أكتوبر الثورة والتحرر من الاستعمار
موقع أنصار الله || مقالات || زيد البعوه
عندما يحتفل الشعب اليمني بثورة الرابع عشر من أكتوبر في مثل هذه الظروف التي يمر بها اليمن، فهو يحتفل بذكريات مجيدة ويحتفل بثورة عظيمة ومهمة يجب أن تستمر وأن تتكرر من جديد ضد الاستعمار البريطاني الذي يستعمر الجنوب اليمني اليوم ويلبس عباءة آل سعود وعيال زايد والذين هم بدورهم يعبِّدون الطريق للبريطانيين والأمريكيين والصهاينة تحت مبرر إعادة الشرعية المزعومة التي تحولت إلى قميص عثمان بالنسبة للمستعمرين المعتدين الذين يحتلون جزيرة سقطرى ويستعمرون المناطق والمحافظات الجنوبية اليمنية عسكرياً وجغرافياً وسياسياً واقتصادياً، بينما ما يسمى بالشرعية ليس مسموحاً لمن يتقمص دورها أن يتجول في الجنوب أو حتى يتكلم ، وهذا يعني أن الأمريكان والصهاينة والبريطانيين وأدواتهم في الخليج يمارسون مهمة استعمارية واحدة هدفها استعادة سيطرة بريطانيا على عدن والمحافظات الجنوبية كما كانت عليه في الماضي ولكن هذه المرة بطريقة مشتركة- كما يقال- يتقاسمون الكعكة باسم الشرعية المستعمرة التي لا شرعية لها إلا فيما يمليه عليها أسيادها وبما يخدم مشاريع المستعمرين..
لا تزال المملكة المتحدة البريطانية تطمح إلى استعمار اليمن مجددا كما كانت تستعمر الجنوب اليمني في السابق، وهي اليوم تلعب بذيلها على أكثر من صعيد وتشارك في العدوان على اليمن في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاستخباراتية والاقتصادية والإنسانية وغيرها، وتحاول قدر المستطاع أن تستعيد هيمنتها ووصايتها على اليمن هذه المرة بشكل عام وليس فقط الجنوب وأعمالها ومواقفها العدائية تجاه اليمن واليمنيين واضحة ومعروفة منذ بداية العدوان في مارس 2015م إلى اليوم عبر سفيرها الذي يتدخل في الشؤون اليمنية الداخلية ويتصرف وكأنه الحاكم الفعلي لليمن إلى حد أن دوره في المرحلة الأخيرة برز اكثر تدخلاً حتى من السفير الأمريكي، وتشارك أيضا عبر الصفقات التسليحية التي تبيعها للسعودية والإمارات وعبر التدخل المباشر في العدوان على اليمن بالعمليات العسكرية الجوية والإشراف المباشر على العلميات العسكرية البرية والبحرية، وهذا يعني أنها تمارس أطماعها الاستعمارية التي يمكن وصفها بالأطماع القديمة الجديدة في اليمن أو الأطماع المستمرة..
قبل سبعة وخمسين عاماً انطلقت ثورة الـ 14 من أكتوبر عام 1963م في الجزء الجنوبي من اليمن ضد الاستعمار البريطاني وشقت طريقها من أعالي قمم جبال ردفان بقيادة الثائر الشهيد راجح بن غالب لبوزة ومن معه من الثوار الأحرار ضد القوات البريطانية، ولم تتوقف الثورة إلا بعد تحرير الجنوب اليمني من الاحتلال البريطاني ، قبل سبعة وخمسين سنة استطاع رجال وأحرار اليمن انتزاع حريتهم من بين أنياب المستعمرين واسترجاع سيادة وطنهم من بين مخالب المحتلين لأنهم كانوا يملكون الروح الثورية التي لا تقبل بالهيمنة والاستعمار وخاضوا غمار التحديات رغم قلة الإمكانيات بمعنويات عالية ونفسيات قوية وقدموا التضحيات في سبيل حرية واستقلال الشعب والوطن، على عكس أولئك العملاء الذين يخدمون المستعمرين ويبذلون لأجلهم الأرواح والدماء ضد وطنهم وشعبهم كما هو الحال عليه بالنسبة لمرتزقة العدوان اليوم..
في الذكرى السابعة والخمسين لثورة التحرر والاستقلال من الاستعمار البريطاني ثورة الرابع عشر من أكتوبر على الشعب اليمني الصامد أن يواصل الثورة ضد المستعمرين الذين يحتلون الجنوب اليوم كما فعل أولئك السابقون بعزيمة وصبر وكفاح، لأنه لا يجوز أن يبقى الجزء الجنوبي من اليمن في قبضة المستعمرين ومرتزقتهم فاليمن لسكانه الأصليين وليس للمستعمرين ولا للعملاء الخونة ، وكما تحرر الجنوب اليمني من الاستعمار البريطاني القديم يجب أن يتحرر اليوم من الاستعمار البريطاني الأمريكي الإماراتي السعودي، وهذا هو المعنى الحقيقي للاحتفال بثورة الرابع عشر من أكتوبر، أما اذا بقي الجنوب يرزح تحت الاستعمار وبقيت سقطرى في قبضة الإمارات وبقيت عدن والمحافظات الجنوبية تحت وصاية الأمريكان والبريطانيين وآل سعود ثم تمر ذكرى ثورة أكتوبر فلا نستلهم منها الدروس والعبر فينبغي أن نخجل من أنفسنا وأن نعتذر للشهيد لبوزة ورفاقه الثوار ، ولكن رجال الجيش واللجان الشعبية يسطرون أروع الملاحم البطولية ضد المعتدين الغزاة ومرتزقتهم ويحررون الجغرافيا اليمنية ويصنعون الحرية والاستقلال صناعة بتضحياتهم وجهادهم ووطنيتهم ومواقفهم الثورية الجهادية، وهذا ما يمكن ان نسميه التجسيد الفعلي للثورة ضد المستعمرين من اجل تحقيق الحرية والاستقلال للشعب والوطن.