وتعالى، بعد كل هذا الحق، بعد كل هذا الترغيب، أن يقول لنا: (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، إن بخلتم عن الإنفاق في سبيل الله الذي هو حماية لكم، دفاع عنكم، دفع للخطر عنكم، دفع للشر عنكم، حماية لكم من الاستعباد والإذلال والقهر، والشر، إن بخلتم ألقيتم بأنفسكم إلى التهلكة بأيديكم الباخلة التي أمسكت عن الإنفاق.

هكذا نجد أن مجتمعنا بحاجة إلى أن يسترشد بكتاب الله، أن يهتدي بكتاب الله، بما يؤثر في سلوكه في أدائه في هذه الحياة، في اهتماماته، في أولوياته، فيما يرشد هذا المجتمع في كل تصرفاته ومنها في الإنفاق، نحن بحاجة إلى ترشيد النفقات وإلى الرشد في الإنفاق والتصرف المالي، ندخل في الآيات المباركة، يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71))، في هذه الآيات المباركة أتى بما يتضمن أيضا النهي وبما يؤكد على أن من الصفات والالتزامات البارزة في سلوكيات وأعمال وتصرفات عباد الرحمن المتقين المؤمنين ثلاث قضايا يحذرونها ويتجنبوها ولا يتورطون فيها، وهي محرمة ويتضمن هذا نهيا إضافة إلى تقديمه ضمن التزاماتهم العملية، فيما يجتنبون وفيما يحذرون، الأعمال جانب نعمله وجانب نتركه ونحذره في التزاماتنا الإيمانية، (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر)، لا يألهون آلهة غير الله سبحانه وتعالى، لا في الشرك العقائدي الذي يعتقد فيها الإنسان أن هناك آلهة أخرى مثل ما عليه معظم البشر اليوم، اليوم معظم البشرية، المليارات من البشر لا يزالون يعتقدون عقائد وثنية، عقيدة الشرك، في دول كثير من العالم، وهذا الشرك العقائدي يعني هو يعتقد أن هناك تعدد في الإلهة حسب عقائدهم الباطلة، وأنه هناك آلهة غير الله سبحانه وتعالى تضاف في سلم الألوهية عندهم الذي جعلوه مراتب ومتعدد في ضلالهم الكبير جدا، طبعا هذا من أكبر الضلال، ويترتب عليه انصراف عن رسالة الله عن هدي الله، ولهذا الوثنيون والمشركون هم عادة يتنكرون برسالة الله بكلها، وينصرفون عنها كليا لأنهم لما كانوا مشركين لم يقبلوا بالرسالة الإلهية بكلها، ترتب على شركهم انصراف كامل عن هدي الله، وإعراض تام عن نهج الله، ورفض كامل لشرائع الله ودين الله، وهذه القضية خطيرة جدا، البعض الكبير جدا فيه تنكر لأكبر حقيقة وهي التوحيد لله سبحانه وتعالى الذي هو أكبر الحقائق، ثم فيه على المستوى الحياتي والعملي انصراف كامل وتنكر كامل لهدي الله ودين الله وكفر برسالته، فهم منزهون وهم مجتنبون بهذا الكفر وهذا الشرك العقائدي، ثم أيضا على المستوى العملي لا يُألهون آلهة أخرى، لأن هناك على المستوى العملي في خوفه في رجائه، في طاعته، من يخاف غير الله أكثر من الله، من يرجو غير الله أكثر من الله، من يجعل طاعة غير الله أقدم عنده وأوجب وأهم من طاعة الله سبحانه وتعالى، وهذا الشرك العملي يمكن أن يكون داخل أوساط حتى المسلمين، الشرك العملي، مثل حالة الرياء، حالة الرياء هي شرك عملي، وتأتي كخلل كبير في الواقع العملي، والإنسان من خلالها لا يزال محسوباً على الإسلام والمسلمين ومحسوب من المسلمين، يعني لا يحسب في معاملات الإسلام له على أنه مشرك حاله حال الوثني الخارج عن الملة، لا، يمكن أن يعيش الإنسان حالة الشرك العملي وهو منتسب للملة الإسلامية ملته ملة الإسلام، والأحكام والمعاملات تجري عليه ومعه كمسلم، لأنه عقائدياً هو يوحد الله و يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولكن مشكلته تأتي في هذه الحالة الإيمانية التي كان لديه فيها خلل كبير فاتجه يقول أشهد أن لا إله إلا الله مقتضى هذا أن يخاف من عذاب الله فوق كل شيء، أن يرجو الله فوق كل رجاء، وأن يستشعر عظمة الله فوق كل عظيم، وأن يتجه إلى الله بالطاعة ويجعل طاعة الله فوق كل طاعة، إذا هو لم يفعل ذلك بات عنده خلل إيماني كبير جداً قد يسبب له حالة من الانحراف الخطير في الواقع العملي الذي يوصله إلى النار والعياذ بالله، قد يتحول إلى منافق قد يتحول إلى فاسق قد يتحول إلى فاجر قد يتحول إلى خانع وخاضع للطغاة والمستكبرين فيما لا يبقى له في معاملته مع الله إلا بعضاً من الطقوس الدينية ثم يتجه في شؤون حياته كافة وفي إخضاع نفسه كلياً في مسار حياته لصالح الطاغوت وهذه قضية خطيرة جداً، المصير فيها إلى جهنم والعياذ بالله، لا ينجيه ما بقي له من طقوس دينية من عذاب الله في الآخرة.

فهم لا يؤلهون غير الله أبداً لا عقائدياً ولا في واقعهم النفسي والعملي، خوفهم من عذاب الله أكبر من كل خوف والله أولى بأن يُتقى أن يُخاف من عذابه وسطوته، رجاؤهم وأملهم وتطلعهم إلى وعد الله إلى الخير عند الله فوق كل الآمال فوق كل رجاء، فوق كل رغبة فوق كل طمع، ولو عرضت عليهم الدنيا بأكملها من غير الله لما قبلوها في أن يعصوا الله في موقفٍ واحد.

ثم كذلك طاعتهم لله فوق كل طاعة لا يطيعون المخلوق في معصية الخالق، يدركون أن هذه إساءة كبيرة إلى الله سبحانه وتعالى وظلمٌ وحقارة في أنفسهم تحقير لأنفسهم أن يُخضعوها لمخلوق وقد يكون هذا المخلوق تافه مجرم سيء لا يستحق أن تفعل من أجله أي شيء ما بالك أن تعصي الله من أجله، فتطيعه في معصية الله، فتطيعه في معصية الله تمثل مشكلة كبيرة.

( وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) وهذه الجريمة من أكبر الجرائم على الإطلاق قتل النفس المحرمة قتل النفس المظلومة البريئة بغير حق، هذه من أكبر الجرائم على الإطلاق، ونجد هنا أنه قرن هذه الجريمة مباشرةً وبعد ذكر أكبر جريمة يمكن أن يقدم عليها الإنسان وهي الشرك بالله سبحانه وتعالى، بعد الشرك بالله مباشرة يقرن بها ويأتي بعدها بهذه الجريمة قتل النفس المظلومة المحرمة البريئة، يعتبر هذا من أكبر الجرائم على الإطلاق والملائكة عليهم السلام، هم ضجوا من البشر من هذه المسألة ( أتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ) ويسفك الدماء، للأسف الشديد البشرية مفرطة بشكل رهيب جداً ومستهترة تجاه حرمة النفس البشرية، اليوم على مستوى الأرض قاطبة كم يقتل كم يزهق من الأرواح يومياً، يومياً كم تقتل من النفوس البريئة المظلومة يومياً على مستوى الأرض وبالذات في عصر السيطرة الأمريكية والهيمنة الأمريكية والنفوذ الأمريكي والإسرائيلي، أقطاب الشر وقوى الطغيان والظلم والاستهتار بحياة البشرية، الذين يرعون في كثير من أقطار الأرض الكثير من الفتن والمؤامرات التي تفتك بالبشرية وتزهق أرواح البشر المظلومين في شتى أقطار الأرض.

بنو إسرائيل الذين قال الله لهم في التوراة وحكى لنا ما كتب عليهم في التوراة فيما ذكره لنا في كتابه الكريم القرآن المجيد ( مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ) كتب ذلك على بني إسرائيل ليردعهم ليزجرهم، عن رعاية القتل في الأرض عن هذه المظلمة الكبيرة التي يسعون دائماً إلى تعميمها في الأرض للفتك بالبشر والظلم لهم، هم أكثر الناس استهتاراً بالحياة البشرية، ما يفعلونه بشكل مباشر وما يفعلونه بشكلٍ غير مباشر وهو الأكثر وهو الأوسع وهو الأكبر، هم يرعون في مناطق كثيرة من العالم كثيراً من الفتن يهندسون لها يخططون لها، يهيئون لها الظروف الملائمة ثم يحركونها تؤدي إلى مشاكل كبيرة إلى قتل الآلاف من الأبرياء والمظلومين، ما يفعلونه بشكل غير مباشر أكثر مما يفعلونه بشكلٍ مباشر، ولهم أذرعتهم وأياديهم المرتبطة بهم المتولية لهم التي تؤدي دوراً رئيسيا في كثير من المجتمعات مثل ماهو الحال في مجتمعنا العربي لفعل ذلك.

اليوم في العدوان على بلدنا اليمن، ألم يقتل ويقتل بشكلٍ مستمر كل يوم؟! قُتل ويقتل الآلاف من الأطفال والنساء، من الأطفال أين هي الإنسانية أين هو الوجدان الإنساني والإحساس الإنساني؟! النساء كذلك من الشباب آلاف مؤلفة قُتلوا وهم في رعيان شبابهم في عز شبابهم، في مقتبل عمرهم من الشيوخ من الكهول من كل فئات المجتمع، يقتلون يومياً، هذه الاستباحة وهذا الاسترخاص للدم المسلم أين منشؤه من أتى به؟ بنو إسرائيل وحركة النفاق في هذه الأمة وأولئك المعرضون عن هدي الله عن هدي الله.

القرآن الكريم يرسخ كثقافة عامة وكعقيدة وكمبدأ حرمة النفس البشرية، وكرامة النفس البشرية وفظاعة هذه الجريمة في المساس بحياة إنسان، فاليوم تغيب هذه الثقافة أتى التكفيريون كبلاء آخر ومشكلة كبيرة مرتبطة بطبيعة المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية في داخل هذه الأمة ليرخصوا أكثر وأكثر دم الإنسان المسلم، وحرمة النفس المسلمة البريئة، فأتوا ليفتحوا المجال للقتل العام، أن اقتل بشكل عام انفجر في السوق تفجر في السوق أو فجّر تفجر في المسجد في المصلين أو فجّر، تفجر في المستشفى أو فجّر، اقتحم مستشفى وافتك بأهله اقتحم مكاناً عاماً اقتل الكبير والصغير، ليش؟! قال لك المذنب قدهو مذنب والبريء با ندخله الجنة! طيب إذا كانت المسألة هكذا ويش عاد به مشكلة مع الكافرين إذا قتلوا المؤمنين لأنهم عجّلوا بهم إلى الجنة، أين تلك الآيات القرآنية الأخرى التي تحرم قتل الإنسان المؤمن وقتل الإنسان البريء وقتل الإنسان المظلوم وقتل الإنسان المسالم، هناك سياج كبير في الشرع والأخلاق والإنسانية يحمي حياة هذا الإنسان، لكن ينتهك هذا السياج يقتحم على المستوى الديني افتراء على الله وأكاذيب وفتاوى تبرر استرخاص دم هذا الإنسان، وعلى المستوى الإنساني تأتي عناوين سياسية وتبريرات ومدري ايش، وكلام سخيف جداً يهوّن ويبسط ويحاولون أن يشرعنوا عملية قتل هذا الإنسان والفتك بحياته.

عندما لا ينظر الناس إلى هذه الجريمة بمستوى فظاعتها التي حدثنا الله عنها والتي نرى آثارها في واقع الحياة ونعيشها كمأساة في واقع الحياة، يستبسط حتى الكثير من الناس أن يؤيد أولئك المجرمين والقتلة، اليوم حتى بعض المثقفين يؤيد النظام السعودي في حربه على البلاد التي قتل فيها آلاف الأطفال والنساء، مع أنه من شارك في دم أمريء مسلم بغير حق ولو بكلمة ولو بكلمة يؤيد بها يناصر بها أولئك القتلة في الحديث عن النبي ولو بكلمة جاء يوم القيامة مكتوبٌ بين عينية آيس من رحمة الله، آيس من رحمة الله خلاص ماشي رحمة له خاسر خائب جهنمي.

اليوم يغفل الكثير بعض الإعلاميين بعض المثقفين أن تأييدهم للعدوان السعودي والأمريكي على بلدنا معناه أن يصبحوا شركاء في كل قطرة دم، من دماء أبناء هذا الشعب المظلوم من دماء أطفاله من دماء نسائه، من دماء شبابه المظلومين من دماء رجاله ونساءه، يصبحون شركاء في ذلك الدم، عاقرو ناقة صالح نبي الله صالح في ثمود كان واحداً، (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ) واحد منهم عقر الناقة الباقون أيدوه، رضوا بفعله ناصروه إعلامياً كلامياً واعتبروه مصيباً في فعلته ووقفوا إلى جانبه، فماذا كانت النتيجة؟ عمهم الله بالعذاب واعتبرهم مشتركين في الجرم، فعقروا الناقة قال في آية ( فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ) قال في آية أخرى ( فَعَقَرُوا النَّاقَةَ ) اعتبرهم جميعاً شركاء في الجرم، كان يقول الإمام علي عليه السلام ” إنما يعم الناس الرضا والسخط” يعم الناس رضاهم بموقف معين شركاء فيه، أو سخطهم من موقف معين شركاء فيه، فإن كانوا في الحق فذاك وإن كانوا في الباطل فذاك.

ما أفظع جريمة بعض المثقفين المخدوعين المنحرفين عن القرآن الكريم وهم يؤيدون النظام السعودي والنظام الإماراتي وكلاهما صريح وواضح في ولائه لأمريكا في علاقته بإسرائيل في ظلمه للشعب اليمني في جرائمه اليومية اليومية التي يقتل فيها كل يوم أطفالاً ونساءً وأبرياء ومظلومين في شعبنا اليمني العزيز، أصبحوا خاسرين وأصبحوا شركاء في كل تلك الجرائم، يوم القيامة يلقون الله مقلدين في أعناقهم هذا الوزر وحاملين على ظهورهم هذه الأوزار الكبيرة شركاء في كل هذه الدماء التي سالت بظلم وبغير حق، أم أنه حق؟! قتل آلاف الأطفال والنساء في اليمن حق؟! من يقول حق؟!.

لاحظوا التكفيريون أباحوا حتى قتل الأطفال وحتى قتل النساء ولديهم فتاوى بهذا، واسترخصوا الدم المسلم وكفّروا الإنسان المسلم يقول لك كافر اقتله اقتل طفله ومرته وجهاله، اقتل الجميع، اقتلهم في السوق واقتلهم في المسجد واقتلهم، فكر منحرف عن القرآن الكريم ومخالف للقرآن الكريم.

لابد أن يعمل كل العلماء الصالحين وكل الأخيار في هذه الأمة وكل المتنورين من أبناء المجتمع على ترسيخ حرمة إزهاق النفس المحرمة، حرمة قتل الإنسان البريء حرمة قتل النفس البشرية بغير حق حتى تعود في الذهنية العامة في المسألة أهميتها، مستواها، حتى لا يتهاون الإنسان لاحظوا هذا التهاون ماذا ينتج عنه على مستوى المواقف العامة مثل هذه؟! قضية شعب بأكمله تستباح حياته؟! اليوم كل الشعب اليمني في المحافظات هذه الحرة مستباح الدم مهدر الدم، لاحظ يعني أكثر من 23 مليون مستباحين اليوم، قضية كبيرة جداً عند الله سبحانه وتعالى وإذا استهان بها الأغبياء والضالون والمنحرفون والطغاة والمجرمون، قضية خطيرة جداً شعب بأكمله مستباح، شعوب أخرى مستباحة، التكفيري قد أباح قتلها عن بكرة أبيها شعوب بأكملها، يقول لك: هؤلاء كلهم كفار، اقتلوهم عن بكرة أبيهم، يجوز قتل رجالهم ونساءهم وأطفالهم وشبابهم وشيوخهم، ويستحسن إن أمكن بالسكاكين وإلا فبالقنابل العنقودية وإلا بأي وسيلة من الوسائل.

المنافقون في هذه الأمة كالنظام السعودي والنظام الإماراتي نفس الشيء، يستبيحون بكل بساطة ولا يرون لهذه الدماء ولا لأرواح هؤلاء الناس أي حرمة، أما الأمريكي والإسرائيلي فهو كبيرهم الذي أباح لهم كل ذلك، وأرخص لهم كل ذلك، ووفر لهم الغطاء السياسي على المستوى الدولي، وساندهم بالخطة، بالرؤية، بالفكرة، بالإدارة، بالسلاح، بأشكال كثيرة جداً، ثم تأتي المشكلة تنزل إلى الواقع في داخل الشعوب نفسها كم تحصل من جرائم قتل، على المستوى العام شيء، وعلى المستوى الشخصي والفردي، أو المستوى أحياناً الجماعي، على مستوى قبيلة مع قبيلة أو قوم مع قوم أو منطقة مع منطقة أو أسرة مع أسرة أو بأي شكل من الأشكال، نأتي إلى هذه المشكلة فنراها في مستواها العام، الحكاية فيها مأساوية للغاية، حروب كبيرة جداً تشن، ضحاياها بالآلاف وكذلك على مستوى المجتمعات، مجتمع مع مجتمع، قبيلة مع قبيلة، منطقة مع منطقة، أسرة مع أسرة، إلى المستوى الشخصي شخص يتجرأ على قتل شخص بغير حق، جريمة خطيرة جداً يجب إعادة الوعي عن خطورة هذه الجريمة، ما يترتب عليها في هذه الدنيا من مآسٍ ونكبات وفعلاً يعني جريمة القتل جرح عميق، أي أسرة يقتل ابنها أو كبيرها أو صغيرها كم يترك ذلك من أسى إضافة إلى مظلومية الإنسان المقتول بغير حق، كم من المؤمنين المظلومين يقتلون والله ماذا يقول عن قتل المؤمن يقول الله تعالى (ومن يقتل مؤمناً متعمداً ) تعمّد قتله (فجزاؤه جهنم ) مصيره إلى جهنم والعياذ بالله (خالداً فيها) يعيش فيها (أبداً) إلى الأبد يحترق بنارها (وغضب الله عليه )سبب لنفسه غضب الله في الدنيا والآخرة (ولعنه ) لعنه واللعن من الله الطرد والإبعاد النهائي من الرحمة وحالة مقت وخزي للإنسان (وأعدّ له عذاباً عظيماً ) أعدّ له وهيأ له وجهز له عذاباً عظيماً يتعذب به في الآخرة والعياذ بالله، إضافة إلى الدنيا هناك الانتقام الإلهي من الطغاة والمجرمين والظالمين في الدنيا أيضاً.

هناك في مسألة القتل، القتل بحق، القتل بحق هو القصاص من القاتل عمداً وظلماً، يعني إنسان قتل إنسان متعمداً في قتله وليس خطأً وظلماً يعني ظالماً له هذه حالة بحق، القصاص بالحق، هناك الدفاع عن النفس شعب يدافع عن نفسه من جهة أخرى قررت العدوان عليه وشنت حرباً عليه، هؤلاء المظلومون الذين يدافعون عن أنفسهم في مواجهة بغي وعدوان عليهم بغير حق لهم مشروعية في أن يقتلوا وأن يقاتلوا وهنا تأتي المسؤولية الإيمانية في الجهاد في سبيل الله، حينما يقول الله تعالى (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون) المؤمنون هم يقتلون، يقتلون من؟! يقتلون الأبرياء! يقتلون المساكين! يعتدون على الناس بغير حق! يستبيحون دماء الناس من أجل أن يسيطروا على سلطة أو أن يحتلوا منطقة! أو أن يتغلبوا على أموال الناس وحقوقهم أو أن يستعبدوا الناس ويظلموهم؟! لا، الإنسان المؤمن حتى إذا قاتل هو يقاتل في قضية عادلة، قضية محقة، موقف محق، موقف محق مثل هذه.

الدفاع في مواجهة الطغاة والمجرمين والظالمين، الذين يتخذون هم القرار بالعدوان والحرب على الناس ويتجهون للعدوان، من هو الذي أعلن هذه الحرب؟! العدوان القائم على بلدنا من هو الذي أعلن هذه الحرب؟!.

هل شعبنا اليمني أعلن هذه الحرب على السعودية وعلى الإمارات؟! أم أن كل سكان المنطقة العربية بكلها فوجئوا بإعلان النظام السعودي من أمريكا؟؟!! عدوانه على هذا البلد ليتحرك تحت إشراف أمريكي وبرغبة إسرائيلية لتنفيذ هذا العدوان، ثم نأتي نحن لندافع عن أنفسنا لنواجه عدواناً ظالماً باغياً، مقاتلة الفئة الباغية الله يقول (فقاتلوا التي تبغي ) الله يقول ( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق )، أولئك الظلمة البغاة بغير الحق، المعتدين بغير الحق، المسؤولية عليهم في كل ما يسفك من دماء، في كل ما يزهق من أرواح، المؤمنون كما قال الله عنهم، يقاتلون، يقاتلون، جزء من مسؤولياتهم في هذه الحياة أدوارهم في هذه الحياة مهامهم في هذه الحياة يقاتلون، لكنهم ليسوا بغاة ليسوا معتدين ليسوا ظلمة مجرمين، هم أصحاب قضية عادلة، أصحاب حق، أصحاب مبادئ، أصحاب قيم، لا يستبيحون دماء الأطفال والنساء. أولئك يستبيحون وليس فقط يغلطون أو يخطئون إنما يستبيحون.

التكفيري يصدر فتاوى بإباحة دماء أصحاب المنطقة بكلها نساءهم وأطفالهم رجالهم وكبارهم وصغارهم، يقول له: اقصف، اقصفهم كلهم، سابر، يقتلوا كلهم الأطفال والنساء الكبار والصغار ما هي مشكلة.

من يأتي ليقتل الناس استرضاء لأمريكا تعزيزاً لنفوذه في المنطقة، تلبية لرغبة إسرائيلية، تلبية لطموح في النفوذ والسيطرة والاحتلال والتغلب والنهب والاستعباد والاستحواذ، ظلمة مجرمون يتوجب قتالهم، قتالهم من أوجب الواجبات، التصدي لهم والتصدي لجرائمهم وظلمهم من أوجب الواجبات وأكبر المسؤوليات.

نأتي إلى المستوى المجتمعي من المهم جداً أن يعزز الناس في أوساط المجتمع حرمة القتل بغير حق، حرمة القتل للأبرياء حرمة القتل للنفس المحرمة وعند النزاعات يمكن حل الكثير من النزاعات بالاحتكام إلى شرع الله ونهجه، وبالتصالح، لاحظوا في المجتمعات كثيراً ما تنشب حروب، حرب بين قبيلة وأخرى ليش؟ قال لك هناك نزاع على قطعة أرض، هناك نزاع على مصب مياه، هناك نزاع على محجر، هناك نزاع على مشكلة بين شخص من هذه القبيلة وشخص من تلك القبيلة، لا يجوز أبداً أن يلجأوا إلى الاقتتال لا يجوز، هذه كارثة هذه مصيبة هذه جريمة، يحتكمون إلى شرع الله أو يدخل بينهم المصلحون ليعملوا على الإصلاح في ما بينهم قبل أن تزهق روح واحدة أو تسفك قطرة دم واحدة بينهم، ليتعلم الناس هذه الثقافة ليلتزموا بهذه الأخلاق ليلتزموا بهذه الالتزامات والضوابط الشرعية الدينية، البعض من الناس عند أطرف مشكله أبسط مشكلة يبادرون إلى القتال أو إلى إطلاق النار على بعضهم البعض أو إلى الاقتتال بأي وسيلة حتى بالسلاح الأبيض، لا ينبغي ذلك، ليثقف الناس بحرمة ذلك وخطورة ذلك على حياتهم وأمنهم واستقرارهم، أحياناً تكون مشكلة تافهة جداً ثم تسبب لنكبة كبيرة لمنطقة بأكملها أو لقبيلتين وقد تستمر بعض الحروب لسنوات سنوات يقتل فيها الكثير من الناس، تترمل فيها الكثير من النساء يتيتم فيها الكثير من الأطفال تفقد تلك المنطقة ويفقد سكانها الأمن والاستقرار لفترة طويلة ويبقون في حالة رعب وخوف وقلق ومشاكل، مشاكل الثأر التي يتم فيها التعاطي بالشكل الجاهلي وبعيداً عن أحكام الشريعة الإسلامية، قتل عليك قريباً منك تذهب لتقتل أحداً من أبناء تلك القبيلة غير القاتل غير الجاني تريد شخصاً آخر إما من نفس أسرة ذاك الجاني أو من قبيلته أو من منطقته فترتكب جريمة على جريمة، وكان بإمكانك المتابعة للحصول على شرع الله في القصاص من غير أن ترتكب جرماً آخر وتحمل نفسك وزراً آخر وذنباً آخر، وتصير في حال مستوية مع ذلك الجاني تتحول إلى جاني آخر والله قد جعل لك في شرعه وكتابه سبيلاً آخر ونهاك عن الإسراف في القتل (ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً ) حينما تقتل غير الجاني أسرفت، أسرفت في القتل، وأصبحت جانياً كذلك مثله، هنا المسألة مسألة خطيرة جداً.

اليوم كل الوعاظ والمحاضرون والمثقِّفون كل الوعاظ والعلماء والمحاضرين والمثقفين يفترض أن يلحظوا في نشاطهم ملامسة هذه القضايا وأن يركز الجميع حتى الوجاهات الاجتماعية على حل الكثير من المشاكل التي إذا بقيت تسببت في المزيد من سفك الدماء، وأن يترسخ في الثقافة العامة والوعي العام حرمة هذه المسألة وخطورتها وما يترتب عليها من كوارث في واقع هذه الحياة.

 

(ولا يزنون ) بالحق يذكر في الشرع الإسلامي الأحكام ذكرنا بعضاً منها (ولا يزنون) الزنا، قرَن هنا كثالث جريمة كبيرة، الشرك بالله ,قتل النفس المحرمة والبريئة والمظلومة، الزنا، اقتران الزنا بهاتين الجريمتين “جريمة الشرك وجريمة القتل ” يدل على فظاعته على سوءه على خطورته باعتباره من أكبر الجرائم وفي مصفوفة الجرائم الكبرى ,الجرائم الكبرى بكل ما تعنيه الكلمة، جريمة كارثية تدنس النفس البشرية تحط من كرامتها، تفكك المجتمع وتدمر الأسرة ولها تداعيات وآثار تحدثنا عن بعض منها في ما سبق، ونحن هنا نعيد التأكيد على مسألتين، المسألة الأولى الحذر من خطوات الشيطان، الشيطان يستدرج الإنسان، هناك بعض من الناس قد لا يفكر أبداً بأن يتورط في جريمة الزنا، ولا يخطر بباله أنه سيتورط ولكنه يتساهل في خطوات الشيطان، خطوات الشيطان هي المقدمات، خطوة إثر خطوة تنزلق بالإنسان حتى يصل إلى الهاوية إلى الجريمة إلى الوقوع في الفاحشة والعياذ بالله الله قال (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) من الخطوة الأولى احذر القناة التلفزيونية التي تعرض مشاهد إباحية أو خليعة أو فاتنة احذرها تجنبها احذر من متابعة ذلك في شبكة الانترنت وفي مواقع التواصل الاجتماعي احذر من الكتب والمجلات التي لها نفس النتيجة إباحية مفسدة خليعة فاتنة مغرية تفسد النفس البشرية وتستميلها إلى الجريمة والعياذ بالله، احذر من الأماكن المشبوهة احذر من قرناء السوء قرناء السوء احذر منهم حتى لا يورطوك لا يؤثرون عليك، احذر أيضاً من المراسلات والعلاقات الغرامية المحرمة مع امرأة أجنبية تتراسل معها رسائل غرامية حتى تصل أنت وإياها إلى المحظور والعياذ بالله والمسألة من البداية محظور المراسلات الغرامية مع أجنبية، اتزوج اتزوج إذا أنت غير متزوج أو قوي علاقتك بزوجتك إذا أنت متزوج الغرامية والجنسية وغير ذلك الإنسان يحذر والله قال (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) ولا تقربوا يقول المفسرون عن هذا الاقتراب انهُ من خلال تلك المقدمات وتلك الخطوات التي تجر البعض بدأت علاقة برسائل عبر الجوالات وصلت إلى الجريمة البعض من خلال رسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي البعض من خلال تلك الآفات المتعددة والمتنوعة التي تستهدف مجتمعنا الإسلامي (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة) جريمة شنيعة فظيعة فضيحة بالغة الشناعة والقبح من أقبح وأرذل الجرائم تضربك حتى في شرفك وكرامتك فضيحة عار خزي كل شيء فيها يعني شناعة كبيرة جداً (وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ آثاما) يلقى آثاما الآثام هو جزاء الإثم أصبح آثماً يلقى جزاءهُ على ذلك (يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا) يتضاعف لهُ على جرائمه التي عاشها في هذه الحياة وتكرر لها وتكررت منهُ ويستمر فيها فيخلد في ذلك العذاب مهان يتعذب وبإهانة وبإهانة طبعاً لا يتسع الوقت للحديث عن بعض من الأشكال العذاب التي وردت في النصوص ولكن دخول جهنم أكبر إهانة ما يلقاه الإنسان فيها من الإذلال والتعذيب والألم الفظيع شرب القيح الذي يغلي ويشوي الوجوه أليس إهانة كل ما فيها إهانة قيودها إهانة عذابها إهانة وهناك أشكال من العذاب المهين لأصحاب هذه الجرائم (إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا) من تاب إلى الله رجع رجع إلى الله بالإقلاع الكلي عن تلك الجرائم والرجوع الصادق إلى الله سبحانهُ وتعالى بإيمان ورجوع عملي إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فرجوعهُ رجوع عملي رجوع استقامة على نهج الله سير في طريق الله استقامة على خط الله ونهج الله وصراط الله وخروج كلي عن طريق الإثم طريق المعصية طريق الذنب طريق الجريمة، هذا الرجوع العملي يحدث تحولا كاملا في حياة الإنسان أصبحت صاحب أعمال صالحة بدلا من الأعمال السيئة هذه الأعمال الصالحة أصبحت هي في ذاتها حسنات تترك أثرا حسنا في النفس وأثرا حسنا في واقع الحياة ويعطيك الله عليها الحسنات والجنة، على أعمالك الصالحة على توبتك وإنابتك بدلا من أن تسير في طريق السيئات التي أثرها سيئ على نفسك وأثرها سيء في واقع الحياة ونتائجها سيئة في العذاب الشديد، أصبحت في الطريق الصحيح الذي أعماله صالحة، أثرها حسن في النفس، حسن في الحياة نتائجها حسنة الجنة ورضوان الله (وكان الله غفورا رحيما) طبعا الجهلة من الناس يفسرون هذه الآية بالافتراء على الله والكذب وبغير التفسير الصحيح ويقولون يعني تتحول تلك السيئات الفظيعة إلى حسنات لا، لا تكون السيئة بنفسها تنقلب بنفسها إلى حسنة، السيئة سيئة والحسنة حسنة والعمل الصالح غير العمل السيئ إنما المعنى كما ذكرنا الآن.

(وكان الله غفورا رحيما) (ومن تاب وعمل صالحا) رجع إلى الله رجوعا صادقا بالعمل الصالح رجوع عملي استقامة على نهج الله فإنه يتوب إلى الله متابا رجوعا صادقا عظيما يترتب عليه النتيجة العظيمة التي وعد الله بها.

نكتفي بهذا المقدار، نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه مرضاته، أن يكتبنا في هذا الشهر الكريم من عتقائه ونقذائه من النار أن يرحم شهداءنا وأن يشفي جرحانا وأن يفرج عن أسرانا إنه سميع الدعاء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

قد يعجبك ايضا