قضية القدس وقمم الضرار

موقع أنصار الله | متابعات | 27 رمضان 1440هـ

تتصدر قضيةُ القدس، أولويات اهتمام مشائخ النفط ومسوخ صحراء الخليج من حيث بيعها ومحاولة طمسها كليا من خلال ما يعرف بـ”صفقة ترامب أو صفقة القرن” التي تعني بشكل صريح الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وإخراج الفلسطينيين من وطنهم وبمباركة العرب أنفسهم وبأموالهم.

ولعل المتابع لما يحصل خلال هذا الشهر الكريم من مؤامرة عربية وقمم ضرار بقيادة السعودية وفي مكة المكرمة, من أجل مناقشة تفاصيل صفقة القرن والاتفاق والتوقيع عليها والثناء على هذه الخطوة، وإضفاء الشرعية الدينية على صفقة القرن الإجراء الأمريكي الأخير تحت شعارات واهية، والتآمر على أولى القبلتين من ثاني القبلتين لتكون مكة المكرّمة منطلقاً للتخلي عن القدس الشريف.
إن تتّبع مسار الأحداث الأخيرة جيداً، يؤكد أنّ معظم الأنظمة الخليجية وعلى راسها النظام السعودي هو المروج الرئيس لـ«صفقة القرن» ،ولا يخفى لأحد أنّ النظام السعودي ومعظم الأنظمة الخليجية يمّثل رأس الحربة في المشروع الاميركي – الاسرائيلي، ويتضح ذلك من خلال ما تقوم به تلك الانظمة العميلة من سعي محموم للتطبيع مع العدو الإسرائيلي وممارسة كل اشكال الابتزاز والضغط والاغراء للموافقة على ما يسمى بـ«صفقة القرن» لإنهاء وتصفية القضية الفلسطينية ،وبما يؤدي الى اقامة تحالف علني على كل المستويات بين هذه الانظمة وكيان العدو الغاصب، وما تناولته وسائل الاعلام الصهيونية والدولية دليل على ان ما قام به الرئيس الأميركي لم يكن ليحصل لولا تواطؤ معظم انظمة الخليج.

وفي خضم ذلك، قالت وسائل إعلام العدو الصهيوني أنّ النظام السعودي أعطى الضوء الأخضر لترامب للاعتراف بالقدس عاصمة لـ”اسرائيل”، حيث كشفت القناة العاشرة الاسرائيلية، ان قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الاسرائيلي ونقل سفارة واشنطن إليها جاء بالتنسيق مع بعض الدول العربية، مؤكدة أن السعودية أعطت الضوء الأخضر لترامب للاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الإسرائيلي ، وأضافت: “ومن المؤكد أن إعلان ترامب بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الاسرائيلي لم يكن ممكناً أن يتم دون التنسيق مع السعودية ، فالفلسطينيون، يدفعون ثمن التغيرات الكبرى في المنطقة”.

من جانبها ،أكدت صحيفة «ميدل إيست آي» البريطانية، أنه لولا حكام الخليج، الذين وصفتهم بأنهم “الصبية المترفين العابثين فوق تلال الصحراء والمشغولين بالتقاط صور السيلفي”، لما اقترب الرئيس الامريكي دونالد ترامب من القدس.وأضافت الصحيفة في مقال للكاتب البريطاني «ديفيد هيرست» إن الدعم الغريب والطارئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي دفعه لاتخاذ قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لم يأت من نتنياهو والمتدينين اليهود بل جاء من طرف عرب الخليج.

تفاصيل كثيرة تستدعي التوقّف عندها في ملف التطبيع السعودي-الإسرائيلي، منها إنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد أخذه مخياله إلى التصوّر بإمكانية خروجه من أزمته في الوصول إلى سدّ العرش بحملة من الخطوات الداخليّة والخارجيّة، أبرزها في الشّق الخارجي التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وتنفيذ صفقة القرن.

قبل يوم من إعلان ذلك الاحمق ترامب جاء الحديث المسرّب أميركياً عن عرض سعودي “كريم” تعهده ولي العهد، محمد بن سلمان، بـ«صفقة جديدة» طرحة على الفلسطينيين مقابل التنازل عن الضفة الغربية، حيث كشفت صحيفة «ذا أمريكان كونزرفاتيف»، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عرض على الرئيس الفلسطيني محمود عباس 10 مليار دولار مقابل التنازل عن الضفة الغربية والقبول بإنشاء دولة فلسطينية في سيناء ،ليكون ابن سلمان هذه المرة «قليل من الحياء»، كما تقول مصادر فتحاوية لا «حمساوية»!.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فانه وخلال الاجتماع المفاجئ الذي عقد بين محمود عباس رئيس السلطات الفلسطينية، وبن سلمان، عرض الاخير على عباس 10 مليار دولار لقبول هذه الصفقة، وقالت الصحيفة، أن “بن سلمان، أعلن أن مبادرة السلام العربية -التي تنص على وجود اعترافا عربيا بالسلام مع إسرائيل مقابل إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة مع القدس الشرقية أصبحت منتهية”، وأضاف أنه حان الوقت لوجود خطة بديلة، وهي وجود الفلسطينيون في قطاع غزة، على أن يتم إعطاءهم جزء من أراضي سيناء، فأجاب عباس “وماذا عن القدس ومستوطنات الضفة الغربية؟”، فقال بن سلمان “ستكون هذه المسائل قابلة للتفاوض وسنساعدك”، وتساءلت الصحيفة: من الذي وضع هذه الفكرة في رأس بن سلمان؟، قائلة: إنه ليس هناك العديد من الخيارات، فالإجابة هي: “إسرائيل”!!.

والمهفوف بن سلمان هو أحد أدوات تنفيذ ذلك المشروع الهام وهو تصفية القضية الفلسطينية لمصلحة مشروع الكيان الصهيوني عبر مراحل يتم التمهيد لها بشكل تدريجي، وبوادرها قد بدأت تظهر على السطح،
وكانت قد ذكرت صحيفة الواشنطن بوست، قبل أيام على لسان مسؤول حكومي إسرائيلي: إن الرياض لعبت دوراً أساسياً في السماح أو في تشجيع خطوات دبلوماسية صغيرة خلال الشهر الماضي، على صعيد العلاقات بين إسرائيل ودول عربية. هي أرسلت إلى عُمان، الإمارات والبحرين، إشارات حتى يسمحوا بانفتاح دبلوماسي على إسرائيل، بحسب المسؤول الذي أضاف أن كل الخطوات الحالية بين إسرائيل ودول الخليج «لم تكن ممكنة من دون دعم السعودية». يتابع المسؤول الإسرائيلي أن التغيير في التفكير داخل السعودية، هو «برأينا متعلق بابن سلمان، هو من فتح الباب أمام علاقات رسمية أكثر مرئيّة من قبل الدول في المنطقة».

وكان السفير الإسرائيلي في واشنطن ديرمر قد عبّر أمام جمهورٍ في هيوستن في وقتٍ سابق، عن تفاؤله في شأن مستقبل المصالحة في المنطقة أكثر من أي وقت مضى «بسبب التغيير في تفكير العرب إزاء قيمة علاقتهم الاستراتيجية بإسرائيل». ديرمر قال: «أرى تغييراً يحدث على المستوى الواسع في العالم العربي للمرة الأولى منذ 70 عاماً، الحكومات العربية فهمت أن إسرائيل ليست عدواً، بل شريك محتمل لمواجهة إيران ولمواجهة الإسلام السنّي المتطرّف».

ختاما فإن المشروع الصهيوني الأَمريكي بات واضحاً وجلياً لدى الشعوب في المنطقة والقوى التحررية في العالم، وانكشفت مخططاتهم الخطيرة، واستهدافاتها لما يجري في منطقتنا ويراد استجلابُهُ إلى كُلّ مكان فيها بُغية تدمير قدراتها وقواها الذاتية، وإشغال شعوبها فيما بينهم، لحرف البوصلة عن القضية الفلسطينية، وضرب مرتكزات القوة في العالم الإسْـلَامي.
ويمثّلُ إحياء يوم القدس العالمي يوم تقرير مصير الشعوب المستضعفة الذين يعانون من هيمنة الجبابرة المستكبرين، وفي طليعتهم الشعب الفلسطيني الذي يعاني ظلم الاحتلال الصهيوني وعُنصريته، وتضامُن الأمة العربية والإسْـلَامية وجميع الأَحْــرَار في العالم مع قضيتهم، وحقهم في الحرية والاستقلال، وإقامة دولتهم.

قد يعجبك ايضا