الرياض تغضب حلفاءها: الدوحة تخترقكم
|| صحافة ||
بعد موجة اضطرابات شهدها عدد من المعسكرات التابعة لحكومة الرئيس اليمني المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، في الحد الجنوبي للسعودية خلال الشهرين الماضيين، رحّلت الأخيرة المئات من المجندين اليمنيين المقاتلين في صفوفها في جبهات جيزان وعسير مطلع الشهر الماضي إلى منفذ الوديعة في حضرموت شرق اليمن. الاضطرابات تصاعدت أخيراً وشملت عشرات الجرحى الذين أصيبوا أثناء دفاعهم عن أراضي المملكة، ما تسبب في سخط كبير في أوساط تلك القوات التي اتهمت الجانب السعودي بـ«الخيانة والتنكّر للتضحيات» التي قدّمتها دفاعاً عن حدها الجنوبي، كما رفضت تنفيذ أي عمليات عسكرية جديدة مطالبة بترحيلها إلى اليمن وسط رفض سعودي.
في هذا السياق، قدّرت مصادر استخبارية في صنعاء عدد المجندين من حكومة هادي للقتال في جبهات الحدود بأكثر من 600 ينتمون إلى اللواء 102 مشاة التابع لها، ولواء «الواجب» السلفي الذي يتبع مباشرة لقيادة «التحالف» في الرياض. وأكدت المصادر أن المئات من ألوية القوات الخاصة و«العروبة» و«العاصفة» والمهام الخاصة و102 واللواء 63 وألوية «الواجب» المنتشرة على حدود جيزان وعسير الحدودية نفذوا وقفات احتجاجية وتظاهرات غاضبة داخل المعسكرات «رفضاً لسياسة التجويع والتعامل الدوني التي نفذتها الرياض على تلك القوات منذ مطلع العام الجاري».
وفقاً لمصادر عسكرية أخرى في حكومة هادي، تفرض السعودية «عقاباً جماعياً على معظم القوات الموالية لحكومة هادي التي تقاتل في صفوفها على خلفية إخفاقهم خلال عشرات الزحوفات، برغم الإسناد الجوي والبري السعودي خلال الأشهر الماضية، في تحقيق أي تقدّم، كما تمنع صرف رواتبها منذ خمسة أشهر». وأشارت هذه المصادر إلى أن «ضباطاً سعوديين اتهموا تلك القوات بالتواطؤ مع قوات الجيش واللجان الشعبية التابعة لصنعاء تنفيذاً لأجندة قطرية، ولذلك وجّهوا الشرطة العسكرية السعودية لمحاصرة معسكرات واعتقال عدد من قادة الكتائب المشتبه في ولائهم لحزب الإصلاح» الإخواني.
حالة فقدان الاستقرار التي تشهدها جبهات الحدود التابعة لـ«تحالف العدوان» ناتجة، كما يرى كثيرون، من أزمة ثقة بين الطرفين، تصاعدت منذ عودة الآلاف من المجندين اليمنيين من الحد الجنوبي في كانون الثاني/ يناير الماضي إلى محافظة تعز، وتشكيل معسكرات موالية لحزب «الإصلاح» في كل من مديريتَي هجده وصبر بتعز بتمويل قطري. كما أن بروز الدور القطري في إعادة الآلاف من المجندين الذين استقطبتهم قيادات في الحزب الإخواني وسماسرة موالون لـ«التحالف» من أرياف محافظة تعز وسط اليمن أثار شكوك القوات السعودية في تمكّن القطريين من اختراق قوات هادي في الحد الجنوبي للمملكة.
اضطرت السعودية إلى ترحيل مئات الجنود وصرف رواتب البقية
على هذه الخلفية، شهدت جبهات محورَي جيزان وعسير موجة احتجاجات شبيهة للمطالبة بصرف الرواتب. ورداً على رفض السلطات السعودية، تطوّرت الاحتجاجات إلى تمرّد عسكري ورفض للأوامر السعودية في محوري حرض وصعدة، ليطالبوا بإعادتهم إلى اليمن. ويضاف إلى ما تقدّم الانسحاب من المواقع العسكرية الواقعة على التماس بين مديرية رازح الحدودية في صعدة وجيزان، وكذلك انسحاب أفراد «اللواء الأول واجب»، إضافة السادس والسابع من موقعهم، والمشاركة في مسيرة إلى منطقة الحميراء بمحافظة العارضة السعودية أواخر نيسان/ أبريل الماضي. وقبل ذلك، انسحب عشرات المجندين الذين يتبعون اللواءين «الثالث عروبة» و«الثالث عاصفة»، التابعين لحكومة هادي، إلى الشارع العام بمنطقة شرورة السعودية، مطالبين بعودتهم إلى بلادهم. وامتدت الاحتجاجات على طول جبهات الحدود، وصولاً إلى محور علب والربوعة بعسير.
في المقابل، واجهت الرياض تلك التطورات بإصدار توجيهات قضت بعزل عدد من المعسكرات التابعة لحكومة هادي المتمركزة في ظهران الجنوب بذريعة إصابة العشرات من عناصر تلك القوات بوباء كورونا. ومع تصاعد الاحتجاجات والتمرّد، أقرّت القوات السعودية باستخدام القوة ضد المحتجين في المعسكرات، ما أدى إلى مقتل عدد منهم. كما صادرت الشرطة العسكرية السعودية هواتف المحتجين بعد تسرب مقاطع فيديو في شبكات التواصل الاجتماعي، واستخدمت الترهيب والقمع ضدهم. لكن تلك السياسة كادت أن تفجّر الأوضاع في عدد من المعسكرات الموالية لـ«التحالف»، ما أجبر الجانب السعودي على ترحيل المئات من المجندين وصرف رواتب بعضهم.
كذلك، أكدت مصادر حقوقية في حكومة هادي تعرّض العشرات من الضباط والمجندين للاعتقال لدى الاستخبارات السعودية على خلفية الاحتجاجات في الجبهات. وكان من المطالب أيضاً منح إجازات سنوية ومعالجة الجرحى وصرف رواتب القتلى، فيما اتهمت المصادر السلطات السعودية بتعذيب المعتقلين ووضعهم في سجون انفرادية.
الاخبار اللبنانية