حرب العدوان الاقتصادية خلال خمسة أعوام

‏ موقع أنصار الله || صحافة محلية || الثورة/ محمد الروحاني

 

تدمير ممنهج للقطاع المالي والتجاري ونهب منظم لموارد اليمن النفطية
عائدات النفط والغاز المنهوبة بلغت أكثر من 12 تريليون ريال وكافية لتغطية مرتبات الموظفين 12 عاماً
العدوان فرض رسوماً جائرة على تحويلات المغتربين اليمنيين للحد من التحويلات الخارجية لليمن
9% من السكان يعيشون تحت خط الفقر بسبب الحصار والعدوان الشامل على اليمن
80 ألف برميل يبيعها العدوان وأدواته يومياً في السوق السوداء

تدمير ممنهج للاقتصاد الوطني مارسه العدوان وعملاؤه على مدى خمس سنوات من حربه على اليمن بهدف وضع البلاد أمام معضلة اقتصادية سياسية مجتمعية ليس على الأمد القصير وإنما المتوسط والبعيد لكي يستطيع اليمن أن يحدث دورة إنعاش اقتصادي حقيقي فإلى جانب الحصار الاقتصادي ومنع دخول المواد الغذائية والسلع الأساسية إلى اليمن عمد العدوان إلى تدمير العملة الوطنية بطباعة نحو تريليون و200 مليار من العملة اليمنية بدون غطاء نقدي أجنبي، في إنعاش المضاربة على الدولار مما أدى إلى تدهور قيمة الريال وارتفاع مستوى التضخم .

وبينما تقوم سلطة صنعاء بخطوات جادة لتخفيف معاناة الموظفين يستمر العدوان وعملاؤه في المناطق الخاضعة للاحتلال في النهب المنظم لموارد البلاد وحرمان الموظفين من رواتبهم حيث بلغ إجمالي ما تم نهبه من إنتاج النفط والغاز في محافظات حضرموت ، وشبوة ، ومارب ، خلال الخمس السنوات الماضية 12 تريليوناً و 814 مليون ريال وكانت كافية لصرف مرتبات الموظفين لمدة 12 عاماً .

في الرابع عشر من نوفمبر الماضي كشف وزير النفط والمعادن في حكومة الإنقاذ أحمد دارس عن كميات إنتاج النفط من حقول مارب وقيمة مبيعاتها اليومية .. مؤكدا أنها تغطي صرف راتب ونصف لجميع موظفي الجمهورية، لولا أنها تنهب من التحالف وأدواته .. وقال وزير النفط إن إجمالي ما يتم نهبه من عائدات النفط والغاز في مارب وحدها يتجاوز 700 مليون ريال يوميا ، مضيفاً إن الإنتاج الحالي للنفط يبلغ 80 ألف برميل يوميا يبيعها العدوان وأدواته في السوق السوداء”.

الوزير دارس أكد إن إنتاج النفط المنهوب في أقل مستوياته يمكن أن يغطي صرف راتب ونصف لجميع الموظفين من صعدة إلى سقطرى، مشيراً إلى أن مبيعات النفط والغاز كانت تمثل 75 % من إيرادات الدولة وبأكثر من 7 مليارات دولار سنوياً أصبحت اليوم خارج الإيرادات .

فعلى مدى خمسة أعوام يقوم عملاء العدوان في المناطق الخاضعة للاحتلال بتصدير عشرة آلاف برميل يومياً من حقل «صافر « فقط غير ما يتم تهريبه من حقول النفط الأخرى ويبلغ العائد من حقل صافر فقط عشرة مليارات شهرياً .

مبالغ مهولة نهبها العدوان وعملاؤه في خمس سنوات حيث قاموا بالنهب المباشر للعائدات والإيرادات المنتجة فعلياً لأكثر من 69 مليون برميل والتي بلغت قيمتها 4.1 مليار دولار «2 تريليوني ريال» كما قام العدوان بتعطيل إنتاج وتصدير 303 ملايين برميل نفط خام بقيمة 16 مليار دولار « ترليون ريال « إضافة إلى نهب إيرادات الغاز المنزلي المقدرة بأكثر من 314 مليار ريال ، وتعطيل إنتاج وتصدير الغاز المسال في منشأة بلحاف وضياع 4 مليارات .

وفي ظل المماطلة المستمرة من قبل طرف العدوان وعملائه وعدم تنفيذهم لتفاهمات السويد فيما يخص المرتبات أعلنت اللجنة الاقتصادية في صنعاء في بداية شهر نوفمبر المنصرم استعدادها تنفيذ أي آليات تشرف عليها الأمم المتحدة لصرف مرتبات كل اليمنيين المنقطعة لأكثر من ثلاثة أعوام، والتي طالت مؤخراً حتى الموظفين في المحافظات المُحتلة بحسب تفاهمات السويد تعزيزاً لمبدأ الشفافية ووفاءً لما تعهدت به كما أعلنت استعدادها الإفصاح شهرياً عن إيرادات موانئ الحديدة .

وبحسب إعلان اللجنة الاقتصادية العليا فقد بدأ توريد إيرادات الرسوم الجمركية والضريبية لسفن المشتقات النفطية إلى حساب مبادرة المرتبات من شهر أغسطس 2019م، وبلغت الإيرادات لشهر أغسطس مبلغ (6.721.629.693 ريالاً يمنياً) ولشهر سبتمبر مبلغ (8.287.878.417 ريالاً يمنياً).

ونظراً لعدم استجابة الأمم المتحدة والطرف الآخر لمبادرة المرتبات من خلال دفع العجز في الرواتب، قامت وزارة المالية باستخدام مبالغ إيرادات شهري أغسطس وسبتمبر للمساهمة في صرف نصف راتب لموظفي الدولة الذي تم صرفه بداية نوفمبر الجاري .

وأوضحت اللجنة الاقتصادية أن إيرادات موانئ الحديدة لشهر أكتوبر 2019م من رسوم جمركية وضريبية لسفن المشتقات النفطية مبلغ (5.651.242.257 ريالاً يمنياً) وتم إيداعها في الحساب الخاص بالمرتبات ولا يزال المبلغ موجوداً في الحساب ، و لا تزال الإيرادات تورّد إلى حساب المرتبات ويتم إبلاغ الأمم المتحدة بالإيرادات الموردة إلى الحساب أولاً بأول.

ودعت اللجنة الاقتصادية العليا الأمم المتحدة إلى القيام بواجباتها وإلزام الطرف الآخر بتنفيذ التزاماته في اتفاق السويد من خلال توريد مبلغ العجز في المرتبات .

طبع العملة الوطنية دون غطاء

لم يكتف العدوان ومرتزقته بنهب أكثر من 12 تريليوناً من عائدات النفط والغاز بل أقدم خلال السنوات الخمس الماضية على طباعة نحو تريليون و200 مليار من العملة اليمنية بدور غطاء نقدي أجنبي، في إنعاش المضاربة على الدولار وتدهور قيمة الريال من 350 للدولار إلى 600 ريال، وبحسب محافظ البنك المركزي رشيد أبو لحوم فإن ما يشهده البلد من حالة التضخم هو نتيجة طباعة العدوان العملة المحلية غير القانونية والتي أدت لارتفاع الأسعار”واستحواذ العدوان على الاحتياطي الخارجي والنفط والغاز .

وقال الدكتور أبو لحوم في حديث لقناة «المسيرة « في السابع والعشرين من نوفمبر المنصرم إن العدوان لم يسمح باستثمار عائدات النفط والغاز لتغطية احتياطات اليمن من الدولار في الخارج .

ونوه الدكتور أبو رشيد إلى إجراءات البنك لكبح تراجع صرف الريال، وقال إن دول العدوان لم يرق لها تحسن سعر الصرف فقامت بطباعة 80 مليار ريال وضخها للسوق المحلية .

أضرار كارثية على القطاع المالي والتجاري

وعلى مدى الخمس السنوات الماضية تكبد القطاع المالي والاقتصادي أضراراً كارثية حيث كشف الوكيل المساعد في البنك المركزي سامي السياغي في نهاية نوفمبر الماضي أن آخر إحصائية للعام 2018م قدرت خسائر الاقتصاد الوطني بفعل الحصار والعدوان بين 66 مليار دولار و80 مليار دولار .. وأوضح أن احتياطيات اليمن من النقد الأجنبي تراجعت من 3 مليارات و767 مليون دولار إلى أقل من مليار دولار نتيجة العدوان.. مشيراً إلى أن بعض البنوك الأمريكية سهلت تصرف المرتزقة بجزء من احتياطيات اليمن من النقد الأجنبي، المملوكة للشعب اليمني.. مؤكداً أن الاحتياطيات الخارجية لليمن خسرت بفعل الحصار عائدات استثمارها بقيمة تقدر 8.000.000 دولار فضلا عن إيرادات مبيعات النفط والغاز والتي تقدر 6 مليارات دولار سنويا.

وقال السياغي إن مؤشرات الدين العام الداخلي فاقت الإيرادات ومثلت 110% من إجمالي الإيرادات العامة للدولة متجاوزة معدلات المخاطر وفق المعايير الدولية، وإن نسبة الدين العام الإجمالي مثلت 127% من الناتج القومي الإجمالي بفعل الحصار المفروض على اليمن.

وأضاف إن الحصار المفروض على اليمن والطباعة غير القانونية وغير الاقتصادية من قبل المرتزقة لأكثر من « تريليون وأربعمائة مليار ريال « أبرز أسباب ارتفاع أسعار الصرف وتدهور العملة الوطنية.

وذكر السياغي أن دول العدوان والحصار استهدفت تحويلات المغتربين اليمنيين بشتى السبل بفعل كونها الرافد الأول للنقد الأجنبي في ظل سيطرة المرتزقة على عائدات النفط والغاز، وفرضت رسوما جديدة وجائرة على المغتربين اليمنيين للحد من التحويلات الخارجية لليمن، كما فرضت قيوداً عديدة على اليمن حدت من التعاملات المصرفية للبنك المركزي بالدولار مع البنوك الخارجية.

وأوضح السياغي أن البنك المركزي فرع عدن حاصر البنوك التجارية بذريعة عدم تطبيقها معايير الامتثال ففاقم معاناة البنوك في تغطية اعتمادات استيراد السلع الأساسية.

من جانبه قال وكيل وزارة المالية لقطاع التخطيط والمتابعة الدكتور أحمد حجر إن الناتج المحلي الحقيقي انخفض بنسبة 47% وفق بيانات 2018م وبالمقارنة مع 2014م.. مشيراً إلى أن الحرب الاقتصادية سبقت العدوان العسكري وهذا ما يؤكده انخفاض الناتج المحلي للعام 2014م 10% عن العام 2013م.

وذكر حجر أن الاقتصاد المحلي خسر من طاقته الإنتاجية ما يزيد عن 56% وسط ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج من جهة من جهة أخرى خسر في حال المقارنة بين عامي 2014 و2018م

وأوضح أن مؤشرات معدل التضخم ارتفعت بشكل غير مسبوق، من متوسط 10 % في 2014م أي قبل العدوان إلى 21 % في العام 2018م وهذا أكثر من الضعف بكثير.

وبين أن متوسط دخل الفرد الحقيقي انخفض بحوالي 53% ، أي أن دخل الفرد في 2018م لا يساوي النصف مقارنة بفترة ما قبل العدوان وذلك بفعل السطو على مرتبات موظفي الدولة من قبل المرتزقة والعدوان.. وأن معدل البطالة ارتفع من 30% من مجمل السكان عام 2014م ووصل في 2018م إلى 60 % بفعل استهداف العدوان لموظفي الدولة وغيرهم من العاملين في القطاع الخاص.. وارتفع معدل الفقر بفعل الحصار والعدوان الشامل على اليمن من نسبة 49% من السكان تحت خط فقر أعلى إلى مستوى غير مقبول.. مؤكداً أن استمرار الحصار على اليمن يهدف إلى وضع البلاد أمام معضلة اقتصادية سياسية مجتمعية ليس على الأمد القصير وإنما على الأمد المتوسط والبعيد لكي لا يستطيع اليمن أن يحدث دورة إنعاش اقتصادي حقيقي.

فساد وتلاعب بالعملة الوطنية وغسيل أموال

في منتصف شهر نوفمبر الماضي كشفت تقارير إعلامية عن فساد وتلاعب بالعملة الوطنية قام بها محافظ البنك المركزي في عدن حافظ معياد المعين من قبل الفار هادي .

وبحسب التقارير فإن هناك عمليات فساد حصلت في بيع وشراء العملة خلال الفترة من ابريل حتى سبتمبر 2019م، من خلال فوارق السعر بين أسعار السوق وأسعار الشراء للعملة بالريال السعودي .. ومن عملية المصارفة التي تمت يوم 7 ابريل 2019م، بمبلغ 10.612.245 دولارا، بفارق 30 ريالا بين سعر البنك 490، وسعر السوق 520، وتمت العملية لصالح تاجر المشتقات النفطية أحمد العيسي وعبر كاك بنك، وبلغ اجمالي الفارق 212.244.900 ريال.

ويوم 23 ابريل تمت مصارفة مبلغ: 5.102.040 دولارا، وبلغ إجمالي الفارق 163.265.280 ريالا، لصالح التاجر أحمد العيسي وعبر كاك بنك، من فارق الصرف بين سعر البنك 490 وسعر السوق 522 ريالا.

وبحسب التقرير ارتكبت قيادة البنك المركزي في عدن ممثلة بالمحافظ معياد عدة مخالفات عند التعامل مع تجار المشتقات النفطية ، حيث قام البنك خلال الفترة من ابريل- سبتمبر 2019م ، بتنفيذ مجموعة من العمليات فيما يخص المصارفة لتجار محددين مختارين من المتعاملين بتجارة المشتقات النفطية .. وبلغت العمليات المنفذة 45 عملية أكثر من 97 % منها عبر مصرف كاك بنك، نحو 20 عملية مصارفة تمت لصالح التاجر أحمد صالح العيسي مالك شركة عرب جلف لاستيراد الوقود،.

كما كشف التقرير أن إجمالي الفارق بين أسعار الشراء وأسعار الصرف السائدة في السوق بلغ 6.484.975.901 ريال. 6 مليارات و975مليون ريال يمني، خلال الفترة من ابريل حتى منتصف سبتمبر، ويدفع البنك هذا المبلغ الذي يستفيد منه أحد تجار النفط على حساب الاقتصاد والعملة.

وتشير المخالفات في عمليات المصارفة ، إلى قيام حافظ معياد بتسخير منصبه في قيادة البنك المركزي وفي رئاسة اللجنة الاقتصادية لصالح بنك التسليف الزراعي المعروف اختصارا (كاك بنك)، والذي تولى رئاسته في عهد صالح ولمدة طويلة، كما سخر المنصب لخدمة تاجر النفط أحمد العيسي.

وبحسب التقرير فإن معياد من خلال منصبه محافظا للبنك المركزي والهمداني كرئيس لكاك بنك، عملا لخدمة مصالح أحمد العيسي، بل ظهرت بعض العمليات التي لها صفة غسيل أموال بقيام التاجر بتوريد عملة خارجية إلى البنك المركزي بهدف قيام البنك بعملية التحويل فقط وهذا مخالف لأهداف البنك وآليات السوق.

ويرى خبراء في الاقتصاد، أن العمليات التي تمت في عهد معياد غير قانونية، لأن البنك المركزي منح التسهيلات لجهة واحدة هي كاك بنك فقط ونصف العمليات لصالح تاجر واحد هو أحمد العيسي، ولأن التسهيلات المالية كانت بالعملة الأجنبية من الدولار والسعودي، مما يثير شبهات حولها وأن تكون العمليات تمت لشرعنة جريمة غسيل أموال.

قد يعجبك ايضا