عن علاقة الإخوان بالسعودية
موقع أنصار الله || مقالات ||علي عبدالله صومل
كانت للمملكة العربية السعودية دور بارز في دعم حركة الإخوان المسلمين منذ التأسيس، ولكنها لم تسمح لهم بفتح فرع لتنظيم الإخوان في السعودية رغم مبالغة مؤسّس حركة الإخوان المسلمين الشيخ حسن البناء في التودد والتعظيم لنظام آل سعود، وقد توثقت علاقتها -أي السعودية- بحركة الإخوان عقب انتصار الثورة المصرية ثورة يوليو 1952م وصعود جمال عبد الناصر إلى سدة الحكم، حَيثُ استخدمت الإخوان كورقة ضغط على نظام ناصر وشكّلت منهم حركة معارضة للحكم، والسببُ في ذلك أن جمال عبد الناصر أدار وجهته نحو الاتّحاد السوفييتي بدلاً عن الارتباط بالولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الدور المحوري في انتصار ثورة يوليو 52، فقامت السعودية بالانتقام من نظام ناصر بتمتين علاقتها بالإخوان أكثر من ذي قبل، فوفرت لهم الغطاء السياسي وَالدعم المادي السخي وفتحت أبوابها أمام لاجئي الإخوان الملاحقين من نظام عبدالناصر بمصر.
ولم تتحسن العلاقة بين النظامين السعودي والمصري إلّا في زمن الرئيس السادات، حَيثُ انفتح السادات على جماعة الإخوان المسلمين وأعطاهم مناصبَ ووظائف في وزراتي التعليم والأوقاف وغيرهما، كما قام بطرد الخبراء وَالموظفين السوفيت الذين استقدمهم جمال عبد الناصر، ووضعهم في مفاصل مهمة في السلطة المصرية، وكان عدد السوفييت المتواجدين بمصر آنذاك أكثر من 100 ألف شخص، ومد جسور الصداقة بل خيوط العمالة وأظهر التبعية للولايات المتحدة الأمريكية، وانقلب على معظم الأسس والأدبيات السياسية لسلفه الرئيس جمال عبد الناصر، وبهذا استطاع السادات أن يخطبَ مودة السعودية ويكسب تعاطفاً كَبيراً وثناءً عاطراً من تنظيم الإخوان المسلمين، ولم تتقطع أواصر العلاقة بين هذا التحالف الثلاثي -السادات والسعودية والإخوان- إلا في الأيّام الأخيرة من حكم السادات، وكان ذلك على خلفية التنافس المحموم على مقام الحظوة لدى الولايات المتحدة، فآلُ سعود كان يريدون لأنفسهم أن يكونوا أكثر حظوة وأرفع مكانة من العميل السادات لدى سادتهم الأمريكيين، ولما خابت آمالهم في ذلك أوعزوا لأدواتهم وأذنابهم من الإخوان المسلمين باغتيال السادات.
نعم بعد وفاة المؤسّس البناء تصدرت كتب سيد قطب المشهد الثقافي للإخوان المسلمين، وصار بعضهم يتساءل عندما يجد تعارضا فكريا بين حسن البناء وسيد قطب أي القولين المتعارضين يصوب ويرجح؟ وفي بداية السبعينات كان الشيخ الإخواني السوري سعيد حوى هو منظّر الحركة الأبرز وصاحب التأثير على واقع الوعي الإخواني الذي أصبح يعيش صراعا فكريا حادّا بين الرموز القيادية وَالهيكل التنظيمي للحركة.
وبالعودة إلى علاقة السعودية بالإخوان، فقد توتّرت العلاقةُ بين الطرفين عقب انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة آية الله العظمى الإمام روح الله الخميني -رحمه الله-، فقد قامت لجنة من الإخوان المسلمين يرأسها الشيخ سعيد حوى لزيارة إيران وتقديم التهنئة لقيادتها السياسية الجديدة بانتصار الثورة، كما ألّفوا كتيبا في إيجابيات الثورة الإسلامية الإيرانية، ولكنهم سرعان ما تراجعوا عن هذه الخطوة الشجاعة وتنكروا لهذا الموقف المشرف طلبا لرضا السعودية عنهم، فقد تحولوا من مباركين للثورة إلى أبواق للفتنة، ومن دعاة للوحدة الإسلامية إلى رعاة للفرقة المذهبية والطائفية، فتحَرّك سعيد حوى نفسه ومعه جماعة من دراويش الدعوة إلى ممارسة التعبئة العدائية ضد جمهورية إيران الإسلامية، وتحت مسميات وعناوين طائفية ومناطقية مقيتة، ولما شُنّت حرب الـ8 سنوات على الجمهورية الإسلامية الإيرانية الوليدة، كان هؤلاء من أبرز من بارك وشارك، ليثبتوا أنهم حقًّا خدم للسياسة وعبيد للدنيا وليسوا من ثوابت العقيدة وروابط الإخاء في ورد ولا صدر.