الوقود الذي لا ينفد تحت القتل والحصار

‏موقع أنصار الله || مقالات || سند الصيادي

تستمرُّ المناشداتُ والتحذيراتُ اليمنية من النتائج الكارثية المترتبة على استمرار دول تحالف العدوان في قرصنتها ضد سفن المشتقات النفطية في مياه البحر الأحمر، باحتجازها ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة منذ أكثر من مِئة يوم.

وَمع هذا الفعل لا يزال يعتقد تحالف العدوان ومن خلفه الولايات المتحدة وَبريطانيا وإسرائيل والمنظومة الأممية المصادر قرارها وَمبعوثها إلى اليمن، بأن إقدامهم على هذه الجريمة الإنسانية ستحدث فرقاً جوهرياً في الموقف اليمني المقاوم الذي عجزت آلةُ العدوّ وإمْكَاناته من وأده أَو كبح جماحه، وَبحيث تتدنى سقوفه وَتقل أوراقه باتّجاه تقديم المزيد من التنازلات لمصلحة أجندة هذا التحالف العدائي الإجرامي، الساعي أولاً وَأخيرًا وَسابقًا ولاحقاً إلى هدفه الرئيس، المتمثل بالتركيع والإخضاع للإرادَة اليمنية اليافعة وَالمتنامية.

والحاصلُ أن هذا المسعى قد فشل بظروف سابقة كانت وطأتها أشد قساوةً وحرجاً على معنويات قيادتنا الإيمانية والوطنية، وخياراتها، وَكذلك على رهانات الوعي الجمعي لشعبنا الذي كان ناشئاً ولا يزالُ يتشكّل تحت ضبابية البدايات لهذا العدوان وَما شابها من شعارات فضفاضة عن أسبابه وَدوافعه وَما يسعى إليه.

لكن وَبعد أكثر من 5 سنوات من الإجرام بكافة أشكاله ووسائله، وَتساقط كُـلّ الأقنعة التي تقمص بموجبها هذا العدوُّ دورَ المنقذ والمخلص والحريص على أمن وَاستقرار اليمن وَوحدته وَسلامة أراضيه، وانحسار جمهوره من المرتزِقة والمغرّر بهم من البسطاء وَعودتهم العملية وَالذهنية إلى الحاضنة الوطنية، كيف تبدو فرص هذا التحالف اليوم، وما هي الفوائد السياسية التي يتوقع أن يجنيها في هذا الفصل الجديد من حصاره المحكم والخانق؟!

ألم يعِ أن هذه الانتصارات التي حقّقتها ولا تزال تحقّقها الجبهة الوطنية كان وقودها إلى جانب صدق القيادة وَحكمتها وحنكتها، إجرامه وَاستكباره وَتعاليه، وَنظرته الدونية إلى شعبٍ إرثُه وماضيه يدفع حاضره إلى أن يبتلع التراب عوضاً على أن يتجرع كؤوس الانتقاص وَالامتهان والارتهان..

فمع كُـلِّ مجزرة ارتكبها بحق النساء والأطفال والعزل على امتداد هذه الأرض، كان يتدافع مئات الرجال إلى جبهات المواجهة ليشكلوا جيشها، ومع كُـلّ حصار جائر يفرضه، كانت قوافل المدد تتوافد إلى تلك الجبهات لتشكل مددها وَعتادها، وبذلك الوعي وَتلك المجازر وَالأفعال تشكلت منظومة المواجهة اليمانية من نقطة البداية، وحدّدت لها الأهداف ورسمت لها المسار.

لقد غاب عن هذا التحالف الأرعن الذي يفتقد إلى الرشد وَالناصح الأمين، وَيحيط به قائمة من الأسياد والعبيد الانتهازيين، إن ارتدادات الخطايا التي يقدم عليها كانت بالمجمل كارثية عليه في عواقبها وَأبعادها أكثر مما كانت على هذا الشعب، بل على العكس من ذلك فقد ساهمت تلك الخطايا في إلهام شعبنا لدروب الحرية والكرامة وَحفزته على المضي لتحقيقها، واضعاً نصب عينيه حقيقة مفادها أن كلفة الموت منتصراً للمبادئ العليا تبقى هي الأقدس والأجدى والأبقى، وأن كلفة الذلة أكبر وَوقعها أمر وأطول وأخطر.

ختاماً نقول: صحيح أنه إذَا ما استمر هذا الحصار على المشتقات النفطية، قد يموت آلاف المرضى وآلاف المواليد، وقد تتعطل كُـلُّ أوصال الحياة الخدمية، ويزداد الوضعُ السيءُ في ظل العدوان سوءاً مضاعَفاً، لكن هذا لن يحدث فرقاً في أية مفاوضات لمصلحة العدوّ دون خياراتنا المطروحة، ولن يؤديَ إلى تغيير قناعات أبناء الشعب عن صدق قيادتهم، وعن سوء قاتليهم، كما لن يسهم في إيقاف جبهات المواجهة لهذا العدوّ بقدر ما يرفدها بالمزيد، فوقود الكرامة والنخوة ورفض الضيم الذي يجري في عروق وأوصال هذا الشعب ليس سلعة للمساومة، ولا عرضة للنضوب، مهما اشتدت قسوة القتل أَو جار الحصار.

قد يعجبك ايضا