الديمقراطية الأمريكية بين الدعاية الاعلامية و الحقيقة المخفية
النغمة الشائعة في العالم و التي تتغنى بها الادارة الأمريكية هي “الديمقراطية الأمريكية”، و التي يعتبرها الكثير من الناس حول العالم أنها المثال الأعلى في الأنظمة العالمية التي يجب الاحتذاء و العمل بها. فكل ادارة امريكية جديدة تأتي رافعتاً شعار “الحفاظ على الحرية و رفاهية الناس في جميع أنحاء العالم”، وما زالت الإدارة الأمريكية تتغنى بالديمقراطية وتصديرها لدول بعيدة عنها آلاف الكيلو مترات. اما الواقع داخل الأراضي الأمريكية يفرض سؤالاً مهما علينا الا و هو: هل تطبق الادارة الأمريكية “ديمقراطيتها” داخل حدودها ؟
“حين يكون المسيح أبيض، ومريم بيضاء، و الجميع بيض، فهذه قومية بيضاء”، هو قول يجسد واقع الديمقراطية الأمريكية داخل حدود الولايات المتحدة. قتل، عنصرية، أبيض، أسود … و غيرها من ” كلمات الديمقراطية” التي تحاول الادارة الأمريكية اخفاءها و نشر فكرة أنه ليس هناك مثال على الديمقراطية الأمريكية. و بناءأً على ذلك يتوجب علينا أن نستعرض أمثلة على الديمقراطية داخل و خارج حدود الولايات المتحدة:
– خارج الحدود
خاض الجيش الأمريكي العديد من الحروب منذ الثورة الأمريكية إلى يومنا هذا، أو ما يسمونه الحرب على الإرهاب، وارتكب الجنود الأمريكان خلال حروبهم آلاف الجرائم الفظيعة ضد الشعوب والدول التي أرادوا تصدير الديمقراطية إليها، مثل مذابح العراق وأفغانستان والفلبين وفيتنام، وكوريا، وليبيا، مما جعل القوات المسلحة الأمريكية في مصاف أكثر الجيوش في العالم ارتكابًا للمجازر وجرائم الحرب الفظيعة.
ولا بد من استعراض أهم المجازر التي ارتكبها الجيش الأمريكي ضد شعوب جاءها بالديمقراطية المزعومة و على سبيل المثال:
١- مجزرة “مي لاي” هي مجزرة وقعت خلال حرب الفيتنام على أيادي جنود أمريكيين سنة ١٩٦٨ ذهب ضحيتها أكثر من ٥٠٠ مدني في هذه المجزرة البشعة.
٢- مجزرة «قندهار» وقعت سنة ٢٠١٢، عندما تم قتل ستة عشر مدنيًا وإصابة ستة آخرين في منطقة بانجواي في ولاية قندهار، أفغانستان. تسعة من الضحايا كانوا من الأطفال، وإحدى عشرة من القتلى من عائلة واحدة.
٣- إساءة معاملة السجناء والتعذيب في سجن أبو غريب ، ففي أوائل ٢٠٠٤ تفجرت فضيحة انتهاكات جسدية ونفسية وإساءة جنسية تضمنت تعذيب، اغتصاب وقتل بحق سجناء كانوا في سجن أبوغريب في العراق، لتخرج إلى العلن ولتعرف باسم فضيحة التعذيب في سجن أبوغريب، تلك الأفعال قام بها أشخاص من الشرطة العسكرية الأمريكية التابعة لجيش الولايات المتحدة بالإضافة لوكالات سرية أخرى.
٤- هجوم عزيز أباد سنة ٢٠٠٨، قامت القوات الأمريكية بتنفيذ غارة جوية على قرية “عزيز أباد” في ولاية هيرات بأفغانستان، وأدت الغارة إلى مقتل ٩٠ مدنيًا.
٥- قطع رؤوس اليابانيين على يد الجيش الأمريكي، بدأت حملة قطع الروؤس لقتلى الجيش الإمبراطوري الياباني خلال الحرب العالمية الثانية ما بين أعوام ١٩٤١- ١٩٤٥ في معركة المحيط الهادي، وبعد أن سيطر الجيش الأمريكي على إحدى الجزر التي كانت تقع تحت سيطرة الإمبراطور الياباني، قام الجيش الأمريكي بقطع روؤس القتلى اليابانيين، كما تم جمع عدد من جماجم الجيش الإمبراطوري الياباني في كل ثكنة مدمرة.
٦- و غيرها من أبشع مظاهر الديمقراطية التي تتغني بها الولايات المتحدة.
– داخل الحدود
و كما خارج الحدود في داخلها أيضاً تتجسد معاني الدیقراطية الأمريكية بحق مواطنيها، و خصوصا ضد “المواطنون السود” الذين شيّد الرأسماليون الأميركيون ثرواتهم الأولى على آلام الملايين منهم ، والذين اختطفوا من أرجاء أفريقية ، وكذلك الأمر بالنسبة للملايين من الأوروبيين الذين استغلوا بتجارة الرقيق الأبيض، إضافة إلى مئات الألوف من المكسيكيين والصينيين والفيليبينيين الذين استغلوا في انشاء السكك الحديدية والمزارع الرأسمالية في البقاع الجنوبية الغربية بأجور بخسة واجواء من العمل غير ملائمة.
و هنا لا بدّ من استعراض أهم معالم الديمقراطية الأمريكية في الداخل؛
١- سنة ٢٠١٥ و كما كل سنة تشهد عدداً كبيراً من القتلى بين المواطنين حيث في أخر احصاءات لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية أظهرت أنّه تجاوز عدد القتلى ١٠٠٠ قبل نهاية عام ٢٠١٥ على أيدي الشرطة الأمريكية.
٢- سنة ٢٠١٥ نشر فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر قيام أحد رجال الشرطة الأمريكيين بتعنيف عددا من “السود” و رفع السلاح بوجههم و أمرهم بالتمدد أرضا، موجها إليهم كلمات نابية.
٣- تحريض “ترامب” المرشح الرئيسي الأوفر حظاً لطرد المسلمين من الولايات المتحدة و فرض الرقابة عليهم و عدم استقبال اللاجئين.
٤- مقتل أكثر من ٣٠٠ شخصاً من المواطنين الأمريكيين سنة ٢٠١٥ في مظاهرات في الولايات المتحدة بحسب صحيفة واشنطن بوست.
٥-٥٠% من الذين تم قتلهم سنة ٢٠١٥ في الولايات المتحدة هم من “السود”.
٦- و يواجه الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية زيادة ملحوظة في مستويات العنف المسلح، كما ورد في الإحصاءات الفيدرالية على مستوى البلاد، أن ما لا يقل عن ٥٥٥ طفلا تحت سن ١٢ عاما قتلوا بالرصاص في أمريكا منذ ١٤ ديسمبر عام ٢٠١٢ وهو اليوم الذي شهد الحادث المأساوي بمدرسة ساندي هوك الابتدائية ببلدة “نيوتاون”، ما يعني أن طفلا يقتل بالرصاص كل يومين في الولايات المتحدة .
٧- و غيرها من أبشع مظاهر الديمقراطية التي تتغني بها الولايات المتحدة
كل هذه الصور الجميلة عن الدیمقراطية الأمريكية الخارجية و الداخلية لابدّ أن تأخذ بعين الاعتبار، و في النهاية يمكن القول أن ديمقراطية أمريكا لا تفرق شيئاً عن غيرها في العالم، فما الفرق بين الديمقراطية الأمريكية التي تنفذ أشنع وأفظع الجرائم بحق شعوب تسكن على أرضها المتجذرة فيها، وبين الأنظمة و التنظيمات الإرهابية كـ “السعودية و “داعش” !؟
موقع الوقت التحليلي