المنح الأميركية للسوريين.. إعلان توطين وأهداف جهنمية

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || العهد الاخباري: عبير بسام

يبدو أن بدء تاريخ اهتمام الجامعات الأميركية باللاجئين السوريين مثير للشبهات، لأنه توافق تماماً مع رفض الغرب السماح بتسهيل وتمويل عودتهم إلى بلدهم، سوريا، وبدأ بوضع العراقيل في وجه هذه العودة. وترافق مع بدء إنتصارات الجيش العربي السوري منذ العام 2017، وخاصة تحرير الأراضي التي كانت تنتشر فيها القوى الإرهابية من “النصرة” و”داعش”، وغيرها. إذ أذن التحرير ببدء عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وخاصة إلى المناطق التي باتت آمنة، ولوّح بانتهاء الأزمة السورية. فعادت حينئذ الوعود التي أغدقت على الدول التي تستقبلهم بزيادة المساعدات، وبالترهيب في حال السماح بهذه العودة. وضمن المغريات التي قدمت جاءت المنح المقدمة للجامعات الأميركية من أجل استقبال الطلاب السوريين اللاجئين وغير اللاجئين من خلال منح كاملة تدفع لهم في داخل لبنان.

التدخل الأول كشفت عنه هناء الغالي، الأستاذة في كلية التربية في الجامعة الأميركية في بيروت، في مقال نشرته في جريدة الأخبار، في آذار/مارس من العام 2017 كشف عن دراسة أنجزها فريق رلى برجاوي، منسقة برامج معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية، وذلك بتكليف من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). حيث لحظ التقرير انخفاض نسبة التعليم العالي بين اللاجئين السوريين، ليس في لبنان فقط، بل في تركيا والأردن وإقليم كردستان. وهدف إلى تقييم الثغرات حول التحاق اللاجئين بالجامعات وفهم الأولويات والحاجات. وجاء في التقرير أنه قبل الحرب فإن الشبان والشابات الذين تتراوح أعمارهم ما بين (18-24) منهم 26% من الشباب والشابات السوريات الذين يعيشون في المدن و17% من شباب الأرياف و15% من شابات الأرياف كانوا يلتحقون بالتعليم الجامعي. بينما انخفضت اليوم النسب ما بين الشبان (إناث وذكور) لتصبح 20% ما بعد الحرب. ويتابع التقرير ان نسب الذين يلتحقون بالتعليم الثانوي في بلدان اللجوء هي اقل من 2% في تركيا، و8% في الأردن، و8% في مصر، و6% في لبنان. وكما يتابع التقرير توصيف حال التعليم ما بين اللاجئين السوريين والتسرب الذي يحدث مباشرة ما بعد الحلقة التعليمية الإبتدائية الثانية.

ومن التوصيات التي لحظها التقرير حول لبنان، أنه يجب على المجتمعين الدولي والمحلي في لبنان أن يقدروا مدى تأثير وجود اللاجئين السوريين في لبنان، وأن أي حل يمكنه أن يستجر التوتر حول الوجود السوري في لبنان لن يكون حلاً مناسباً. وأن الحلول لمشكلة التعليم العالي للاجئين السوريين في لبنان يجب أن يهدف إلى استفادة الطلاب اللبنانيين والمجتمع اللبناني منه. وبناء عليه فقد نظمت في الجامعة الأميركية في بيروت، في شهر شباط/ فبراير من هذا العام ورشة تدريبية ضمن إطار “اندماج السوريين في التعليم العالي في لبنان من خلال الإعتراف وتمكين مؤهلاتهم الأكاديمية”. أي المطلوب اليوم من لبنان الإعتراف بالمؤهلات الأكاديمية للسوريين من أجل المتابعة في الجامعات اللبنانية.

ينتشر الإعلان حول المنح التي تمنحها الجامعات الأميركية وجامعة هاكازيان، التي تقدم المنح للأرمن السوريين، في لبنان، على الصفحات الإلكترونية للجامعات. وقد ذكرت “الديلي ستار” اللبنانية أن الجامعة الأميركية في بيروت تلقت مساعدات بقيمة 24 مليون دولار أميركي كمنح لمئتي طالب سينضمون للجامعة خلال التسع سنوات القادمة خصصت لـ 160 طالبا لبنانيا والتي ستدفع 66 مليون دولار لدراستهم و40 طالبا سيستفيدون من برامج العمل مقابل الدراسة. كما أن المنحة مخصصة لتعليم 40 طالباً لاجئاً لمدة أربع سنوات يرتادون المدارس اللبنانية من القطاعين العام والخاص، بما فيها مدارس الأونروا. على أن تكون أوضاع الطلاب المختارين قانونية ومسجلين كلاجئين في الدولة اللبنانية. والذي يقدم هذه الأموال هو الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي تابعة لوزارة الخارجية الأميركية.

كما أن هناك العديد من المنح أعطيت لطلاب سوريين تقدموا بطلباتهم للدراسة في لبنان عن طريق المؤسسات الثقافية الأميركية والأوروبية، وحتى الجمعيات الأهلية اللبنانية، ومنها الجمعية اللبنانية للأبحاث العلمية. وتؤمن المنح كافة المصاريف من رسوم جامعية وإقامة ومصروف شخصي وتكاليف سفر وتأمين صحي وبدل طعام وكمبيوتر خاص لكل منهم، مع فرصة دراسة فصل دراسي كامل في الولايات المتحدة، إضافة إلى تسهيل الحصول على الإقامة في لبنان. المنح تعطى للطلاب السوريين في الجامعات حول العالم ومنها الجامعتان اللبنانية الأميركية والجامعة الأميركية في بيروت. وينطبق الأمر على برنامج للمنح الدراسية في الأردن ومصر، ضمن برنامج وضعته الإدارة الأميركية تحت عنوان “قادة الغد” ويهدف إلى بناء كوادر قيادية في سن الجامعة يتمتعون بالثقافة والمهارات الفكرية والمهنية المطلوبة أميركياً. كما تقدم أيضاً بعض المنظمات المدنية الأميركية، ومنها جسور، التي تضع عنواناً لها بأنها منظمة أميركية خيرية، تشكلت في العام 2014 وتهدف إلى اندماج اللاجئين السوريين في أماكن وجودهم وتعمل على تسخير الطاقات الهائلة للمغتربين السوريين حول العالم لدعم تنمية بلادهم، ومساعدة الشباب السوري في اطلاق طاقاتهم وذلك من خلال برامج أكاديمية للطلاب وبرامج مهنية للشباب وبرامج لدمج وإشراك مجتمع المغتربين السوريين في جميع أنحاء العالم، هذا ويتم تمويل جسور من قبل وزارة الخارجية الأميركية مباشرة.

والهدف المطلوب من تأمين المنح الدراسية هو ما أعلنته “هارييت مور” مديرة معهد الرجاء العالمي في كلية لندن الجامعية، خلال مؤتمر أقيم فيها في بريطانيا في العام الماضي، حين وجه الدكتور جوزيف جبرا رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية سؤاله إليها، خلال كلمته حول اللاجئين السوريين وشرحه لأوضاع اللاجئين وظروف المعيشة السيئة في لبنان، مؤكداً أن الجامعة اللبنانية الأميركية تعطي منحاً للسوريين. سأل جبرا، أمام الحاضرين ومنهم فضلو خوري رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، والسفير اللبناني في بريطانيا، عن سبل تأمين الحياة الأفضل لهم ودمجهم في المجتمعات التي لجأوا إليها، ومنها لبنان. فأجابته مور، أن ذلك ممكن من خلال إقامة مقاربة رباعية الخطوات والتي سيخاطب فيها اللاجئون والمجتمع المضيف من اجل العمل معاً على تحسين البيئة التي يعيشون فيها، وأنه باستطاعة المعاهد أن تساعد اللاجئين من أجل توسيع مقدراتهم من اجل الإزدهار، وأن تقدم الفرص التعليمية للمجتمع واللاجئين الذين يستضيفونهم، ومتابعة النمو الإقتصادي والتأكيد على أن يكون اللاجئون جزءاً منه. ثم عرضت مور التجربة اليونانية “مشروع كباريلا” في شمال أثينا، والتي “استخدمت اللاجئين في حراثة الأرض هناك. في البداية، كان لدى السكان تحفظات وشكوك حول الإستعانة باللاجئين السوريين من أجل العمل في الأراضي المهجورة غير أنهم فيما بعد تعاونوا معهم على إنجاز المشروع الذي أثبت أنه جاء لمصلحة الجميع”. أي أن المطلوب لتحسين أوضاع السوريين في لبنان، هو محاولة دمجهم على غرار تجربة كباريلا.

الطلاب السوريون الذين يمنحون المنح للدراسة في الجامعات الأميركية في لبنان ليسوا فقط من اللاجئين، ولكن يتم استقطاب الطلاب المتفوقين في داخل سوريا في الدراسات الثانوية والذين تبلغ معدلاتهم الـ 90% في نتائج الإمتحانات الثانوية، أي أنها تحاول استقطاب المتفوقين السوريين. واللجان التي تعطي هذه المنح تقوم بإجراء مقابلات مع الطلاب المتقدمين، والتي يطرح عليهم فيها بعض من الأسئلة التي تسعى إلى اكتشاف التوجه السياسي للطلاب المتقدمين، وهي موجهة للسوريين في مختلف الجامعات حول العالم. وتوجه الجامعات الأميركية يسعى بالطبع نحو استقطاب المنح التعليمية، أي استقطاب الأموال.

هذه العناوين الجميلة التي تضعها “جسور” وغيرها من المنظمات على صفحاتها الإلكترونية، إنما تهدف جميعها إلى منع عودة اللاجئين السوريين حول العالم إلى بلادهم، إلا بعد أن يعاد تأهيلهم بحسب القيم الأميركية. والمغريات تقدم من خلال منح فرص التعلم في الجامعات. والمضحك أن الطلاب الذين يريدون العودة، أهدافهم هي بناء نظام صحي متطور وبناء معامل للكهرباء، وغير ذلك من الخدمات التي كانت سوريا من روادها في العالم وما تزال، وما تراجع منها دمر على يد رواد الفورة، من ارهابيين وجماعات مسلحة. والأمر الثاني اللافت والخطير، أن هذه البرامج هي ممتدة لفترة لأكثر من تسع سنوات، وهذا ما يدل على هدفين خفيين، الأول يتمثل في النية الدولية لإطالة عمر الأزمة في سوريا، والثاني في ضمان إنتاج أجيال خارج نطاق العروبة والوطنية والثوابت، والتي ستأتي معلبة، لو قدر لها العودة والحكم، من أجل فرض القرارات الأميركية في قلب العروبة: سوريا. وأما الهدف المعلن والواضح فهو توطين اللاجئين السوريين في لبنان والأردن بالتأكيد.

احصاءات

بلغ عدد سكان سورية(*) المسجلين في سجلات الأحوال المدنية مع بداية 2009 نحو 230278 مليون نسمة منهم 11567 مليونا ذكورا و11460 مليونا إناثا.

وصل عدد طلاب الدراسات العليا في الجامعات السورية خلال 2008 إلى 12330 طالبا موزعين بين 2944 لدرجة الدبلوم و 8663 للماجستير و723 للدكتوراه مقابل 205 طلاب لدرجة الدبلوم في التعليم الموازي و348 للماجستير. وبلغ عدد الخريجين للدراسات العاليا في هذه الجامعات 2648 خريجا منهم 1374 للدبلوم و1148 خريجا للماجستير و126 خريجا للدكتوراه.

(*) احصاءات غير رسمية

بالأرقام

نشر موقع [بزنس 2 بزنس سوريا] في 25/04/2017 أن آخر إحصائية متوافرة لدى وزارة التعليم العالي أكدت أن عدد طلاب التعليم المفتوح على قيود الجامعات السورية بلغ لغاية عام 2016 نحو 173 ألف طالب، يتوزعون على 19 برنامجا، منهم  50 ألفا من الذكور و80 ألفا من الإناث.

وأن نسبة الخريجين من برنامج التعليم المفتوح في جميع الجامعات السورية لم تتجاوز 10% فقط خلال عام 2016 في حين تجاوزت النسبة 13% عام 2014 إذ بلغ عدد الخريجين 6300 طالب من أصل نحو 218 ألف طالب.

وتبين الأرقام أن الكتلة الأكبر من الطلاب تتركز في جامعة دمشق، إذ تضم  نحو 74 ألف طالب وطالبة، تليها جامعة تشرين بنحو 23 ألف طالب ومن ثم حلب بنحو 10 آلاف طالب فقط، فالبعث بنحو 3000 طالب.

ووفق الإحصائية فإن برنامج الترجمة أكثر البرامج إقبالا ويبلغ عدد الملتحقين به 29 ألف طالب يليه برنامج المحاسبة 16 ألف طالب ومن ثم رياض الأطفال بنحو 12 ألف طالب، ومشروعات صغيرة بنحو 11 ألف طالب.

 

قد يعجبك ايضا