تجسيد الولاية في الجانب الاقتصادي (1)

 

خضوع الأُمَّة لسيطرة زعاماتٍ، وأنظمةٍ مُستبدةٍ:

 

 بالرغم ممَّا تمتلكه الأُمَّة العربية، والإســلامية، من ثرواتٍ هائلة، وامتلاكها لمنطقةٍ استراتيجية هامةٍ جداً، إلاَّ أنَّها تفتقد إلى القيادة التي تستطيع أن تواجه أعدائها، وتنطلق في مواقفٍ عمليةٍ جادَّة، تجاه مؤامراتهم الخبيثة بحق الأُمَّة، وتعمل على بناء الأُمَّة لتكون أُمَّة قوية في شتى المجالات، العسكرية، والاقتصادية، والعلمية، لاسِيَّما وأنها تعيش واقعٍ مُزرٍ على المستوى الاقتصادي.

 وفي هذا السياق، وعندما نتأمل في الواقع المُعاصر اليوم، (العربي والإسلامي)، نرى العجب العجاب لدينا (57) قائداً عربياً، وإسلامياً، يتولون أمر مليار ونصف المليار مُسلم، وتحت أقدامهم منطقة استراتيجيّة مُهمة، وبين أيديهم ثروات هائلة جداً، الدول العربية لوحدها فقط، تُنتج ما يُقارب (22) مليون برميل من النفط يومياً، هذا فيما يتعلق بالثروة النفطية فقط، ناهيك عن بقية الثروات المُهمة، كالثروة البحرية، وموارد الإنتاج، والصناعة، والزراعة، والسياحة، والجمارك، والضرائب، يقول الشهيد القائد/ السيد حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه”:

“لديك الآن [57 قائداً] ماذا عمل هؤلاء أمام مجموعة من اليهود؟ لا شيء، و[57 قائداً] تحتهم كم؟ مليار وثلاثمائة مليون مسلم، وتحتهم ثروات هائلة جداً، وتحت أقدامهم منطقة إستراتيجية هامة جداً، وتراهم لا شيء، لا يجرؤون بكلمة واحدة إلا القليل منهم، وعندما يتكلم القليل منهم يكون الآخرون بالشكل الذي ربما مستحيل عندهم أن يستجيبوا لكلمته، وأن تنطلق إلى مواقف عملية جادة، لا يوجد”.

وممَّا لا ريب فيه، أنَّ الأُمَّة العربية، والإسـلامية، تخضع لسيطرة زعاماتٍ، وأنظمةٍ مُستبدةٍ، وعميلة لأعداء الأُمَّة (اليهود والنصارى)، حيث أصبحت هذه الأنظمة العميلة تُدين بالولاء التام لأمريكا، وإسرائيل، وتُسخِّر كل المؤسسات، الاقتصادية، والسياسية، والإعلامية، لخدمة مصالحهم، ومشاريعهم الاستعمارية.

ويُبيِّنُ الشهيد القائد أن الأُمَّة العربية، والإسـلامية، كانت ضحية زعامات، وحُكَّام، ضربوا هذه الأُمَّة في الصميم، وهيأوها لتُداس بأقدام أعدائها “اليهود والنصارى”، وأن أولئك الحُكّام، هم بالشكل الذي يجعل الفساد ينتشر، فتكون خططهم الاقتصادية فاشلة، يقول الشهيد القائد:

“المشكلة كلها من عند القائمين على الناس، من عند من يحكمون الناس، هم الذين يكونون بشكل يجعل الفساد ينتشر فتقل البركات، تكون خططهم الاقتصادية فاشلة، ليس عندهم اهتمام بالناس، ليس عندهم خبرة في رعاية الناس، لاتربوياً، ولا غذائياً، وإلا فالله سبحانه وتعإلى قد جعل الأرض واسعة، جعلها واسعة…”.

 ويُشخِّص الشهيد القائد واقع الزعامات، والأنظمة، الذين انساقوا وراء أساليب الهيمنة الاقتصادية لدول الغرب الرأسمالية، حيث يُبيِّن حقيقة أولئك الحُكَّام، الذين كان كل همَّهم في أنَّ يبقوا في مناصبهم فقط ، حيث يقول:

-“الآخرين مازالوا هكذا، همهم أن يبقوا في مناصبهم، ونحن همنا أن ننظر إلى ما يمكن أن يقدموه لنا من مشاريع بسيطة لا تعمل شيئاً، ليست في قائمة (البُنَى التحتية الاقتصادية) – كما يقولون – ولا تشكل في واقعها تنمية حقيقية…”.

-“…هو همه أن يسلم منصبه، أن تسلم رؤوس أمواله، أن تسلم مصالحه، ولو ضحى بالناس، وبدين الله، وبكتابه، قضية ملموسة تجد الكثير من حكام العرب قابل لأن ينزل أي شيء تأتي [أمريكا] تريد أن تفرضه سينفذه من أجل يسلم منصبه ويسلم مقامه! أليس عندهم شعوب كبيرة ملايين، لو ربوهم تربية جيدة لاعتزوا هم، ولهابت أمريكا أن تحاول أن تمارس أي ضغط على أي شعب من الشعوب”.

 وبالرغم من أنَّ أولئك الحُكَّام يحرصون فقط بأن يقدِّموا أنفسهم أمام الأُمَّة كأقوياء، إلاَّ أنَّهم لا يعملون أي عمل يسهم في أنَّ تكون هذه الأُمَّة قوية في مواجهة أعدائها، يقول الشهيد القائد:

“ما الذي يحصل في الدول العربية؟ أليس الزعماء يقدمون أنفسهم هم – فقط – أمامنا كأقوياء، لكن لم يقدمونا كأمة قوية أمام الآخرين فلا يعملون أي عمل يسهم في أن نكون أمة قوية في مواجهة الآخرين. نحن لا نجد في واقعنا أي شيء يؤهلنا لأن نكون أمة قوية في مواجهة الآخرين، أي نحن لا نجد من يبنينا بناءً لنكون حزب الله…”.

ويتساءل الشهيد القائد:

“فلماذا يصيح أولئك الزعماء أحياناً ويظهرون أنفسهم كفرسان، وأنهم أعداء ألداء لإسرائيل، وهم يعرفون أنهم هم الذين أوصلوا هذه الأمة إلى درجة أنها لا تستطيع أن تقف أمام اليهود؟! لا يستطيع العرب الآن إطلاقاً أن يقفوا أمام اليهود إلا بأن يستأنفوا حياتهم من جديد، يستأنفوا حياتهم من جديد، ولن تستأنف حياتهم من جديد تحت الزعامات التي تحكمهم الآن؛ لأنهم هم الذين أهملوا كل الأراضي الزراعية. تجد وزارة الزراعة في أي بلد عربي هي أحط الوزارات، وأقل الوزارات نشاطاً… في اليمن نفسه كم من الأراضي في اليمن تصلح للزراعة, ونحن نستورد حتى العدس وحتى الفاصوليا والقمح والذرة من استراليا ومن الصين وغيرها؟ واليمن يكفي – لو زُرع – لليمن ولغير اليمن”.

ويُبيِّن الشهيد القائد أن أعمال أولئك الزعماء تنحصر فقط، في مُجرَّد وضع صورهم في الاماكن العامة، يقول:

“في [بغداد] ترى في منعطف الطريق هنا وهناك في الصحراء صورة كبيرة [للسيد الرئيس] صورة كبيرة جداً، ومعها شبك عليها مكلف وماطور كهرباء خاص، وكشافات فوقها.. هناك في الصحراء”.

وفي هذا السياق، يقول الشهيد القائد:

“تأملوا التليفزيون في اليمن، في السعودية، في أي دولة عربية تعرض ما تسمى منجزات ومع أنشودة حماسية، وصور لمشروع هنا ومشروع هناك، ومصفاة للبترول هنا ومصنع هناك وأشياء من هذه.. هي نتاج عشرين عاماً أو ثلاثين عاماً، والعشرون عاماً والثلاثون عاماً هي لأمة كفيلة بأن توصلها إلى دولة صناعية إذا كان هناك من يقومون على أمور الناس ممن هم مخلصون، ممن هم يعرفون كيف يبنون شعوبهم”.

الهوامش:

  • السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، سلسلة دروس شهر رمضان المبارك، سورة البقرة، الدرس السابع، 1424هـ -2003م.
  • السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، سلسلة دروس شهر رمضان المبارك، الدرس التاسع ،1424هـ.
  • السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، لَتَحْذُنّ حَذْوَ بني إسرائيل.
  • السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، سلسلة سورة المائدة، الدرس الثاني.
  • السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، يوم القدس العالمي، 1422هـ.

 

قد يعجبك ايضا