الخلاص من كوارث السيول.. جهود رسمية وتطوعية لإنقاذ المواطنين من الغرق
أجهزة إنذار وسيارات وغواصين لأول مرة تنتشر بصنعاء بالتعاون مع فرق تطوعية
|| صحافة ||
عادت الأمطارُ التي مَنَّ اللهُ عز وجل بها على بلادنا من جديد، وعادتها معها المخاطر، واحتماليةَ تضرر الكثير من المنازل وغرق الأشخاص؛ نتيجة تدفق السيول في أحياء وشوارع وسائلة صنعاء.
العام الماضي، كانت كوارثة وخيمة؛ بسَببِ السيول، فقد توفي العشرات من المواطنين، وتهدّمت منازلُ كثيرة بشكل كامل، وبعضها أصابها الضرر الجزئي، ما يجعل التساؤلات هنا قائمة: إلى متى سيستمر هذا الوضع؟!، وماذا قدمت مصلحة الدفاع المدني وحكومة الإنقاذ الوطني من خطوات لعدم تكرار ما حدث وإنقاذ السكان من كوارث السيول في صنعاء وبقية المحافظات؟!.
نشر سيارات وغواصين
ولأول مرة وتلافياً لحدوث أضرار كبيرة، نشرت مصلحةُ الدفاع المدني سيارات خَاصَّة وغواصين لإنقاذ المواطنين من الغرق والكوارث التي ممكن أن تحدث جراءَ السيول المتدفقة، وبموازاة ذلك تم كذلك تركيب صفارات الإنذار في عدد من شوارع العاصمة صنعاء، كخطوات تحذيرية وإنقاذ لأي طارئ قد يحدث نتيجةَ السيول والأمطار.
ويصف المواطن أحمد الغزالي نشرَ السيارات الخَاصَّة وفرق الإنقاذ على امتداد سائلة صنعاء “بالخطوة الناجحة”، مُشيراً إلى أن كُـلّ إجراء بإنذار مبكر هو “جيد”، ومن شأنه إنقاذ الناس ومنع حالات الغرق لأي أحد.
ويشير الغزالي في حديثه لصحيفة “المسيرة” إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تحدث فيها مثل هذه الخطوة وهذا الاهتمام يبعث على التفاؤل، مقدماً الشكر لكل الجهود التي تقوم بها مصلحة الدفاع المدني ووزارة الداخلية عُمُـومًا في هذا الشأن، ومتمنين لهم النجاح في مهامهم، لكن وعلى الرغم من كُـلّ هذه الإجراءات فَـإنَّه ينبغي على المواطنين عدم الاستهتار والتساهل، فيجب أن يكونوا حذرين، وعليهم اتّباع إجراءات السلامة في أماكن تدفق السيول.
ويتفق المواطن حمير القحيفي مع الغزالي بوصف نشر فرق وغواصين بأنها “خطوة ممتازة” لإنقاذ أرواح المواطنين من مخاطر السيول، والأمطار، مقدماً الشكر في هذا الجانب لكل رجال ومنتسبي وزارة الداخلية.
ويضيف القحيفي لصحيفة “المسيرة”: يكفي ما رأيناه وسمعناه العام الماضي من حالات الغرق سواء للمواطنين وسياراتهم، أَو تهدم البيوت وتضررها، وغرقها جراء تدفق السيول. وهي فرصةٌ لشكر الجهات المعنية ممثلة بمصلحة الدفاع المدني ومن خلفها وزارة الداخلية، لما قامت به من إجراءات احترازية لحماية المواطنين وممتلكاتهم:.
من جانبه، يتذكر المواطن مجلي فضل بأسًى بعضَ القصص والحوادث التي وقعت العام الماضي نتيجة سيول الأمطار، متذكراً حادثة شهيرة، حين غرقت أسرة أمام الأب، وهو يشاهدهم يموتون، دون أن ينفعَه الصراخ، أَو الاستنجاد لإنقاذ أطفاله وزوجته بمنطقة نقم بصنعاء.
ويقول فضل لصحيفة “المسيرة”: إن هذه جهودٌ جبارة كنا ننتظرها طويلاً، وخطوة كبيرة واستباقية لأية حادثة ممكن أن تحصل لا سمح الله. مُضيفاً بقوله: الآن أصبح لدينا أمل بأن صوتنا يُسمع وأن هناك في السلطة من يهتم بأمور المواطنين ويحاول إيجاد الحلول، متحدياً كُـلّ الظروف التي يمر بها البلد من حصار وعدوان للعام السابع توالياً، مثمناً هذه الجهود والتفاعل من رئاسة مصلحة الدفاع المدني من جهة وقيادة الوزارة الداخلية وكل منتسبيها من جهة أُخرى.
فرق تطوعية
وإلى جانب نشر سيارات على امتداد سائلة صنعاء وتركيب أجهزة إنذارات للتحذير المبكر من وقوع كوارثَ نتيجةَ سيول الأمطار، فقد تم كذلك إنشاءُ وتوزيع فرق إنقاذ من المتطوعين في أماكنَ مختلفة في السائلة والعرضي وأماكن أُخرى التي تتدفق السيول فيها بعد تجهيزها بالأدوات اللازمة لإنقاذ المواطنين من حالات غرق محتملة لهم أَو لسياراتهم.
ويقول مسؤول فريق الإنقاذ، مدير الدفاع المدني بمديرية صنعاء القديمة، إبراهيم السياغي: نحن في فريق الإنقاذ المختص بسائلة صنعاء نقومُ بعمل إنساني لإنقاذ الأرواح والممتلكات العامة والخَاصَّة، مُشيراً إلى أنه وعلى الرغم من كُـلّ التوعية التي نقوم بها وتحذير المواطنين بعدم الاقتراب من السائلة وأماكن تدفق السيول المختلفة عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، إلَّا أن بعض المواطنين لا يعرف فيجد نفسَه فجأةً في وسط السائلة والسيل أمامه.
ويوضح السياغي في حديثه لصحيفة “المسيرة” أن البداية في تشكيل هذه الفرق من المتطوعين جاءت بتوجيهات من رئيس مصلحة الدفاع المدني اللواء عبدالفتاح المداني بعد مشاهدته مجموعةً من الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يسبحون في السائلة ويمتلكون الكثير من المهارات في السباحة والغوص والإنقاذ وقاموا بإنقاذ بعض المواطنين وتصويرهم لعمليات الإنقاذ، ومن بعدها رأى اللواء المداني أن يتم استغلالُ هؤلاء الشباب واستقطابهم كمتطوعين لإنقاذ الناس ضمن فرق إنقاذ يتم إنشاؤها، وهو ما كان فعلاً بعد تجهيزهم بالمعدات اللازمة للإنقاذ من حِبال وبدلات الإنقاذ والجونتيات وعيرها من المعدات اللازمة، وَلذلك لا يزال عمل هذه الفرق مستمراً منذ السنة الماضية.
ويشير السياغي إلى أن عملَ هذه الفرق التطوعية يتم عن طريق التواصل والتنسيق فيما بينهم وبين مصلحة الدفع المدني وبدء العمل بانتظار هذه الفرق أولَ ما يتساقط المطر أَو سماع صافرة الإنذار عبر رسائل sms لكل أعضاء الفريق وغيرها من وسائل التواصل للخروج إلى السائلة وتوعية الناس، لافتاً إلى أن يتم توزيعُ الفريق على ضفاف السائلة بمسافة خمسين متراً بين كُـلّ عضو وآخر من أعضاء الفريق، وفي حالة تأهب ومراقبة رغم كُـلّ الصعوبات التي نواجهها والمتمثل بعضها في استخفاف المواطنين بمخاطر الاقتراب من السائلة وقت تدفّق السيل سواء للفرجة أَو للتصوير من جهة أَو مشكلة أُخرى هي الأطفال الذين لا يعون عاقبةً، وخوفنا عليهم من القفز وسط السيل للسباحة.
ويؤكّـد السياغي أن فريق الإنقاذ الذي تم انشاؤه العام الماضي مُستمرٌّ في عمله التطوعي هذا العام ونجح في إنقاذ الكثير من الأرواح التي كانت على وشك الغرق إلى جانب إخراج الكثير من السيارات من السائلة وخَاصَّة العام الماضي الذي شهد حالات إنقاذ كثيرة من الغرق سواء لأشخاص أَو سيارات مواطنين.
إنقاذ مواطنين من الغرق
والتقت صحيفة “المسيرة” بأحد هؤلاء الشباب المتطوعين، حَيثُ قدم صورةً أُخرى للتعاون وتحدي كُـلّ الصعاب والمخاطر بروح التفاني والسعي للمشاركة في إنقاذ المواطنين وممتلكاتهم من الغرق في عمل بطولي دون أي مقابل.
عبد الله الكدس هو أحد أعضاء فريق الإنقاذ بمديرية صنعاء القديمة ويقول إنه عشق السباحة منذ الصغر، وإن لديه قناةً على موقع “يوتيوب” يتم عبرها توثيقُ أغلب المشاهد الخَاصَّة به.
ويشير الكدس في حديثه لصحيفة “المسيرة” إلى أنه قام سابقًا بإنقاذِ بعض المواطنين من الغرق، وتم توثيقُ ذلك في قناته على موقع يوتيوب، مُشيراً إلى أن مسؤولَ ومدير الدفاع المدني بمديرية صنعاء القديمة الملازم إبراهيم السياغي تواصل به وعرض عليه مساعدةَ الناس، واستغلال مواهبة في السباحة من خلال التعاون، وإنشاء فريق إنقاذ تطوعي بعدد حوالي 8 من الشباب برئاسة وإشراف الفندم إبراهيم نفسه، على أن يتم التنسيقُ مع مصلحة الدفاع المدني، وتزويدهم بما يلزم من معدات خَاصَّةٍ للإنقاذ وطريقة التواصل مع المصلحة.
ويضيف الكدس قائلاً: نجحنا في إنقاذ بعض الأُسَر بعد غرق بيوتهم، وإنقاذ الأطفال الذين قفزوا في السائلة للسباحة إلى، جانب سيارات مختلفة علقت في السائلة تم سحبها بعد إخراج أصحابها إلى بر الأمان.
صحيفة المسيرة