الإنفاق العسكري العالمي يشهد انفجاراً.. فهل هذا الاستثمار من أجل السلام أم الحرب؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
كشف تقرير سنوي لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “SIPRI” الذي يتخذ من السويد مقراً له يوم الاثنين الماضي، عن أن الإنفاق العسكري العالمي عام 2018 وصل إلى أعلى مستوى له منذ ثلاثة عقود ليبلغ 1،8 تريليون دولار، أي بزيادة قدرها 2،6 % عن عام 2017، وتأتي في صدارة قائمة الأعلى إنفاقاً، أمريكا والصين والسعودية، بينما خرجت روسيا من صفوف الخمسة الأوائل.
ووفقاً للتقرير السنوي، يمثل إجمالي إنفاق الدول الخمس الأولى في القائمة أمريكا والصين والسعودية والهند وفرنسا 60 % من الإنفاق العسكري العالمي، ولفت هذا التقرير إلى أن أمريكا كان لها نصيب الأسد في الإنفاق العسكري، حيث بلغ إنفاقها العسكري حوالي 649 مليار دولار، تلتها الصين بمبلغ 250 مليار دولار والسعودية بمبلغ 67.6 مليار دولار، وهما ثاني وثالث أكبر إنفاق عسكري في العالم وحلّت الهند في المركز الرابع بمبلغ وصل إلى 66.5 مليار دولار وجاءت بعدها فرنسا بمبلغ وصل إلى 63.8 مليار دولار ومن ثم روسيا بمبلغ61.4 مليار دولار وبعدها جاءت بريطانيا بمبلغ 50 مليار دولار وبعدها حلت ألمانيا بمبلغ 49.5 مليار دولار وبعدها اليابان بمبلغ 46.6 مليار دولار على التوالي في المراكز من الرابع إلى العاشر.
أمريكا تتصدّر القائمة
أشار معهد الأبحاث إلى أن إجمالي الإنفاق العسكري العالمي ارتفع للعام الثاني على التوالي في عام 2018، ووصل إلى أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة عام 1988 حيث بلغت نسبة الإنفاق 76%، كما يمثل الإنفاق العسكري العالمي 2،1% من الناتج المحلى الإجمالي العالمي أو 239 دولاراً للفرد الواحد.
وأكد التقرير أن أمريكا لا تزال في صدارة قائمة الأعلى إنفاقاً في العالم، حيث بلغ نصيبها من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي 36% بزيادة عن العام السابق بأكثر من 4 %، مشيراً إلى أنها أنفقت ما يقرب من 649 مليار دولار العام الماضي وهو يعادل تقريبا إجمالي ما أنفقته الدول الثماني الكبار التالية لها في القائمة. وعلى الرغم من ذلك، فإن إنفاق أمريكا لا يزال أقل بنحو الخمس عن أعلى مستوى إنفاق لها الذي كان في عام 2010.
وحول هذا السياق، قال “أود فلوران”، مسؤول برنامج الأسلحة بالمعهد في بيان له: “إن الزيادة في الإنفاق الأمريكي تعود إلى تنفيذ برامج جديدة لشراء الأسلحة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ابتداءً من عام 2017”.
ولفت “فلوران” إلى أن أمراء وشيوخ الخليج قاموا خلال الفترة الماضية بعقد العديد من صفقات الأسلحة مع واشنطن بمليارات الدولارات ولقد وقعت السعودية وحدها على عقد فلكي بقيمة 450 مليار دولار مع “ترامب” في عام 2017 خلال زيارته للرياض، ولهذا قدمت واشنطن الكثير من الدعم للسعودية خلال الفترة الماضية لتمضي قدماً في سياساتها التي تسعى من خلالها إلى زعزعة الأمن والاستقرار في منقطة الشرق الأوسط.
احتدام سباقات التسلّح في العالم
إن السبب المهم الآخر لارتفاع مستوى الإنفاق العسكري في العالم، يتمثّل في تزايد سباقات التسلح في أنحاء مختلفة من العالم، وفي هذا المجال يمكن القول بأن سياسات وممارسات حكومة “ترامب” وانسحابها من العديد من المعاهدات والاتفاقيات العسكرية، كان لها دور كبير في خلق مثل هذه البيئة الدولية.
بشكل عام، يمكن القول هنا بأن الأمن العالمي يتعارض بشكل كبير مع مصالح منتجي وصانعي الأسلحة في أمريكا، فلقد سعت الحكومة الأمريكية خلال الفترة القليلة الماضية إلى زيادة إنفاقها العسكري، وحول هذا السياق أفادت العديد من المصادر الإخبارية بأن الإنفاق العسكري الأمريكي وصل في عهد الرئيس الأمريكي الحالي “دونالد ترامب” إلى نحو 716 مليار دولار في عام 2019، وفي الوقت نفسه بذلت الحكومة الأمريكية الكثير من الجهود للدخول في سباقات تسلّح مع روسيا والصين خلال الفترة الماضية في شكل نشر قوات حلف “الناتو” في مناطق شرق آسيا وأوروبا الشرقية، وهذا الأمر ينذر بقرب البدء بسباق تسلّح واسع في العالم لا يمكن السيطرة عليه.
ولفتت تلك المصادر إلى أن أمريكا تمثل وحدها 53 في المئة من الإنفاق العسكري في العالم، أي ما يعادل ثمانية بلدان أخرى لديها أعلى ميزانية عسكرية.
وحول هذا السياق، حذّر العديد من المحللين الدوليين من أن تقوم أمريكا بخلق الكثير من التوترات الدولية لبيع المزيد من الأسلحة الأمريكية.
الآن ومع انهيار العلاقات بين الناتو وروسيا، فإنه وفقاً لإحصائيات معهد ستوكهولم للسلام، فقط في أوروبا الشرقية، زادت بولندا ميزانيتها العسكرية بحلول عام 2018 بنسبة 8.9٪ ووصلت إلى 11.6 مليار دولار، في حين أن الإنفاق العسكري لتوانيا نمت بنسبة 24 ٪. كما زادت بلغاريا وأوكرانيا، وهما ليسا عضواً في الناتو، من إنفاقها العسكري أيضاً بنسبة 23 و 21 في المئة على التوالي.
بالنظر إلى كل هذه التطورات في الساحة العالمية والدولية، فإنه يمكن القول هنا بأن التوترات لن تشهد انخفاضاً في المستقبل القريب وستعاني العديد من مناطق العالم الكثير من الأزمات والتوترات العسكرية ولا سيما منطقة الشرق الأوسط التي تشهد منذ فترة طويلة العديد من النزاعات والتوترات.