التطبيع وفخُّ وعد “بلفور” الجديد
موقع أنصار الله || مقالات ||إكرام المحاقري
واصلت صفقةُ القرن الأمريكية مسيرَها في البلدان العربية، كخطة أمريكية للسلام في المنطقة، وتجسّدت شروط مرورها في إعلان التطبيع مع “العدوّ الصهيوني” من قبل الأنظمة العربية.
وكلها تخوض مصير غمار السقوط في فخ السلام “الأمريكي” الشبيه بوعد “بلفور” في توجّـهه السياسي، أما عن جديد المطبعين فقد بلي صداه إبان الانزياح عن تأدية الواجبات أمام القضية (الفلسطينية) منذ أعوام مضت، وما جديد دولة “المغرب” هو جديد دولة السودان في الأمس لا غيره.
كالعادة سارعت ”الصحف الأمريكية“ لفضح حقيقة التطبيع بين العدوّ الصهيوني ودولة المغرب، كـما حدث إبان التطبيع البحريني والإماراتي والسوداني.
وبينما قدّم النظام في المغرب أعذاراً ركيكَة للدفع عن ما قد سوف يجلبه عار التطبيع وبيع القضية الفلسطينية مستقبلاً، سارعت “أمريكا” لكشف الستار عن محتوى الطبق المطبوخ حديثا.
هي نفس اللعبة السودانية التي باءت بـالفشل السياسي في المنطقة عقب التصديق للوعود “الأمريكية” الزائفة، والسقوط في فخ التطبيع ذات طابع السلام المزيف، ودفعت “السودان” الثمن مقدّماً ومؤخّراً، وبقت العقوبات “الأمريكية” في مكانها، وعلى “السودان” تحمّلُ مسؤولية بلادتها السياسية.
وما نلاحظه من سقوط مدوٍّ للنظام في دولة “المغرب”، هو نفسه ما حدث في “السودان”، وجميعهم قد غرتهم السياسة “الأمريكية” بلحن قولها.
فحقيقة التطبيع المغربي الصهيوني ليس له أية صلة للسلام في المنطقة، لا من قريب ولا من بعيد، فالقضية هنا هي قضية مصالح متبادلة، حَيثُ كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن حقيقة التطبيع المغربي وتورط “أمريكا” في هذا المشروع بشكل معلن، كما تورطت في البحرين والسودان والإمارات والتي كُشف مؤخّراً عن أنها ”مستوطنة إسرائيلية ذات طابع عربي”.
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً عن وعد الإدارة “الأمريكية” باستثمار 3 مليارات دولار في المغرب بمشاريع في مجالات البنوك والسياحة والطاقة البديلة بحسب ما ذكر إعلام أمريكا، وقالت الـصحيفة إن العلاقات بين “إسرائيل والمغرب” جاء بمساعدة المستثمر اليهودي المغربي “ياريف الباز”، وهو أحد أقوى رجال الأعمال الكبار في سوق الغذاء في المغرب، والمقرب من مستشار الرئيس الأمريكي وصهره “جاريد كوشنر” الذي يمارس أعمالا تجارية في “إسرائيل”، وعمل كـوسيط بين واشنطن والرباط.
فالقضية هنا ليست قضية سلام، وإنما قضية قناعات متاجرة بـالقضية الفلسطينية، وبالشكل التي هي قضية مصالح اقتصادية غطت واجهتها زبدة التطبيع مع “العدوّ الصهيوني”، والواضح أن “المغرب” قد وضعت نفسَها في موقفٍ لا تُحمد عقباه، حَيثُ وقد مرت عليهم تجربة مسبقة للسودان دون أن يعتبروا منها، كذلك ما تمرُّ به دولة الإمارات وهي أكبر المطبعين وأقدمهم من مراحل سياسية وضعتهم في خانة الدعس دون أن يسمح لهم برفع صوت أنين واحد.
ومن الإهانات التي حصدتها الإماراتُ في أراضيها، إهانة رئيس وزراء الكيان النتن ياهو للإماراتي الذي قدم له المايك فرفضه وتجاهله أثناء أحد اللقاءات، ثم لم يأخذه منه إلَّا بعد تعقيم يداه، وكانت سخر الإهانات، العرض المسرحي الذي أقامه الكيان في الإمارات للسخرية منها، دون جرأة الإماراتيين على الرد.
وهذا هو حال الأنظمة العربية المطبعة، والتي بحثت عن المصلحة في الحضن “الأمريكي”، وكسبوا الشوك لا غيره، فـمصير الشوك لا يكون إلا في الحرق والاستفادة من لهبه.
وهذا ما ستفعله أمريكا بسيادة المطبعين في قادم الأيّام، فهم لا يوقعون على وثيقة للسلام فقط، حَيثُ لا يوجد بينهم حرب في المنطقة حتى يوقعوا هكذا وثائق، بل وقّعوا في فخ نصبته العنكبوت العجوز، وهَـا هي تواصل نصب الشباك ليقع فيه الذباب العربي مجدّدًا.
والأبرز في هذا كله هي مسميات الدول التي أعلنت التطبيع مع العدوّ الصهيوني برعاية أمريكية، هو أنها ذاتها الدول التي شاركت في العدوان “الصهيوأمريكي” على اليمن، وبادرت بإشعال النار وقصف المنازل فوق رؤوس ساكنيها، أي أن العمالة “للعدو الصهيوني” ليست حديثة الولادة، فهذه الخطوات هي تفرّع لعمالة بعض الأنظمة العربية كالسم الزعاف يستهدف (الشرق الأوسط) بشكل عام، فقد توجّـهت سياستهم المقيتة لاستهداف اليمن تحت مبرّرات مزعومة، كزعم السلام غير الموجود مطلقاً.
وهكذا وباسم “السلام الأمريكي” يريدون “للكيان الصهيوني” التغلغل في المنطقة، وتمرير قانون الاحتلال في أكثر من بلد، وهذا سببُ تشكيل دول تحالف العدوان، وسبب التواجد الصهيوني في الأراضي اليمنية مؤخّراً، خَاصَّة في جزيرتي “ميون وسقطرى” اليمنية والاستراتيجية.
فمشروع التطبيع هو مشروع بعيد المدى لا يركّز حتى على السلام والتعايش السياسي والعسكري فقط، بل على السلام الثقافي الاجتماعي، فهذه الورقة تريد الانحلال والشذوذ للمجتمعات المسلمة، خَاصَّةً تلك المُحَافِظَة على موروثها التاريخي من الأخلاق والكرامة.
وهذا ما لاحظناه في الواقع المخزي “للإمارات”، والذين أحلوا مؤخّراً “الزنا” وألغوا قانون العقوبات على هذه الأمور الشاذة، وهذا ما نصّت عليه شروط التطبيع؛ مِن أجلِ السلام.
فكيف سيكون الواقع في الأيّام القريبة؟!
وماذا سيكون للشعوب أن تعمل إزاء هذه المواقف المخزية؟!
وهل سيأتي يوم نسمي فيه القضية الفلسطينية القضية اليتيمة؟!
ومن المطبع القادم يا ترى؟!
ليس بعيداً أن تكون دولة من تلك الدول المشاركة في تحالف العدوان على اليمن، فأمريكا قد أحكمت القبضة عليهم جيِّدًا.