المقاومة الفلسطينية ومعادلة الطائرات المسيّرة
|| صحافة ||
رغم الحصار الخانق الذي يفرضه الكيان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة، تواصل “عقول” المقاومة مسيرة الجهاد العلمي الذي تجلّى قبل أيام بطائرة تجسس انطلق من القطاع ليُجبَر الكيان الإسرائيلي على استخدام صاروخ يُعتبر الأكثر تطورًا بالعالم لإسقاطها.
القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ نشرت تفاصيل إعلان الاحتلال عن إسقاط طائرة دون طيار. وقد قالت القناة نقلاً عن مصادر أمنيّةٍ وعسكريّةٍ رفيعةٍ في كيان الاحتلال الإسرائيليّ أنّه قد جرى إسقاط الطائرة على بعد (13) كم من شاطئ قطاع غزة، وأسقطت بصاروخ من نوع “بيتون” من صناعة شركة الأسلحة الإسرائيلية “رفائيل”، وهو يعتبر من أكثر الصواريخ تطورًا في العالم، على حدّ تعبير المصادر الأمنيّة والعسكريّة الإسرائيليّة التي تحدثت للتلفزيون العبريّ.
ليست المرّة الأولى التي تستخدم فيها المقاومة الطائرة المسيّرة خلال الفترة الأخيرة فقد نقل موقع “0404” الإسرائيليّ، المُقرّب جدًا من جيش الاحتلال الإسرائيليّ، أنّ سلاح الجو الإسرائيليّ رصد مؤخرًا تحليق أكثر من طائرة استطلاع بدون طيّار لـ(حماس) فوق الحدود الشمالية لقطاع غزة، موضحاً أنّ طائرات مقاتلة تابعة للجيش الإسرائيليّ سارعت إلى المكان لاستهداف تلك الطائرات، ولكنها تمكّنت من العودة لداخل القطاع بنجاح.
تعيدنا الطائرة الجديدة إلى المسار النوعي للقوة الجويّة في المقاومة الفلسطينية والذي بدأ بالعام 2003 بقيادة نضال فرحات ورفقاؤه، من ضمنهم المهندس التونسي، محمد الزواري الذي أشرف على مشروع تطوير صناعة الطائرات بدون طيار في وحدة التصنيع في كتائب القسام، والتي أطلق عليها اسم أبابيل1، وظهرت أول مرة في 2014م في معركة العصف المأكول.
وعند مشاهدة هذه الطائرات وكذلك الصواريخ الفلسطينية لا يمكننا إلا أن نستذكر أيضاً رفيق درب المقاومة الفلسطينية الشهيد القائد قاسم سليماني الذي أشرف على نقل الصورايخ والمعدات والخبرات إلى قطاع غزّة الذي زاره وعرف أنفاقه التي كانت منطلقاً المقاومين.
إن مثل هذه العملية في ظل الظروف الراهنة تشير إلى التالي:
أولاً: إن نجاح المقاومة في تطوير صناعتها العسكرية الجويّة رغم الحصار المطبق المفروض على قطاع غزّة يعدّ إنجازً نوعياً، لاسيّما أن هذه الطائرات باتت أكثر تطوراً عن سابقتها وبأمكانها تحديد الاهداف وقصفها. من النقاط الأخرى التي تسجل للمقاومة الفلسطينية هو نجاحها في تحقيق عنصر المفاجأة وخلق قوة ردعٍ رغم الفارق الكبير بين قدراتها وترسانة الجيش الإسرائيليّ العسكريّة.
ثانياً: ليست المرّة الأولى التي تنجح فيها المقاومة الفلسطينية في إدخال طائرات بدون طيّار إلى المجال الجويّ الإسرائيليّ، فقد تمكنّت المقاومة الفلسطينية سابقاًفي إرسال طائرة أبابيل إلى العمق الإسرائيليّ الأمر الذي شكلّ صدمةً للأجهزة الأمنية في عمليية العصف المأكول. لاحقاً نجحت المقاومة أيضاً في تسيير طائرات فوق الأراضي المحتلة وبعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أسقط طائرة بلا طيار فوق أسدود، أكدت كتائب القسام في بيانٍ رسميٍّ لاحقًا أنّها سيّرت عددًا من الطائرات، وأنّ إحداها نفذّت مهمة فوق وزارة الأمن الإسرائيلية بتل أبيب.
ثالثاً: تشير العملية الأخيرة إلى ترسيخ خيار المقاومة والاعتماد على النفس في أذهان الفلسطنيين، لاسيّما في ظل الخذلان الذي تعرّضوا له من قبل بعض الأنظمة فيما يخص صفقة القرن قبلها وما بعدها. ما لم يظهر في تفاصيل العملية حجم التسليح والصواريخ الذي يمكن للمقاومة أن تستخدمه في طائراتها. هل من الممكن أن نشاهد أسراب من الطائرات المفخخة تتّجه نحو المراكز الإسرائيلي في العمق؟ ماذا لو نجحت هذه الطارئرات في استهداف محطات الغاز في المتوسط؟ ماذا عن معادلات الردع التي يمكن للفلسطينيين أن يرسموها مع الكيان الإسرائيلي؟
رابعاً: إن تكلفة بعض الطائرات المسيّرة هي بضع مئات الدولارات، فيما تقدر تكلفة الصاروخ الواحد بأرقام تبدأ بمئات آلاف الدولارات، وتصل إلى ملايين الدولارات، فهل ستستخدم المقاومة هذه الطائرات كحرب استنزاف؟ ما هي قدرة الإسرائيلي على الصمود أمام مثل هذا الاستنزاف؟
في الخلاصة، المقاومة الفلسطينية نجحت من خلال هذه الخطوة بتوجيه رسائل جديد لقادة كيان الإحتلال وفي مقدّمتهم رئيس الأركان أفيف كوخافي الذي أعلن عن رؤية جديدة تمسى تنوفا أي الزخم، فهل سيسير كوخافي عل خطى إيزنكوت بجولات ما بين الحروب أم أنّه سيقرر الدخول في مواجهة واسعة؟
لا ندري الإجابة الدقيقة على هذا السؤال، ولكن ما هو مؤكد أن ما شاهدناه هو غيض من فيض سلاح الطائرات المسيرة مع العديدة من فصائل المقاومة في غزّة.
الوقت التحليلي