ملامح الوقفة التعبوية للعدو الصهيو أمريكي!!
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||إيهاب شوقي/ العهد الاخباري
حفلت الجمعية العامة للأمم المتحدة بخطابات واجتماعات على الهوامش، وتسريبات واستنتاجات، وتميزت هذا العام بمميزات تتكرر عند كل مرحلة مفصلية، ومفادها التركيز الشديد على بلد مستهدف بعينه أو محور يهدد الهيمنة، يراد تشكيل تحالف عالمي ضده.
وهذا العام كان الكلام واضحا بالتركيز على إيران، مما شكل لدى الكثير من المحللين عودة بالذاكرة لاستهداف العراق وكلمة كولن باول الشهيرة في فبراير 2002 قبيل غزو العراق، والتي وصفها وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية السابق كولن باول ووصف دفاعه عن تقرير بلاده حول أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة أمام الأمم المتحدة بأنه “وصمة عار في مسيرته السياسية”. واعتبر أن الأمر” مؤلم له”، وذلك في مقابلة له مع قناة ABC التلفزيونية الأمريكية.
وإن تشابهت الحشود الاستخباراتية والمزاعم والتخطيطات والذرائع، الا أن الفروق كبيرة، سواء في توازنات الردع، أو في مستجدات الأوضاع الدولية وتراكماتها التي ولدت أوضاعا استراتيجية وعسكرية دولية جديدة مختلفة، وإن بقي جوهر المعسكرات شبه ثابت.
واليوم وبعد تطور الاحداث في سوريا واليمن والعراق، وبعد خيبة المشروع الاستعماري والهزائم التي تلقاها بفضل صمود مقاومة الهيمنة وبطولات الجيش السوري والمقاومة على الارض، فإن هناك على ما يبدو وقفة تعبوية للعدو الصهيو – امريكي وتوابعه في المنطقة، ويمكن أن نرصد شواهدها مباشرة فيما يلي:
1/ ما بدا أنه تراجع في صفقة القرن المزعومة وخفوت الحديث عنها إعلاميا.
2/ ما بدا أنه تراجع عن أحادية الحل الأمريكي الصهيوني للقضية الفلسطينية، وما نقل عن ترامب من أنه (يحب حل الدولتين)، وما تسرب حول العودة لهذا الحل في اجتماعات في اروقة الامم المتحدة على هامش الجمعية العامة.
3/ اللقاءات العربية الاسرائيلية التي عقدت في توقيت يفترض أنه يشهد خلافا جذريا بعد التمسك الأمريكي الصهيوني بنقل السفارة الأمريكية الى القدس المحتلة.
وفي تقرير لموقع ديبكا الصهيوني الاستخباراتي، نقل التقرير قول الرئيس دونالد ترامب للمرة الأولى إنه “يحب حل الدولتين” خلال مؤتمر صحفي مشترك في مركز الأمم المتحدة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال اجتماعهما، وقال إن خطته للسلام لـ “إسرائيل” والفلسطينيين سيتم إطلاقها خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر بشرط أن تكون “جيدة لكلا الطرفين”. وقال إن “إسرائيل” ستضطر إلى القيام بشيء جيد من أجل “الطرف الآخر”.
ومن شواهد لجوء العدو لوقفة تعبوية، هو ما يتسرب من تعقيدات في ملفات معسكرات العدو وكذلك من الشواهد على الجبهات، ومن هذه الشواهد يمكننا رصد ما يلي:
أولا: على الصعيد الأمريكي، نقلت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، ان إعلان بولتون أن الولايات المتحدة ستحتفظ بوجود عسكري في سوريا طالما أن إيران لديها قوات هناك، هو ما جعله على خلاف مع تأكيد البنتاغون الذي طال أمده على أن ما يقرب من ألفي جندي أميركي موجودون في سوريا لغرض واحد: لضمان هزيمة “داعش”. وخلص التقرير الى انه من المحتمل أن يتقاسم ماتيس وبولتون مخاوف مماثلة بشأن إيران، كما يقول الخبراء. لكن وزير الحرب لديه سبب لتقديم جبهة أكثر حذراً في سوريا. لسبب واحد، فإن المشرعين في الكونغرس يرفضون ما يعتبرونه توسعًا غير قانوني في مهمة الولايات المتحدة في سوريا، وهو أمر يستند بشكل قانوني إلى القتال ضد الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة، وليس بلدًا مثل إيران. في الوقت نفسه، على الأرض، يشكل التصعيد خطراً حقيقياً على القوات الأمريكية من وكلاء إيرانيين، والقوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، والقوات الروسية، وفقا لوصف المجلة.
ثانيا: وعلى صعيد الأوضاع على الارض، سربت التقارير الغربية (الرصينة) انه قد تم الكشف عن شيء أوسع، وأكثر شمولية، وهجوم على الأرض أيضًا، نشأ من المناطق التي تسيطر عليها الولايات المتحدة في جنوب سوريا في التنف ومن المناطق الكردية / قوات الدفاع الشعبي، ونقلت المصادر التي تتبعت التعزيز العسكري في هذه المناطق إلى أمريكا تسليح وتدريب وحدات “داعش”، تحت علم “أسود الجيش الشرقي”، وقالت التقارير ان الأسود الحقيقية للشرق كانت ميليشيا قبلية من منطقة دير الزور… وهم الآن “يولدون من جديد” من سجناء “داعش” السابقين الذين تم إطلاق سراحهم من السجن في الحسكة والرقة، وتم تسليحهم وتدريبهم من قبل القوات الخاصة بالجيش الأمريكي. ومن هناك ، تم نقلهم إلى التنف والمخيمات في شرق سوريا حيث تم تعزيزهم من قبل قيادة “داعش” التي تعمل تحت حماية الولايات المتحدة، كما أكدت مصادر متعددة.
ثالثا: على الصعيد الاسرائيلي، هناك ارتباك واختلافات في التقدير الاستراتيجي، حول الصدام الاسرائيلي الروسي، وكذلك حول جهوزية جيش الاحتلال وبنيته التحتية لمواجهات تؤدي اليها السياسات الراهنة، ولعل الكاتب الاسرائيلي عكيفا الدار، لخص المخاوف والاوضاع في مقال حديث له في المونيتور، بالقول ان “العلاقات الاستراتيجية بين الدول ذات المصالح المشتركة لا تتغير بين عشية وضحاها بسبب خطأ تشغيلي، فقد تغيّرت حالة العلاقات الإسرائيلية الروسية عندما أعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين روسيا إلى دورها كفاعل مركزي في الشرق الأوسط في نفس الوقت الذي تعاون فيه نتنياهو مع ترامب في الصراع مع إيران… وقد ولدت الضجة التي أطلقها ترامب نفسه أثناء وقوفه على منصة الأمم المتحدة الضحك في قاعة الجمعية العامة. إن عجز ترامب الواضح في ضوء تماسك المحور الروسي – الإيراني في الشرق الأوسط ليس مضحكا بأي شكل من الأشكال. إن الخطأ الذي ارتكبه رئيس وزراء “إسرائيل”، سوف ينتهي بالبكاء”.
رابعا: على الصعيد الإقليمي يمكن رصد عودة الحديث المكثف عن تحالف استراتيجي عربي امريكي بالاشتراك مع “اسرائيل” تحت مسمى اعلامي وهو (الناتو العربي) لمواجهة محور المقاومة.
ومن هذه القراءات وهذا الرصد يمكننا استنتاج ملامح الوضع الراهن او ما يمكن ان نطلق عليه (ملامح الوقفة التعبوية للعدو)، ويمكن ان نلخصه فيما يلي:
1/ تسكين التصعيد السياسي والاعلامي بخصوص القدس المحتلة والتسوية النهائية، والحديث عن حل الدولتين مجددا كمسوغ ومبرر لإقامة تحالف استراتيجي علني بين دول عربية وامريكا و(اسرائيل)، تزامنا مع تكثيف المزاعم بخطورة ايران ومحور المقاومة لتسويغ ذلك داخليا في المنطقة العربية، وعالميا كذريعة لعدوان محتمل او على الاقل لتبرير سياسات الحصار والعقوبات، بما فيها على الروس باعتبارهم مساندين لـ(ارهاب محور المقاومة).
2/ خلق بؤر استنزاف جديدة لروسيا والجيش السوري وفصائل المقاومة، عبر دعم تشكيلات من فلول داعش والنصرة وبعض القبائل والعشائر الموالية تحت حماية امريكية تنطلق من اماكن التمركزات الامريكية وتحت حماية الغطاء الفرنسي البريطاني الامريكي، لإطالة أمد المعارك ولخلق اوضاع اشتباك حرجة بين القوى الكبرى لتعقيد الحل السياسي واي تسويات تصب في صالح الروس ومحور المقاومة.
3/ الرهان طويل الأمد على استنزاف المقاومة وعلى الحصار والعقوبات باعتبار ذلك سيقود الى عدم تمدد المحور ومع الوقت الى انهيار اقتصادي ومعنوي في صفوفه.
يبد ان هذه خطط العدو، ويبدو ان العدو لا يعلم ولم يتعلم بعد ان صمود المقاومة هو خيار استراتيجي وعقائدي، وان رهاناته ستكون كسابقاتها خيبة مضافة له، وان تحليل الكاتب الاسرائيلي عكيفا الدار، سيكون صائبا عندما قال: إن الأمر سينتهي بالبكاء!