هجوم “بقيق” عصيٌّ على التجاوز: خسائرُ “أرامكو” أكبرُ مما يظهر

موقع أنصار الله || صحافة محلية || المسيرة:

وصلت تداعياتُ وآثارُ ضربة “بقيق” و”خريص” إلى مستوىً من الانكشاف لم تعد تنفعُ فيه أيةُ محاولات سعودية لـ”الطمأنة” أَو التضليل، فطوالَ الأسبوع الفائت، كانت أرقام وصور ومعلومات الخسائر الاقتصادية هي المتحكمة بالمشهد، وقد دفعت بالسعودية إلى التدرج في الاعتراف بالخسائر، والنزول عن شجرة “المكابرة” بدءاً من الإقرار بتوقُّف نصف إنتاج النفط، وصولاً إلى دعوة وسائل الإعلام؛ لتوثيق بعض جوانب الدمار الذي أحدثته الطائراتُ المسيّرة اليمنية في المنشأتين، لكن برغم ذلك، لا زالت كُـلُّ المعلومات تؤكّـد على أن آثار الضربة أكبرُ بكثير من كُـلّ ما ظهر بشكل رسمي وغير رسمي، وأن السعودية تحتاج لفترة طويلة لتتعافى منها، وسيستمر تأثير هذا التعافي البطيء أَيْـضاً على سوق النفط العالمية، هذا إذَا لم تقم القوات المسلحة بتكرار الضربة كما توعدت.

الصور التي التقطها الصحفيون خلال جولتهم داخل منشأتَي “بقيق” و”خريص” تشيرُ إلى أن الأضرار تحتاج إلى شهرين على الأقل، وهو ما لم يعترف به مسؤولو “أرامكو” الذين زعموا أن الإنتاج النفطي سيعود إلى مستوى ما قبل الهجوم بحلول نهاية الشهر الجاري، على أن هذا التصريح يأتي أَيْـضاً بعد ادِّعَاء وزارة الطاقة السعودية أن الإنتاج قد عاد بشكل كامل، وذلك ضمن سلسلة الأكاذيب السعودية المتتابعة التي ما انفكت تكشفُ نفسَها بنفسها منذ يوم الضربة.

وبحسب الخبراء فإن مزاعمَ “أرامكو” حول عودة الإنتاج نهاية الشهر، مبالَغةٌ في التفاؤل، وهو ما يلتقي مع ما أكّـدته سابقاً وكالة رويترز من أن عملية إصلاح الأضرار تحتاجُ إلى “عدة أشهر” وليس حتى أسابيعَ.

من جانب آخر، أظهرت العديدُ من البيانات والمعلومات الاقتصادية بأن “أرامكو” تعيش أزمةً حقيقية في تعاملاتها مع المشترين، منذ الضربة على منشأتها، حيث تلجأ الشركة إلى تبديل درجات الخام، كما تقوم بتأخير عمليات التسليم بشكل واسع ولفترات زمنية تصل إلى عشرة أيام.

وكانت وسائل إعلام دولية قد كشفت قبل أيّام أن الرياض تقوم بشراء كميات كبيرة من النفط من الدول المجاورة، حيث تطلب من شركة تسويق النفط العراقية نحو 20 مليون برميل نفط؛ لتغطية العجز في تسليم طلبات المشترين، وهو ما يفسر تأخر “أرامكو” في التسليم.

وفي الأثناء، تستمرُّ أسعارُ النفط على أكبر ارتفاع لها منذ بداية العام، حيث ارتفع خام “برنت” بنسبة تزيد على 7%، وهو ما يؤكّـدُ أن كُـلَّ “تطمينات” المسؤولين السعوديين، ليست إلا محاولة لإبقاء الزبائن بعيدين عن حقيقة الأزمة، خَاصَّةً وأنهم يتلقون عروضاً منافسة من الإمارات وقطر، بحسب ما أكّـدت “وول ستريت جورنال”.

داخلياً، كشفت مصادر مطلعة أن النظام السعودي أعطى الأولويةَ لتصدير النفط إلى الخارج؛ من أجل الحفاظ على المشترين، وهو ما أفضى إلى أزمة مشتقاتٍ محليةٍ داخل المملكة، حيث نشرت مواقعُ سعودية، ونشطاءُ محليون، صوراً ومقاطعَ فيديو، تُظهِرُ “طوابيرَ” طويلةً من السيارات أمام محطات التزود بالوقود في بعض المدن.

من جانب آخر، لا يزالُ “اكتتابُ أرامكو” هو الآخرُ شاهداً على استمرار تدهور وضعِها، فبعد أن تسبّبت الضربةُ اليمنية في تأجيل الطرح العام الأولي لمدّة شهرة، وسطَ تخوُّفٍ كبير من المستثمرين، أفادت صحيفة “فايننشال تايمز” بأن النظامَ السعودي يسعى لـ”إجبار” الأسر الأكثر ثراءً في المملكة للاشتراك بالاستثمار في “الاكتتاب”؛ خوفاً من تدهور موثوقية الشركة، وأضافت الصحيفة أن الأمراء الذين تم اعتقالهم واحتجازهم في “الريتز” من بين المستهدَفين من هذه الخطة، حيث تتم ممارسة ضغوطات عليهم للمشاركة في الاكتتاب، أَو التبرع بأصولهم المجمدة في المملكة، تحت شعار “خدمة المملكة”.

كُلُّ هذه المعطيات والدلائل تؤكّـدُ على أن “أرامكو” تمضي في التدهور بشكل مستمرّ، وأن السعودية عاجزة تَمَاماً عن تجاوز آثار الضربة اليمنية التي حذفت أكثر من نصف الإنتاج النفطي السعودي من السوق، وأكثر من 7% من الإمدادات العالمية.

وإذا كان هذا فقط ما رصدته وسائل الإعلام من مستوى التدهور السعودي، في الأسبوع الأول الذي شهد جهوداً كبيرةً من قبل السعودية للتغطية على الخسائر أَو تعويضها، فإن الأسابيع، وربما الأشهر القادمة، ستكون أكثر كارثية على الاقتصاد السعودي، وبالتالي على سوق النفط العالمية بالكامل، فبحسب خبراء، لا يكفي الاحتياطي السعودي لأكثرَ من 20- 25 يوماً، وَإذَا تأخّر إصلاحُ المنشآت، وهو ما بات محل إجماع، فإنَّ المأزِقَ السعودي سيتضاعَفُ بشكل مهول؛ ليكشفَ عن المزيد من الجوانب التي لم تظهر حتى الآن من آثار الضربة اليمنية؛ وليؤكّـدَ على أنها الضربةُ التي سيتذكرها التأريخُ كأَهَمِّ ضربة ضد هيمنة “البترودولار” منذ عقود.

قد يعجبك ايضا