قال موقع "كالكاليست" العبري إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اضطر إلى وقف الحملة الجوية الأميركية–البريطانية على اليمن في مايو 2025، نتيجة ما وصفه التقرير بـ"أسباب خفية"، وفي مقدّمتها صاروخ يمني واحد أطلقته قوات صنعاء باتجاه حاملة الطائرات الأميركية "هاري ترومان"، وكاد أن يصيبها، ما تسبّب بحالة هلع في البنتاغون، وأدى إلى إيقاف العملية خوفًا من كارثة استراتيجية وعسكرية قد تُحرج واشنطن داخليًا وخارجيًا.

وفي تقريرٍ موسع نشرته الصحيفة العبرية أعدّه الصحفي "نيتسان سادان"، تم توثيق تفاصيل ما وصفه بـ"الليلة التي خاف فيها ترامب"، حيث كشف أن حملة "الراكب الخشن" التي شنّتها واشنطن ولندن ضد شمال اليمن باءت بالفشل، ليس فقط لأسباب ميدانية، ولكن لأن الجيش اليمني – حسب وصفه – أظهر قدرة ردع صاروخية جعلت البحرية الأمريكية تعيد حساباتها بالكامل.

وبحسب التقرير، فإن الرئيس ترامب أعلن وقف القصف في 5 مايو، زاعمًا أن "الحوثيين طلبوا التهدئة"، إلا أن الحقيقة – كما كشفها التقرير – أن البنتاغون حذّر الرئيس من أن أي استهداف مباشر لإحدى السفن الأميركية، خاصة حاملة الطائرات "هاري ترومان"، سيكون بمثابة كارثة استراتيجية وإعلامية، وقد يُجبر واشنطن على الانخراط في غزو بري لشمال اليمن، وهو ما لا تريده القيادة الأمريكية بأي ثمن.

وفي سردٍ مفصّل لما حدث، كشف التقرير أن قوات صنعاء أطلقت في ليلة 28 أبريل صاروخًا باليستيًا دقيقًا نحو الحاملة "ترومان"، بعد تحديد موقعها عبر معلومات استخباراتية دقيقة، وأمطرت المسار البحري بمجموعة من الصواريخ والطائرات المسيّرة في هجوم مركب أربك أنظمة الدفاع الأميركي.

الصحيفة زعمت أنه ورغم عدم إصابة الصاروخ لهدفه بشكل مباشر، إلا أن حاملة الطائرات العملاقة اضطرت إلى تنفيذ مناورات مراوغة حادة، وصلت إلى درجة ميلان 20 درجة، ما أدى إلى انزلاق طائرة مقاتلة من نوع F-18 عن سطح الحاملة وسقوطها في البحر، وهي طائرة تُقدّر قيمتها بـ70 مليون دولار. وأكد ضابط في البحرية الأميركية أن سطح السفينة اضطر للانحدار خلال المناورة لدرجة جعلت الطائرة تنفصل عن حبال التثبيت وتطير نحو الماء.

وأشار التقرير إلى أن الصاروخ الذي تم إطلاقه يبلغ مداه أقل من 300 كيلومتر، ويُحلق في مسار انحداري حاد ويصل إلى سرعة تفوق سرعة الصوت، ما يجعل اعتراضه مهمة شبه مستحيلة. ويزن رأسه الحربي 650 كجم، ويُعد أحد أخطر الصواريخ التي تملكها صنعاء حاليًا في ترسانتها البحرية.

ووصف التقرير هذا النوع من الصواريخ بأنه "الجوكر" في ترسانة أنصار الله، مشيرًا إلى أنه يختلف عن الطائرات المسيّرة أو صواريخ الكروز من حيث طريقة الطيران والرصد والاستهداف، ويُعد تهديدًا استثنائيًا لحاملات الطائرات الأميركية. واعترف الموقع بأن دفاعات البحرية الأميركية لم تنجح في اعتراض الصاروخ بالكامل، خاصة مع تعقيد الهجوم وتزامنه مع موجات من الطائرات المسيّرة.

وأكد التقرير أن واشنطن أدركت في تلك الليلة حجم الفجوة بين المكاسب والخسائر، وأن ترامب خشي من أن يؤدي استمرار العملية إلى صورة كارثية تُظهر حاملة طائرات أميركية مشتعلة تُسحب نحو ميناء قريب، وهو ما سيفضح أميركا في عيون العالم، ويُسقط صورة "الرئيس الحديدي" التي يسعى ترامب لتسويقها قبيل الانتخابات.

وأمام هذه الصورة، قال التقرير، اقتنع فريق الرئيس أن "الحوثيين" يجب التعامل معهم سياسيًا لا عسكريًا، وأن الكلفة ستكون باهظة إن استمرت الضربات، خاصة بعد أن أظهرت صنعاء أنها تملك منظومات متطورة قادرة على تهديد أعظم القطع البحرية الأميركية.

التقرير أشار أيضًا إلى أن القوات المسلحة اليمنية، رغم وقفها للهجمات على السفن الأميركية منذ مايو، لم تتوقف عن استهداف السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني، وأن عملياتها مستمرة وفي تصاعد.

وفي اعتراف ضمني بقوة صنعاء، قال الموقع إن "الحوثيين حُفاة لكنهم أذكياء"، وأنهم نجحوا في جعل العالم يبدو مرتبكًا أمامهم، رغم أن الجميع كان يظن أنهم مجرد "جماعة"، مشيرًا إلى أن واشنطن و"تل أبيب" فشلتا في منعهم من تهديد الممرات البحرية، وأن الصواريخ اليمنية تواصل إرعاب السفن رغم عدم إصابتها المباشرة.

وبهذا، يقرّ الإعلام العبري أن عملية "الراكب الخشن" لم تتوقف برغبة أميركية ولا بتفاهمات، بل بضربة صاروخية يمنية واحدة، غيّرت قواعد الاشتباك، وكسرت هيبة القوة الأميركية في عرض البحر، وأثبتت أن اليمن لم يعد ذلك البلد السهل الذي تُقصف مدنه من الجو دون رد، بل بات رقماً صعباً في معادلة المنطقة، يحمل في يده زمام البحر، ويتقدّم ببوصلة لا تحيد عن القدس.