استقبالٌ باهتٌ لعيد الأضحى.. الفرحةُ في أضيق الحدود!
6 سنوات من العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ أثقلت كاهلَ المواطنين
|| صحافة ||
جرت العادةُ على أنْ تبدأَ علاماتُ ومظاهرُ عيد الأضحى المبارك والاستعداد له مع بداية أَيَّـام العشر الأولى لشهر ذي الحِجَّـة، وأحياناً قبل عيد الأضحى بأيامٍ من خلال شراء متطلبات العيد من ملابس وحلويات، أَو شراء الأضاحي من أغنام وأبقار سواء بشكل جماعي أَو أفراد، لكن المشهد هذا العام تغيّر كَثيراً.
لقد لوحظ الإقبالُ القليلُ على الأسواق ومحلات الملابس لهذا العام خلال عيد الأضحى بالتحديد، فعلى سبيل المثال كان سوقُ الملح والمشهور ببيع الزبيب والمكسرات المعروفة “بجعالة العيد” يشهد ازدحامًا واضحًا مع بدء العشر الأوائل من ذي الحجّـة، لكنه الحركة خفت كَثيراً وبشكل ملحوظ هذا العام.
ويستقبلُ اليمنيون عيد الأضحى لهذا العام 2021م، بأوجاعٍ كبيرة، ومعاناةٍ لا حدودَ لها، نتيجةَ استمرار العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ للعام السابع على التوالي والذي أثّر على وضعهم المعيشي بصورة لا يمكن تخيلها.
ويتفنن العدوان في حربه الاقتصادية على اليمنيين، شاهراً سلاحَ “ضرب العُملة” كأحد أهم أساليب للإضرار بمعيشة المواطنين، الأمر الذي أَدَّى إلى ارتفاع السلع، وانقطاع الرواتب، فرمى بالكثير من اليمنيين إلى رصيف البطالة، وأوجد أكبر مأساة إنسانية في العالم، بحسب بيانات وتأكيدات الأمم المتحدة.
وإزاء هذه الحرب، اضطر اليمنيون للتخلي عن الكثير من عادات العيد وطقوسه المتوارثة وَالمتجذرة في ثقافتهم وتراثهم، فيما لا يزال هناك منهم مَن يتحدى واقع وظروف هذا العدوان، ويعيشُ بعض طقوس العيد كصورة تعكسُ خصوصية اليمنيين في مختلف مجالات الحياة.
وانعكس ارتفاع الأسعار سلبًا على القدرة الشرائية للكثير من المواطنين الذين لم يتمكّنوا من شراء كُـلّ متطلبات العيد ومستلزماته هذا العام، حَيثُ يعبر الكثير من الذين التقيناهم بحزن شديد عن عجزهم عن شراء الأضاحي، وتوفير متطلبات الحياة الضرورية والأَسَاسية نتيجة استمرار العدوان الأمريكي السعوديّ على بلادنا منذ أكثر من ستة أعوام.
ويقول المواطن محمد صالح لصحيفة “المسيرة” إن يوم العيد سواء عيد الأضحى أَو عيد الفطر أصبح يوماً عادياً لديه، لعدم قدرته على استقباله والعجز عن توفير احتياجات العيد من ملابس وجعالة أَو حتى الأضحية التي أصبحت بالنسبة له مُجَـرّد حلم.
من جهته، يقول ماهر وهو تاجر مواشي: “هذا العام، لن تشتري عائلات يمنيّة كثيرة أضاحي العيد لأسباب عدة، وعلى رأسها ارتفاع الأسعار، والظروف الاقتصادية والحالة المعيشية التي يعانيها المواطنون جراء انقطاع المرتبات واستمرار العدوان”، مواصلاً حديثه بالقول: “أضاحي العيد تكاد تكون هماً يؤرق الكثيرين، وقد أصبحت حلماً بعيد المنال لمعظم الناس بعد تفاقم مشاكل اليمنيين وقضيتهم الإنسانية”.
وعلى غير العادة في العشر الأوائل من ذي الحجّـة، يكتفي غالبية المواطنين بالنظر إلى “خروف العيد” في أسواق الماشية بدلاً عن شرائه، والأيسر حالاً منهم سيتشاركون في شراء خروف واحد.. أما الغالبية فستكتفي بشراء اللحم، أَو الاكتفاء بذبح دجاجة، في بلد يواجه أسوأ أزمة إنسانية جراء العدوان والحصار السعوديّ الأمريكي للعام السابع توالياً.
ويقول تاجر المواشي صدام العوامي: إن العدوانَ السعوديّ أثّر بشكل كبير على تجارة وبيع المواشي، فمنذُ بداية العدوان وسنواته المتواصلة حتى اللحظة نواجه مشكلاتٍ وعوائقَ في كُـلّ موسم من مواسم عيد الأضحى، وبسبب الحصار الذي على اليمن وحجز سفن المشتقات النفطية، ما أثّر بشكلٍ كبيرٍ على عملية نقل الأبقار والأغنام من مناطق إلى مناطق أُخرى وارتفاع أسعار النقل نفسها.
ويوضح العوامي لصحيفة “المسيرة أن تكلفة عملية النقل سابقًا قبل العدوان وحصاره البري والجوي والبحري تكلفنا مثلاً 50 ألف ريال أجرة صاحب الدينَّة، بينما الآن لا يقبل أي صاحب دينة بأجر أقل من 200 ألف ريال، وأحياناً 250 ألف ريال، إضافةً إلى قيمة المواشي نفسها من مناطقها، حَيثُ شهدت ارتفاعاً هي الأُخرى، وبالتالي ارتفاع في أسعار بيعها للمواطن، حَيثُ يصلُ قيمة “الطلي” الأضحية المتوسط الحجم إلى 80 أَو 90 ألف ريال وَ120 ألف ريال قيمة “الطلي” ذي الحجم الكبير، بينما يصل قيمة الثور أَو البقرة إلى 800 ألف ريال.
ويشير العوامي إلى أن الإقبال على الشراء من قبل المواطنين والبيع في سوق المواشي صحيحٌ أنه خف بشكل كبير إلَّا أن هناك الكثيرَ من المواطنين لا يزال حريصاً على الأضحية وشرائها، وخَاصَّةً الطبقة المتوسطة والغنية في المجتمع بشكل طبيعي، فيما بعضُهم كمجموعة يتشاركون في شراء ثور كبير.
ويضيف: أما الطبقة المتدنية لا يقومون بشراء الأضحية ويكتفون بشراء كيلو أَو 2 كيلو لحمة وبعضهم لا يشترون شيئاً، ويكونُ العيدُ عندهم يوماً عادياً والأضحية شيئاً من الأحلام.
تاجر مواشي آخر يُدعى إبراهيم يتحدث بشكل مغاير، ويقول: إن الإقبالَ على شراء المواشي لم يتأثر بذلك الشكل المبالَغ فيه.
ويشير إبراهيم في حديثه لصحيفة “المسيرة” إلى أنه صحيحٌ هناك ارتفاعٌ في أسعار المواشي، سواء عملية نقلها من تهامة إلى صنعاء، حَيثُ تصل تكلفة النقل الواحدة على الدينة إلى 300 ألف ريال أحياناً، أَو عملية بيعها للمواطن، حَيثُ يتراوحُ سعر “الطلي” ما بين 60 إلى 110 آلاف ريال حسب الحجم، وفي الأخير نحمدُ الله كُـلُّ شيء سابر رغم الحصار والعدوان علينا.
ارتفاعٌ مهولٌ في الأسعار
ويقول سامي الوصابي، أحد أصحاب محلات الزبيب في سوق الملح القريب من مستشفى الثورة، إنه لا يكاد يخلو أي بيت من الزبيب واللوز، وغيرها من أنواع المكسرات التي يتم تقديمُها للزائرين خلال أَيَّـام العيد، إلَّا أن العدوانَ ومخلفاتِ حصاره الشامل من ارتفاع الأسعار وانقطاع لرواتب وغيرها من المشكلات أثّرت بشكل كبير على فرحة العيد والاقبال على الشراء بشكل واضح.
ويضيف الوصابي في حديثه لصحيفة “المسيرة” أن الكثيرَ من الأسر اليمنية أصبح العيدُ بالنسبة لها هماً كَبيراً بدلاً عن أن تكون فرحة كما جرت العادة، منوِّهًا إلى أن العدوانَ والحصار أفقد اليمنيين فرحةَ العيد، وجعل كُـلَّ تفكيرهم من أين الحصول على الأموال لشراء هذه المتطلبات الضرورية.
من جانبه، يقول محمد محسن، صاحب دكان مواد غذائية: إنّ الأسعارَ ارتفعت كَثيراً، خلال هذا العام، حَيثُ ارتفع سعرُ الكرتون الزبيب المستور ضعف العام الماضي، وكذلك ارتفعت أسعار المكسرات والشوكولاتة وغيرها.
تقدمنا قليلًا خارجَ أسوار صنعاء القديمة في تجول ميداني لصحيفة “المسيرة” نحو باب اليمن حتى وصلنا إلى سوق باب السلام القريب من مستشفى الثورة العام، والتقينا بعدد من أصحاب المحلات التجارية وغيرها.
ويقولُ سمير الخولاني، وهو صاحبُ أحد محلات الملابس النسائية بسوق باب السلام: إنّ نسبةَ الارتفاع هذا العام تراوحت بين 30 إلى 40 % في بعض الملبوسات، مُرجعًا ذلك إلى ارتفاعِ الجمارك والضرائب والمبالغ الأُخرى التي يتم دفعُها حتى وصول البضاعة إلى مخازنه.
من جهته، يُشير أحمد الصوفي، وهو صاحب دكان ملابس رجالية، إلى أنّ الارتفاع في الأسعار يتراوح ما بين 10 ـ 30 % في بعض الملبوسات، مرجعاً سببَ ذلك إلى الحصار والعدوان القائم على بلادنا، والذي أَدَّى إلى ارتفاعِ أجور النقل والازدواج في الجمارك، حَيثُ يقومُ التاجرُ بدفع الجمارك مرتين، هذا بالإضافة إلى الارتفاع في نسبة الجمارك.
وضعٌ صعب
وبسبب انعدامِ المشتقات النفطية يرفُضُ جميعُ ملاك الشاحنات الكبيرة والمتوسطة نقلَ المواشي والقبول بأسعارٍ قليلةٍ ولسانُ حالهم يقول: “ما يخارج”، حَيثُ نقوم بشراء الديزل من السوق السوداء حتى وصل سعرُ الدبة فيها أحياناً إلى 12 وَ20 ألف ريال، حسب كلام محسن الرعيني.
ويضيف الرعيني وهو “صاحب دينّة” لصحيفة المسيرة” قائلاً: “الوضعُ صعبٌ على الجميع، سواء المواطن أَو التاجر أَو أنا الناقل وصاحب الدينّة، حَيثُ كانت تكفيني صرفة نقل وسفر طريق من أكل وشرب 5 آلاف أَو 10 آلاف ريال بالكثير، أما الآن قد يصل المبلغ إلى 30 أَو 40 ألف ريال في الحدود الدنيا.
صحيفة المسيرة