كربلاء العراق وكربلاء اليمن
موقع أنصار الله || مقالات || عبدالفتاح علي البنوس
الظلم والتسلط والإجرام والتوحش والإبادة والتنكيل هي القاسم المترك بين فاجعة عاشوراء كربلاء ، عاشوراء الحسين بن علي عليهما السلام وأهل بيت رسول الله في العاشر من محرم من العام 61للهجرة التي تمثل المظلومية الأكثر مأساوية والتي تعد المظلومية الأولى على مستوى البشرية ، وعاشوراء اليمن التي بدأت في 26من مارس 2015، طغاة وقتلة بني أمية ، مليشيات يزيد بن معاوية الإجرامية التي ارتكبت أفظع الجرائم والمنكرات في حق سبط رسول الله وآل بيته ، في مذبحة يندى لها جبين الإنسانية جمعاء ، توحش فاق كل التصورات ، وإجرام فاق كل الخيالات ، وصلف فاق كل التوقعات.
نزعة وحشية يزيدية أموية كشفت للعالم بأسره الحقد الأموي على آل بيت رسول الله ، وأظهرت دمويتهم التي لا تمس بصلة للإسلام والمسلمين ، قتل للأطفال ، وسبي للنساء وحز للرؤوس وتنكيل بالجثث ، في مأساة أسست للدعشنة والتوحش الذي عليه اليوم مليشيات داعش والقاعدة والنصرة وغيرها من الجماعات الأموية الولاء ، اليزيدية الانتماء ، جرأة على آل بيت رسول الله من قبل قوى الطاغوت والكفر والإلحاد التي ظلت وما تزال تتلبس بعباءة الدين ، وتدعي أنها الوكيل الحصري ، والممثل الوحيد له ، كما هو حال الوهابية وآل سعود ومن دار في فلكهم اليوم.
مظلومية الإمام الحسين وآل بيته عليهم السلام ، تتجدد اليوم في اليمن من قبل أحفاد معاوية ويزيد وعبيدالله بن زياد ، من خلال عدوانهم الغاشم وحصارهم الجائر الذي يشنوه ويفرضوه على يمن الإيمان والحكمة ، وشعب الأنصار ، إجرام وتوحش ، وقتل وتنكيل ، وتفنن في الوحشية وتلذذ بالقتل الذي يطال الأبرياء رجالا ونساء وأطفالا ، قطع للرؤوس وتمزيق للأجساد وتنكيل بالجثث وانتهاك سافر للأعراض ، وإمعان في الصلف والعنجهية على مدى خمس سنوات ونصف تقريبا ، واليمنيون يعيشون مأساة كربلاء الجديدة ، التي ما تزال مستمرة.
قوى الطاغوت والظلم والتسلط ذاتها التي خرج الإمام الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام في وجهها ، نصرة للحق والعدل ، وإعلاء لدين الله ، وتطبيقا لشريعة جده محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم ، هي ذاتها اليوم بمسميات ومبررات جديدة هي ذاتها التي تعتدي وتحاصر اليمن واليمنيين لأنهم لم يقبلوا بالفكر الوهابي الأموي ولم يسلموا بولاية سلمان ونجله المهفوف ، واعلنوا رفضهم للتبعية الأمريكية والإسرائيلية ، فكان الرد على ثورتهم التحررية التي سار قادتها على خطى ثورة الإمام الحسين بن علي في مقارعة الظلم والطغيان والوقوف في وجه الطغاة والظلمة ، هو العدوان والحصار ، والإغراق في الوحشية والإجرام.
يريدون تدجين الشعوب والأنظمة بثقافة الانبطاح والصمت والانحناء للطواغيت والأشرار الذين يتربصون بالأمة الدوائر ويحيكون المؤامرات ، ثقافة أطع ولي أمرك وإن أخذ مالك وجلد ظهرك وانتهك عرضك ، ثقافة من قال لا إله الا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق ، ثقافة شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ، ثقافة المفخخات والأحزمة الناسفة وتفجير الأسرى وحرقهم والتمثيل بجثثهم ، ثقافة لا أرى لا أسمع لا أتكلم ، ثقافة الخنوع والخضوع للعملاء والخونة الذين يتربعون على العروش ويحكمون البلاد والعباد بالاستقواء بالأمريكان والدول الاستعمارية الكبرى ، هذه الثقافة المغلوطة وهذا الفكر الشاذ الذي خرج الإمام الحسين عليه السلام لتصحيحها واجتثاثها نصرة لدين الله ، وإعلاء للقيم والمبادئ والأخلاق المحمدية ، وخرج أنصاره في اليمن من أجل وضع حد لها بعد أن تكالب الأعداء على اليمن وعمدوا على فرض هذه الأفكار والعقائد المستوردة على شعب الإيمان والحكمة تحت إغراء المال المدنس.
بالمختصر المفيد، ذكرى عاشوراء محطة تاريخية هامة في التاريخ الإسلامي نستلهم منها الدروس من التضحيات التي قدمها الإمام الحسين عليه السلام في مواجهة قوى الطغيان والجبروت ، والتأكيد على حتمية ووجوب الوقوف في وجه الطغاة والمستبدين ، والظلمة والمفسدين في الأرض والذي يهدد وجودهم الدين والقيم والمبادئ والأخلاق ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ولا قبول بأكذوبة المؤمن القوي والمؤمن الضعيف ، فالمؤمن لا يكون ضعيفا قط ، وهي فرصة لأن نحث على المزيد من الثبات والصمود والمواجهة في مواجهة طواغيت هذا العصر حتى يكتب الله النصر ، فمهما طال أمد الظلم فهو إلى زوال ، متى ما وقف الأحرار في مواجهته كما وقف الإمام الحسين –عليه السلام-.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.