زيارة عمران خان إلى السعودية.. قراءة في المضمون والنتائج
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
في أول زيارة خارجية له بعد توليه رئاسة الحكومة الباكستانية، حطّ عمران خان رحاله في الرياض، فيما كانت دولة الإمارات محطته الثانية قبل عودته إلى إسلام إباد.
عمران خان الذي وصل إلى الحكم من خلال رفع شعارات مكافحة الفساد ومعالجة البطالة ووضع حدّ للتفاوت الطبقي وتحسين الأوضاع الاقتصادية للشعب الباكستاني، يسعى لتحقيق هذه الشعارات من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية إلى بلاده، ومن ناحية أخرى أعلن خان خلال حملته الانتخابية عن تحقيق سياسة خارجية قائمة على تحسين العلاقات مع جميع دول الجوار، ورفض مشاركة القوات العسكرية الباكستانية في أي عمليات خارج البلاد، لذلك فالسؤال القائم هو: إلى أي مدى سينجح عمران خان في تجنّب الضغوط السعودية الرامية إلى جرّ إسلام آباد إلى توترات الشرق الأوسط؟
كان خان قد وصف في أول خطاب له بعد توليه رئاسة الوزراء، الوضع الاقتصادي لبلاده بغير الجيد، وقال: “لم نشهد في تاريخ باكستان ظروفاً اقتصادية سيئة بالقدر الذي نشهده اليوم”، حيث وصل عجز الموازنة في أواخر يونيو/حزيران إلى 6.6 من الناتج المحلي الإجمالي، فيما بلغت الديون الخارجية لباكستان 95 مليار دولار، والتي تقع كجبل من الديون على كاهل اقتصاد باكستان الضعيف، كما بلغ العجز التجاري 38 مليار دولار، في ظل تناقص كبير في الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية وصل إلى 6 مليارات دولار في السنة.
ويأتي هذا في الوقت الذي قطعت فيه أمريكا جزءاً مهماً من مساعداتها المالية عن باكستان نتيجة التوترات الأخيرة بين البلدين، وهذا بدوره زاد الوضع الاقتصادي لإسلام آباد سوءاً.
في هذا الإطار أعلن عمران خان عن سياسة اقتصادية قائمة على التقشف وفرض زيادة في الضرائب على الطبقة الثرية والمتوسطة، مؤكداً على ضرورة العمل على سداد مقدار أكبر من ديون المقرضين الدوليين.
لذلك فإن أحد أهم أهداف زيارة عمران خان إلى السعودية هو الحصول على مساعدات مالية، الأمر الذي يدركه الملك السعودي وولي عهده اللذين وجّها الدعوة لهذه الزيارة، ففي عام 2014 وبالرغم من أنه لم يمضِ سوى ستة أشهر على آخر قرض حصلت عليه باكستان من صندوق النقد الدولي، قدمت الرياض 1.5 مليار دولار لدعم العملة الباكستانية، وخلال الشهر الفائت، أعلنت باكستان أنها في صدد تقديم طلب قرض إلى بنك التنمية الإسلامي الذي تعتبر السعودية أهم داعميه، حيث استجاب البنك بإعطاء وعود بمنح 4 مليارات دولار.
من ناحية أخرى فإن كلّاً من السعودية والإمارات تستضيف على أراضيهما عدداً كبيراً من العمالة الباكستانية، التي تشكّل أحد مصادر العملة الأجنبية لباكستان، لذلك من المتوقع أن يكون بحث الصعوبات التي تعاني منها العمالة الباكستانية في هذه الدول على جدول المناقشات الاقتصادية بين خان وقادة الرياض وأبو ظبي.
إلا أن الموضوع الاقتصادي لن يكون المحور الوحيد على طاولة المناقشات الباكستانية السعودية، حيث من المتوقع أن يحتل موضوع التعاون العسكري بين الجانبين، حيزاً من النقاشات، خاصة فيما يتعلق بتدريب الجيش السعودي على يد الخبراء الباكستانيين، كما أن السعودية تسعى إلى جرّ عمران خان لإعلان دعم التحالف السعودي على اليمن، في محاولة لاستعادة بعض ماء الوجه الذي أريق بفعل الجرائم التي تسببها العدوان على الشعب اليمني، حيث لم يبقَ عملياً إلى جانب السعودية في التحالف إلا دولة الإمارات، فيما عزفت بقية الدول عن المشاركة الفعالة في العدوان.
في الحقيقة إن قيام السعودية بدعوة عمران لزيارتها، ومحاولة استمالته بالمساعدات المالية التي تحتاجها باكستان، جاء بفعل المخاوف من صعود حزبه (حركة الإنصاف الباكستانية) إلى سدة الحكم، وهزيمة الحزب الحليف لها (الرابطة الإسلامية الباكستانية) في الانتخابات الأخيرة، ولاسيما أن خان قد وعد خلال حملته الانتخابية بتقوية العلاقة مع طهران، وأعلن رفضه القاطع للعدوان على اليمن، كما أن هناك موقفاً سلبياً لحركة الإنصاف الباكستانية من الدور السعودي الأمريكي في دعم داعش في أفغانستان والمناطق الباكستانية المحاذية (في بيشاور وهانغو).
وعليه وبتقييم شامل للزيارة، يمكن القول بأن زيارة عمران خان للسعودية مع ما تحمله من أهمية اقتصادية لإسلام أباد، للعبور من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها، إلا أن هذا لا يعني تراجع خان عن وعوده الانتخابية في السياسية الخارجية، والتساوق مع السعودية في أهدافها الاقليمية بما يخص مسائل اليمن وفلسطين والموقع العدائي من طهران، كما أن عمران خان لا يعتمد في الأمور الاقتصادية بشكل كلي على السعودية، بل يعمل على تعزيز التعاون مع الصين على الخصوص في مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني إلى بحر العرب، كما أنه من غير المتوقع أن يجازف خان بشعبيته من خلال المشاركة في الجرائم السعودية على اليمن، أو إبداء تعاون مع السعودية يدعم صفقة القرن.