لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ
موقع أنصار الله || مقالات || أسماء السياني
هكذا هو شعارُ المناسبة لإحياء المولد النبوي الشريف على صاحبه وآله أفضلُ السلام وأتمُّ التسليم، وعلى النحو فاليمانيون في ظِل العام الخامس من العدوان يُحيون هذه المناسبة بكلِّ فرح وَاستبشار، كيف لا! فهو مُنقذ البشرية بكلِّها، أرسله اللهُ رحمةً بنا وأُسوةً لنا، فهذا الخطابُ الإلهي الموجّه لعامة الناس بقوله تعالى: (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) أي التأسي برسول الله في أخلاقه، وجهاده، وصبره، ودفاعه عن دين الله، وإعلاء كلمة الله، وعدم الخضوع للطواغيت والمجرمين، إذن وجب شرعاً بأنَّ الرسولَ -صلواتُ الله عليه وعلى آله- هو الأجدر في الاقتداء به، في شخصِه، وأسوة في أخلاقه، فالتأسي برسول الله هو اتباعٌ لتعاليم الإسلام وكل توجيهاته وَأوامره؛ ولأَنَّ القرآنَ الكريم كان هو معجزته، والذي تنزل عليه آياته العظيمة والشريفة، ويؤكّـد على أنَّ الرسولَ هو الأسوة؛ ولأن الأسوة لا تكون إلّا حسنةً، فرسولُ الله هو القدوة للعالمين أجمع..
منذُ نشأة البشرية وبداية المشوار الحياتي لها وهدى الله ونورُه يواكب جميعَ الفترات والأزمنة، وعلى مدى التاريخ والأمم أرسل اللهُ رُسلَه؛ لتبليغ الناس وهدايتهم وتعريفهم بالخالق الذي خلقهم، وتنظيم حياة الناس وإزالة الظلم والفساد، لكن تلك الأمم بالرغم من إرسال الله الرُّسل بمعجزاتهم العديدة للهداية، كان مصيرهم هو الفشل والهلاك والخُسران المبين؛ نتيجةَ إعراضهم عن الأنبياء وارتباطهم بالطواغيت والمجرمين والمفسدين آنذاك.
ولأنَّ الله مُتم نوره، فمن رحمته أنه لم يدع العبادَ يتخبّطون ويتيهون، فبعد سلسلة طويلة من الأنبياء والرُّسل والأقوام التي لم تستجب لداعي الله، خَتمَ اللهُ رسالته برسولِ خاتم بعثه اللهُ للعالمين، اصطفاه اللهُ، وأنشأه، وحفظه بعينه التي لا تنام، ومنحه مُؤهلاتٍ إيمانية جعلته بمستوى التحمّل للمسؤولية والرسالة التي بعث من أجلها، وهذا مما جعله ذا أخلاقٍ عاليةٍ معروفة لدى عشيرته، اعتنى اللهُ -سُبْحَـانَـهُ وَتَعَالَى- به ورباهُ وهيّأه، منحه الحكمةَ والعظمة، فقد عُرف –عليه وآله الصلاةُ والسَّلامُ- بالصادق الأمين.
تلك المؤهلاتُ التي أوصلته إلى ذروة الكمال البشري، بُعِث في أمَّة كانت على شفا حفرةٍ من النار، أُمَّـةٍ طغى عليها الجهلُ والشركُ والظلمُ والفسادُ، وعبادة الأصنام وتعدد الآلهات، كان واقعاً تعيشه قبائلُ قريش وما جاورها، ولكنَّ الرسول -صلى الله عليه وعلى آله- بما آتاه اللهُ من قوة وحكمة، وآتاه المعجزةَ الخالدة، وهي كتابُ الله، وبكلِّ تلك المؤهلات استطاع في فترة عمره الوجيزة التي قضاها، إبلاغَ رسالة الله وحمل هذا الدين وإيصاله إلى أصقاع العالم، فبجهاده وصبره وتضحياته وإيمانه الواثق بالله -هو والمؤمنين- غيّر واقعَ أمَّةٍ بأكملها، استطاع إخراجَ الأُمَّـة من ما هي عليه من الظلمات إلى النور، من الشرك والجهل إلى عبادة الله الواحد الأحد، فبعدَ أن كان يأكلُ القويُّ منهم الضعيفَ، أرسى دعائمَ العدل وبنى أُمَّـةً إسلامية عادلة، أعاد إلى الأُمَّـة كرامتَها وعزّتها، أصبح مجتمعاً تسوده المحبةُ والإخاء ومكارم الأخلاق.
ولأن إقامة الدين مقرونةٌ بالجهاد في سبيل الله، فالرسولُ أقام هذا الدين وبلّغ البلاغَ المبين، وقاد الأُمَّـةَ تحت رايةِ الله، خاض المعاركَ وضحّى في سبيل الله؛ للدفاع عن الحق والمستضعفين والمظلومين، هو أعظمُ قائد عرفته الأُمَّـةُ والتاريخ بكلِّ عصوره، كان قائداً مصحوباً بالنصر الإلهي، فارتباطُنا به يعني ارتباطاً بالدين كُلِّه، بجميع جوانبه، فكيف لا يكونُ هو الأسوةَ الحسنة التي من الواجب على الأمَّة بكلها اتّباعُه والاقتداءُ به؟!.