تصنيف سعودي متجدّد لـ”الإخوان”: هل ينسحب “الإرهاب” على “الإصلاحيين”؟

|| صحافة ||

توصَف العلاقة التي تربط السعودية بـ”حزب الإصلاح” (إخوان اليمن) بأنها “تحالف الأضداد”، فيما يطلق عليها آخرون توصيف “علاقة مصالح وتخادم”. والحقيقة أن ما يجمع الطرفين هو تبعية وارتهان بالكامل من جانب “الإصلاح”، على الرغم من أن القيادة السعودية الحالية، التي تحارب الفكر “الإخواني”، لا تجد بدّاً من التحالف مع الحزب، كون الأخير هو الجهة السياسية اليمنية الوحيدة التي يمكن أن تركن إليها في الوقت الراهن.

أول من أمس، أدرجت “هيئة كبار العلماء” في السعودية جماعة “الإخوان المسلمون” في خانة “الجماعة الإرهابية التي لا تمثل منهج الإسلام”، واصفة إيّاها في بيان موقّع من رئيس الهيئة و16 من أعضائها بأنها “تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي الدين”، وبأنها “جماعة منحرفة قائمة على منازعة ولاة الأمر، والخروج على الحكام، وإثارة الفتن في الدول، وزعزعة التعايش في الوطن الواحد”. وكانت “كبار العلماء” قد أصدرت، في حزيران/ يونيو 2017، بياناً في الاتجاه نفسه، رأت فيه أن منهج الجماعة “قائم على الخروج على الدولة”.

وفور صدور البيان الأخير، بدأت تُطرَح تساؤلات حول ما إذا كان التوصيف الجديد يشمل “حزب الإصلاح”، ومدى ارتباطه بتعثّر تأليف حكومة ما يسمى “الشرعية”. في هذا الإطار، رأى مراقبون أن بيان “كبار العلماء” يتعدّى الساحة اليمنية، وهو يأتي في إطار مراجعة شاملة تجريها السعودية لسياستها الخارجية على ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، وقبل تنصيب المرشّح الفائز جو بايدن، الذي تريد الرياض، على ما يبدو، تذكيره بالثوابت التي لا يمكن أن تحيد عنها، ولا سيما أن الحزب الديموقراطي أظهر في العقد الأخير ميلاً إلى التعاطي الإيجابي مع جماعة “الإخوان”.

ومن غير المتوقع أن يعمد السعوديون، في الوضع الراهن، إلى انتهاج سياسة مغايرة للسياسات السابقة حيال “حزب الإصلاح”، إذ ستواصل المملكة دعمها له، ولا سيما على المستويين السياسي والعسكري؛ لكونه خياراً وحيداً باعتباره كياناً منظَّماً ينوب عنها في القتال ضدّ حركة “أنصار الله”. على أن الدعم المذكور مشروط بتولّي السعودية بنفسها الإشراف على جميع العمليات العسكرية، وتولّي سفيرها محمد آل جابر الإشراف على الجناح السياسي للحزب ــــ فرع الرياض.

وخلال العقود الثلاثة الماضية، ظلّت مواقف الحزب السياسية تدور في فلك التوجّهات العامة للسعودية تجاه اليمن، من دون أن تتأثر علاقتهما برحيل الملوك السعوديين أو صعودهم. وحين أعلنت المملكة العدوان على اليمن في آذار/ مارس 2015، كان “الإصلاح” أول المبادرين إلى تأييده والانخراط فيه، من خلال تجميع الألوية العسكرية التابعة له في الجيش اليمني، وتأطيرها في ما سُمّي لاحقاً “الجيش الوطني”، وزجّها في قتال الجيش واللجان الشعبية، فيما اتخذت قيادات الحزب الدينية والسياسية من الرياض مقرّاً دائماً لها.

 

وصفت “كبار العلماء” “الإخوان” بـ”الجماعة الإرهابية التي لا تمثّل منهج الإسلام”

ولعلّ أبرز الإشكالات بين النظامين السعودي والإماراتي هي كيفية التعامل مع “الإصلاح”. عملت الإمارات، خلال سنوات الحرب، على تحييد الحزب وتهميش دوره العسكري والسياسي، وأعلنت الحرب عليه بالمباشر أثناء وجود قواتها في اليمن، أو عبر الفصائل المنضوية تحت لوائها في الشمال والجنوب. إضافة إلى ذلك، ترفض أبو ظبي الاعتراف بما يُسمّى “الجيش الوطني” التابع لحكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، على اعتبار أن عدداً كبيراً من قادته موالون لـ”الإصلاح”، وهي أنشأت في موازاة تلك القوات فصائل مناطقية وقبلية وفئوية.

الجانب السعودي، من جهته، لا يخالف الجانب الإماراتي الرأي من حيث المبدأ حول خطورة “الإصلاح”، وتشكيله تهديداً مباشراً في المستقبل على توجّهات البلدين في اليمن، غير أن الرياض ترى ضرورة التخادم مع الحزب، باعتباره الجهة السياسية والعسكرية الوحيدة التي يمكن التعويل عليها في هذه الحرب، ولا سيما أن حلفاءها السابقين، مثل “حزب المؤتمر الشعبي العام”، والقبائل الموالية لها، تَشتّتت قواهم وانخرط كثير منهم في صفوف الجيش واللجان الشعبية. وعليه، حاولت المملكة إقناع الإمارات بضرورة تأجيل الصراع مع “الإصلاح”، والتقريب بينها وبين الأخير من خلال زيارات قامت بها القيادة السياسية للحزب إلى أبو ظبي. غير أن تلك المحاولات فشلت بسبب تصلّب الموقف الإماراتي.

مع ذلك، يعمد الإعلام السعودي، من وقت لآخر، إلى التهجّم على “الإصلاح”، باتّهامه بالسعي إلى تعطيل تنفيذ “اتفاق الرياض”، وتلقّي أوامر من الدوحة. والجدير ذكره، هنا، أنه في أعقاب الأزمة الخليجية عام 2017، بدا بوضوح أن جناحاً كبيراً من الحزب بدأ يعمل وفق الأجندة القطرية، وبشكل مناهض للسعودية. ومع مرور الوقت، اتّخذت الأمور منحى أكثر وضوحاً، مع انخراط “الإصلاح” ــــ جناح قطر في تحالف قطري ــــ تركي ــــ عُماني. وينشط هذا الجناح في محافظات الشرق اليمني (المهرة، شبوة، وادي حضرموت وبعض مديريات أبين)، ويعمل على إيجاد موطئ قدم له في محافظة لحج (جنوب غرب)، وينشط كذلك في محافظتَي تعز ومأرب الشماليتين، وهما آخر معاقل ما يُسمّى “الشرعية” في الشمال. وشَكّل جناح قطر، في الآونة الأخيرة، من خلال ناشطيه وإعلامييه الموجودين في العواصم الأوروبية، جماعات ضغط ضدّ “التحالف”، مُركّزاً في حملاته تلك على السجون السرّية، والتعذيب، والاعتقال التعسفي، والقتل الجماعي، والوضع الإنساني، والمجاعة المنتشرة على نطاق واسع في البلاد.

 

الأخبار اللبنانية

قد يعجبك ايضا