البدعة.. هي الإساءةُ والتطبيع
موقع أنصار الله || مقالات || محمد الضلعي
ما يستحيلُ طمسُه بأية قوة وما لا يمكن أن يزيِّـــفَه الواقعُ المنافِقُ ولا يمكن أن يلغيَه مشروع أَو نظام حكم قائم أَو بائد هو مناسبة المولد النبوي الشريف؛ ولذلك حرص أعداءُ الأُمَّــة الإسلامية أن يقدموا عملاءهم بصورة هزيلة أمام الشعوب الإسلامية ليعروهم ويستطيعوا أن يستخدموهم أكثر من مرة حتى تنتهيَ صلاحيتهم.
ولا يخفى على أحد أن هذا ما نعيشُه اليوم، فكيف لمسلم أن يقول: إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة؟!، فهذا ليس رأيه الشخصي الفطري ولكن هذا ما تم إملاؤه عليه أَو على معلمه الذي حقن عقليته بهذا الانبطاح والتبعية العمياء، وعندما يأتي المستشرقون والمنظِّرون الذي قاموا بعمل تزييف مباشر لعدة قوائمَ في الدين الإسلامي وتعمدوا أن يستهدفوا ركائزَ هذا الدين ليهونَ تدليس الأمور الأقل أهميّة، فاتجهوا لزرع مذاهبَ في جزيرة العرب خَاصَّةً، ووضعوا أحاديث تتماشى مع مشروعهم، فنجحوا في ضرب الخاصرة لهذا الدين، وللأسف لهم أتباع أشد عداوة من الذين كفروا.
وللعلم فإن الإساءة ظاهرة وواضحة للعيان، وعلى الجميع التصدي لها والعمل على زجرها والانتصار لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- ولا خلافَ على ذَلك، لكن ما تعانيه الأُمَّــة الإسلامية هو ضرر الأعراب المنافقين الذين زينوا أبراجهم وتبرجوا في عيد رأس السنة ويتسمون بالإسلام وعندما حضر ذكرى المولد النبوي انقسموا نصفين فمنهم من نام ولم يُسمع له صوت ومنهم من أفتى ببدعة المناسبة.
وبهذه المعطيات أليسوا اليوم في أمَسِّ الحاجة لقول الحق والانتصار للرسول الأعظم محمد على خلفية الإساءة لقدوتنا ورسولنا، ومن الجدير بنا أن نغضب لهذا الإقدام والتطاول الكبير من قبل الرئيس الفرنسي الصليبي وإظهار الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ردًّا على الإساءة، وأليس من المجدي والمحق اليوم أن تكون خرافات فتاوى الفتنة بعيدة ويكون الاحتفال فرض عين؛ انتصارًا لنبي الأُمَّــة؟، أما آن الأوان أن نتساءل: من يعارض هذا الاحتفال ولماذا؟.
بالمقابل لا فتوى صدرت ولا شيخ ندّد ولا جمهور أدان والمخزي عندما أتى مولدُ النبي الأعظم محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- تنكروا وهم مسلمون وجابوا الفتاوى وهم بعيدون كُـلّ البعد عن الإسلام وأحكامه ونظّروا وأرشدوا وهم حثالة المجتمع، فهل هؤلاء مسلمون؟!
وهل لهذا الجمهور من العالم الإسلامي أن يدرك تماماً من المسلم من المنافق وأن من يتقدموا الأُمَّــة الإسلامية ولهم الإدارة للحرمين الشريفين في حين اتجه العالم الإسلامي إلى اتّجاهين، اتّجاه نحو التطبيع والانبطاح واتّجاه آخر نحو الانتصار لرسول الله والاقتداء به والعمل على دحر اليهود والنصارى، وحريٌّ بالجمهور الإسلامي أن يكون حكما منصفا والله المستعان.
تساؤل أخير: هل البدعة أن نحيي ذكرى مولد نبي الأُمَّــة مَن كان رحمة للعالمين ومن أرسى قواعد العدل والمساواة وحفظ الحقوق بكل معاني الصدق وبما تعنيه الكلمة بعيداً عن ديموقراطية الغرب المزيفة والتي يتم استخدامُها حسب رغباتهم وللتشدق بحضارتهم التي بنوها على أنقاض أُمَّـة الإسلام حين تناحر أبناؤها وتركوا المصطفى وذكراه وسنته؟
وإن كان الاحتفال بدعة، فماذا نسمي التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي والاعتراف به؟ وأين ذهبت أقلامكم التي كتبت حين الاحتفال وسكتت مع معاهدة الاستسلام والخيانة؟! وهل بإمْكَانكم إقناع مَن حولكم وحتى أنفسكم أن الاحتفال بدعة والتطبيع جائز؟.. بعد كُـلّ هذا عليكم أن تخجلوا.
أما آن الأوانُ أن ندع ضمائرنا تتكلم عن حقيقة كُـلّ ما يدور حولنا من أحداث ومنها المولد النبوي وأن نترك مغالطة أنفسنا ومجاملة غيرنا وأن نعود لنرفع رسولنا فوق رؤوسنا ذكرى وعملًا ودفاعًا؟
إلى رسول الله:
إنَّ رسموك بسوء ما انتقصوك وليس بإمْكَانهم، وإن خذلك بعضُ المسلمين فنحن اليمنيين حاضرون من أولنا لآخرنا حملنا الراية لنكون جدارا صلبا لك يا رسولَ الله، وما قيمة حياتنا وأراذل القوم وسفاؤهم يتطاولون عليك يا أكرمَ من خلق الله، كنا ولا زلنا وسنبقى على العهد وعند المسؤولية ولا تراجع ولا تخاذل ولا تهاون ولا خوف ولا انكسار وستبقى حيًّا في قلوبنا عنوانا للطهر والعدالة التي ينشُدُها العالم المحكوم من أنظمة الظلم.
ولدعاة البدعة نقول: استحوا من الله وأنفسكم ورسول الله ودعوا ضمائركم تخبركم أيهما البدعة؟.. هل الاحتفال بالمولد النبوي أم الإساءة لرسول الله والتطبيع مع أعداء الله؟.