موقع الیمن الاستراتيجي أوجد أهدافاً مغرية لدول العدوان للسيطرة على الموانئ الحیوية ونهب ثرواته
الأمم المتحدة: الیمن تعاني من أسوأ مجاعة في العالم.. و80 % من السكان بحاجة لمساعدات غذائیة
|| صحافة ||
رعاة الحرب يبحثون عن نصیب الأسد من الموارد الطبیعیة ومنها ثروات النفط والغاز والمعادن
الإمارات حددت 7 قطاعات بحرية في المياه اليمنية للبدء بالتنقیب عن النفط فیها والسعودية تحاول مد انبوب نفط إلى البحر العربي
الناتج المحلي للفرد هبط من حوالي 3770 دولاراً في عام 2014م الى1950 دولاراً في 2019م
موقع الیمن الاستراتیجي الذي يتمیز باطلالته على مضیق باب المندب أحد المضائق المائیة المهمة والذي يتحكم بالطرق التجارية بین الشرق والغرب جعل الیمن محل أطماع دول الاستعمار على مدى التاريخ وان السیطرة على الیمن يعني التحكم بهذا الممر الاستراتیجي وبالتالي اخضاع بقیة الدول لقرار المسیطر على هذا المكان الهام، تشیر التقارير الاقتصادية والتجارية إلى انه يمر عبر مضیق باب المندب يومیاً ما نسبته ثلاثة ملايین وثلاثمائة ألف برمیل نفط، بما نسبته 4 % من الطلب العالمي على النفط، وتمر عبره 21 ألف سفینة سنوياً، أي أن الشحنات التجارية التي تمر عبر الممر تعادل عشرة بالمئة من الشحنات التجارية العالمیة.
الثورة / منصور شايع
قیمة اقتصادية
هذه الخصائص جعلت باب المندب يحتل المرتبة الثالثة عالمیاً بعد مضیق هرمز، ومضیق ملقا من حیث كمیة النفط التي تعبره يومیاً، مما زاد من أهمیته الاستراتیجیة وقیمته الاقتصادية.
لذلك نجد أن العدوان الأمريكي السعودي الصهیوني على الیمن كما يرى خبراء الاقتصاد تندرج ضمن إستراتیجیة الحروب الاقتصادية طويلة الأمد أو ما يطلق علیها حديثا بمصطلح (الحروب الجديدة) التي تحمل أجندات قوى العدوان المتحالفة فیها بشكل مباشر وفي سیاق سیناريوهات الحرب التي يبحث كل منها عن مصالحه الخاصة وهي السیطرة على الیمن بما تمتلكه من موقع استراتیجي ونهب ثرواته والتحكم في قراراته السیادية المختلفة (السیاسیة والاقتصادية وغیرها) بما يخدم سیاسات وتوجهات ومصالح دول العدوان.
وأشاروا إلى أن رعاة الحرب يبحثون عن نصیب الأسد من الموارد الطبیعیة، وهذا يعني أن النفط والغاز والمعادن في الیمن هي أيضا العامل الذي يجعل الیمن بهذا القدر من الأهمیة، ويجعلها ثمینة إلى هذا الحد الذي قد لا يصدقه كل عابر سبیل لا يدري ما تحت أقدامه من ثروات شعب وأمة يراد عنوة سلبها بفجاجة هذا التدخل السافر لدول تحالف العدوان يعد الأكثر حماقة وبشاعة تجاوز كل الأعراف والقوانین الدولیة في انتهاك السیادة الوطنیة للیمن.
ضرب القطاعات الاقتصادية
وفي هذا الصدد يوضح أ. د محمد حزام القطیبي أستاذ الاقتصاد المالي ورئیس منتدى الاقتصاد والمال والأعمال انه ومنذ اندلاع العدوان الأمريكي السعودي على الیمن في مارس 2015 عمدت دول العدوان لضرب العديد من القطاعات الاقتصادية في البلاد وتدمیر المنشآت الاقتصادية منها تدمیر جزئي والآخر كلي سواء في المنشآت التعلیمیة والمراكز الصحیة وقطاع الكهرباء والمیاه وقطاع السیاحة وغیرها من المنشآت الأخرى بالإضافة إلى ذلك حرص العدوان على افتعال العديد من الأزمات تلو الأزمات ابتداء من أزمة المشتقات النفطیة وأزمة الغاز مروراً بأزمة المرتبات لموظفي الدولة وأزمة السیولة وانتهاء بأزمة سعر الصرف وتدهور سعر الصرف الريال الیمني مقابل الدولار والعملات الاجنبیة إلى تنفیذ حصار شامل بري وبحري وجوي كل ذلك أدى الى تدهور الوضع الإنساني وارتفاع مستويات التضخم في السلع والخدمات وزيادة مستوى الفقر والفقراء وساهم في تفشي الأمراض والأوبئة بین السكان ودخول الیمن في كارثة انسانیة لم يسبق لها مثیل في تاريخ الیمن.
دور حیوي
ولمزيد من التوضیح أكد الباحث الاقتصادي أحمد الجمال أن البعد الاستراتیجي لموقع الیمن أوجد أهدافاً مغرية للعديد من أطراف العدوان لا سیما الموانئ والجزر الاستراتیجیة بساحل طوله حوالي 2500 كم التي يملكها لا تخفي على أحد أهمیتها وسعیها للسیطرة علیه.
مبینا ان الموقع البحري الذي يتوزع على مناطق بحرية حیوية تشمل خلیج عدن ومضیق باب المندب الاستراتیجي الذي يعد شرياناً لتوريدات النفط الخام الى العالم كخط ملاحي دولي يربط الشرق بالغرب والجزر وارخبیلات الجزر العامة وصولا الى الموانئ والمنافذ البحرية البارزة التي تقع على طرق الملاحة الدولیة وتربط أعالي البحار.. كما أن الیمن يمتلك «6»موانئ بحرية دولیة مجهزة لاستقبال البضائع والسفن وتقديم خدمات الشحن والتفربغ والتخزين و»3»موانئ نفطیة و»8»موانئ محلیة لعبت منذ القدم دوراً حیوياً في الاقتصاد وكان لها أثر مباشر على حیاة أفراد المجتمع إذ مثل العديد منها مراكز كبیرة للتجارة على سواحل البحر الأحمر والعربي.
السيطرة على الموانئ
لذلك ركز العدوان في أهدافه الاستراتیجیة بحسب خبراء الاقتصاد في السیطرة على مناطق الثروة النفطیة والغازية، وطرق الملاحة البحرية واستهداف الموانئ والجزر التي تهم أمريكا على وجه التحديد، ومن هنا يأتي الدور الأمريكي الأبرز في إظهار قوة فريدة يؤمن لها رافعة هائلة في مفاوضتها أمام الحلفاء حول أمن ومصالح أمريكا في الامتداد الجغرافي أو ما يطلق علیه بمصطلح الأمن القومي الأمريكي، الذي يتقاطع مع الامتداد التجاري إلى أوروبا الشرقیة والیابان ناهیك عن أسواقها الخارجیة في بقیة مناطق العالم، في استثمار مناخات الصراع باعتبارها أسواقا حیة تتنافس علیها شركات الاسلحة في بیع صفقاتها بسرعة مذهلة.
قطاعات واعدة
يمتلك الیمن فرصا واعدة بنسب عالیة ومضمونة لاستخراج النفط من القطاعات والمواقع البحرية، التي تم مسحها واستكشافها على فترات متعددة من قبل الجهات الحكومیة المتخصصة بالتعاون مع خبراء دولیین..
وتقدر بیانات رسمیة محلیة المخزون النفطي بنحو 95.11 ملیار برمیل، منها 78.4 ملیار برمیل قابلة للاستخراج بالطرق التقلیدية الحالیة. كما أن إجمالي عدد الحقول النفطیة في الیمن يصل إلى نحو 105 حقول، منها 81 حقلاً في قطاعات مفتوحة للاستكشاف والتنقیب أغلبها في المیاه البحرية.
الامارات تنهب النفط
لم تكتف دويلة الإمارات بعدوانها المباشر على الیمن وشعبه بقصفه بالطائرات والبوارج الحربیة وتمويل مرتزقتها في الداخل لتمزيق الیمن بل تعدى ذلك الى نهب ثرواته، ففي خطوة إضافیة لوضع يدها على ثروات البلد الذي يتعرض لعدوان غاشم وحصار اقتصادي مطبق منذ نحو خمس سنوات.
حیث كشفت تقارير محلیة عن إجراءات اتخذتها دولة الإمارات للهیمنة على مواقع نفطیة حیوية في المیاه الاقلیمیة الیمنیة، فقد حددت الامارات7 قطاعات بحرية للبدء بالتنقیب عن النفط فیها، بعد دراسة هذه المواقع بعناية منذ عام 2016 ، “مشیرة إلى أن ”أربعة من هذه القطاعات في البحر العربي وخلیج عدن، والباقي في الساحل الغربي للیمن على البحر الأحمر، منها مواقع في رأس عمران القريبة من باب المندب“.
أجندة أمريكية
السعودية من جانبها وفي إطار العدوان التي تشنه مملكة قرن الشیطان على الشعب الیمني منذ خمس سنوات وتنفیذا للأجندة والتوجیهات الأمريكية الإسرائيلية وضمن مؤامرة تدمیر الیمن ونهب ثرواته بدأت السعودية وفي وقت مبكر من فترة العدوان بمد أنبوب نفطي يربط المملكة بالبحر العربي عبر صحراء حضرموت والمهرة لاقامة میناء لتصدير النفط ونهب ثروة الیمن عبر هذا المشروع الخبیث.. وفي هذا الصدد وتنديدا واستنكارا لما اقدمت علیه السعودية اعتبرت وزارة النفط والمعادن في بیان صدر في حینه أن «ما قامت به السعودية، تعد سافر وانتهاك صارخ للأعراف والمواثیق والقوانین الدولیة ونهب لثروات الیمن بتواطؤ من قبل حكومة ورئیس منتهیة ولايته».
وأكدت أن «التدخل السعودي ونهب ثروات الوطن والعبث بها والإضرار بالاقتصاد الوطني يتوجب وضع حد حاسم وحازم للتدخلات السعودية والأطماع التوسعیة والخطط التآمرية ضد الیمن»، موضحة أن «مد الأنبوب قوبل برفض وتحرك شعبي من قبل أبناء محافظة المهرة».
وأشار البیان إلى أن «ما قامت به السعودية عدوان خطیر يندرج في إطار حربها على الیمن للبحث عن مصالح استراتیجیة على حساب مصلحة الیمن واحتلال أراضیه ونهب ثرواته»، مؤكداً «أهمیة التصدي لهذا العمل بكافة الإجراءات القانونیة اللازمة».
ودعت وزارة النفط والمعادن الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى «إيقاف ما تقوم به السعودية من عمل عدواني ونهب وعبث واحتلال للأراضي الیمنیة وانتهاك للسیادة».
تدمیر البنیة التحتیة
كما كان للعدوان السعودي الأمريكي على بلادنا خلال خمس سنوات آثار اقتصادية ومعیشیة بالغة السوء على حیاة المواطن الیمني. حیث أكد تقرير حديث للأمم المتحدة عن تأثير العدوان على الیمن أعده رئیس الفريق التابع للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة أن العدوان دمر البنیة التحتیة وسبل العیش المتداعیة أصلا في الیمن.
مشیرا الى أن الحرب على الیمن رفعت معدل الفقر من 47 %الى 75% ونوه بأنه « اذا استمر العدوان حتى 2022 سیكون الیمن أفقر بلد في الأرض.
منوها بأن الناتج المحلي للفرد هبط من حوالي 3770 دولاراً في عام2014م الى 1950 دولاراً في 2019م وهو مستوى لم يشهده الیمن منذ ما قبل عام 1960م.
موضحا أن 79 %من السكان يعیشون تحت خط الفقر و65 %تصنف كحالة سیئة جدا, مبینا أنه منذ 2015م وحتى الیوم خسر الیمن 89 ملیار دولار من نشاطه الاقتصادي.
لافتا الى ارتفاع عدد المصابین بسوء التغذية من 25 %قبل العدوان الى36 %بنهاية 2019 وربما يصل الى 50 %بحلول 2022 اذا استمر العدوان والحصار.
أما المنسق المقیم للأمم المتحدة في الیمن لیزا جراندي، فقد أكدت أن الیمن تعاني من أسوأ مجاعة في العالم فهناك 80 %بحاجة لمساعدة غذائیة، حیث أن 20ملیون جوعى و10ملايین نسمة لا يعرفون كیف يحصلون على وجبتهم القادمة.
فقر ومرض
وبین الباحث الاقتصادي الجمال من جانبه أن الصراع الاقلیمي والدولي على موانئ الیمن وثرواته انعكس أثره السلبي على حیاة ومعیشة أفراد المجتمع الى مستويات مخیفة من فقر ومرض وجوع ونزوح وبطالة.. ناهیك عن ما أحدثه العدوان خلال الخمس السنوات الماضیة من تشريد مئات الآلاف من الصیادين ومن موزعي ومسوقي الأسماك وملايین من أفراد المجتمع الذين يعتمدون في غذائهم على الأسماك وجعلهم عاطلین ونازحین في حین تنهب ثروتهم السمكیة.