عندما تتساقط أوراق التوت عن علاقة السعودية مع الاحتلال

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || موقع العالم

قطار التطبيع السعودي- الاسرائيلي يمضى مسرعا ويطوى محطاته بأكثر ما كان يتوقع المراقبون ليتأكد أن الرياض وتل أبيب مقبلتان على علاقات طبيعية رسمية دبلوماسية وأمنية واقتصادية واضحة في آجال قريبة.

منذ صعود ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ازداد التقارب السعودي مع الكيان الاسرائيلي، وشهدت الأشهر الماضية الحديث عن لقاءات وزيارات تطبيعية بين الطرفين.

وتسارعت العلاقات الإسرائيلية والسعودية في الآونة الأخيرة، وتصاعدت التصريحات التي تؤكد أهمية العلاقات بين الطرفين في ظل المصالح المشتركة بينهما.

اسرائيلي يحرج السعودية

وبدأت نتائج التطبيع الذي تقوده السعودية مع دولة الاحتلال تظهر بين أوساط المجتمع الإسرائيلي، إذ رفع إسرائيلي علم المملكة في القدس المحتلة، مع مطالب بالسماح له بزيارتها.

واحتفت وزارة خارجية الاحتلال بطلب مواطنها، إذ نشرت مقطع فيديو له، على حسابها في موقع “تويتر”، اليوم الخميس، في دلالة على تبنيها فكرة تبادل الزيارات بين السعوديين والإسرائيليين.

وقال الإسرائيلي في الفيديو المتداول: “كلي أمل أن يتحقق السلام مع السعودية وأتمكن من زيارتها فيما يتمكن السعوديون من زيارة إسرائيل”.

وهكذا تستمر موجة التطبيع السعودية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي من خلال وجوه إعلامية أخذت على عاتقها ترويج التقارب مع الكيان الاسرائيلي، على مرأى ومسمع من سلطات المملكة التي بدا صمتها مؤيداً للتقارب.

وأبرزت دولة الاحتلال الإسرائيلي، مؤخراً، صورة جديدة تؤكد التقارب بين تل أبيب والرياض، من خلال موقع على منصة “فيسبوك”، عرض آراء صحفية سعودية معروفة بالاحتلال، مؤكدة استعدادها لزيارة فلسطين المحتلة.

وجاء فيديو الإسرائيلي بعد أيام من فضيحة كان بطلها مواطناً سعودياً يدعى محمد سعود، حيث تعرض لإهانة كبيرة من قبل الفلسطينيين حين حاول دخول المسجد الأقصى برفقة صحفيين من دول أخرى.

وتعرض سعود -وهو طالب في كلية القانون بالعاصمة السعودية- للرشق بمقذوفات، وطُرد من باحة الأقصى، واشتهر أحد الأطفال بالبصق عليه.

وأكد سعود بعدها بأيام أن حكومة بلاده لم تمسه بسوء، بل نشر مقطع فيديو من قلب الرياض وهو يستمع لأغانٍ باللغة العبرية.

كما قالت الصحفية والكاتبة السعودية سكينة المشيخص، في لقاء خاص مع قناة “مكان” العبرية: “لا توجد لدينا مشكلة سياسية مع إسرائيل. إسرائيل لم تطلق علينا حتى رصاصة”.

وأضافت الكاتبة السعودية: “هناك تطابق واضح جداً بين مواقف إسرائيل ودول الخليج (الفارسي)”، قائلة ” انا مستعدة أن أزور إسرائيل في المستقبل، بالتأكيد”.

وفي نوفمبر الماضي استيقظ العالم العربي والاسلامي على وقع فضيحة من العيار الثقيل، عندما أشعلت الصورة التي نشرها صحفي ومدون إسرائيلي يدعى “بن تزيون” على منصة الإنستغرام جميع منصات التواصل الاجتماعي، وتساءل مغردون عن مدى مصداقية الصور، والمغزى من نشرها في هذا الوقت.

وكان تزيون قد نشر مجموعة صور منها ما هو من داخل الحرم النبوي الشريف، وأخرى مع سيدات في المملكة منقبات وأخريات غير منقبات، ثم حذفها حسابه في وقت لاحق، أو تعرض للقرصنة، ما جعل صور هذا الشخص تسيطر على المشاركات على وسم (صهيوني فى الحرم النبوي) تصدر قائمة التغريد عربيا، وتساءل مغردون: كيف استطاع الدخول إلى المملكة والوصول إلى الحرم النبوي وتصوير فيديو والتجول في مناطق أخرى حتى وصل إلى الجامعة وصور مع فتيات هناك؟

رحلة التطبيع من السر للعلن

الشواهد التاريخية تؤكد وجود اتصالات بين السعودية وإسرائيل بشكل سري، بينما المتغير الجديد أن تلك الاتصالات ظهرت إلى العلن، فقد كشفت الوثائق التاريخية عن اللقاءات السرية بين السعودية وإسرائيل، وكانت أولى تلك الخطوات ما قدمه النظام السعودي في مؤتمر العقير عام 1922 عندما كتب تعهدا كتابيا الى السير بيرسي زكريا كوكس، المندوب السامي البريطاني يقر فيه بأنه لا يمانع من إعطاء فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم كما تراه بريطانيا التي لا يخرج عن رأيها حتى تصبح الساعة.

وحدث أول لقاء إسرائيلي — سعودي 1939 فى لندن ووفد يهودي كان يحضر مؤتمرا حول القضية الفلسطينية. لكن هذه المعلومات ظلت بلا راع رسمي إلى أن رفعت واشنطن صفة السرية عن عدد كبير من وثائقها بينها واحدة بعنوان (الملفات السرية واشنطن وإسرائيل والدول الخليجية).

ثم توالت الاتصالات السرية بين الجانبين وقد أشارت وسائل إعلام غربية وإسرائيلية، إلى العديد من المظاهر التي تعكس تطور العلاقات السرية بين السعودية وإسرائيل، ضمنها: التنسيق السياسي والتعاون الأمني، وتبادل الزيارات بين المستويات التنفيذية في الجانبين. وأشار بعض الإعلام الإسرائيلي والغربي، إلى قيام مئي ردغان الرئيس الأسبق للاستخبارات الإسرائيلية الموساد، وسلفه تامير باردو، بزيارة الرياض وعقد لقاءات مع المسؤولين السعوديين، في حين تم الكشف عن زيارة قام بها لتل أبيب الأمير بندر بن سلطان، رئيس المخابرات السعودي الأسبق عام 2006، وعقده لقاء مع رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت.

إلى جانب ذلك، لم يتردّد مسؤولون وأمراء سعوديون، في التورّط بأنشطة تطبيعية علنية، مع إسرائيل.

فقد التقى مدير المخابرات السعودي الأسبق تركي الفيصل، مرات عدة، بوزيرة الخارجية السابقة تسيفي ليفني، وشارك في برامج ومناظرات إعلامية مع مستشار الأمن القومي السابق لنتنياهو الجنرال يعكوف عامي درور، ورئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلي الأسبق عاموس يادلين.

وبلغت الأنشطة التطبيعية للنخب السعودية مرحلة متقدمة في الزيارة التي قام بها وفد يضم نخباً سعودية برئاسة اللواء المتقاعد أنور عشقي لإسرائيل العام الماضي، ولقائه بعدد من المسؤولين السياسيين والعسكريين في تل أبيب.

وفى هذا السياق نقلت صحيفة “التايمز” البريطانية عن مصادر سعودية أن “وفدًا سعوديًا قاده لواء متقاعد أجرى زيارةً إلى إسرائيل عام 2016″، وأضافت أن “القادة الإسرائيليين الكبار مُتحمِّسون لتوسيع هذا التحالف”. وأشارت التايمز إلى أن الخوف من إيران يدفع الدول الخليجية إلى بناء علاقات مع إسرائيل، وربطت الصحيفة بين ما حدث مؤخرا بين الدول الخليجية وقطر، والتقارب بين السعودية و”إسرائيل”.

وقالت الصحيفة إن المحادثات التي تجري بين السعودية وإسرائيل هي نتاج زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فى مايو الماضى للبلدين.

قال مستشرق إسرائيلي آيال زيسر في مقاله بصحيفة إسرائيل اليوم، أن “الشارع العربي ما زال يتضامن مع الفلسطينيين في رفضهم لخطوات التطبيع، لأن مستوى العداء لإسرائيل وكراهيتها مسيطر على الشعور العام في الدول العربية، وما زال ذلك يشكل قواسم مشتركة بين العرب والفلسطينيين، مع أن الحكام العرب ليسوا بوارد الاستجابة لتطلعات شعوبهم بالانسحاب من مسيرة السلام، والتوجه إلى خيار الحرب”.

واضاف إن “السعودية تسعى من تقاربها مع إسرائيل للحصول على موطئ قدم في الحرم القدسي، وإضافة المسجد الأقصى إلى مدينتي مكة والمدينة، وهي الأماكن الأكثر قداسة في العالم الإسلامي، ويريد الملك السعودي أن تكون تحت إشرافه، ما يواجه معارضة أردنية وفلسطينية، وبجانبهما تركيا التي تسعى لزيادة نفوذها وتأثيرها في الحرم القدسي”.

وهكذا تتساقط أوراق التوت ومعها الأقنعة الزائفة وتتكشف الحقائق كاملة أمام الشعوب، فالسعودية التي قادت “في الظاهر” سياسة رفض “إسرائيل” وعدم إقامة أية علاقات معها تحت أي مسمى، نجدها اليوم أقرب للحليف مع تل أبيب.

فمن الواضح ان المجموعة الحاكمة في السعودية قد حسمت أمرها وقررت المضى فى رحلة القطار الى نهايتها بعد أن احرقت تابوهات ومحرمات ظلت لعقود تشكل مرتكزات أساسية للسياسة الخارجية السعودية فى تعاملاتها مع قضية فلسطين باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com