تكتيكات “أنصار الله” المثيرة.. الرياض تطلق صواريخ بملايين الدولارات خوفا من طائرات دون طيار رخيصة الثمن
|| صحافة ||
إن غزو عدد من الدول بقيادة السعودية لليمن على وشك دخول عامه السادس، وخلافا لتوقعات كثيرة منذ بداية الحرب، أصبحت اليد العليا في هذه الحرب لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” التي تمكنت خلال الفترة الماضية من تحقيق الكثير من الانتصارات على ساحات القتال وتمكنت أيضا من تنفيذ العديد من الهجمات الصاروخية وبالطائرات المسيرة على أهداف حيوية داخل العمق السعودي، وخلال العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، تم تنفيذ عدد كبير من الهجمات الفعالة والدقيقة في أجزاء مختلفة من المملكة العربية السعودية باستخدام الصواريخ الباليستية وصواريخ “كروز” جنبًا إلى جنب مع الطائرات الانتحارية بدون طيار. قد يكون هجوم العام الماضي على منشأة أرامكو النفطية الأشهر من بين هذه الهجمات التي نُفذت بمزيج من صواريخ “كروز” وطائرات مسيرة انتحارية، وخاصة أن ذلك الهجوم أذهل جميع خبراء العالم. لقد كانت قضية الضربات الصاروخية وبالطائرات دون طيار التي شنها أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله”، أحد مواضيع الجدل الساخنة في دوائر الدفاع العالمية في السنوات الأخيرة، والآن ومع جولة جديدة من الاشتباكات، يبدو أن حكومة صنعاء قد وضعت استراتيجية ذكية لتحقيق نوع من الضغط على احتياطيات النفط السعودية.
كان السلاح الأول الذي استخدمه أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” لشن هجمات دقيقة على الأراضي السعودية هو الصواريخ الباليستية ولقد أدت استخدامات المقاومة اليمنية للصواريخ الباليستية التكتيكية داخل الأراضي المحتلة في السنوات الأولى من الحرب إلى وقوع خسائر فادحة في صفوف قوات الاحتلال الغازية. ومع زيادة مستوى الضربات الصاروخية الباليستية على المملكة العربية السعودية، قامت الرياض بنشر وحدات صواريخ باتريوت داخل الاراضي السعودية على نطاق واسع، ما أدى إلى اندلاع معركة اقتصادية سرية، حيث يكلف كل صاروخ باتريوت ما يقرب من 4 ملايين دولار إلى 6 ملايين دولار. إن أسعار هذه النوع من الأسلحة، وخاصة الصواريخ من هذه الفئة، تختلف كثيرًا وبالنسبة لأحدث جيل من صواريخ باتريوت، تصل قيمتها إلى 9.5 ملايين دولار.
وفي الهجوم الذي وقع قبل أيام، وبينما كلف الصاروخ اليمني “ذو الفقار” الباليستي حوالي مائة ألف دولار، أطلق الجيش السعودي خمسة صواريخ باتريوت باهظة الثمن بقيمة إجمالية وصلت إلى حوالي 50 مليون دولار للتصدي لصاروخ “ذو الفقار”. وهنا تذكر العديد من التقارير أن صواريخ باتريوت السعودية نجحت أحياناً وفشلت أحياناً في التصدي للمقذوفات اليمنية، وبالطبع هذه القيمة الباهظة أثرت سلباً على الاقتصاد السعودي.
النسور السعودية تقع في مخالب الطائرات دون طيار اليمنية
تجدر الإشارة في البداية إلى أن صواريخ كروز اليمنية قد استخدمت في عدد أقل من الحالات، ومثل هجوم 2019 الشهير على منشأة أرامكو النفطية، نجحت تلك الصواريخ في تدمير الهدف بنجاح، لكن الجهود السعودية الأخيرة كانت لمواجهة الطائرات اليمنية دون طيار ولقد بدأت الاشتباكات بشكل جدي منذ عام 2018 بين الطائرات الاعتراضية السعودية والطائرات دون طيار اليمنية.
تشير العديد من التقارير والدراسات إلى أنه في الشهرين الأخيرين من عام 2018، ادعت مقاتلات سعودية من طراز “أف 15″، أنها تعقبت أربع طائرات بدون طيار يمنية بصواريخ “إمرام” وبحسب الإحصائيات فإن كل صاروخ من صواريخ “إمرام” حسب طرازه يمكن أن يكلف ما يقرب من مليوني و 380 ألف دولار. ومع ذلك، وفقًا للتقديرات، على سبيل المثال، في حالة الطائرات دون طيار الانتحارية المستخدمة في الهجوم على أرامكو، كان السعر النهائي لكل طائرة بدون طيار 15 ألف دولار. وفي وقت سابق من هذا الصيف، زعمت مصادر سعودية أن مقاتلات “أف 15” اعترضت ودمرت ثماني طائرات بدون طيار يمنية وعلى الرغم من أن المصادر الرسمية السعودية لم توضح تفاصيل الأسلحة المستخدمة في العملية، إلا أنه من المتوقع أنها استخدمت صواريخ “إمرام”.
وفي الأيام الأخيرة، مع اشتداد مستوى الصراع بين الجانبين، ادعى السعوديون مرة أخرى أنهم اعترضوا ودمروا 10 طائرات انتحارية يمنية دون طيار. ووفق هذه المصادر فإن المقاتلة السعودية المستخدمة كانت لا تزال من طراز “أف 15″، لذلك يمكن القول إن هذا الصراع، إذا كانت الأرقام صحيحة، فإن الصواريخ المستخدمة خلال الفترة الماضية كلفت الجانب السعودي نحو 24 مليون دولار. وإذا أردنا أن نفترض أن تحالف العدوان السعودي استخدم صواريخ قصيرة المدى من سلسلة “أي إم إكس 9″، فإن سعر هذا الصاروخ الأمريكي يتراوح بين 400 إلى 500 ألف دولار، وإذا تم استخدام هذا النوع من الصواريخ لاعتراض الطائرات دون طيار اليمنية لعدة ساعات فإنها ستكلف السعوديين حوالي 10 ملايين دولار.
وإذا نظرنا إلى الوضع المالي بين الجانبين في الأسبوع الماضي، فقد أنفق السعوديون ما لا يقل عن 60-80 مليون دولار لاستخدام مزيج من صواريخ باتريوت وصواريخ “جو- جو”، إلى جانب تكاليف الطيران والتكاليف الإضافية ولكن الجانب اليمني الذي شن العديد من الهجمات الدقيقة والناجحة داخل العمق السعودي خلال السنوات الماضية باستخدام بعض الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار الرخيصة وعندما نجمع بين تكاليف التتبع والصيد الناجح وأضرار الهجمات الناجحة على شركة أرامكو، نجد أن تكلفة اليمنيين أقل بمئات المرات، وخاصة أن هذه الاسلحة اليمنية البسيطة أجبرت الطرف الآخر على إنفاق مبالغ كبيرة من المال للدفاع عن نفسه.
إن هذه التكاليف الباهظة، إلى جانب رؤوس الأموال الثقيلة الأخرى التي أهدرتها الإمارات والسعودية على هذا الغزو غير المجدي لليمن، إلى جانب انخفاض أسعار النفط، خاصة خلال العام الماضي، وأزمة كورونا، كانت من بين أسباب بذل السعودية مؤخراً للكثير من الجهود لوقف إطلاق النار والخروج من المستنقع اليمني. في الواقع، إن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله”، الذين استخدموا الأسلحة البسيطة والقديمة، أجبروا المملكة العربية السعودية على إنفاق مئات بل مليارات الدولارات حتى لا تتضرر هيبتها أكثر، وهي الآن أصبحت في موقف حرج للغاية، وخاصة أنه إذا ضربت الطائرات دون طيار والصواريخ الباليتسية اليمنية الهدف، فإن الرياض ستتكبد الكثير من التكاليف المادية والمعنوية، وإذا اعترضتها ودمرتها، فسوف تتكبد ملايين الدولارات من الأضرار المادية كل يوم، والتي في كلتا الحالتين تعتبر الخاسر الحقيقي في هذه الحرب العبثية.
إن كل هذه الانتصارات التي تمّكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية من تحقيقها في عدد من مناطق ومديريات محافظة مأرب تدل على أن اليمنيين وصلوا إلى مستوى من القوة لدرجة أنهم ليسوا على استعداد لتقديم عن أي تنازلات للعدو لإنهاء الحرب، مؤكدين في الوقت نفسه على الحفاظ على سيادة واستقلال البلاد. وفي الوقت الحاضر، أصبحت الظروف سانحة لسيطرة قوات “أنصار الله” على مأرب بشكل كامل، الأمر الذي سيغير بالتأكيد معادلات الحرب لمصلحة حكومة صنعاء، ولهذا يسعى اليمنيون إلى تحرير هذه المحافظة بالكامل بقوة السلاح قبل الشروع بالحلول السياسة، إن تحرير محافظة مأرب من قوات تحالف العدوان السعودي ومرتزقته والتنظيمات الإرهابية الموالية له، سيؤدي حتماً إلى زيادة قوة حكومة صنعاء في ساحة التطورات اليمنية، وسيؤدي بالمثل إلى تقليل قوة ونفوذ تحالف العدوان وحكومة الارتزاق المستقيلة القابعة في فنادق الرياض.
الوقت التحليلي