الإنتخابات الأمريكية والأنظمة العربية العميلة
// مقالات // د. يوسف الحاضري
على الكيانات الخليجية أن تجهز مفاتيح خزائنها ليزورها الرئيس الأمريكي سواء بقى ترامب أو جاء غيره ، فالأول يرى ان ال4سنوات الباقية هي المدة المتبقية له ليحلب ما حلبه ، والجديد سيرى في خزائنهم الخطوة الأولى لتحقيق شعاراته الإنتخابية ليضمن دورة أخرى بعد 4 سنوات.
– يهتم معظم الأنظمة والمعارضة العربية بالإنتخابات الأمريكية أكثر إهتماما بأركان الإسلام وروابطهم بالله سبحانه وتعالى ، بل إن إهتمامهم بها يفوق إهتمام المواطن الأمريكي نفسه ويأتي هذا الإهتمام من باب المصالح التي ينظر إليها هؤلاء ، فالأنظمة هذه تجد أن بقاءها في يد مالكها الذي وضعوه ربا لهم غير الرب الحقيقي الله عز وجل ، فهم يدركون أن البيت الأبيض مالك الملك يؤتي الحكم من يشاء وينزعه عمن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء ، وقد أثبتت السنون الماضية ذلك حيث نزعت ملك عدد من الحكام وأذلت عددا آخر وأعزت آخرين ، ومن هذا المنطلق أنطلقت هذه الأنظمة في الارتباط مع الإدارة الأمريكية سواذ كانت جمهورية أو ديمقراطية .
يأتي هذا الوضع الكارثي لمن يعتبرون قيادات أمة تنتمي للنبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله ويمتلكون معظم ثروات الأرض على جميع المستويات (ثروات مالية ومادية وبشرية ودينية وأخلاقية وفكرية وجغرافية وتاريخية) حتى أنهم تنافسوا في الخضوع لأمريكا فوصلت هذه المنافسة لأن يكون عميلا يدفع هو ثمن عمالته وآخرون يجهزون جيوشا للقتال عن الجيوش الأمريكية وآخرون وصلت عمالتهم الى درجة ان يطوعوا الدين والأرض والعرض والتاريخ والهوية لمصالح أمريكا ، وفي رضا أمريكا فليتنافس المتنافسون.
لا يقتصر الامر عند هذا الحد بل تجاوزه ليقودوا شعوبهم وشعوبا بجانب شعوبهم ليخنعوا لأمريكا ويقدسونها كتقديسهم لها بل يتجاوز الأمر لهذه الأنظمة انها تستبق تفكير البيت الأبيض واهدافه فتتسابق لتنال الرضا منها بترجمتها عمليا وتأتي على رأس هذه الأنظمة نظاما السعودية والإمارات في خضوع وخنوع وعبودية لو وجهت هذه نحو مستحقها وهو الله عز وجل كان هذا الحاكم او ذاك هو من يمتلك زمام الحكم والسيطرة على المستوى العالمي ، فقد رأينا ماذا عمل النظام السعودي الحالي في عهد ترامب من اجراءات على المستوى الأسري (فدمر اواصر البيت السعودي الحاكم) وعلى المستوى المجتمعي (فغير جميع مبادئهم الدينية والمجتمعية رأسا على عقب) وعلى المستوى الديني (فجمد ما تبقى من آيات قرآنية كانوا يتحركون بها وأغلق الحج والعمرة ) وعلى المستوى الإسلامي (فأشترى القضية الفلسطينية ثم أهداها للكيان الصهيوني تقربا من امريكا وشن حملة عسكرية على اليمن مازالت مستمرة منذ 6 سنوات استجابة لدعوة البيت الأبيض حيث يجدون في هذه الدعوة حياة لهم) والآن نجدهم يتفقون مع من يستنقص ويستهزأ بالنبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله ولسان حالهم (قولوا ما تحبون في محمد ونحن سنهيأ الأرضية المجتمعية في شعوبنا لتقبل ذلك )
في خضم المنافسات الأنتخابية الامريكية بين المتنافسين هناك في واشنطن هناك تنافس آخر يجري في دهاليز كراسي انظمة الدول العربية حيث يضع هؤلاء الحكام العملاء عدة احتمالات لنتائج هذه الانتخابات وكيف يتعاملون مع النتائج ، فهذا يجد ان عقد صفقات بمئات المليارات من الدولارات هدية مناسبة يقدمها للحاكم الأمريكي ليقدمها هذا الحاكم لشعبه كهدية وعربون حب في بداية هذه المرحلة ، وذلك يرى أن السباق الى ابواب تل أبيب وودهم والتطبيع معهم هدية مناسبة ، وآخر يرى ان رفع نبرة العداء لأعداء امريكا سواء عسكريا او اقتصاديا او اعلاميا خطوة هامة للتقرب اكثر من هذا الحاكم ، وذلك يرى أن تكثيف نشر المفسدات والمنكرات المجتمعية حبا للتوجه العام والدايم الأمريكي الصهيوني رسالة لأستعداد هذا النظام لتنفيذ أي اوامر ستنزل إليهم من إلههم القادم من سماء البيت الأبيض وهكذا تستمر الأجتماعات مع المستشارين وعلماء البلاط بوجود عنصر استخباراتي صهيوني وامريكي يزودهم بالنصائح في هذا الجانب .
هذه النفسية التي يمتلكها هؤلاء الحكام لم تأت نتيجة قمع أمريكي عليهم فكسرت ظهورهم وأذلتهم وجعلتهم عبيدا بالقوة وبعد معارك طويلة ، بل جاءت نتيجة تخويف الشيطان لأولئك الذين تعلقت نفوسهم بالدنيا ووجدوا ألا طريق للدنيا الا عبر هذه الخطوات والتسابق لكسب رضا أمريكا ومن جانب آخر بالتخويف لهم ضمن إطار (انما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه) حتى اصبحت كراسي كل الأنظمة هذه مرهونة بالإرادة والإدارة الأمريكية ، كما أن هذه النفسية لم تأت من وسط المجتمع العربي فالنفوس هذه هي عظيمة بفطرتها وبأسها ورفضها لهذا الخنوع ، بل هي نتاج تريية وتعليم أمريكي صهيوني طويل كما نعلم جميعا ان أنظمة السعودية والامارات والبحرين والسودان ومصر ومرتزقة اليمن وغيرهم عاشوا وتربوا ودرسوا في واشنطن أو لندن فتم صناعتهم بدقة وعناية من قبل الصهيونية وأدواتها كيف يشائون كون هذه الرؤية هي أسهل وأرخص وابسط الطرق للسيطرة والإحتلال بل والحرب الفكرية والثقافية والدينية من خلال صناعة أنظمة ظاهرها الوطنية وباطنها الأمريكية.
سواء استمر ترامب أو جاء بديلا عن آخر فالسياسة الخارجية الأمريكية ستبقى كما هي خاصة في التعامل مع هؤلاء الرعاع العبيد والتي تنظر إليهم بأنهم أدنى وأتفه وأحقر من ان يكونوا في حكم دولهم وفقا للمقاييس الخاصة بمن يحكم الدول ولهذه الصفات أصبحوا حكاما على دولهم ، وسيبقى الإذلال الممارس عليهم في اشد عنفوانه والحلب سيتطور من الحلب بالأيدي الى الحلب بالاجهزة المتطورة كتلك الأجهزة التي تحلب بها البقر الجواميس الدنماركية ، ومهما كانت حسابات هذه الأنظمة فإن النتيجة النهائية زيادة في الذل وزيادة في تقديم التنازلات وزيادة في دفع الأموال .